إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٩

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٩

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٣٦

لوط ـ عليه‌السلام ـ وتخويفهم من عذاب الله وأنث الفعل على كون «قوم» بمعنى : جماعة أو أمم.

(إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ) (٣٤)

(إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً) : يعرب إعراب «إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا» في الآية الكريمة التاسعة عشرة وهنا حذفت كلمة «ريحا» وهي الموصوف حذف اختصارا لأن ما قبله دال عليه وأقيمت الصفة حاصبا مقامه.

(إِلَّا آلَ لُوطٍ) : أداة استثناء. آل : مستثنى بإلا منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. لوط : مضاف إليه مجرور بالكسرة المنونة.

(نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «آل لوط» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. بسحر : جار ومجرور متعلق بنجينا وصرفت الكلمة لأنها نكرة ولأنها لا تعني يوما معينا وليست ظرفا ـ بمعنى : بقطع من الليل وهو السدس الأخير منه. وبمعنى : وقت السحر.

(نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ) (٣٥)

(نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا) : مفعول لأجله ـ له ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والعامل فيه «نجينا» بمعنى : نجيناهم إنعاما عليهم. من عند : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «نعمة» و «نا» ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه.

(كَذلِكَ نَجْزِي) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ وخبره الجملة الفعلية «نجزي من شكر» في محل رفع أو يكون الكاف في محل نصب صفة لمفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف أو نائبا عنه. بمعنى نجزي من شكر جزاء مثل ذلك الجزاء. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. اللام للبعد والكاف حرف خطاب.

٦٢١

نجزي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن.

(مَنْ شَكَرَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. شكر : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. وحذف مفعول «شكر» اختصارا لأنه معلوم بمعنى : من شكر نعمة الله بإيمانه وطاعته.

(وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ) (٣٦)

(وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا) : الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. أنذر : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أي خوفهم لوط ـ عليه‌السلام ـ و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول. بطشة : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى : أخذتنا بالعذاب.

(فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ) : الفاء استئنافية. تماروا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين واتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بالنذر : جار ومجرور متعلق بتماروا .. بمعنى : فكذبوا أو فشككوا بالإنذارات أو يكون الجار والمجرور متعلقا بحال من ضمير «تماروا» بمعنى متشاكين بالنذر.

(وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ) (٣٧)

(وَلَقَدْ راوَدُوهُ) : أعرب. راودوه : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى ولقد طالبوه بتسليمهم ضيوفه للفسق بهم.

(عَنْ ضَيْفِهِ) : جار ومجرور متعلق براودوا والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب في محل جر مضاف إليه بمعنى في ضيوفه وهم الملائكة.

٦٢٢

(فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ) : الفاء سببية. طمس : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. أعين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى : فمسحنا أعينهم وجعلناها كسائر الوجه أي فصاروا عميا لم يروا أحدا.

(فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ) : الفاء عاطفة على فعل محذوف بمعنى فقلنا لهم : ذوقوا. ذوقوا : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أي فقلنا لهم على ألسنة الملائكة : ذوقوا .. عذابي : مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها الحركة المأتي بها من أجل الياء ـ الكسرة المجانسة للياء ـ والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل جر مضاف إليه. ونذر : معطوف بالواو على «عذابي» ويعرب إعرابه وحذفت الياء ـ أصله : ونذري ـ حذفت مراعاة لفواصل الآيات ـ رأس آية ـ وبقيت الكسرة دالة عليها أي وإنذارات نذري.

(وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ) (٣٨)

(وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ) : أعرب. صبح : فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم.

(بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة المنونة متعلق بصبح وصرفت اللفظة لأنها نكرة ولا تعني يوما معينا بمعنى ولقد أتاهم أول النهار ـ غدوة ـ عذاب : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. مستقر : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى : استقر معهم إلى أن أوصلهم إلى النار.

(فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ) (٣٩)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة السابعة والثلاثين وكررت للتأكيد.

٦٢٣

(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (٤٠)

هذه الآية الكريمة مكررة عن الآية الكريمة السابعة عشرة وأعربت في الآية الكريمة الخامسة عشرة.

(وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ) (٤١)

(وَلَقَدْ جاءَ) : الواو عاطفة. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. جاء : فعل ماض مبني على الفتح.

(آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ) : مفعول به مقدم منصوب بجاء وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. فرعون : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والعلمية. النذر : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى : المنذرون وهم موسى وهارون وغيرهما أو يكون بمعنى الإنذارات جمع «نذير» على لسان النبي موسى.

(كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ) (٤٢)

(كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بآيات : جار ومجرور متعلق بكذبوا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. كل : توكيد للآيات مجرور مثلها وعلامة جره الكسرة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.

(فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ) : الفاء سببية. أخذ : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. أخذ : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف بمعنى فأخذنا بالعذاب المكذبين.

(عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : لا يغالب. مقتدر : صفة ـ نعت ـ لعزيز مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : لا يعجزه شيء.

(أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ) (٤٣)

٦٢٤

(أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ) : الهمزة همزة تأنيب وتقريع بلفظ استفهام. كفاركم : مبتدأ مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ وهم المشركون من قريش .. مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور. خير : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة بعد حذف ألفه ـ أصله أخير ـ وهو اسم تفضيل ممنوع من الصرف حذفت ألفه للفصاحة.

(مِنْ أُولئِكُمْ) : حرف جر. أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل جر بمن. والكاف للخطاب والميم علامة الجمع والجار والمجرور متعلق بخير بمعنى : أكفاركم يا أهل مكة أفضل من هؤلاء الكفار المعدودين قوم نوح وهود وصالح ولوط وآل فرعون.

(أَمْ لَكُمْ) : حرف عطف وهي «أم» المتصلة. لكم : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم والميم علامة جمع الذكور.

(بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. في الزبر : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «براءة» بمعنى : أم نزلت عليكم يا أهل مكة براءة من العذاب في الكتب المتقدمة. أي الكتب السماوية وهي جمع زبور.

(أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ) (٤٤)

(أَمْ يَقُولُونَ) : حرف عطف. يقولون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ نحن : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. جميع : خبر «نحن» مرفوع بالضمة المنونة. منتصر : صفة ـ نعت ـ لجميع مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى : أم يدعون قائلين : نحن جماعة أمرنا مجتمع منتصر على الأعداء؟

(سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (٤٥)

(سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ) : السين حرف تسويف ـ استقبال. يهزم : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. الجمع : نائب فاعل مرفوع بالضمة.

٦٢٥

(وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) : الواو عاطفة. يولون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الأدبار : مفعول به منصوب بالفتحة.

(بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ) (٤٦)

(بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ) : حرف عطف للإضراب عن قول محذوف بتقدير : إنهم لا يعتقدون بيوم بعثهم للحساب وكسر آخر «بل» لالتقاء الساكنين. الساعة : مبتدأ مرفوع بالضمة. موعد : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه.

(وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ) : الواو عاطفة. الساعة أدهى : الجملة الاسمية معطوفة على «الساعة موعدهم» وتعرب إعرابها وعلامة رفع «أدهى» الضمة المقدرة على الألف للتعذر ولم ينون آخرها لأن اللفظة ممنوعة من الصرف على وزن «أفعل» ومن وزن الفعل بمعنى وعذاب الساعة أي القيامة أشد وأفظع من هزيمتهم وبعد حذف المبتدأ المضاف «عذاب» حل المضاف «عذاب» حل المضاف إليه «الساعة» محله وارتفع ارتفاعه على الابتداء الواو عاطفة. أمر : معطوف على «أدهى» ويعرب إعرابه وعلامة رفعه الضمة الظاهرة ولم ينون آخره شأنه شأن «أدهى» وللسبب نفسه. المعنى : وأشد إيلاما وأمر مذاقا من الهزيمة والقتل والأسر .. والداهية : أمر فظيع لا يهتدى لدوائه.

(إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) (٤٧)

(إِنَّ الْمُجْرِمِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. المجرمين : اسم «إن» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) : جار ومجرور متعلق بخبر «إن». وسعر : معطوف بالواو على «ضلال» مجرور مثله وعلامة جرهما «المعطوف عليه والمعطوف ـ الكسرة المنونة بمعنى في هلاك أو في ضلال عن الحق في الدنيا.

(يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) (٤٨)

٦٢٦

(يَوْمَ يُسْحَبُونَ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره متعلق بسعر أو يكون مفعولا به منصوبا بفعل محذوف تقديره : اذكر. يسحبون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والجملة الفعلية «يسحبون ..» في محل جر مضاف إليه. والفعل مبني للمجهول.

(فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بيسحبون : على وجوه : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير «يسحبون» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.

(ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) : الجملة في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف تقديره : يقال لهم ذوقوا .. وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. مس : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. سقر : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للتعريف والتأنيث والكلمة اسم علم لجهنم.

(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (٤٩)

(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» وحذفت إحدى النونين ـ أصله : إننا ـ تخفيفا ولكثرة الاستعمال. كل : مفعول به منصوب بفعل محذوف يفسره الظاهر أي ما بعده بتقدير : إنا خلقنا كل شيء .. شيء : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» ويجوز أن تكون تفسيرية لا محل لها وتكون الجملة المقدرة «خلقنا كل شيء» في محل رفع خبر «إن». بقدر : جار ومجرور متعلق بحال من ضمير «خلقناه» أي من الهاء بمعنى : خلقناه مقدرا محكما أو مكتوبا في اللوح المحفوظ و «خلقناه» فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.

