الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي
المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٤٨
(ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) وان رسول الله صلىاللهعليهوآله كان مسددا موفقا مؤيدا بروح القدس ، لا يزل ولا يخطى في شيء مما يسوس به الخلق ، فتأدب بآداب الله ثم ان الله عزوجل فرض الصلوة ركعتين ركعتين عشر ركعات ، فأضاف رسول الله صلىاللهعليهوآله الى الركعتين ركعتين ، والى المغرب ركعة ، فصارت عديل الفريضة لا يجوز تركها الا في السفر ، وأفرد الركعة في المغرب فتركها قائمة في السفر والحضر. فأجاز الله عزوجل له ذلك كله ، فصارت الفريضة سبع عشرة ركعة ، ثم سن رسول الله صلىاللهعليهوآله النوافل أربعا وثلثين ركعة مثلي الفريضة ، فأجاز الله عزوجل له ذلك والفريضة والنافلة احدى وخمسون ركعة ، منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعد بركعة مكان الوتر ، وفرض الله في السنة صوم شهر رمضان ؛ وسن رسول الله صوم شعبان وثلثة أيام في كل شهر مثلي الفريضة ، فأجاز الله عزوجل له ذلك وحرم الله عزوجل الخمر بعينها ، وحرم رسول الله المسكر من كل شراب فأجاز الله له ذلك وعاف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أشياء وكرهها ولم ينه عنها نهى حرام ، انما نهى عنها نهى اعافة وكراهة ، ثم رخص فيها فصار الأخذ برخصته واجبا على العباد كوجوب ما يأخذون بنهيه وعزائمه ولم يرخص لهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما نهاهم عنه نهى حرام ، ولا فيما أمر به أمر فرض لازم ، فكثير المسكر من الاشربة نهاهم عنه نهى حرام لم يرخص فيه لأحد ، ولم يرخص رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأحد تقصير الركعتين اللتين ضمهما الى ما فرض الله عزوجل ، بل الزمهم ذلك إلزاما واجبا لم يرخص لأحد في شيء من ذلك الا للمسافر ، وليس لأحد أن يرخص ما لم يرخصه رسول الله صلىاللهعليهوآله فوافق أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله أمر الله عزوجل ، ونهيه نهى الله عزوجل ، ووجب على العباد التسليم له كالتسليم لله تبارك وتعالى.
٣٣ ـ أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن زرارة انه سمع أبا جعفر وأبا عبد الله عليهماالسلام يقولان : ان الله تبارك وتعالى فوض الى نبيه أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم ثم تلا هذه الاية (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
٣٤ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن سنان عن اسحق بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ان الله تبارك وتعالى أدب نبيه ، فلما انتهى به الى ما أراد قال له : (إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ففوض اليه دينه ، فقال : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) وان الله عزوجل فرض الفرائض ولم يقسم للجد شيئا ، وان رسول الله صلىاللهعليهوآله أطعمه السدس ، فأجاز الله جل ذكره له ذلك ، وذلك قول الله عزوجل : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ).
٣٥ ـ وباسناده الى الميثمي عن أبى عبد الله قال : سمعته يقول : ان الله عزوجل أدب رسوله حتى قومه على ما أراد ثم فوض اليه فقال عن ذكره : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) فما فوض الله الى رسوله فقد فوضه إلينا.
٣٦ ـ على بن محمد عن بعض أصحابنا عن الحسين بن عبد الرحمن عن صندل الخياط عن زيد الشحام قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام في قوله : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) قال : اعطى سليمان ملكا عظيما ثم جرت هذه الاية في رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فكان له أن يعطى ما شاء ويمنع من شاء ما شاء وأعطاه أفضل مما اعطى سليمان بقوله : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
٣٧ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن ربعي عن زرارة عن أبى جعفر قال : سمعته يقول : ان النبي لا يوصف وكيف يوصف عبد احتجب الله بسبع (١) وجعل طاعته في الأرض كطاعته في السماء ، فقال : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) ومن أطاع هذا فقد أطاعنى ، ومن عصاه فقد عصاني ، وفوض اليه ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٣٨ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن بعض أصحابنا قال : أو لم ابو الحسن موسى عليهالسلام وليمة على بعض ولده ، فأطعم أهل المدينة ثلاثة أيام الفالوذجات في الجفان في المساجد والازقة (٢) فعابه
__________________
(١) كذا في النسخ ولم اظفر على الحديث في مظانه في كتاب الأصول.
(٢) الجفان جمع الجفنة : القصعة والازقة جمع الزقاق : السكة. والطريق الضيق.
بذلك بعض أهل المدينة ، فبلغه عليهالسلام ذلك فقال : ما أتى الله عزوجل نبي من أنبيائه شيئا الا وقد آتى الله محمدا صلىاللهعليهوآله مثله ، وزاده ما لم يؤتهم قال لسليمان عليهالسلام : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) وقال لمحمد صلىاللهعليهوآله (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا). (١)
٣٩ ـ في بصائر الدرجات يعقوب بن يزيد عن محمد بن إبراهيم بن عبد الحميد عن ابى اسامة عن ابى عبد الله عليهالسلام قال : ان الله خلق محمدا فأدبه حتى إذا بلغ أربعين سنة اوحى الله وفوض اليه الأشياء فقال (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
٤٠ ـ وباسناده الى القاسم بن محمد قال : ان الله تعالى أدب نبيه فأحسن تأديبه فقال : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) فلما كان ذلك فأنزل (إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) وفوض اليه امر دينه فقال : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) فحرم الله الخمر بعينها ، وحرم رسول الله كل مسكر ، فأجاز الله ذلك له ولم يفوض الى أحد من الأنبياء غيره.
