علي موسى الكعبي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-218-0
الصفحات: ٢٤٩
وعن جابر بن عبدالله ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « حسبك من النساء أربع سيدات نساء العالمين : فاطمة بنت محمد ، وخديجة بنت خويلد ، وآسية بنت مزاحم ، ومريم بنت عمران » (١).
وعن ابن عباس : قيل لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا رسول الله ، أهي سيدة نساء عالمها ؟ فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ذاك لمريم بنت عمران ، فأمّا ابنتي فاطمة ، فهي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ... » (٢).
وعن المفضل ، قال : قلت لأبي عبدالله عليهالسلام : أخبرني عن قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في فاطمة : « إنّها سيدة نساء العالمين » أهي سيدة نساء عالمها ؟ فقال عليهالسلام : « ذاك لمريم ، كانت سيدة نساء عالمها ، وفاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين » (٣).
٧ ـ سيدة نساء أهل الجنة :
عن حذيفة رضياللهعنه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ هذا ملك نزل ، لم ينزل الأرض قطّ قبل هذه الليلة ، استأذن ربّه أن يسلّم عليّ ويبشّرني بأنّ فاطمة
_______________________
١) الإصابة ٤ : ٣٧٨. وتهذيب التهذيب ١٢ : ٤٤١. والبداية والنهاية ٢ : ٥٥. وروي عن أنس بلفظ « حسبك من نساء العالمين أربع ... » في المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٢ / ١٠٠٣. والبداية والنهاية ٢ : ٥٥. ومصابيح السُنّة ٤ : ٢٠٢ / ٤٨٥٠. ومسند أحمد ٣ : ١٣٥. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٥٧ و ١٥٨. وسنن الترمذي ٥ : ٧٠٣ / ٣٨٧٨ ـ كتاب المناقب. وروي عن أنس أيضاً بلفظ « خير نساء العالمين ... » في المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٢ / ١٠٠٤. وتاريخ بغداد ٧ : ١٨٤ و ٩ : ٤٠٤. وتفسير الطبري ٣ : ١٨٠. واُسد الغابة ٥ : ٤٣٧. وتهذيب التهذيب ١٢ : ٤٤١. والاستيعاب ٤ : ٣٧٧. والبداية والنهاية ٢ : ٥٥.
٢) أمالي الصدوق : ٥٧٥ / ٧٨٧.
٣) معاني الأخبار : ١٠٧ / ١.
سيدة نساء أهل الجنة ، وأنّ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة » (١).
وعن ابن عباس ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « أفضل نساء أهل الجنة : مريم بنت عمران ، وفاطمة بنت محمد ، وخديجة بنت خويلد ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون » (٢).
وعن الحسن بن زياد العطار ، قال : قلت لأبي عبدالله عليهالسلام : قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فاطمة سيدة نساء أهل الجنة » أسيدة نساء عالمها ؟ قال عليهالسلام : « ذاك لمريم ، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة من الأولين والآخرين » (٣).
٨ ـ أحبّ الناس إلىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
عن عبدالله بن بريدة ، عن أبيه ، قال : كان أحبّ النساء إلىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاطمة ، ومن الرجال علي بن أبي طالب (٤).
وعن أُسامة بن زيد ـ في حديث ـ قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أي أهل
_______________________
١) سنن الترمذي ٥ : ٦٦٠ / ٧٣٨١. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٥١ ، رواه بطريقين ، وقال في الثاني منهما : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وجامع الاصول ١٠ : ٨٢ / ٦٦٦١. وذخائر العقبىٰ : ١٢٩. ومسند أحمد ٥ : ٣٩١. وكنز العمال ١٢ : ٩٦ / ٣٤١٥٨ و ١٠٢ / ٣٤١٩٢ و ١٣ : ٦٤٠ / ٣٧٦١٧. وحلية الأولياء ٤ : ١٩٠. والمعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٣ / ١٠٠٦. ومجمع الزوائد ٩ : ٢٠١. والخصائص : ٣٤ ـ مطبعة التقدم ـ القاهرة. وإتحاف السائل : ٢٨. والصواعق المحرقة : ١٩١ الباب ١١ الفصل ٣.
٢) البداية والنهاية ٢ : ٥٥. والمعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٧ / ١٠١٩. ومسند أحمد ١ : ٢٩٣ و ٣١٦ و ٣٢٢. ومستدرك الحاكم ٢ : ٤٩٧. وقال : صحيح الاسناد ولم يخرجاه بهذا اللفظ ، و ٣ : ١٦٠ و ١٨٥. والإصابة ٤ : ٣٧٨. والاستيعاب ٤ : ٣٧٦. واُسد الغابة ٥ : ٤٣٧. وروي عن عائشة وبلفظ « سيدات نساء أهل الجنة... » في مستدرك الحاكم ٣ : ١٨٥. وكنز العمال ١٢ : ١٤٤ / ٣٤٤٠٦.
٣) أمالي الصدوق : ١٨٧ / ١٩٦.
٤) مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٥. وقال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وسنن الترمذي ٥ : ٦٩٨ / ٣٨٦٨. والاستيعاب ٤ : ٣٧٨. وذخائر العقبىٰ : ٣٥.
بيتك أحبّ إليك ؟ قال : « أحبّ أهلي إليّ فاطمة » (١).
وعن جميع بن عمير ، قال : دخلت مع عمتي علىٰ عائشة ، فسألت : أي الناس كان أحبّ إلىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟ قالت : فاطمة. فقيل : ومن الرجال ؟ قالت : زوجها ، إن كان ما علمت صوّاماً قوّاماً (٢).
وعنه ، قال : دخلت مع أُمّي علىٰ عائشة ، فسمعتها من وراء الحجاب وهي تسألها عن علي عليهالسلام فقالت : تسألني عن رجلٍ والله ما أعلم رجلاً كان أحبّ إلىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من علي ، ولا في الأرض امرأة كانت أحبّ إلىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من امرأته (٣).