٦٢٧

(وَما أَمْرُنا إِلاَّ واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) (٥٠)

(وَما أَمْرُنا) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. أمرنا : مبتدأ مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.

(إِلَّا واحِدَةٌ) : أداة حصر لا عمل لها. واحدة : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : إلا كلمة واحدة فحذف الموصوف الخبر «كلمة» وحلت الصفة «واحدة» محله. والمراد بالكلمة الواحدة هو قوله تعالى : كن فيكون أي فيحصل.

(كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع صفة ثانية للموصوف المحذوف «كلمة» أو يكون بدلا من «واحدة» أو يكون في محل نصب حالا من «الأمر» والعامل فيه الفعل «يحصل» المقدر لمعنى «الكلمة». بالصبر : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «لمح» بمعنى إذا أراد كون شيء حصل كلمح البصر أي امتداده أو كسرعته ..

(وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (٥١)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الخامسة عشرة. أشياعكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور بمعنى أشباهكم في الكفر والاستفهام فيه معنى الأمر .. أي اذكروا واتعظوا بالعبر والمواعظ.

(وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) (٥٢)

(وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ) : الواو استئنافية. كل : مبتدأ مرفوع بالضمة. شيء : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. فعلوه : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «فعلوه» في محل جر صفة لشيء أو في محل رفع صفة لكل.

٦٢٨

(فِي الزُّبُرِ) : جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ. المعنى : مسجل ومحفوظ في دواوين الحفظة أي مسجل عليهم ..

(وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) (٥٣)

الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب مثلها. وكبير : معطوف بالواو على «صغير» ويعرب إعرابه. مستطر : خبر «كل» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى وكل صغير وكبير من الأعمال ومن كل ما هو كائن مسطور في اللوح المحفوظ.

(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ) (٥٤)

(إِنَّ الْمُتَّقِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. المتقين : اسم «إن» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ) : جار ومجرور متعلق بخبر «إن». ونهر : معطوف بالواو على «جنات» ويعرب مثلها وعلامة جرهما ـ المعطوف عليه والمعطوف ـ الكسرة المنونة.

(فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) (٥٥)

(فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) : شبه الجملة من الجار والمجرور في محل رفع خبر ثان لإن. صدق : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. بمعنى : في مكان مرضي بتقدير : في مقاعد صدق أي في مواضع قعود ..

(عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) : ظرف مكان يدل على التشريف هنا أي شرف سبحانه وتعالى المتقين بهذه المكانة والظرف منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف متعلق بحال محذوفة من «المتقين» المعنى : مقربين عند ملك عظيم الملك. مليك : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. مقتدر : صفة ـ نعت ـ لمليك مجرور وعلامة جره الكسرة المنونة. و «مليك» بوزن «فعيل» وهو من صيغ المبالغة بمعنى : عظيم ملكه .. وقوله تعالى : في مقعد صدق : بمعنى : لكل واحد من المتقين موضع قعود أي في مواضع قعود فحذف المضاف «مواضع».

٦٢٩

سورة الرحمن

معنى السورة : الرحمن : اسم مشتق من «الرحمة» والرحمة : هي الرقة والتعطف والمرحمة مثله وقد رحمه ـ بكسر الحاء ـ يرحمه ـ رحمة ومرحمة وترحم عليه : بمعنى : رق له وشفق عليه وتعطف وغفر له. ويقال : رحم وترحم عليه : بمعنى : قال : رحمه‌الله .. واسترحمه بمعنى استعطفه وتراحم القوم : أي رحم بعضهم بعضا والراحم ـ اسم فاعل ـ هو من يرحم ومثله «الرحوم» فعول بمعنى فاعل وكذلك «الرحيم» وجمعه «رحماء» لأن صيغة «فعيل» تجمع على «فعلاء» على أن لا يكون في المفرد حرف مكرر مثل «لبيب» و «طبيب» ففي هذه الحالة يكون الجمع على وزن «أفعلاء» والرحيم ـ فعيل بمعنى فاعل ـ و «الرحمن الرحيم» مثل «نديم وندمان» ويجوز تكرير الاسمين إذا اختلف اشتقاقهما على وجه التأكيد كما يقال : فلان جاد مجد .. إلا أن «الرحمن» اسم مختص بالله تعالى ولا يجوز أن يسمى به غيره ألا ترى أنه سبحانه وتعالى قال في سورة «الإسراء» : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) فعادل به الاسم الذي لا يشركه فيه غيره. ولهذا قدم «الرحمن» على الاسم الكريم الآخر «الرحيم» في قوله : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و «الرحيم» اسم مشترك .. نقول : هذا إنسان رحيم ولا نقول : هذا إنسان رحمن. فقدم الخاص على العام وقيل : إن الرحمن والرحيم : اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر .. وقيل أيضا : الرحمن : أمدح والرحيم : أرق وبالتالي فالاسمان الكريمان نعتان ـ صفتان ـ للفظ الجلالة يفيدان المدح وقيل : إن «الرحمن» اسم من أسماء الله تعالى مذكور في الكتب المتقدمة ولم يكونوا يعرفونه وكان مسيلمة الكذاب يقال له : رحمن اليمامة. و «الرحموت» من الرحمة أيضا يقال : رهبوت خير من رحموت. أي لأن ترهب خير من أن ترحم. وكتبوا «الرحمن» بحذف الألف اختصارا ولا بد من إثباتها في اللفظ. وكانوا يقولون : ما نعرف الرحمن إلا الذي باليمامة ويعنون به مسيلمة!