٤١ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن يونس بن عبد الرحمن عن عمرو بن شمر عن جابر عن ابى جعفر عليهالسلام قال : سارعوا الى طلب العلم ، فو الذي نفسي بيده لحديث في حلال وحرام يأخذه عن صادق خير من الدنيا وما حملت من ذهب وفضة ، وذلك ان الله يقول : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) وان كان على عليهالسلام ليأمر بقرائة المصحف.
٤٢ ـ في مجمع البيان وروى زيد الشحام عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : ما أعطى الله
__________________
(١) لعل مراده (عليه السلام) ان الإطعام على النحو المذكور ليس مما نهاه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيكون ، مباحا ، أو هو في جملة ما آتاه فيكون سنة فلا عيب فيه ، ويحتمل أن يكون المراد يجب عليكم متابعتنا والأخذ بأوامرنا ونواهينا كما يجب عليكم متابعة النبي والأخذ بأوامره ونواهيه وليس عليكم أن تعيبوا علينا أفعالنا لأنا أوصياؤه ونوابه وانما أبهم ذلك وأجمله لمكان التقية ، قاله الفيض (ره) في الوافي.
نبيا من الأنبياء وقد اعطى محمدا مثله ، قال لسليمان : (فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) وقال لرسول (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
٤٣ ـ في تفسير العياشي عن جابر عن أبى جعفر عليهالسلام حديث طويل يقول في آخره: وكيف لا يكون له من الأمر شيء وقد فوض الله اليه ان جعل ما أحل فهو حلال ، وما حرم فهو حرام قوله : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
٤٤ ـ في كتاب الخصال عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليهالسلام حديث طويل يقول فيه : وان أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ ، وخاص وعام ، ومحكم ومتشابه ، وقد يكون من رسول الله صلىاللهعليهوآله الكلام له وجهان كلام عام وكلام خاص ، مثل القرآن وقد قال الله تعالى في كتابه : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله.
٤٥ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليهالسلام حديث طويل يقول فيه عليهالسلام : لا ترخص فيما لم يرخص فيه رسول الله ، ولا تأمر بخلاف ما أمر رسول الله الا لعلة خوف ضرورة ، وان تستحل ما حرم رسول الله أو تحرم ما استحله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا يكون ذلك أبدا لأنا تابعون لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تابع لأمر ربه عزوجل مسلم له ، وقال الله عزوجل : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
٤٦ ـ في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليهالسلام يقول فيها و (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ، وَاتَّقُوا اللهَ) في ظلم آل محمد ، (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) لمن ظلمهم.
قال عز من قائل (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ).
٤٧ ـ في أصول الكافي باسناده الى أبى عبد الله عليهالسلام حديث طويل يقول فيه : والايمان بعضه من بعض ؛ وهو دار وكذلك الإسلام دار والكفر دار
٤٨ ـ في مجمع البيان وقيل في موضع قوله : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ) قولان (أحدهما) انه رفع على الابتداء وخبره (يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ) الى آخره ، لان النبيصلىاللهعليهوآله لم يقسم لهم شيئا من الفيء الا لرجلين أو لثلاثة على خلاف في الرواية ؛ والاخر انه موضع جر عطفا على الفقراء والمهاجرين.
٤٩ ـ في محاسن البرقي عنه عن أحمد بن أبى نصر عن صفوان الجمال عن أبى عبيدة عن أبى جعفر عليهالسلام في حديث له قال : يا زياد ويحك وهل الدين الا الحب؟ ألا ترى الى قول الله : (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) أولا ترون قول الله لمحمد صلىاللهعليهوآله (حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ) وقال : (يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ) وقال : الدين هو الحب ، والحب هو الدين.
٥٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليهالسلام حديث طويل يقول فيه للقوم بعد موت عمر بن الخطاب : نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزلت فيه هذه ، الاية (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) غيري؟ قالوا : لا.
٥١ ـ في مجمع البيان وقيل نزلت في رجل جاء الى النبي صلىاللهعليهوآله وقال : أطعمنى فانى جائع ، فبعث الى اهله فلم يكن عندهم شيء ؛ فقال : من يضيفه هذه الليلة فأضافه رجل من الأنصار وأتى به منزله ولم يكن عنده الا قوت صبية له ، فأتوا بذلك اليه واطفأوا السراج وقامت المرئة الى الصبية فعللتهم حتى ناموا وجعلا يمضغان ألسنتهما لضيف رسول الله صلىاللهعليهوآله فظن الضيف انهما يأكلان معه حتى شبع الضيف وباتا طاويين (١) فلما أصبحا غدوا الى رسول الله صلىاللهعليهوآله فنظر إليهما وتبسم وتلا هذه الاية.
٥٢ ـ وروى عن أبى الطفيل قال : اشترى على عليهالسلام ثوبا فأعجبه فتصدق به ، وقال: سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : من آثر على نفسه آثره الله يوم القيمة الجنة ، الحديث.
٥٣ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدسسره باسناده الى ابى هريرة قال : جاء رجل الى
__________________
(١) الطاوى بمعنى الجائع.