٩ ـ أول من يدخل الجنّة :
عن علي عليهالسلام ، قال : « أخبرني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن أول من يدخل الجنة أنا وفاطمة والحسن والحسين. قلت : يا رسول الله ، فمحبّونا ؟ قال : من ورائكم » (٤).
وعن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أول شخص يدخل الجنة
_______________________
١) المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٣ / ١٠٠٧. ونحوه في سنن الترمذي ٥ : ٦٧٨ / ٣٨١٩. والصواعق المحرقة : ١٩١ باب ١١ فصل ٣. وتاريخ بغداد ٩ : ٦٢. ومقتل الحسين عليهالسلام / الخوارزمي ١ : ٥٦.
٢) المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٣ / ١٠٠٨. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٥٧. وقال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وسنن الترمذي ٥ : ٧٠١ / ٣٨٧٤. واُسد الغابة ٥ : ٥٢٢. ومقتل الحسين عليهالسلام / الخوارزمي ١ : ٥٧. وذخائر العقبىٰ : ٣٥. والاستيعاب ٤ : ٣٧٨.
٣) مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٤ وقال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه.
٤) مستدرك الحاكم ٣ : ١٥١. وقال : صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وذخائر العقبىٰ : ١٢٣. ومسند فاطمة عليهاالسلام / السيوطي : ٤٥ ـ ٤٦.
فاطمة ، مثلها في هذه الاُمّة كمثل مريم بنت عمران في بني إسرائيل » (١).
١٠ ـ غضّ الأبصار لمرورها علىٰ الصراط :
عن علي عليهالسلام قال : « قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا كان يوم القيامة قيل : يا أهل الجمع ، غضّوا أبصاركم حتىٰ تمرّ فاطمة بنت محمد ، فتمرّ وعليها ريطتان خضراوان ، أو حمراوان » (٢).
وعن أبي أيوب الأنصاري ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إذا كان يوم القيامة نادىٰ منادٍ من بطنان العرش : يا أهل الجمع نكّسوا رؤوسكم وغضّوا أبصاركم حتىٰ تمرُّ فاطمة بنت محمد علىٰ الصراط » قال : « فتمرُّ ومعها سبعون ألف جارية من الحور العين كالبرق اللامع » (٣).
قال البشنوي الكردي :
وقف الندا في موضع عبرت |
|
فيه البتول عيونكم غضّوا |
فتمرّ والأبصار خاشعة |
|
وعلى بنان الظالم العضُّ |
تسودُّ حينئذٍ وجـوههم |
|
ووجوه أهل الحقّ تبيضُّ (٤) |
١١ ـ جلالة بعثتها عليهاالسلام يوم القيامة :
عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « تبعث الأنبياء يوم القيامة علىٰ
_______________________
١) الفردوس / الديليمي ١ : ٣٨ / ٨١. وكنز العمال ١٢ : ١١٠ / ٣٤٢٣٤. ومقتل الحسين عليهالسلام / الخوارزمي ١ : ٧٦.
٢) المعجم الكبير ٢٢ : ٤٠٠ / ٩٩٩. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٥٣ نحوه وقال : هذا حديث صحيح الإسناد علىٰ شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وص ١٦١ مثله وقال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وإتحاف السائل / المناوي : ٧٢. وكفاية الطالب / الكنجي : ٣٦٤.
٣) الصواعق المحرقة : ١٩٠ باب ١١ فصل ٣. وإتحاف السائل / المناوي : ٧٣. ومناقب ابن شهرآشوب ٣ : ٣٢٦. وكشف الغمة / الاربلي ١ : ٤٥٧.
٤) مناقب ابن شهرآشوب ٣ : ٣٢٧.
الدوابّ ، ليوافوا بالمؤمنين من قومهم المحشر ، ويبعث صالح علىٰ ناقته ، وأُبعث علىٰ البراق ، خطوها عند أقصىٰ طرفها ، وتبعث فاطمة أمامي » (١).
وعنه أيضاً ، في حديث آخر بنحو ما تقدم إلّا أن فيه : « ... وتبعث فاطمة والحسن والحسين علىٰ ناقتين من نوق الجنة ، وعلي بن أبي طالب علىٰ ناقتي ، وأنا علىٰ البراق » (٢).
وعن علي عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إذا كان يوم القيامة حُملتُ علىٰ البراق ، وحملت فاطمة علىٰ ناقتي القصواء » (٣).
وعن بريدة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنا أُبعث علىٰ البراق ، يخصّني الله به من بين الأنبياء ، وفاطمة علىٰ العضباء » (٤).
١٢ ـ تكثير الطعام في بيتها عليهاالسلام
ومن كرامات الزهراء عليهاالسلام التي تدلُّ علىٰ فضلها ومنزلتها عند الله تعالىٰ ، تكثير الطعام في بيتها ، وقد رواه جابر وحذيفة بن اليمان وأبي سعيد بألفاظ مختصرة ومطولة (٥).
_______________________
١) مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٢ ، وقال : هذا حديث صحيح علىٰ شرط مسلم ولم يخرجاه. ومقتل الحسين عليهالسلام / الخوارزمي ١ : ٥٥.
٢) كنز العمال ١١ : ٧٥٨ / ٣٣٦٨٩. وتاريخ بغداد ٣ : ١٤١.
٣) كنز العمال ١١ : ٦٥٤ / ٣٣١٦٤. وميزان الاعتدال ٣ : ٣١٥. ولسان الميزان ٤ : ٣٩٩.
٤) تاريخ دمشق / ابن عساكر ١٠ : ٣٢٧.
٥) راجع : تفسير البيضاوي ١ : ١٥٨ ـ دار الكتب العلمية. والبداية والنهاية / ابن كثير ٦ : ١١٥. وفضائل فاطمة عليهاالسلام / ابن شاهين : ٣٦ / ١٤. وذخائر العقبىٰ : ٤٥. وكفاية الطالب : ٣٦٧. وتفسير فرات : ٨٣ ـ طهران. وكشف الغمة / الاربلي ١ : ٤٦٩. أمالي الطوسي : ٦١٤ ـ ٦١٥ / ١٢٧١ و ١٢٧٢. والثاقب في المناقب / ابن حمزة الطوسي : ٢٩٦ / ٢٥٢. والخرائج والجرائح / الراوندي ٢ : ٥٣٣. ومهج الدعوات / ابن طاووس : ٦.