٦٣٠

وكان يقال له : رحمن اليمامة! فقال تعالى في سورة «الفرقان» : (فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) أي فسل بهذا الاسم من يخبرك من أهل الكتاب حتى من ينكره ـ وقوله تعالى على لسانهم : «وما الرحمن» يجوز أن يكون سؤالا عن معناه لأنهم لم يستعملوه في كلامهم كما استعمل الرحيم أو لأنهم أنكروا إطلاقه على الله تعالى.

تسمية السورة : سمى الله تعالى إحدى سور القرآن الكريم بهذا الاسم الكريم «الرحمن» الذي ورد ذكره سبعا وخمسين مرة.

فضل قراءة السورة : قال الرسول المنصور محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «الرحمن» أدى شكر ما أنعم الله عليه» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وقال ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله وبحمده وسبحان الله العظيم.

إعراب آياتها

(الرَّحْمنُ) (١)

(الرَّحْمنُ) : مبتدأ مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «علم القرآن» في محل رفع خبر المبتدأ أو يكون «الرحمن» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو والجملة الاسمية «هو الرحمن» في محل رفع خبر مبتدأ مضمر التقدير : الله هو الرحمن بمعنى : المنعم بعظيم النعم وتكون الجملة الفعلية «علم القرآن» في محل رفع خبرا ثانيا.

(عَلَّمَ الْقُرْآنَ) (٢)

(عَلَّمَ الْقُرْآنَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر أول للمبتدإ «الرحمن» وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. القرآن : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة وحذف المفعول به الأول اختصارا لأنه معلوم ولأن ما بعده يدل عليه. المعنى : علم الإنسان القرآن أو علم نبيه محمدا القرآن إيحاء لتبليغه للناس.

٦٣١

(خَلَقَ الْإِنْسانَ) (٣)

(خَلَقَ الْإِنْسانَ) : تعرب إعراب «علم القرآن» والجملة الفعلية في محل رفع خبر ثان ـ خبر بعد خبر ـ والمراد بالإنسان : هو آدم أي الجنس الإنساني أو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وقد خلت هذه الأخبار من حروف العطف لمجيئها على نمط التعديد وهي أخبار مترادفة للمبتدإ «الرحمن».

(عَلَّمَهُ الْبَيانَ) (٤)

(عَلَّمَهُ الْبَيانَ) : تعرب إعراب «علم القرآن» والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول. والجملة الفعلية في محل رفع خبر ثالث بمعنى : علمه الإفصاح أي النطق الواضح عما في ضميره.

(الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ) (٥)

(الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) : مبتدأ مرفوع بالضمة. والقمر : معطوف بالواو على «الشمس» مرفوع مثلها بالضمة.

(بِحُسْبانٍ) : جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ «الشمس والقمر» المحذوف بمعنى : يجريان بحساب مقدر في بروجهما ومنازلهما أي بحسبان معلوم وتقدير سوي فيدلان على حساب الشهور والسنين.

(وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) (٦)

هذه الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. يسجدان : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. بمعنى : ينقادان لخالق الكون فيما خلقه.