النبي صلىاللهعليهوآله فشكا اليه الجوع فبعث رسول الله صلىاللهعليهوآله الى بيوت أزواجه فقلن : ما عندنا الا الماء فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من لهذا الرجل الليلة؟ فقال على بن أبى طالب عليهالسلام : أنا له يا رسول الله وأتى فاطمة عليهاالسلام ، فقال لها : ما عندك يا ابنة رسول الله؟ فقالت : ما عندنا الا قوت العشية لكنا نؤثر ضيفنا ، فقال عليهالسلام : يا ابنة محمد نومى الصبية وأطفئي المصباح ، فلما أصبح على عليهالسلام غدا على رسول الله صلىاللهعليهوآله فأخبره الخبر فلم يبرح حتى أنزل الله عزوجل (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
٥٤ ـ في كتاب الخصال عن جميل بن دراج قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : خياركم سمحائكم وشراركم بخلائكم ، ومن صالح الأعمال البر بالإخوان ، والسعي في حوائجهم ، وفي ذلك مرغمة الشيطان ، وتزحزح عن النيران ودخول الجنان. يا جميل أخبر بهذا الحديث غرر أصحابك ، قال : قلت جعلت فداك من غرر أصحابى؟ قال : هم البارون بالإخوان في العسر واليسر ، ثم قال : يا جميل ان صاحب الكثير يهون عليه ، وقد مدح الله عزوجل صاحب القليل ، فقال : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
٥٥ ـ عن ابى جعفر عليهالسلام قال الله تعالى جنة لا يدخلها الا ثلثة : رجل حكم الى قوله ورجل آثر أخاه المؤمن في الله تعالى.
٥٦ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عمر بن عبد ـ العزيز عن جميل عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول : ان مما خص الله عزوجل به المؤمن أن يعرفه من إخوانه وان قل ، وليس البر بالكثر ، وذلك ان الله عزوجل يقول في كتابه : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) ثم قال : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ومن عرفه الله عزوجل بذلك أحبه الله ، ومن أحبه الله تبارك وتعالى وفاه اجره يوم القيامة بغير حساب ، ثم قال : يا جميل ارو هذا الحديث لإخوانك فانه ترغيب في البر.
٥٧ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبى عمير عن أبى
على صاحب الكلل (١) عن أبان بن تغلب عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : سألته فقلت : أخبرني عن حق المؤمن على المؤمن؟ فقال : يا أبان دعه لا ترده ، قلت : بلى جعلت فداك فلم أزل أرد عليه ، فقال : يا أبان تقاسمه شطر ما لك. ثم نظر الى فرأى ما دخلني ، فقال : يا أبان اما تعلم ان الله عزوجل قد ذكر المؤثرين على أنفسهم؟ قلت : بلى جعلت فداك ، فقال : اما إذا أنت قاسمته فلم تؤثره بعد انما أنت وهو سواء ، انما تؤثره إذا أعطيته من النصف ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٥٨ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل ليس عنده الا قوت يومه أيعطف من عنده قوت يومه على من ليس عنده شيء ويعطف من عنده قوت شهر على من دونه ، والسنة على نحو ذلك ، أم ذلك كله الكفاف الذي لا يلام عليه؟ فقال : هو امر ان أفضلكم فيه أحرصكم على الرغبة ، والاثرة على نفسه ، فان الله عزوجل يقول : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) والأمر الاخر لا يلام على الكفاف واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول.
سهل بن زياد عمن حدثه عن جميل بن دراج قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول خياركم سمحائكم وذكره نحو ما نقلنا عن كتاب الخصال.
٥٩ ـ وباسناده الى سويد السبائى عن ابى الحسن موسى عليهالسلام قال : قلت له : أوصنى قال : آمرك بتقوى الله ثم سكت فشكوت اليه قلة ذات يدي ، وقلت : والله لقد عريت حتى بلغ من عريى ان أبا فلان نزع ثوبين كانا عليه ، فكسانيهما فقال : صم وتصدق ، قلت : أتصدق ما وصلني به وإخواني وان كان قليلا؟ قال : تصدق مما رزقك الله ولو آثرت على نفسك.
٦٠ ـ وباسناده الى أبى بصير عن أحدهما عليهماالسلام قال : قلت أى الصدقة أفضل؟
__________________
(١) «صاحب الكلل» اى بايعها والكلل جمع كلة : الستر الرقيق يتوقى به من البعوض.
قال : جهد المقل (١) اما سمعت قول الله عزوجل (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) ترى هاهنا فضلا.
٦١ ـ على بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال : دخل سفيان الثوري على أبي عبد الله عليهالسلام فرأى عليه ثياب بيض كأنها غرقئ البيض (٢) فقال له : ان هذا اللباس ليس من لباسك فقال : اسمع منى وع ما أقول لك ، فانه خير لك عاجلا وآجلا ، ان أنت ميت على السنة والحق ولم تمت على بدعة (٣) ، أخبرك ان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان في زمان مقفر جدب (٤) فاما إذا أقبلت الدنيا فأحق أهلها أبرارها لا فجارها ، ومؤمنوها لا منافقوها ، ومسلموها لا كفارها ، فما أنكرت يا ثوري فو الله اننى لمع ما ترى ما أتى على مذ عقلت صباح ولا مساء ولله في مالي حق أمرنى ان أضعه موضعا الا وضعته.