ومن ذلك ما أخرجه أبو يعلىٰ عن جابر ، قال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أقام أياماً لم يطعم طعاماً حتىٰ شقّ ذلك عليه ، فطاف في منازل أزواجه ، فلم يجد عند واحدة منهنّ شيئاً فأتىٰ فاطمة عليهاالسلام فقال : « يا بنية ، هل عندك شيء آكله فإنّي جائع ؟ » فقالت : « لا والله » فلمّا خرج من عندها بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم ، فأخذته منها فوضعته في جفنة لها وقالت : « والله لأوثرن بهذا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم علىٰ نفسي ومن عندي » وكانوا جميعاً محتاجين إلىٰ شبعة طعام ، فبعثت حسناً أو حسيناً إلىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فرجع إليها فقالت له : « بأبي أنت وأُمّي ، قد أتىٰ الله بشيءٍ قد خبأته لك » فقال : « هلمي يابنية بالجفنة » ، فكشفت عن الجفنة ، فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً ، فلمّا نظرت إليها بهتت وعرفت أنها بركة من الله ، فحمدت الله تعالىٰ ، وقدمته إلىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فلما رآه حمد الله وقال : « من أين لك هذا يا بنية ؟ » قالت : « يا أبتِ هو من عند الله ، إنّ الله يرزق من يشاء بغير حساب » فحمد الله ، ثم قال : « الحمدُ لله الذي جعلك شبيهة سيدة نساء بني إسرائيل ، فإنّها كانت إذا رزقها الله رزقاً فسئلت عنه قالت : هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب » (١).
١٣ ـ إنحصار ذرية الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بنسلها عليهاالسلام
إنحصرت ذرية الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم بفاطمة عليهاالسلام ، فقد تزوج خديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة ، وأنجبت له القاسم وعبدالله وهو الطيّب أو الطاهر ، وفاطمة ، وفي غيرهم خلاف. وتزوج بعد خديجة أربع عشرة امرأة ، دخل باثنتي عشرة منهنّ ، وتوفي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعنده تسع ، ولم يولد له منهنّ ، إلّا مارية القبطية ، فقد ولدت له إبراهيم ومات طفلاً ، أما أولاد
_______________________
١) الدر المنثور / السيوطي ٢ : ١٨٦. والبداية والنهاية ٦ : ١١٥.
خديجة فماتوا صغاراً.
وبناءً علىٰ أنّ زينب ورقية وأم كلثوم ، بنات خديجة من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّ زينب تزوجها أبو العاص بن الربيع قبل الإسلام ، وولدت له بنتاً ، وهي أُمامة ، تزوجها الإمام علي عليهالسلام بعد فاطمة عليهاالسلام بوصية منها ، ولم ترزق أولاداً ، وتزوج رقية ابن عمّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عتبة بن أبي لهب ، وتزوّج أمّ كلثوم أخوه عتيق بن أبي لهب ، وطلّقهما النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد الإسلام من عتبة وعتيق ، فتزوج عثمان ابن عفان رقية ، وولدت منه ذكراً ، وهو عبدالله ، ومات في السنة السادسة من عمره ، فتزوج بعدها اختها أم كلثوم ولا عقب لها ، وتوفيت زينب ورقية وأم كلثوم في حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم يبق له من الولد إلّا فاطمة ، ولا عقب له إلّا منها.
وعليه فإنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا عقب له من الصلب ، لكنّه لم يحرم من الذرية والنسل ، بل لقد دلّ القرآن الكريم علىٰ أنّ الحسن والحسين عليهماالسلام هما ابناه حقيقة ، فقد اتفقت كلمة المفسرين علىٰ أنّ المراد بقوله تعالىٰ في آية المباهلة : ( أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ) الحسن والحسين عليهماالسلام (١).
قال الرازي : هذه الآية دالة علىٰ أنّ الحسن والحسين كانا ابني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وَعَدَ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يدعو أبناءه ، فدعا الحسن والحسين ، فوجب أن يكونا ابنيه ، وممّا يؤكّد هذا قوله تعالىٰ في سورة الأنعام : ( وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ ) إلىٰ قوله : ( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ ) (٢) ومعلوم أنّ عيسى عليهالسلام إنّما انتسب إلىٰ إبراهيم عليهالسلام بالاُمّ لا بالأب ، فثبت أنّ ابن البنت قد
_______________________
١) تقدّمت تخريجاته في أول هذا الفصل.
٢) سورة الأنعام : ٦ / ٨٤.
يسمّىٰ ابناً (١).
وقد روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « ابناي هذان إمامان ، قاما أو قعدا » (٢) مشيراً إلىٰ الحسن والحسين عليهماالسلام.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ الله عزَّ وجل جعل ذرية كلّ نبي في صلبه ، وإنّ الله عزَّ وجل جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب » (٣).
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لكلِّ بني أب عصبة ينتمون إليها إلّا ولد فاطمة ، فأنا وليهم ، وأنا عصبتهم ، وهم عترتي خلقوا من طينتي » (٤).
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « كل بني آدم ينتمون إلىٰ عصبتهم إلّا ولد فاطمة ، فإنّي أنا أبوهم ، وأنا عصبتهم » (٥).
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام لمحمد بن الحنفية : « يا بني أنت ابني ، وهذان ابنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (٦). مشيراً إلىٰ الحسن والحسين عليهماالسلام.
ولا يتنافىٰ ذلك مع قوله تعالىٰ : ( مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ) (٧) ذلك لأنّه أراد البالغين من الرجال في ذلك الوقت (٨) ، ولقد كان له صلىاللهعليهوآلهوسلم أولاد ذكور ، وهم إبراهيم والقاسم وعبدالله ، ولم يبلغ أحد منهم مبلغ
_______________________
١) تفسير الرازي ٨ : ٨١.