** (خَلَقَ الْإِنْسانَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة وفيه تخصيص للإنسان بالذكر من بين ما يتناوله الخلق لأن التنزيل إليه وهو أشرف ما على الأرض ويجوز أن يراد : الذي خلق الإنسان كما قال في سورة «العلق» : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) وهو كما قال سبحانه في سورة «الرحمن» : (الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسانَ) فقيل : جاء الذي خلق مبهما ثم فسره بقوله : (خَلَقَ الْإِنْسانَ) كما ورد في

٦٣٢

سورة «العلق» وذلك تفخيما لخلق الإنسان ودلالة على عجيب فطرته ـ خلقه ـ وعلى ذكر سورة «العلق» فقد قال سبحانه في السورة المذكورة : (مِنْ عَلَقٍ) وهي جمع «علقة» وإنما خلق الإنسان من علقة كما قال في سورتي «الحج» و «غافر» : (خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) والسبب هو أن الإنسان في معنى «الجمع» أو يراد به جنس الإنسان وكما حذف المفعول الأول في الآية الكريمة الثانية من سورة «الرحمن» : (عَلَّمَ الْقُرْآنَ) أي علم الرسول أو الإنسان القرآن فقد حذف المفعول في سورة «العلق» في قوله : (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) أي علم الإنسان الكتابة بالقلم فحذف المفعولان .. وفي هذا القول دل سبحانه على كمال كرمه بأنه علم عباده ما لم يعلموا ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم ونبه على فضل علم الكتابة لما فيه من المنافع العظيمة التي لا يحيط بها إلا هو وما دونت العلوم ولا قيدت الحكم ولا ضبطت أخبار الأولين ومقالاتهم ولا كتب الله المنزلة إلا بالكتابة ولو لا الكتابة لما استقامت أمور الدين والدنيا .. ولو لم يكن على دقيق حكمة الله ولطيف تدبيره دليل إلا أمر القلم والخط لكفى به.

** (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة .. المعنى : ونوعا النباتات الصغيرة والنباتات الكبيرة ينقادان لله تعالى فيما خلقه. وقيل : النجم أيضا : نجوم السماء ولأن النجم أيضا من معانيه : ما طال من النبات وهو ما لا ساق له .. أما الشجر : فهو ما له ساق يعظم ويقوم به .. والنجم : هو الكوكب وجمعه : أنجم ونجوم. قال الفيومي : كانت العرب تؤقت بطلوع النجوم لأنهم ما كانوا يعرفون الحساب وإنما يحفظون أوقات السنة بالأنواء وكانوا يسمون الوقت الذي يحل فيه الأداء نجما تجوزا لأن الأداء لا يعرف إلا بالنجم ثم توسعوا حتى سموا الوظيفة نجما لوقوعها في الأصل في الوقت الذي يطلع فيه النجم .. واشتقوا منه فقالوا : نجمت الدين : إذا جعلته نجوما. قال ابن فارس : النجم : وظيفة كل شيء وكل وظيفة نجم وإذا أطلقت العرب النجم أرادوا : الثريا وهو علم عليها يقال : نجم النبات وغيره ـ ينجم ـ نجوما .. من باب «دخل» دخولا بمعنى : طلع ونجم الشيء أيضا بمعنى : طلع وظهر وفي الآية الكريمة المذكورة معناه : النبات لأن «النجم» من النبات .. ومن معاني «الكوكب» : النجم وما طال من النبات .. وكوكب الروضة : هو نورها. والكوكبة : هي الجماعة ومن أمثال العرب قولهم : طمس الله كوكبه .. يضرب لمن ذهب رونق أمره وانهد ركنه. ولما كانت «الكوكبة» بمعنى : الجماعة فمثلها أيضا : الفئة : وهي الجماعة ولا واحد لها من لفظها ومثلها كذلك : العصبة : وهي الجماعة من الناس وعددها من العشرة إلى الأربعين .. والملأ وهم جماعة رجال ونساء .. أما «الشرذمة» بكسر الشين والذال .. فهي القليل من الناس يقابلها في القلة : النفر والنفير : وهم ما دون العشرة من الرجال .. و «الرهط» هو ما دون العشرة أيضا وما فيهم امرأة .. وقيل : هم من ثلاثة إلى سبعة أو من سبعة إلى عشرة والقوم : هم الجماعة من الثلاثة فصاعدا.

** (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية عشرة .. الحب : هو الذي يتغذى ـ يقتات ـ به من ثمر النخل أو القمح ـ الحنطة ـ والشعير وكل ما يقتات به والعصف : هو الورق اليابس وهو علف الأنعام ـ أي كالتبن ـ وقيل : هو ساق الزرع والريحان : ورقه المعنى : وفيها : الريحان الذي يشم وهو مطعم الناس أو الرزق لأنه يقال : خرجت أطلب ريحان الله .. وقد وردت لفظة «العصف» في قوله تعالى في سورة «الفيل» :

٦٣٣

(فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) أي كورق الشجر المأكول .. والمأكول : اسم مفعول يقابله : المشروب. عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «طعام الاثنين كافي الثلاثة وطعام الثلاثة كافي الأربعة» أي طعام الاثنين المشبع لهما كافي الثلاثة في القوت .. وطعام الثلاثة كافي الأربعة لشبعهم لما ينشأ عن بركة الاجتماع فكلما كثر الجمع ازدادت البركة. وعن نافع ـ مولى ابن عمر ـ قال : كان ابن عمر لا يأكل إلا ومعه مسكين يؤتى به ليأكل معه. فأدخلت رجلا يأكل معه فأكل كثيرا. فقال : يا نافع لا تدخل هذا علي .. سمعت النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يقول : المؤمن يأكل في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء» قال الصحاح : لأن المؤمن لا يأكل إلا الحلال ويتوقى الحرام والشبهة والكافر لا يبالي ما أكل ومن أين أكل وكيف أكل. ويؤكد هذا قوله تعالى في سورة «محمد» : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) صدق الله العظيم.