قال : وأتاه قوم ممن يظهر الزهد ويدعو الناس ان يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف (٥) فقالوا له ان صاحبنا حصر عن كلامك (٦) ولم تحضره حججه فقال لهم : فهاتوا حججكم؟ فقالوا له : ان حججنا من كتاب الله فقال لهم : فأدلوا بها (٧) فانها أحق ما اتبع وعمل به ، فقالوا : يقول الله تبارك وتعالى مخبر عن قوم من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) فمدح فعلهم وقال في موضع آخر (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ
__________________
(١) الجهد ـ بضم الجيم ـ : الطاقة. والمقل : القليل المال ، اى قدر ما يحتمله حال القليل المال.
(٢) الغرقئ : بياض البيض الذي يؤكل.
(٣) اى انتفاعك بما أقول آجلا انما يكون إذا تركت البدع قال له المجلسي (ره)
(٤) القفر : خلو الأرض من الماء. والجدب : انقطاع المطر ويبس الأرض.
(٥) التقشف : قذارة الجلد ورثاثة الهيئة وترك النظافة وسوء الحال.
(٦) الحصر : العي في المنطق والعجز عن الكلام.
(٧) اى أحضروها.
مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) فنحن نكتفي بهذا ، فقال رجل من الجلساء : انا رأيناكم تزهدون في الاطعمة الطيبة ومع ذلك تأمرون الناس بالخروج من أموالهم حتى تمتعوا أنتم منها ، فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : دعوا عنكم ما لا ينتفع به ، أخبرونى أيها النفر ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخه ومحكمه من متشابهه ، الذي في مثله ضل من ضل وهلك من هلك من هذه الامة؟ فقالوا : أو بعضه فاما كله فلا ، فقال لهم : فمن هنا أتيتم (١) وكذلك أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآله فاما ما ذكرتم من اخبار الله عزوجل إيانا في كتابه عن القوم الذين أخبر عنهم بحسن فعالهم فقد كان مباحا جائزا ، ولم يكونوا نهوا عنه وثوابهم منه على الله عزوجل ؛ وذلك ان الله جل وتقدس امر بخلاف ما عملوا به ، فصار امره ناسخا لفعلهم ، وكان نهى الله تبارك وتعالى رحمة منه للمؤمنين ونظرا لكي لا يضروا بأنفسهم وعيالاتهم ، ومنهم الضعفة الصغار والولدان ، وشيخ الفاني والعجوزة الكبيرة الذين لا يصبرون على الجوع ، فان تصدقت برغيفي ولا رغيف لي غيره ضاعوا وهلكوا جوعا فمن ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : خمس تمرات أو خمس قرص أو دنانير أو دراهم يملكها الإنسان وهو يريد ان يمضيها فأفضلها ما أنفقه الإنسان على والديه ، ثم الثانية على نفسه وعياله ، ثم الثالثة على قرابته الفقراء ، ثم الرابعة على جيرانه الفقراء ، ثم الخامسة في سبيل الله وهو أحسنها اجرا ، وقال للأنصاري حين أعتق عند موته خمسة أو ستة من الرقيق ولم يكن يملك غيرهم وله أولاد صغار لو أعلمتمونى امره ما تركتكم تدفنوه مع المسلمين بترك صبية صغارا يتكففون الناس(٢).
ثم قال : حدثني أبى ان رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : ابدأ بمن تعول الأدنى ، ثم هذا ما نطق به الكتاب ردا لقولكم ، ونهيا عنه مفروضا من الله العزيز الحكيم ، قال : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) أفلا ترون ان الله تبارك وتعالى قال غير ما أراكم تدعون الناس اليه ؛ من الاثرة على
__________________
(١) اى دخل عليكم البلاء وأصابكم ما أصابكم.
(٢) يقال : تكفف : إذا سئل كفا من الطعام.
أنفسهم ، وسمى من فعل ما تدعون اليه سرفا ، وفي غير آية من كتاب الله عزوجل يقول : (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) فنهاهم عن الإسراف ، ونهاهم عن التقتير (١) لكن أمر بين أمرين لا يعطى جميع ما عنده ثم يدعو الله أن يرزقه فلا يستجيب له للحديث الذي جاء عن النبي صلىاللهعليهوآله : ان أصنافا من أمتي لا يستجاب لهم دعائهم ، رجل يدعو على والديه ، ورجل يدعو على غريم ذهب له بمال فلم يكتب عليه ولم يشهد عليه ورجل يدعو على امرأته وقد جعل الله عزوجل تخلية سبيلها بيده. ورجل يقعده في بينه ويقول : رب ارزقني ولا يخرج ولا يطلب الرزق ، فيقول الله عزوجل له : عبدي ألم أجعل لك السبيل الى الطلب والضرب في الأرض بجوارح صحيحة ، فتكون قد أعذرت فيما بيني وبينك في الطلب لاتباع أمري ، ولئلا يكون كلا على أهلك ، فان شئت رزقتك وان شئت قترت عليك وأنت معذور عندي ، ورجل رزقه الله عزوجل مالا كثيرا فأنفقه ثم أقبل يدعو يا رب ارزقني فيقول الله عزوجل : ألم أرزقك رزقا واسعا فهلا اقتصدت فيه كما أمرتك ولم تسرف كما نهيتك عن الإسراف ، ورجل يدعو في قطيعة رحم.