٢) مجمع البيان / الطبرسي ٢ : ٧٦٣ عند تفسير الآية ٦١ من سورة آل عمران و ٨ : ٥٦٦ عند تفسير الآية ٤٠ من سورة الأحزاب. ومناقب ابن شهرآشوب ٣ : ٣٩٤.
٣) المعجم الكبير ٣ : ٤٤ / ٢٦٣٠. وتاريخ بغداد ٣ : ٣١٧.
٤) كنز العمال ١٢ : ٩٨ / ٣٤١٦٨.
٥) تاريخ بغداد ١١ : ٢٨٥.
٦) بحار الأنوار ٤٥ : ٣٤٩.
٧) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٤٠.
٨) راجع : مجمع البيان / الطبرسي ٨ : ٥٦٦.
الرجال ، وكذلك شأن أولاد فاطمة عليهاالسلام.
ونلمس من خلال انحصار ذرية الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بفاطمة عليهاالسلام مسألتين مهمتين :
الاُولىٰ : إذا لم يكن للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أبناء ولا أبناء أبناء ولا نسل ولا ذرية إلّا من فاطمة عليهاالسلام ، كان من المحتّم وبحكم الطبيعة البشرية أن تنحصر عاطفته الأبوية بأولاد فاطمة عليهاالسلام ، وأن يهتمّ بتربيتهم وتعليمهم ، وقد شاءت الارادة الربانية أن يستأثر الحسن والحسين عليهماالسلام بذلك الاهتمام ، وأن يكونا بمثابة ابنيه ، وقد عبّر صلىاللهعليهوآلهوسلم عن تلك الاُبوة وهذه البنوّة بعبارات شتّىٰ غير ما قدّمنا ، منها قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الحسن والحسين ابناي ، من أحبّهما أحبّني ، ومن أحبّني أحبّه الله ، ومن أحبّه الله أدخله الجنة » (١). وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ابناي هذان سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما » (٢) وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « هذان ابناي وابنا ابنتي ، اللهمّ إنّي أحبّهما فأحبّهما وأحبّ من يحبّهما » (٣) وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ ابنيّ هذين ريحانتاي من الدنيا » (٤).
وكان من ثمار اهتمام الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم بالحسن والحسين عليهماالسلام وتربيتهما ، أن تكون أخلاقهما وشمائلهما وسيرتهما تعبيراً صريحاً ومصداقاً حقيقياً لأخلاق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وشمائله وسيرته ومكارم أخلاقه ، وأن يكون لهما من علمه وحلمه وشجاعته وكرمه وزهده وصبره ما لم يكن لأحد بعد أبيهما أمير المؤمنين عليهالسلام.
_______________________
١) مستدرك الحاكم ٣ : ١٦٦ وصححه علىٰ شرط الشيخين.
٢) الصواعق المحرقة / الهيتمي : ١٩١ باب ١١ فصل ٣.
٣) الصواعق المحرقة / الهيتمي : ١٩١ / باب ١١ فصل ٣.
٤) الصواعق المحرقة / الهيتمي : ١٩١ باب ١١ فصل ٣. وصحيح البخاري ٥ : ١٠٢ / ٢٤١.
روىٰ الطبراني بالاسناد عن علي عليهالسلام ، قال : « من أراد أن ينظر إلىٰ وجه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من رأسه إلىٰ عنقه فلينظر إلىٰ الحسن ، ومن أراد أن ينظر إلىٰ ما دون عنقه إلىٰ رجله فلينظر إلىٰ الحسين ، اقتسماه » (١).
وعن زينب بنت أبي رافع : أتت فاطمة عليهاالسلام بالحسن والحسين إلىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في شكواه التي توفي فيها فقالت : « يا رسول الله ، هذان ابناك ، ورّثهما شيئاً ». فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أما الحسن فإنّ له هديي وسؤددي ، وأمّا الحسين فإنّ له جودي وشجاعتي » (٢).
ولا ريب أن حبّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم للحسن والحسين عليهماالسلام واهتمامه بهما والحثّ علىٰ محبتهما ، ليس هو وليد التعلّق العاطفي والعلاقة الأبوية وحسب ، بل لما أتاهما الله من فضله وحباهما من كرامته ، ومن هنا أمر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الناس بالتمسك بهما كقادة رساليين للاُمّة من بعد أبيهما علي المرتضىٰ عليهالسلام ، تماماً كما أمرهم بالتمسك بالكتاب الكريم بنصّ حديث الثقلين المتواتر بين الفريقين ، ونصّ علىٰ إمامتهما صراحة بقوله : « ابناي هذان إمامان ، قاما أو قعدا » وجعلهما حجّة علىٰ الناس أجمعين.
وعليه يجب أن نخصّهما بالولاء ، وأن نؤمن إيماناً صادقاً أنّ عداءهما أو جحود فضلهما هو عداء وجحود لرسالة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وسُنّته ، وأن حبّهما والتمسك بهما يضمن سعادة الدارين ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من سرّه أن يحيا حياتي ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربّي ، فليوالِ عليّاً من بعدي ، وليوالِ وليه ، وليقتدِ بأهل بيتي من بعدي ، فإنّهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا
_______________________
١) المعجم الكبير ٣ : ٩٥ / ٢٧٦٩ و ٢٧٧٠.
٢) الاصابة ٤ : ٣١٦. ومقتل الحسين عليهالسلام / الخوارزمي ١ : ١٠٥. وكفاية الطالب / الكنجي : ٤٢٤. والارشاد / المفيد ٢ : ٧. والخصال / الصدوق : ٧٧ / ١٢٢.
فهماً وعلماً ، فويلٌ للمكذّبين بفضلهم من أُمّتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي » (١).
