كيف نفهم الرّسالة العمليّة - ج ١

محمد مهدي المؤمن

كيف نفهم الرّسالة العمليّة - ج ١

المؤلف:

محمد مهدي المؤمن


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة المعارف الإسلاميّة
المطبعة: عترت
الطبعة: ١
ISBN: 964-7777-28-0
الصفحات: ١٦٨
  الجزء ١   الجزء ٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا)(١)، وإلالم يكن هدف ولا حكمة من خلق الدُّنيا وهو قبيح من الحكيم ، والحكيم منزّه عن العبث واللّغو ـ سبحانه وتعالى عمّا يصفون ـ.

والموت انتقال من دار الى دار وليس فناءً وانعداماً « وإنّما تُنقلون من دارٍ إلى دارٍ » (٢) ، ولا شيء أعجبُ من غفلة الإنسان عن الموت « ما رأيتُ يقيناً أقربَ إلى الشّكّ من الموت » ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) (٣) ، ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ) (٤) ، ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ) (٥) ، ( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ) (٦) ، ولو التفت الى أنّ حياته الأبديّة تبدأ بعد الموت ، وأنّه خُلق للآخرة لا للدُّنيا « خُلقتم للبقاء لا للفناء » (٧) ، لم تنم عينه طرفة عين ، ولم يغفل قلبه عن الآخرة ، وعمل لها جاهداً ولم يعصِ الله قيد شعرة ، « إعمل

__________________

(١) سورة الفرقان : ٢٧.

(٢) تاريخ مدينة دمشق ج ١٠ / ٤٩٠ ـ ٤٩٢ ، تهذيب الكمال ج ٤ / ٢٩٤ ، سير اعلام النبلاء ج ٥ /٩١ بحار الأنوار ج ٦ / ٢٤٩ وج ٥٨ / ٧٨.

(٣) سورة آل عمران : ١٨٥ ، سورة الأنبياء : ٣٥ ، سورة العنكبوت : ٥٧.

(٤) سورة الرحمن : ٢٦.

(٥) سورة الزمر : ٣٠.

(٦) سورة الزمر : ٤٢.

(٧) تاريخ مدينة دمشق ج ١٠ / ٤٩٠ ـ ٤٩١ ، إعتقادات الصدوق ص ٤٧ ، بحار الأنوار ج ٦ / ٢٤٩ وج ٥٨ / ٧٨.

١٦١

لدنياك كأنّك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً » (١) ، وقد وعد الله تعالى بالمعاد في قوله : ( إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا ) (٢) وقطع وعده هذا ( بَلَىٰ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا ) (٣) ، ( قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَٰلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ) (٤).

س) : مَن الَّذي يقبض الأرواح ؟

ج) : ( قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ) (٥) ، ( حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا ) (٦).

والحمد لله ربّ العالمين

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ج ٣ / ١٥٦ ح ٣٥٦٩ ، وسائل الشيعة ج ١٧ / ٧٦ ح ٢ ، فيض القدير شرح جامع الصغير ج ٢ /١٦.

(٢) سورة غافر : ٥٩.

(٣) سورة النحل : ٣٨.

(٤) سورة التغابن : ٧.

(٥) سورة السجدة : ١١.

(٦) سورة الأنعام : ٦١.

١٦٢

تتمة الدرس الثامن عشر

حقائق اُخرى عن المعاد

بسم الله الرّحمن الرّحيم

س) هل هناك فرق بين قبض أرواح المؤمنين والكفّار ؟

ج) : نعم قال ـ تعالى ـ عن قبض أرواح المؤمنين : ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ) (١) ، وقال ـ تعالى ـ عن قبض أرواح الكفّار : ( وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ) (٢).

س) : هل تقبل التوبة بعد الموت ؟

ج) : لقبول التوبة شروط أهمها أن تكون في الدُّنيا قبل الموت ، وأن تكون قبل اليأس من الحياة ، وأن تكون بصدق وإخلاص ، وأن لا يكون كافراً معانداً : ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا. وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا

__________________

(١) سورة النحل : ٣٢.

(٢) سورة الأنفال : ٥٠.

١٦٣

يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) (١) ، ( حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ) (٢) ، ( إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (٣) ، ( إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ) (٤).

س) : ولماذا لا يعيدهم الله تعالى إلى الدُّنيا لَعَلَّهم يكونون صادقين؟

ج) : ( كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ) (٥) ، ( وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) (٦).

س) : ما هو النّفخ في الصُّور ؟

ج) : الصُّورمن الاُمور الغيبية الّتي لا تدركها عقولنا ، ولم نجد رواية تصوّره تصويراً واضحاً ، وإن وردت بعض الأحاديث الّتي فيها بعض الأوصاف العجيبة والغريبة ولعلّها من وضع

__________________

(١) سورة النساء : ١٧ ـ ١٨.