ثم علم الله عزوجل نبيه صلىاللهعليهوآله كيف ينفق ، وذلك انه كان عنده أوقية (٢) من الذهب فكره أن يبيت عنده فتصدق بها فأصبح وليس عنده شيء ، وجاء من يسأله فلم يكن عنده ما يعطيه ، فلامه السائل واغتم هو حيث لم يكن عنده شيء وكان رحيما رفيقا صلىاللهعليهوآله : فأدب الله عزوجل نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم بأمره فقال : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) يقول : ان الناس قد يسألونك ولا يعذرونك ، فاذا أعطيت جميع ما عندك من المال كنت خسرت من المال ، فهذه أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآله يصدقها الكتاب ، والكتاب يصدق أهله من المؤمنين ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
٦٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى أبى بصير قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يتعوذ من البخل؟ فقال : نعم يا با محمد في كل صباح و
__________________
(١) قتر فلان على عياله اى ضيق عليهم في النفقة.
(٢) الاوقية : سبعة مثاقيل.
مساء ، ونحن نتعوذ بالله من البخل لقول الله : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
٦٣ ـ في مجمع البيان وفي الحديث لا يجتمع الشح والايمان في قلب رجل مسلم ، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف رجل مسلم.
٦٤ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى الفضل بن أبى قرة السمندي انه قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : أتدري من الشحيح؟ قلت : هو البخيل ، فقال الشح أشد من البخل ان البخيل يبخل بما في يده والشحيح يشح بما في أيدى الناس وعلى ما في يده حتى لا يرى في أيدى الناس شيئا الا تمنى ان يكون له بالحل والحرام ، ولا يقنع بما رزقه الله عزوجل.
٦٥ ـ وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما محق الإسلام محق الشح شيء ، ثم قال : ان لهذا الشح دبيبا (١) كدبيب النمل ، وشعبا كشعب الشرك.
٦٦ ـ وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : إذا لم يكن لله عزوجل في العبد حاجة ابتلاه بالبخل.
٦٧ ـ وسمع أمير المؤمنين عليهالسلام رجلا يقول : الشحيح أعذر من الظالم ، فقال له : كذبت ان الظالم قد يتوب ويستغفر ويرد الظلامة على أهلها ؛ والشحيح إذا شح منع الزكاة والصدقة وصلة الرحم وإقراء الضيف والنفقة في سبيل الله وأبواب البر ، وحرام على الجنة أن يدخلها شحيح.
٦٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبى عن الفضل بن أبى قرة قال : رأيت أبا عبد الله عليهالسلام يطوف من أول الليل الى الصباح وهو يقول : اللهم قنى شح نفسي فقلت : جعلت فداك ما سمعتك تدعو بغير هذا الدعاء؟ قال : واى شيء أشد من النفس ، ان الله يقول : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
٦٩ ـ في مجمع البيان : والذين جاؤا من بعدهم يعنى من المهاجرين والأنصار الى قوله: ويجوز ان يكون المراد «من بعدهم» في الفضل ، وقد يعبر بالقبل
__________________
(١) الدبيب : المشي على هنيئة.
والبعد عن الفضل كقول النبي صلىاللهعليهوآله : نحن الآخرون السابقون ، يعنى الآخرون في الزمان ، السابقون في الفضل.
قال عز من قائل : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا) الى قوله تعالى : (لا يُنْصَرُونَ) وقد تقدم بيانه في أول السورة عن تفسير على بن إبراهيم.
وقوله عزوجل : (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) قد تقدم له بيان كذلك.
وقوله : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ) قد سبق بيانه أيضا في التفسير المذكور.
قال عز من قال : (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ)
٧٠ ـ في الكافي غير واحد من أصحابنا عن احمد بن أبى عبد الله عن غير واحد عن أبى جميلة عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : تصدقوا ولو بصاع من تمر ، ولو ببعض صاع ، ولو بقبضة ، ولو ببعض قبضة ، ولو بتمرة ولو بشق تمرة ، فمن لم يجد فبكلمة طيبة فان أحدكم لاقى الله فيقال له : الم أفعل بك؟ الم افعل بك؟ الم أجعلك سميعا بصيرا؟ الم أجعل لك مالا وولدا؟ فيقول : بلى ، فيقول الله تبارك وتعالى : فانظر ما قدمت لنفسك ، قال : فينظر قدامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله فلا يجد شيئا بقي به وجهه من النار.
٧١ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليهالسلام من الاخبار في التوحيد حديث طويل عن الرضا عليهالسلام وفيه يقول عليهالسلام : وانما يجازى من نسيه ونسي لقاء يومه ، بأن ينسيهم أنفسهم كما قال الله تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) وقال عزوجل : (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) اى نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا.
٧٢ ـ في عيون الاخبار باسناده عن الرضا عليهالسلام قال : حدثني أبى عن آبائه عن على بن أبى طالب عليهمالسلام قال : ان رسول الله صلىاللهعليهوآله تلا هذه الاية : (لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ) فقال صلىاللهعليهوآله : أصحاب الجنة من أطاعنى وسلم لعلى بن أبى طالب بعدي وأقر بولايته ، وأصحاب النار من سخط الولاية
ونقض العهد وقاتله بعدي.
٧٣ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدسسره باسناده الى مجدوح بن زيد الذهلي وكان في وفد قرية ان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تلا هذه الاية (لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ) قال : فقلنا يا رسول الله من أصحاب الجنة؟ قال : من أطاعنى وسلم لهذا من بعدي ؛ وأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله بكف على وهو يومئذ الى جنبه فرفعها فقال : الا ان عليا منى وانا منه ، فمن حاده حادني ومن حادني أسخط الله عزوجل.