الثانية : إنّ إنحصار ذرية الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بابنته فاطمة عليهاالسلام فيه إشارة واضحة إلىٰ كرامة المرأة في تعاليم الإسلام السامية ، وردّ علىٰ المفاهيم الجاهلية التي كانت تحطّ من قيمتها ، وتقلّل من شأنها ، وتهضم حقوقها ، فكان بعضهم يئد البنات وهنّ في المهد ، وقد عبّر القرآن الكريم عن رفضه لهذه العادة المقيتة بقوله : ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ) (٢). وكانوا لا يورّثون المرأة ، ويتشاءمون إذا ولد لهم الإناث ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ) (٣) ، وكانوا يقولون إنّ أولاد البنات لا يكونوا ذرية ، وشاعرهم يقول :
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا |
|
|
|
بنوهنّ أبناء الرجال الأباعدِ |
|
فكان انحصار نسب سيد الكونين المصطفىٰ صلىاللهعليهوآلهوسلم بابنته فاطمة عليهاالسلام إيذاناً بإبطال ذلك المفهوم الجاهلي البغيض.
ويستفاد من كلام بعض المفسرين في تفسير قوله تعالىٰ : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) (٤) أن المراد بالكوثر ذرية الزهراء عليهاالسلام فهي الوسيلة لكثرة أولاد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وبقاء نسله ، وهو من أعظم بركاتها.
قال الرازي في القول الثالث من تفسير الآية : الكوثر أولاده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قالوا :
_______________________
١) شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد ٩ : ١٧٠ / ١٢. وحلية الأولياء / أبو نعيم ١ : ٨٦.
٢) سورة التكوير : ٨١ / ٨ ـ ٩.
٣) سورة النحل : ١٦ / ٥٨.
٤) سورة الكوثر : ١٠٨ / ١.
لأنّ هذه السورة إنّما نزلت ردّاً علىٰ من عابه صلىاللهعليهوآلهوسلم بعدم الأولاد ، فالمعنىٰ أنه يعطيه نسلاً يبقون علىٰ مرّ الزمان ، فانظر كم قُتِل من أهل البيت ، ثمّ العالم ممتلئ منهم ، ولم يبقىٰ من بني أُمية في الدنيا أحد يُعبا به ، ثم اُنظر كم كان فيهم من الأكابر من العلماء كالباقر والصادق والرضا والنفس الزكية وأمثالهم (١).
وقال الآلوسي : ( إِنَّ شَانِئَكَ ) أي مبغضك .. ( هُوَ الْأَبْتَرُ ) الذي لا عقب له ، حيث لا يبقىٰ منه نسل ولا حسن ذكر ، وأمّا أنت فتبقىٰ ذريتك ، وحسن صيتك ، وآثار فضلك إلىٰ يوم القيامة... وفيها دلالة علىٰ أنّ أولاد البنات من الذرية (٢).
وقال ابن حجر الهيتمي في الآيات الواردة في أهل البيت عليهمالسلام : الآية الثانية عشرة : قوله تعالىٰ : ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ ) (٣) قال مقاتل بن سليمان ومن تبعه من المفسرين : إنّ هذه الآية نزلت في المهدي. وستأتي الأحاديث المصرّحة بأنّه من أهل البيت النبوي ، وحينئذٍ في الآية دلالة علىٰ البركة في نسل فاطمة وعلي عليهماالسلام ، وأن الله ليخرج منهما طيباً ، وأن يجعل نسلهما مفاتيح الحكمة ومعادن الرحمة.
ثم قال معقّباً علىٰ دعاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ عليهالسلام حين زوّجه فاطمة عليهاالسلام : « اللهمّ إني أُعيذه بك وذريته من الشيطان الرجيم » ما نصّه : وقد ظهرت بركة دعائه صلىاللهعليهوآلهوسلم في نسليهما ، فكان منه من مضىٰ ومن يأتي ، ولو لم يكن في
_______________________
١) تفسير الرازي ٣٢ : ١٢٤.
٢) روح المعاني / الآلوسي ٣٠ : ٢٤٧.
٣) سورة الزخرف : ٤٣ / ٦١.
الآتين إلّا الإمام المهدي لكفىٰ (١).
المبحث الثاني : مكارم أخلاقها :
١ ـ العبادة :
كانت فاطمة عليهاالسلام أعبد نساء زمانها ، وقد ضربت المثل الأعلىٰ بعبادتها وإيمانها وطاعتها وانقطاعها إلىٰ الله سبحانه.
عن الإمام الباقر عليهالسلام ـ في حديث ـ قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ ابنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها إيماناً ويقيناً إلىٰ مشاشها ، ففرغت لطاعة الله » (٢).
وسأل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّاً عليهالسلام : « كيف وجدت أهلك ؟ » فقال عليهالسلام : « نعم العون علىٰ طاعة الله » (٣).
وعن الطبرسي ، قال : سُمّيت فاطمة عليهاالسلام بالبتول لانقطاعها إلىٰ عبادة الله (٤).
ومن مظاهر عبادتها عليهاالسلام طول قيامها في الصلاة وكثرة خشوعها ، فقد روي عن الحسن البصري أنه قال : ما كان في هذه الاُمّة أعبد من فاطمة ، كانت تقوم حتىٰ تتورّم قدماها (٥).
_______________________
١) الصواعق المحرقة / ابن حجر : ١٦٢ ـ ١٦٣ ، الفصل الأول ، الباب (١١).
٢) دلائل الإمامة / الطبري : ١٣٩ / ٤٧. والمناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٣٧. والثاقب في المناقب / ابن حمزة الطوسي : ٢٩١. وبحار الأنوار ٤٣ : ٢٩ عن الخرائج والجرائح للقطب الراوندي.
٣) المناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٥٦.
٤) مجمع البيان / الطبرسي ١٠ : ٥٦٨. والمصباح / الكفعمي : ٦٥٩ ـ منشورات اسماعيليان ـ قم.
٥) المناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٤١. ومقتل الحسين عليهالسلام / الخوارزمي ١ : ٨٠. وربيع الأبرار / الزمخشري ٢ : ١٠٤ وزارة الأوقاف ـ الجمهورية العراقية.
وقال الديلمي وابن فهد : روي أنّ فاطمة عليهاالسلام كانت تنهج في صلاتها من خيفة الله تعالىٰ (١).
ومن المظاهر البارزة في عبادتها عليهاالسلام كثرة الصلوات والأدعية والأذكار التي خصّها بها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكانت تواظب علىٰ أدائها في محرابها رغم أنها كانت تباشر شؤون المنزل وتربية الأولاد بنفسها.