(٢) سورة المؤمنون : ٩٩ ـ ١٠٠.

(٣) سورة الأنعام : ٢٧.

(٤) سورة السجدة : ١٢.

(٥) سورة المؤمنون : ١٠٠.

(٦) سورة الأنعام : ٢٨.

١٦٤

الوضّاعين وتأليف القصّاصين ، لكنّ القدر المتيقّن والمتّفق عليه أنّ الله تعالى يأمر مَلَك الموت أو ميكائيل أو أحد الملائكة وهو مكلّف بالنّفخ في الصُّور بأن ينفخ ، وهو نفخان ، النَّفخ الأول هو الَّذي يصعق له من في السّماوات والأرض ويموت على أثره الخلائق أجمعون إلا من شاء الله تعالى : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللهُ ) (١) ، وتنعدم الحياة الدُّنيا ، وتضطرب الشَّمس والقمر والكواكب والنُّجوم ، وتتهاوىٰ ويصطدم بعضها ببعض ويكون حينئذ زوالها وانقراضها ، وهي مقدّمة لقيام السّاعة وتحقيق القيامة وقد صوّر القرآن الكريم هذه الأحداث في الآيات وسور عديدة سيّما في السُّور القصار إليك نماذج منها : ( الْقَارِعَةُ. مَا الْقَارِعَةُ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ. يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ. وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ ) (٢) ، ( إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ. وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ. وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ. وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ. وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ) (٣) ، ( إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ. وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ. وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ. وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ) (٤) ، ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ. وَإِذَا النُّجُومُ

__________________

(١) سورة الزمر : ٦٨.

(٢) سورة القارعة : ١ ـ ٥.

(٣) سورة الانشقاق : ١ ـ ٥.

(٤) سورة الانفطار : ١ ـ ٤.

١٦٥

انكَدَرَتْ. وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ. وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ. وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ. وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ. وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ. وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ. وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ. وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ. وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ. وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ) (١). ثم ينفخ نفخة ثانية فيقوم الأموات وإلى ربّهم يُحشرون ويُنشَرونَ وإلى ساحة القيامة يحضرون ، وهم يحملون أوزارهم على أكتافهم وأكفانَهم وهم في حيرة وخوف وهَلَعٍ من أمرهم إلاّ الّذين محّضُوا الإيمان ، ( ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ. وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا  ) (٢) ، ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ وَقَالُوا الْحَمْدُ للهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) (٣).

والحمد لله ربّ العالمين

__________________

(١)سورة التكوير : ١ ـ ١٣.

(٢) سورة الزمر : ٦٨ ـ ٧١.

(٣) سورة الزمر : ٧٣ ـ ٧٤.

١٦٦

المحتويات

مقدّمة المركز ........................................................  ٥

الدرس الأوّل : المؤمنون في زمن الغيبة ..................................  ٩

الدرس الثاني : وجوب الاجتهاد والتقليد ..............................  ١٣

الدرس الثالث : دور الدين في حياة الانسان ...........................  ١٨

الدرس الرابع : الحكم الواقعي والحكم الظاهري .......................  ٢٣

الدرس الخامس : التقليد نوعان : ممدوح ومذموم .......................  ٢٧

الدرس السادس : اُصول الدين والعقائد ...............................  ٣٢

الدرس السابع : طرق الوصول إلى معرفة اُصول الدين ..................  ٣٦

الدرس الثامن : ضرورة التفقّه بأمور الدين .............................  ٣٩

الدرس التاسع : التوحيد .............................................  ٤٥

الدرس العاشر : الدليل على وجود الله ................................  ٥٢

تتمة الدرس العاشر : الدليل على وجود الله ............................  ٥٧

الدرس الحادي عشر : صفات الله ....................................  ٦٥

الدرس الثاني عشر : مراتب التوحيد وأقسامه ..........................  ٧١

١٦٧

تتمّة الدرس الثاني عشر : ثمرات التوحيد العمليّة .......................  ٧٧

الدرس الثالث عشر : القضاء والقدر .................................  ٨٦

الدرس الرابع عشر : العدل الإلهي ....................................  ٩٤

الدرس الخامس عشر : النبوّة .......................................  ١٠٣

تتمّة الدرس الخامس عشر : خصائص النبي عليه‌السلام .....................  ١٠٨

تتمّة الدرس الخامس عشر خصائص النبي عليه‌السلام .......................  ١٢٠

الدرس السادس عشر : الإمامة .....................................  ١٣٣

تتمّة الدرس السادس عشر : الإمامة .................................  ١٤١

الدرس السابع عشر : الإمام المنتظر عليه‌السلام ............................  ١٥٠

الدرس الثامن عشر : المعاد .........................................  ١٥٧

الدرس الثامن عشر : حقائق اُخرى عن المعاد .........................  ١٦٣

١٦٨