٧٤ ـ في مجمع البيان وعن انس عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : من قرأ (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ) الى آخرها فمات من ليلته مات شهيدا.
٧٥ ـ وعن انس عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : من قرأ آخر الحشر غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
٧٦ ـ وعن معقل بن يسار ان رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : من قال حين يصبح ثلاث مرات : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وقرأ الثلاث آيات من آخر الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسى ، فان مات في ذلك اليوم مات شهيدا ، ومن قال حين يمسى كان بتلك المنزلة.
٧٧ ـ وعن أبى هريرة قال : سألت حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن اسم الله الأعظم ، فقال : عليك بآخر الحشر وأكثر قراءتها فأعدت عليه فعاد على.
٧٨ ـ وعن ابى أمامة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : من قرأ خواتيم الحشر من ليل أو نهار فقبض في ذلك اليوم أو الليلة فقد أوجبت له الجنة.
٧٩ ـ في كتاب طب الائمة عليهمالسلام باسناده الى ميسر عن ابى عبد الله الصادقعليهالسلام قال : ان هذه الاية لكل ورم في الجسد يخاف الرجل ان يؤول الى شيء فاذا قرأتها فاقرأها وأنت طاهر قد أعددت وضوئك لصلوة الفريضة فعوذ بها ورمك قبل الصلوة ودبرها وهي : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) الى آخر السورة فانك إذا فعلت ذلك على ما حد لك سكن الورم.
٨٠ ـ وباسناده الى عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : يا ابن سنان لا بأس بالرقية والعوذة والنشرة (١) إذا كانت من القرآن ، ومن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله وهل شيء أبلغ في هذه الأشياء من القرآن؟ أليس الله تعالى يقول جل ذكره : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ).
٨١ ـ وباسناده الى جابر عن أبى جعفر عليهالسلام ان رجلا شكا اليه صمما (٢) فقال : امسح يدك عليها واقرأ عليها : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
٨٢ ـ وباسناده الى جابر بن يزيد الجعفي عن محمد بن على بن الحسين بن على بن ابى طالب عليهمالسلام قال : قال لي : يا جابر! قلت لبيك يا ابن رسول الله قال : اقرأ على كل ورم آخر سورة الحشر : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) واتفل عليها ثلاثا فانه يسكن بإذن الله تعالى.
٨٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم باسناده الى يعقوب بن جعفر قال : سمعت
__________________
(١) النشرة ـ بضم النون ـ : رقية يعالج بها المجنون أو المريض سميت بذلك لأنه ينشر بها عنه ما خامرة من الداء اى يكشف ويزال.
(٢) الصمم : الانسداد في الأذان.
موسى بن جعفر عليهماالسلام يقول : ان الله تبارك وتعالى أنزل على عبده محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم انه لا اله الا هو الحي القيوم ويسمى بهذه الأسماء : الرحمن ، الرحيم ، العزيز ، الجبار ، العلى ، العظيم ، فتاهت هناك عقولهم واستخف حلومهم (١) فضربوا له الأمثال ، وجعلوا له أندادا وشبهوه بالأمثال ؛ ومثلوه وأشباها ، وجعلوه يزول وبحول ، فتاهوا في بحر عميق لا يدرون ما غوره ولا يدركون كنه بعده.
٨٤ ـ في أصول الكافي باسناده الى ابن سنان قال : سألت أبا الحسن الرضا عليهالسلام هل كان الله عزوجل عارفا بنفسه قبل أن يخلق الخلق؟ قال : نعم ، قلت : يراها ويسمعها؟ قال : ما كان محتاجا الى ذلك لأنه لم يكن سألها ولا يطلب منها هو نفسه ، ونفسه هو ، قدرته نافذة فليس يحتاج أن يسمى نفسه ، ولكنه اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها ، لأنه إذا لم يدع باسمه لم يعرف.
٨٥ ـ وباسناده الى أبى جعفر عليهالسلام حديث يقول فيه عليهالسلام : وان كنت تقول هذه الصفات والأسماء لم تزل ؛ فان «لم تزل» محتمل معنيين ، فان قلت : لم تزل عنده في علمه وهو مستحقها فنعم ، وان كنت تقول : لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع حروفها فمعاذ الله أن يكون معه شيء غيره ، بل كان الله ولا خلق ، ثم خلقها وسيلة بينه وبين خلقه يتضرعون بها اليه ، ويعبدونه وهي ذكره (٢) وكان الله ولا ذكر.
٨٦ ـ وباسناده الى هشام بن الحكم عن أبى عبد الله عليهالسلام حديث طويل وفيه قال : لله تسعة وتسعون اسما ، فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها ، ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الأسماء وكأنها غيره.
٨٧ ـ وباسناده الى هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد الله عليهالسلام عن أسماء الله واشتقاقها : الله مما هو مشتق؟ فقال : يا هشام الله مشتق من أله ، وأله يقتضي مألوها ، والاسم
__________________
(١) تاه : ضل وتحير. وحلوم جمع الحلم ـ بالكسر ـ : العقل.
(٢) قال المجلسي (ره) : «وهي ذكره» بالضمير اى يذكر بها والمذكور بالذكر قديم والذكر حادث.
غير المسمى ، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا ، ومن عبد السلام والمعنى فقد أشرك وعبد اثنين ، ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد.
٨٨ ـ وباسناده الى الحسن بن راشد عن أبى الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام قال : سئل عن معنى الله؟ فقال : استولى على ما دق وجل.