فعن الإمام الصادق عليهالسلام : أنّ أُمّه الزهراء عليهاالسلام كانت تصلي للأمر المخوف العظيم ركعتين ، تقرأ في الاُولىٰ الحمد و ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) خمسين مرة ، وفي الثانية مثل ذلك ، فإذا سلّمت ، صلّت علىٰ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ ترفع يديها بالدعاء : « اللهمَّ إنّي أتوجّه بهم إليك ، وأتوسّل إليك بحقّهم العظيم الذي لايعلم كنهه سواك ، وبحقّ من حقّه عندك عظيم ، وبأسمائك الحسنىٰ ، وكلماتك التامات التي أمرتني أن أدعوك بها... » إلىٰ آخر الدعاء (٢).
وعنه عليهالسلام : أنّها كانت إذا أصبحت يوم الجمعة تغتسل وتصفّ قدميها وتصلي أربع ركعات مثنىً مثنىً ، تقرأ في أول ركعة فاتحة الكتاب و ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) خمسين مرة ، وفي الثانية فاتحة الكتاب والعاديات خمسين مرة ، وفي الثالثة فاتحة الكتاب و( إِذَا زُلْزِلَتِ ) خمسين مرة ، وفي الرابعة فاتحة الكتاب وإذا جاء نصر الله خمسين مرة ، فإذا فرغت منها قالت : « إلهي وسيدي ، من تهيّأ أو تعبّأ أو أعدّ أو استعدّ لوفادة مخلوق رجاء رفده وفوائده ونائله وفواضله وجوائزه... ، فإليك يا إلهي كانت تهيئتي وتعبيتي وإعدادي واستعدادي ، رجاء رفدك ومعروفك ، ونائلك وجوائزك ، فلا تخيبني من ذلك ،
_______________________
١) ارشاد القلوب / الديلمي : ١٠٥ منشورات الرضي ـ قم. وأعلام الدين / الديلمي : ٢٤٧ ـ مؤسسة آل البيت عليهمالسلام ـ قم. وعدة الداعي / ابن فهد : ١٥١ ـ دار المرتضىٰ ـ بيروت.
٢) مصباح المتهجد / الطوسي : ٣٠٢ ـ مؤسسة فقه الشيعة ـ بيروت.
يا من لا يخيّب مسألة سائل ، ولا تنقصه عطية نائل... » إلىٰ آخر الدعاء ، وذلك مما علّمها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
وعنه عليهالسلام : أنّها كانت تصلّي صلاة الأوابين ، وهي أربع ركعات ، تقرأ في كلِّ ركعة خمسين مرة ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) (٢).
وروي عنه عليهالسلام أنّه قال : « كانت لاُمّي فاطمة عليهاالسلام ركعتان تصليهما... تقرأ في الاُولىٰ الحمد مرة ، و ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) مائة مرة ، وفي الثانية الحمد مرة ، ومائة مرة ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) ، فإذا سلّمت سبّحت تسبيح الزهراء عليهاالسلام ، ثمّ تقول : سبحان ذي العزّ الشامخ المنيف ، سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم ، سبحان ذي الملك الفاخر القديم ، سبحان من لبس البهجة والجمال ، سبحان من تردّىٰ بالنور والوقار... » إلىٰ آخر التسبيح (٣).
أمّا الأدعية التي خصّها بها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أو تلك المروية عنها فهي كثيرة وذات أغراض مختلفة كالتعقيبات عقيب الصلوات والتسبيحات والأحراز ، ودعائها عند رؤية هلال شهر رمضان ، وعندما تأوي إلىٰ النوم ، وأدعيتها في أيام الاسبوع ، وغيرها مما تضيق بذكرها أوراق هذا البحث ، لذا نكتفي بالاشارة إلىٰ مظانّها (٤).
_______________________
١) مصباح المتهجد / الطوسي : ٣١٨. وجمال الأسبوع / ابن طاووس : ١٣٢ ـ الرضي ـ قم.
٢) الفقيه / الصدوق ١ : ٣٥٦ / ١٥٦٠. وتفسير العياشي ٢ : ٢٨٦ / ٤٤.
٣) جمال الاُسبوع / ابن طاووس : ٢٦٣ و ٢٦٦. ومصباح المتهجد / الطوسي : ٣٠١.
٤)
المعجم الكبير / الطبراني ٢٣ : ٣٣٩ / ٧٨٧. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٥٧. ومسند أحمد ٦ :
٢٩٨. ومجمع الزوائد ١٠ : ١٠٨ و١٢٢. وذخائر العقبىٰ : ٥٠. وكنز العمال ١٥ : ٥٠١ / ٤١٩٧٥
و ٥٠٩ / ٤١٩٨٦ و ٥١٣ / ٤٢٠٠٠. ومسند فاطمة عليهاالسلام
/ السيوطي : ٣ / ٤ و ٢٥ / ٣٤ و ٩٧ / ٢٣١ و ١٠٣ / ٢٤٥. وفضائل شهر رمضان / الشيخ الصدوق : ٩٨ / ٨٤. ومصباح المتهجد / الطوسي
:
وعلّمها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أذكاراً تقولها عند النوم وفي دبر كل صلاة ، وهي معروفة بتسبيح فاطمة عليهاالسلام ، وكان السبب في تشريعها علىٰ ما أخرجه الشيخ الصدوق وغيره عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال لرجلٍ من بني سعد : « ألاأُحدّثك عنّي وعن فاطمة عليهاالسلام ، أنّها كانت عندي فاستقت بالقربة حتىٰ أثّرت في صدرها ، وطحنت بالرحىٰ حتىٰ مجلت يداها ، وكسحت البيت حتىٰ اغبرت ثيابها ، وأوقدت تحت القدر حتىٰ دكنت ثيابها ، فأصابها من ذلك ضرر شديد ، فقلت لها : لو أتيت أباك فسألتيه خادماً يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل ، فأتت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فوجدت عنده حدّاثاً ، فاستحيت فانصرفت ، فعلم صلىاللهعليهوآلهوسلم أنها عليهاالسلام قد جاءت لحاجة فغدا علينا... فقال : يا فاطمة ، ما كانت حاجتك أمسِ عند محمد ؟ ... فقلت : أنا والله أُخبرك يا رسول الله ، إنّها استقت بالقربة حتىٰ أثّرت في صدرها ، وجرّت بالرحىٰ حتىٰ مجلت يداها ، وكسحت البيت حتىٰ اغبرّت ثيابها ، وأوقدت تحت القدر حتىٰ دكنت ثيابها ، فقلت لها : لو أتيت أباك فسألتيه خادماً يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل.
قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أفلا أُعلّمكما ماهو خير لكما من الخادم ؟ إذا أخذتما منامكما فكبّرا أربعاً وثلاثين تكبيرة ، وسبّحا ثلاث وثلاثين تسبيحة ، واحمدا ثلاثاً وثلاثين تحميدة ، فقالت فاطمة عليهاالسلام : رضيت عن الله وعن رسوله ، رضيت عن الله وعن رسوله » (١).
_______________________
٢٢٠. ودلائل الإمامة / الطبري : ١٧٢ / ١٢ و ١٠٨ / ٣٥. والدعوات / الراوندي : ٩١. وفلاح السائل / ابن طاووس : ١٧٣ و ٢٠٢ و ٢٣٨ و ٢٥٠ ـ دفتر تبليغات ـ قم. ومهج الدعوات / ابن طاووس : ٥ و ٧ و ١٣٩ و ١٤١ و ١٤٢ ـ مؤسسة الأعلمي ـ بيروت. والمصباح / الكفعمي : ٧٢ و ١٧٩. والبلد الأمين / الكفعمي : ٥٥. وبحار الأنوار ٨٦ : ٦٦ / ٤ و ١٦٥ ـ ١٧٢ / ٤٤ ، ٩٠ : ٣٣٨ ـ ٣٣٩ / ٤٨ ، ٩٤ : ٢٢٥ / ١.
١)
الفقيه / الصدوق ١ : ٢١١ / ٩٤٧. وعلل الشرائع ٢ : ٣٦٦ / ١. ونحوه في صحيح البخاري
٧ :
وجاء في رواية اُخرىٰ عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام أنه قال : « فو الله ما تركتهنّ منذ علّمنيهنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » فقال له ابن الكوّاء : ولا ليلة صفّين ؟ قال عليهالسلام : « نعم ، ولا ليلة صفّين » (١).
وجاء في بعض الروايات أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أمرها بعمل تلك التسبيحات عند الرقاد وبعد كلّ صلاة (٢) ، وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فذلك خير لك من الذي أردت ، ومن الدنيا وما فيها » (٣).
وفي خبر آخر : « فذلك مائة علىٰ اللسان ، وألف في الميزان » (٤).
أما كيفية تسبيح فاطمة عليهاالسلام فإنّ المروي عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام وعليه عمل الإمامية ، هو أربع وثلاثون تكبيرة ، ثمّ ثلاث وثلاثون تحميدة ، ثمّ
_______________________
١٢٦ / ١٤ ـ كتاب الدعوات. وصحيح مسلم ٤ : ٢٠٩١ / ٢٧٢٧ ـ كتاب الذكر والدعاء. ومسند أحمد ٦ : ٢٩٨. والمعجم الكبير / الطبراني ٢٣ : ٣٣٩ / ٧٨٧. وحلية الأولياء ١ : ٦٩. والسنن الكبرىٰ / البيهقي ٧ : ٢٩٣. وكنز العمال ١٥ : ٤٩٦ ـ ٥٠٩ بعدّة طرق. وذخائر العقبىٰ : ٤٩ ـ ٥٠. واسعاف الراغبين / الصبّان : ١٨٩ ـ دار الكتب العلمية. والثغور الباسمة / السيوطي : ٢٢ ، وقال : هذا حديث صحيح مشهور ، أخرجه الأئمة الستة وغيرهم من طرق كثيرة بألفاظ مطولة ومختصرة.
١) مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٢. ومسند أحمد ١ : ١٠٦. وتاريخ بغداد ٣ : ٢٣ / ٩٤٥ و ١٢ : ٢٢ / ٦٣٨٦. والطبقات الكبرىٰ / ابن سعد ٨ : ٢٥. وصفة الصفوة / ابن الجوزي ٢ : ١٠ ـ ١١ ، دار المعرفة ـ بيروت. وذخائر العقبىٰ : ١٠٥ ـ ١٠٦. وتذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : ٣١٢. ومجمع الزوائد ١٠ : ٣٢٨. وكنز العمال ١٥ : ٥٠٤ / ٤١٩٨١ و ٥٠٥ / ٤١٩٨٢.
٢) تذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : ٣١١. ومسند فاطمة / السيوطي : ٨. ودعائم الإسلام / النعمان ١ : ١٦٨.
٣) كنز العمال ١٥ : ٥٠٠ / ٤١٩٧٤ و ٥٠٧ / ٤١٩٨٣. ودعائم الإسلام / النعمان ١ : ١٦٩.
٤) كنز العمال ١٥ : ٥٠٧ / ٤١٩٨٤.
ثلاث وثلاثون تسبيحة بعد الصلوات (١).
وقد استفاضت الأخبار في فضله والحثّ عليه ، قال الإمام الباقر عليهالسلام : « ماعُبد الله بشيءٍ من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة عليهاالسلام ولو كان شيء أفضل منه لنحله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاطمة عليهاالسلام » (٢).
وقال الإمام الصادق عليهالسلام : « تسبيح فاطمة عليهاالسلام في كل يومٍ دبر كلّ صلاة أحبّ إليَّ من صلاة ألف ركعة في كل يوم » (٣).
وعن أبي هارون المكفوف ، عن الإمام الصادق عليهالسلام ، قال : « يا أبا هارون ، إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليهاالسلام كما نأمرهم بالصلاة ، فالزمه فإنّه لم يلزمه عبد فشقي » (٤).