** (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة عشرة .. والخطاب موجه للثقلين ـ الإنس والجن ـ بدلالة «الأنام» عليهما وقوله (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) بمعنى : سنتجرد لحسابكما ومجازاتكما أيها الإنس والجن .. سميا «الثقلان» لأنهما مثقلان بالتكاليف أو لأنهما ثقيلان على الأرض .. وتكرر قوله تعالى (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) في هذه السورة الشريفة في هذه الآية وفي الآيات التاليات .. وفائدة هذا التكرير لأن كل نعمة عدها سبحانه لتكون تلك النعم حاضرة للقلوب مصورة للأذهان مذكورة غير منسية في كل أوان. وفي قوله تعالى : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) استعارة فيه معنى التهديد. ومعنى الآية : فبأي نعمة من نعم ربكما معشر الجن والإنس تكذبان بمعنى : لا يمكنكما التكذيب. وقيل : السنة تقتضي القول بعده : لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد.

** (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والعشرين المعنى : يخرج من أحد البحرين ـ البحر الملح ـ كبار الدر وصغاره أي الخرز الأحمر .. وقال الجوهري : المرجان صغار اللؤلؤ وقد فسره الواحدي : بعظام اللؤلؤ وأبو الهيثم : بصغار اللؤلؤ وقال آخرون ومنهم ابن مسعود : هو خرز أحمر .. وهذا المعنى هو المشهور في عرف الناس .. وقال الطرطوشي في «تاج العروس» هو عروق حمر تطلع في البحر كأصابع الكف .. أما «اللؤلؤ» فهو جمع «لؤلؤة» وهي الدرة وتجمع أيضا على «لآلئ» وأما قوله تعالى في آية كريمة سابقة «مرج البحرين» فمعناه : خلاهما لا يلتبس أحدهما بالآخر .. يقال : مرج الأمر والدين ـ يمرج ـ مرجا .. من باب «طرب» بمعنى اختلط ومنه الهرج والمرج .. وتسكين «المرج» للازدواج. وأمر مريج ـ فعيل بمعنى : فاعل ـ بمعنى مختلط.

** (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة والعشرين .. و «ها» يعود على الأرض وإن لم يجر لها ذكر لأنه عند الفناء ليس هناك حال القرار والتمكن .. و «فان» اسم فاعل للفعل «فني» الرجل أو الشيء أو المال ـ يفنى ـ فناء .. من باب «تعب» بمعنى : هرم .. عدم. وأفناه بمعنى : أهلكه .. وكل مخلوق صائر إلى الفناء ـ بفتح الفاء ـ أما «الفناء» بكسر الفاء : فهو ما امتد من جوانب الدار وجمعه : أفنية .. ويقال : تفانوا .. بمعنى : أفنى بعضهم بعضا في الحرب. وقيل للشيخ الهرم : فان .. لقربه ودنوه من الفناء. فالبقاء لله سبحانه وكل شيء أو مخلوق صائر إلى الفناء أي إلى الهلاك .. وقيل عن «ها» في «عليها» عائد على الأرض التي جرى ذكرها في الآية الكريمة العاشرة.

٦٣٤

** (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والعشرين يقال : بقي ـ يبقى ـ بقاء .. من باب «تعب» بمعنى : دام وثبت. ومنه اسم الفاعل «الباقي» بمعنى الثابت وهو من أسماء الله الحسنى .. ويقال فلان بقية قومه : بمعنى : من خيارهم. قال الفيومي : وطيئ تبدل الكسرة في «بقي» فتحة فتنقلب الياء ألفا فيصير : بقا. وكذلك كل فعل ثلاثي سواء كانت الكسرة والياء أصليتين نحو : بقي ونسي وفني أو كان ذلك عارضا كما لو بني الفعل للمفعول فيقولون في هدي زيد وبني البيت : هذا زيد وبنا البيت .. ويقال : بقي من الدين كذا : أي فضل وتأخر وتبقى : مثله. والاسم هو البقية وجمعها : بقايا وبقيات مثل «عطية وعطايا وعطيات».