٨٩ ـ في مجمع البيان : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) عن أبى جعفر عليهالسلام قال : الغيب ما لم يكن والشهادة ما كان.
٩٠ ـ في أصول الكافي باسناده الى عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد اللهعليهالسلام عن تفسير (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فقال : الباء بهاء الله ، والسين سناء الله والميم ملك والله اله كل شيء ، والرحمن بجميع خلقه والرحيم بالمؤمنين خاصة.
٩١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم باسناده الى أبى بصير عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن تفسير (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) الباء بهاء الله والسين سناء الله والميم ملك والله اله كل شيء والر حمن بجميع خلقه والرحيم بالمؤمنين خاصة.
٩٢ ـ في الصحيفة السجادية : يا فارج الهم وكاشف الغم ، يا رحمن الدنيا والاخرة ورحيمهما ، صل على محمد وآل محمد.
٩٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قال : القدوس هو البريء من شوائب الآفات الموجبات للجهل. السلام المؤمن قال : يؤمن أوليائه من العذاب.
٩٤ ـ في أصول الكافي باسناده الى أبى عبد الله عليهالسلام قال : كان عليهالسلام يقول : أفشوا السلام وأطيبوا الكلام وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام ، ثم تلا عليهم قول الله عزوجل : (السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ).
٩٥ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قوله : «المهيمن» اى الشاهد.
٩٦ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى أبى بصير عن أبى جعفر عليهالسلام وذكر حديثا طويلا وفيه لم يزل حيا بلا حيوة ، وملكا قادرا قبل أن ينشئ شيئا ، وملكا جبارا بعد إنشائه للكون.
٩٧ ـ وفيه خطبة لرسول الله صلىاللهعليهوآله يقول فيها : وفي أزليته متعظما بالالهية ، متكبرا بكبريائه وجبروته.
٩٨ ـ في أصول الكافي باسناده الى هشام بن الحكم قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن سبحان الله فقال : انفة الله (١).
٩٩ ـ وباسناده الى هشام الجواليقي قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله : سبحان الله ما يعنى به؟ قال : تنزيه.
١٠٠ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى يزيد بن الأصم قال : سال رجل عمر بن الخطاب فقال ؛ يا أمير المؤمنين ما تفسير سبحان الله؟ ان في هذا الحائط رجلا إذا كان سئل أنبأ وإذا سكت ابتدأ ، فدخل الرجل وإذا هو على بن أبى طالب عليهالسلام فقال : يا أبا الحسن ما تفسير سبحان الله؟ قال : هو تعظيم جلال الله عزوجل وتنزيهه عما قال فيه كل مشرك ، فاذا قالها العبد صلى عليه كل ملك.
١٠١ ـ وفيه كلام للرضا عليهالسلام في التوحيد وفيه الخالق لا بمعنى حركة ، وخالق إذ لا مخلوق.
١٠٢ ـ في نهج البلاغة والخالق لا بمعنى حركة ونصب.
١٠٣ ـ في أصول الكافي باسناده الى الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبى الحسن عليهالسلام حديث طويل يقول فيه : وان كان صانع شيء فمن شيء صنع ، والله الخالق اللطيف الجليل خلق وصنع لا من شيء.
١٠٤ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار عن بعض أصحابه عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : ان لله عزوجل ثلاث ساعات في الليل وثلاث ساعات في النهار ، يمجد فيهن نفسه ، فأول ساعات النهار حين تكون الشمس هذا الجانب يعنى من المشرق مقدارها من العصر ، يعنى من المغرب الى صلوة الاولى ، وأول ساعات الليل في الثلث الباقي من الليل الى ان ينفجر الصبح ، يقول : انى انا الله رب العالمين ، انى انا الله العلى العظيم ، انى انا الله العزيز الحكيم ، انى
__________________
(١) اى تنزيه الله.
انا الله الغفور الرحيم ، انى انا الله الرحمن الرحيم ، انى انا الله مالك يوم الدين ، انى انا الله لم أزل ولا أزال ، انى انا الله خالق الخير والشر ، انى انا الله خالق الجنة والنار ، انى انا الله أبدئ كل شيء والى يعود ، انى أنا الله الواحد الصمد ، انى انا الله عالم الغيب والشهادة ، انى انا الله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر ، انى انا الله ، الخالق البارئ المصور لي الأسماء الحسنى ، انى انا الله الكبير ، قال : ثم قال ابو عبد الله عليهالسلام : من عنده والكبرياء رداؤه. فمن نازعه شيئا من ذلك أكبه الله في النار ثم قال : ما من عبد مؤمن يدعو بهن ، مقبلا قلبه الى الله عزوجل إلا قضى حاجته ، ولو كان شقيا رجوت ان يحول سعيدا.