٢ ـ العلم :
الزهراء عليهاالسلام العالمة المعلمة ، تلقّت العلم منذ طفولتها عن أبيها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما كانت تأتيه لبعض شؤونها إلّا وأتحفها بشيء من العلم أو الدعاء أو الصلوات والأذكار.
روىٰ الشيخ الكليني بالإسناد عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « جاءت فاطمة عليهاالسلام تشكو إلىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعض أمرها ، فأعطاها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كُريسة ، وقال : تعلّمي ما فيها ، فإذا فيها : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن
_______________________
١) راجع : الكافي / الكليني ٢ : ٥٣٦ / ٦ و ٣ : ٣٤٢ / ٨ و ٩. والتهذيب / الطوسي ٢ : ١٠٥ / ٤٠٠ و١٠٦ / ٤٠١. و٣ : ٦٧ / ٢١٨. وجواهر الكلام ١٠ : ٣٩٩ دار الكتب الإسلامية.
٢) الكافي / الكليني ٣ : ٣٤٣ / ١٤. والتهذيب / الطوسي ٢ : ١٠٥ / ٣٩٨.
٣) الكافي / الكليني ٣ : ٣٤٣ / ١٥. والتهذيب / الطوسي ٢ : ١٠٥ / ٣٩٩.
٤) الكافي / الكليني ٣ : ٣٤٣ / ١٣. والتهذيب / الطوسي ٢ : ١٠٥ / ٣٩٧.
كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو يسكت » (١).
ومما يدلُّ علىٰ كمال فهمها وفطنتها ، أنّها كانت تجيب عن بعض المشكلات التي يعجز عن حلّها علماء الصحابة في زمانها.
فقد روي عن علي عليهالسلام : « أنّه كان عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : أيّ شيء خير للمرأة ؟ فسكتوا ، فلما رجع ، قال لفاطمة ، أي شيء خير للنساء ؟ قالت : لا يراهن الرجال. فذكر ذلك للمصطفىٰ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : إنّما فاطمة بضعة مني ».
قال المنّاوي : رواه البزار ، وفيه دليل علىٰ فرط ذكائها ، وكمال فطنتها ، وقوة فهمها ، وعجيب إدراكها (٢).
وروىٰ الراوندي في النوادر مسنداً عن الإمام الصادق عليهالسلام ، قال : « سأل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أصحابه عن المرأة ماهي ؟ قالوا : عورة. قال : فمتىٰ تكون أدنىٰ من ربها ؟ فلم يدروا ، فلمّا سمعت فاطمة عليهاالسلام ذلك قالت : أدنىٰ ما تكون من ربها أن تلزم قعر بيتها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّ فاطمة بضعة مني » (٣).
وكان بيت الزهراء عليهاالسلام بمثابة المدرسة الاُولىٰ لتعليم النساء في الإسلام حيث كن يقصدنها عليهاالسلام لينهلن من معارفها ، ويقتبسن من أنوارها ، ويستلهمن من روحانيتها ومكارمها ، وقد أشرنا إلىٰ دورها العلمي في تعليم النساء معالم الدين والعبادة وما يشكل عليهن في أواخر الفصل المتقدم.
وممّا يدلّ علىٰ أنّها عليهاالسلام كانت محوراً يستقطب حوله نساء المدينة ، أنّها
_______________________
١) الكافي ٢ : ٦٦٧ / ٦.
٢) إتحاف السائل : ٣٠. ونحوه في المناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٤١ وفيه : « أن لا ترىٰ رجلاً ولا يراها رجل ». فضمّها إليه وقال : « ذرية بعضها من بعض ».
٣) بحار الأنوار ٤٣ : ٩٢. عن النوادر / الراوندي : ١٤ الطبعة الاُولىٰ.
لما جاءت إلىٰ مسجد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عقيب وفاة أبيها صلىاللهعليهوآلهوسلم وخطبت خطبتها المعروفة ، أقبلت في لُمّة من حفدتها ونساء قومها ، وألقت خطبة أُخرىٰ بليغة بنساء المهاجرين والأنصار حينما جئن لعيادتها وهي في مرض الموت (١).
وللزهراء عليهاالسلام دور في حفظ السُنّة النبوية ، علىٰ الرغم من تقدم وفاتها ، حيث ودّعت الدنيا وهي في عمر الورد ، فقد روىٰ عنها جمع من الصحابة ، منهم أمير المؤمنين عليهالسلام ، والإمام الحسين عليهالسلام ، وعبدالله بن مسعود ، وعبدالله ابن عباس ، وأنس بن مالك ، وعائشة ، وأُمّ سلمة ، وأسماء بنت عميس ، وزينب بنت أبي رافع وغيرهم.
وأخرج الطبراني والحافظ ابن كثير أحاديثهم مسندة عن الزهراء عليهاالسلام فبلغت تسعة عشر حديثاً (٢) ، وأخرج أبو جعفر الطبري الإمامي في أول الدلائل ثمانية عشر حديثاً مسنداً عنها غير الأحاديث المتقدمة (٣).
وجمع الحافظ جلال الدين السيوطي حديث الزهراء عليهاالسلام المروي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في ( مسند فاطمة الزهراء عليهاالسلام ) فكان فيه ٢٨٢ حديثاً في مجمل أحوالها وتاريخها وما روي عنها ، وقد جمعه من كتب العامّة المعتبرة (٤).
وجمع الشيخ عزيز الله العطاردي في ( مسند فاطمة الزهراء ) ١١٢ حديثاً
_______________________
١) ستأتي الخطبتان في الفصل اللاحق.
٢) راجع : المعجم الكبير / الطبراني ٢٢ : ٤١٣ ـ ٤٢٤. وجامع المسانيد والسنن / ابن كثير ١٦ : ٣٤ ـ ٥٠ ، دار الفكر ـ بيروت.
٣) دلائل الإمامة / الطبري : ٦٥ ـ ٧٩.
٤) طبع بتصحيح الحافظ عزيز بيك ، مدير لجنة أنوار المعارف بحيدرآباد الهند ، في حيدرآباد الهند ـ المطبعة العزيزية سنة ١٤٠٦ هـ ، ويقع في ١٢٠ صفحة.