** (إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة والثلاثين .. المعنى إن استطعتم النفاذ أي الخروج هاربين من عذاب الله فاخرجوا .. ولكنكم لا تستطيعون ذلك يقال : نفد الشيء ـ ينفد ـ نفادا .. من باب «تعب» : فني وانقطع .. ونفذ السهم ـ ينفذ ـ نفوذا .. من باب «قعد» أو «دخل» بمعنى : خرق الرمية وخرج منها ونفذ الأمر والقول نفوذا ونفاذا : بمعنى : مضى وأمره نافذ : أي مطاع كأنه مستعار من نفوذ السهم فإنه لا مرد له. ومع هذا الفرق هناك من يستعمل الفعلين واحدا بدل الآخر.

(وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ) (٧)

(وَالسَّماءَ رَفَعَها) : الواو عاطفة. السماء : مفعول به منصوب على الاشتغال بفعل محذوف يفسره ما بعده المعنى : ورفع السماء أي خلقها أو أوجدها مرفوعة فوق رءوسكم بغير عمد. رفع : فعل ماض مبني على الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(وَوَضَعَ الْمِيزانَ) : معطوفة بالواو على «رفعها» وتعرب مثلها و «الميزان» مفعول به منصوب بالفتحة أي وضع لكم العدل.

(أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ) (٨)

(أَلَّا تَطْغَوْا) : أصلها : أن : حرف تفسير لا عمل له و «لا» ناهية جازمة. تطغوا : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «تطغوا في الميزان» تفسيرية لا محل لها أو تكون «أن» مصدرية بتقدير : لئلا أو بألا .. وجملة «تطغوا في الميزان» صلة حرف مصدري لا محل لها.

٦٣٥

و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء المقدرة والجار والمجرور متعلق بوضع بمعنى لكيلا تتجاوزوا الحد في الميزان أي الأحكام.

(فِي الْمِيزانِ) : جار ومجرور متعلق بتطغوا.

(وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) (٩)

(وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ) : الواو عاطفة. أقيموا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الوزن : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بالقسط : جار ومجرور متعلق بأقيموا بمعنى وقوموا الأمور أي وزن الأمور بالعدل أو يكون الجار والمجرور متعلقا بصفة محذوفة لمصدر ـ مفعول مطلق ـ مقدر بمعنى : إقامة ملتبسة بالقسط أو في محل نصب حالا من الضمير في «أقيموا» بمعنى : مقسطين .. أي عادلين.

(وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تخسروا : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الميزان : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى : ولا تنقصوا الميزان أي لا تطففوا من أخسر البائع الميزان أي طففه وهو يبيع والمراد لا تنقصوا حقوق الناس.

(وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ) (١٠)

الآية الكريمة معطوفة بالواو على «السماء رفعها» في الآية الكريمة السابعة وتعرب مثلها. للأنام : جار ومجرور متعلق بوضع المعنى : وخفضها مدحوة على الماء للخلق أو للمخلوقات .. وقيل : الأنام : هو كل ذي روح.

(فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ) (١١)

(فِيها فاكِهَةٌ) : الجملة الاسمية في محل نصب حال من «الأرض». فيها : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. فاكهة : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : فيها ضروب مما يتفكه به.

٦٣٦

(وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ) : معطوفة بالواو على «فاكهة» وتعرب مثلها بمعنى : وفيها النخل. ذات : صفة ـ نعت ـ للنخل مرفوع بالضمة وهو مضاف. الأكمام : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى ذات الأوعية الثمرية.

(وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ) (١٢)

(وَالْحَبُّ ذُو) : معطوف بالواو على «فاكهة» مرفوع مثلها بالضمة أي وفيها الحب. ذو : صفة ـ نعت ـ للحب مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف بمعنى : وفيها الحبوب كالقمح والشعير وكل ما يتغذى به.

(الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والريحان : معطوف على «الحب» مرفوع مثله بالضمة بمعنى : وذو الريحان فحذف المضاف «ذو» اختصارا لأن ما قبله دال عليه وحلت كلمة «الريحان» المضاف إليه محله وقيل : المعنى : والحب ذو الورق اليابس وهو علف الأنعام وقيل : العصف : ساق الزرع والريحان : ورقه أي والحب الذي يتغذى به من ثمر النخل وفيها الريحان الذي يشم وهو مطعم الناس .. وعلى هذا المعنى تكون «الريحان» معطوفة على «فاكهة» أي وفيها الرزق وهو اللب أو معطوفة على الحب.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (١٣)

(فَبِأَيِّ آلاءِ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. الباء حرف جر. أي : اسم استفهام بمعنى التقرير مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والجار والمجرور متعلق بتكذبان. آلاء : مضاف إليه مجرور بالكسرة وهو مضاف.

(رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف أيضا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين الاثنين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه ثالث و «ما» علامة التثنية أو تكون الميم حرف عماد والألف حرفا دالا على التثنية. تكذبان : الجملة الفعلية

٦٣٧

ابتدائية لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل والخطاب للثقلين ـ الإنس والجن ـ بدلالة «الأنام» عليهما وقوله (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) بمعنى : فبأي نعمة من نعم الله تكذبان أيها الثقلان؟ ومفردها : إلي وبما أن هذا القول الكريم أعرب وشرح في هذه الآية الكريمة وبغية الاختصار سيكتفى بتدوين هذا القول الكريم المكرر في الآيات الكريمات التالية من دون إعرابها.

(خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ) (١٤)

(خَلَقَ الْإِنْسانَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الإنسان : مفعول به منصوب بالفتحة.

(مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «الإنسان» بتقدير : خلق الإنسان حالة كونه من صلصال أي الذي هو الصلصال و «من» حرف جر بياني أي لبيان جنس الإنسان وتمييزه بمعنى : من طين يابس. كالفخار : الكاف حرف جر للتشبيه. الفخار : اسم مجرور بالكاف وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بمفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف. التقدير : خلقا كالفخار أو تكون الكاف اسما بمعنى «مثل» مبنيا على الفتح في محل جر صفة لصلصال. و «الفخار» مضافا إليه مجرورا بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : يصوت كالفخار وعلى هذا المعنى يجوز أن تكون الكاف في محل نصب حالا من ضمير الفعل «يصوت».

(وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ) (١٥)

هذه الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. و «الجان» هو أبو الجن وقيل : هو إبليس و «مارج» بمعنى : لهب صاف لا دخان فيه. من نار : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «مارج» و «من» حرف جر بياني «من .. البيانية».

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (١٦)

٦٣٨

هذه الآية الكريمة سبق إعرابها وتكرار هذه الآية الكريمة في هذه السورة الشريفة فيه ادكار واتعاظ عند كل نعمة عددها الله سبحانه من نعمه تنبيها عليها.

(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) (١٧)

(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ) : خبر مبتدأ محذوف مرفوع بالضمة وهو مضاف. أي هو رب أو الله رب أو يكون بدلا من الضمير في «خلق». المشرقين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد.

(وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) : معطوف بالواو على «رب المشرقين» ويعرب إعرابه بمعنى : رب مشرقي الصيف والشتاء ورب مغربيهما أو رب مشرقي الشمس في الصيف والشتاء ورب مغربيها في الصيف والشتاء.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (١٨)

سبق إعرابها أي فبأي نعم ربكما تكذبان أيها الثقلان؟

(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) (١٩)

(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. البحرين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(يَلْتَقِيانِ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «البحرين» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل بمعنى : أرسل البحر الملح والبحر العذب يتجاوران دون حاجز.

(بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) (٢٠)

(بَيْنَهُما بَرْزَخٌ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بخبر مقدم وهو مضاف. الهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه. و «ما» علامة التثنية. برزخ : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.

٦٣٩

(لا يَبْغِيانِ) : نافية لا عمل لها. يبغيان : تعرب إعراب «يلتقيان» بمعنى : بين البحرين حاجز لا يتجاوزان حديهما ولكي لا يبغي أحدهما على الآخر بالممازجة. والجملة الاسمية «بينهما برزخ» في محل نصب حال ثانية من البحرين.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٢١)

هذه الآية الكريمة سبق إعرابها.

(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) (٢٢)

(يَخْرُجُ مِنْهُمَا) : فعل مضارع مرفوع بالضمة. منهما : جار ومجرور متعلق بيخرج و «ما» علامة التثنية.

(اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان» في محل نصب حال أخرى من «البحرين». والمرجان : معطوف بالواو على «اللؤلؤ» ويعرب مثله بمعنى يخرج من أحدهما الدر أو كبار الدر وصغاره أي من البحر الملح وقيل : اللؤلؤ : هو كبار الدر وقيل : هو صغار الدر الموجود في الأصداف ـ جمع صدفة ـ والمرجان : هو كبار الدر وقيل هو صغار الدر أي الخرز الأحمر.

(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٢٣)

هذه الآية الكريمة أعربت.

(وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) (٢٤)

(وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ) : الواو استئنافية. له : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. الجوار : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة للثقل على الياء المحذوفة خطا واختصارا واكتفاء بالكسرة الدالة عليها ـ الكسرة المجانسة للياء ـ بمعنى : وله السفن الجارية في البحر فحذف المبتدأ المؤخر الموصوف «السفن» وحلت الصفة «الجواري» محله وهي جمع «جارية» أي سائرة. المنشآت : صفة ثانية للسفن مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الضمة بمعنى : المنشأة في البحر .. أي المرفوعات الشراع.

٦٤٠