١٠٥ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى سليمان بن مهران عن الصادق عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن أبيه على بن ابى طالب عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ان لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسما مائة الا واحدا من أحصاها (١) دخل الجنة. وهي : الله ، الا له ، الواحد ، الأحد الصمد ، الاول ، الاخر ، السميع ، البصير ، القدير ، القاهر ، العلى ، الأعلى ، الباقي ، البديع ، البارئ ، الأكرم ، الظاهر ، الباطن ، الحي ، الحكيم ، العليم ، الحليم ، الحفيظ ، الحق ، الحسيب ، الحميد ، الحفي ، الرب ، الرحمن ، الرحيم الذارى ، الرازق ، الرقيب ، الرءوف ، الرائي ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، السيد ، السبوح ، الشهيد ، الصادق ، الصانع ، الظاهر العدل ، العفو ، الغفور ، الغنى ، الغياث ، الفاطر ؛ الفرد ، الفتاح ، الفالق القديم ، الملك ، القدوس ، القوى ، القريب ؛ القيوم ، القابض ، الباسط ، قاضى الحاجات ، المجيد ، الولي ، المنان ، المحيط ، المبين ، المقيت ، المصور ، الكريم ، الكبير ، الكافي ، كاشف الضر ، الوتر ، النور ، الوهاب ، الناصر ، الواسع الودود ، الهادي ، الوفي ، الوكيل ، الوارث ، البر ، الباعث ، التواب ،
__________________
(١) في كتاب التوحيد معنى قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لله تبارك وتعالى تسعة وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنة إحصاءها هو الاحاطة بها والوقوف على معانيها ، وليس معنى الإحصاء عدها وبالله التوفيق «انتهى» (منه عفى عنه)
الجليل ، الجواد ، الخبير ، الخالق ، خير الناصرين ، الديان ، الشكور ، العظيم ، اللطيف ، الشافي.
١٠٦ ـ وباسناده الى عبد السلام بن صالح الهروي عن على بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن على عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لله عزوجل تسعة وتسعون اسما من دعا الله بها استجاب له ، ومن أحصاها دخل الجنة.
بسم الله الرحمن الرحيم
١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن على بن الحسين عليهماالسلام قال : من قرأ سورة الممتحنة في فرائضه ونوافله امتحن الله قلبه للايمان ونور له بصره ولا يصيبه فقر أبدا ولا جنون في بدنه ولا في ولده.
٢ ـ في مجمع البيان أبى بن كعب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من قرأ سورة الممتحنة كان المؤمنون والمؤمنات شفعاء له يوم القيامة.
٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ) أيديهم بالمودة نزلت [في حاطب بن أبى بلتعة ولفظ الاية عام ومعناها خاص ، وكان سبب ذلك ان حاطب بن أبى بلتعة قد أسلم وهاجر الى المدينة وكان عياله بمكة وكانت] (١) قريش تخاف أن يغزوهم رسول الله صلىاللهعليهوآله فصاروا الى عيال حاطب ، وسئلوه ان يكتبوا الى حاطب يسألوه عن خبر محمد هل يريد ان يغزو مكة؟ فكتبوا الى حاطب يسألوه عن ذلك ، فكتب إليهم حاطب ان رسول الله صلىاللهعليهوآله يريد ذلك ودفع الكتاب الى امرأة تسمى صفية ، فوضعته في قرونها (٢) ومرت فنزل جبرئيل على رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وأخبره بذلك ، فبعث رسول الله أمير المؤمنين
__________________
(١) بين المعقفتين انما هو في المصدر دون الأصل.
(٢) القرن : الخصلة من الشعر. الذؤابه.
عليهالسلام والزبير بن العوام في طلبها ، فلحقوها فقال لها أمير المؤمنين عليهالسلام : أين الكتاب؟ فقالت : ما معى شيء ؛ ففتشوها فلم يجدوا معها شيئا ، فقال الزبير : ما ترى معها شيئا ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : والله ما كذبنا رسول الله صلىاللهعليهوآله ولا كذب رسول الله على جبرئيل ، ولا كذب جبرئيل على الله جل ثناؤه ، والله لتظهرن الكتاب أو لاردن رأسك الى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : تنحيا عنى حتى أخرجه ، فأخرجت الكتاب من قرونها ، فأخذه أمير المؤمنين عليهالسلام وجاء به الى رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا حاطب ما هذا؟ فقال حاطب : والله يا رسول الله ما نافقت ولا غيرت ولا بدلت ، وانى أشهد ان لا اله الا الله وانك رسول الله حقا. ولكن أهلي وعيالي كتبوا الى بحسن صنيع قريش إليهم فأحببت ان أجازي قريشا بحسن معاشهم فأنزل الله عزوجل على رسول الله صلىاللهعليهوآله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) الى قوله : (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
٤ ـ في مجمع البيان نزلت في حاطب بن أبى بلتعة وذلك ان سارة مولاة أبى عمرو بن صيفي بن هشام أتت رسول الله من مكة الى المدينة بعد بدر بسنتين ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله: أمسلمة جئت؟ قالت : لا قال : فما جاء بك؟ قال : كنتم الأصل والعشيرة والموالي ، وقد ذهب موالي واحتجب حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني وتحملوني ، قال : فأين أنت من شباب مكة؟ وكانت مغنية نائحة قالت : ما طلب منى بعد وقعة بدر أحد ، فحث رسول الله صلىاللهعليهوآله بنى عبد المطلب فكسوها وحملوها وأعطوها نفقة ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يتجهز لفتح مكة وأتاها حاطب بن أبى بلتعة فكتب معها الى أهل مكة وأعطاها عشرة دنانير عن ابن عباس ؛ وعشرة دراهم عن مقاتل بن حيان ، وكساها بردا على أن توصل الكتاب الى أهل مكة : أن رسول الله صلىاللهعليهوآله يريدكم فخذوا حذركم ، فخرجت سارة ونزل جبرئيل عليهالسلام فأخبر النبي بما فعل فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوآله عليا وعمارا وعمرو الزبير وطلحة والمقداد بن الأسود وأبا مرثد وكانوا