الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٤٧
علي عليهالسلام فذلك قول الله تعالى : « وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا » : زوج فاطمة بنت محمد ، فعلي من محمد ، ومحمد من علي ، والحسن والحسين وفاطمة نسب ، و علي الصهر. (١)
٢ ـ مد : بإسناده عن الثعلبي ، عن أبي عبدالله القايني ، عن أبي الحسين النصيبي ، عن أبي بكر السبيعي الحلبي ، عن علي بن العباس المقانعي ، عن جعفر بن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عمرو ، عن حسين الاشقر ، عن أبي قتيبة التميمي قال : سمعت ابن سيرين في قوله تعالى : « وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا » قال : نزلت في النبي وعلي بن أبي طالب عليهما الصلاة والسلام زوج فاطمة عليا عليهماالسلام وهو ابن عمه وزوج ابنته [ فكان ] نسبا وصهرا (٢) « وكان ربك قديرا » أي قادرا على ما أراد. (٣)
٣ ـ كنز : محمد بن العباس ، عن علي بن عبدالله بن أسد ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن أحمد بن معمر الاسدي ، عن الحكم بن ظهير ، عن أبي مالك ، عن ابن عباس في قوله تعالى : « وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا » قال : نزلت في النبي صلىاللهعليهوآله حين زوج (٤) عليا ابنته ، وهو ابن عمه ، فكان له نسبا وصهرا. (٥)
٤ ـ وقال أيضا : حدثنا عبدالعزيز بن يحيى ، عن المغيرة بن محمد ، عن رجاء بن سلمة ، عن نائل بن نجيح ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في هذه الآية قال : خلق الله آدم وخلق نطفة من الماء فمزجها ثم أبا فأبا (٦) حتى أودعها إبراهيم عليهالسلام ، ثم أما فاما (٧) من طاهر الاصلاب إلى مطهرات الارحام حتى
____________________
(١) تفسير فرات : ١٠٧. وفيه؟؟ فاطمة والحسن والحسين نسب.
(٢) كذا في ( ك ) وهو الصحيح ، أى زوج ابنته ابن عمه فحصل الصهر مع النسب. وفى غيره من النسخ وكذا المصدر : زوج فاطمة عليا عليهماالسلام ( وهو الذى خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا ).
(٣) العمدة : ١٥١.
(٤) في ( د ) : حيث زوج.
(٥) كنز جامع الفوائد مخطوط.
(٦) أى ثم أودعها أبا فأبا.
(٧) كذا في ( ك ) وفى غيره : ثم اما فاما وأبا فأبا.
صارت إلى عبدالمطلب ، ففرق ذلك النور فرقتين : فرقة إلى عبدالله فولد محمدا صلىاللهعليهوآله ، و فرقة إلى أبي طالب فولد عليا عليهالسلام ، ثم ألف الله النكاح بينهما فزوج الله عليا بفاطمة عليهماالسلام ، فذلك قوله عزوجل : « وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا و كان ربك قديرا ». (١)
٥ ـ كشف : مما رواه أبوبكر بن مردويه : « وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا » هو علي وفاطمة عليهماالسلام. (٢)
[ ٦ ـ ضه : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : خلق الله عزوجل نطفة بيضاء مكنونة ، فنقلها من صلب إلى صلب ، حتى نقلت النظفة إلى صلب عبدالمطلب ، فجعل نصفين : فصار نصفها في عبدالله ، ونصفها في أبي طالب ، فأنا من عبدالله ، وعلي من أبي طالب ، وذلك قول الله عزوجل : « وهو الذي خلق من الماء بشرا » الآية. (٣)
وأقول : قد مضى في ذلك أخبار في باب ولادته وباب أسمائه عليهالسلام. ]
بيان : روى العلامة ـ رحمهالله ـ عن ابن سيرين مثله. (٤)
وقال الطبرسي ـ بردالله مضجعه ـ : أي خلق من النطفة إنسانا ، وقيل : أرادبه آدم عليهالسلام فإنه خلق من التراب الذي خلق من الماء ، وقيل : أرادبه أولاد آدم عليهالسلام فإنهم المخلوقون من الماء « فجعله نسبا وصهرا » أي فجعله ذانسب وصهر ، والصهر : حرمة الختونة ، و قيل : النسب : الذي لايحل نكاحه ، والصهر : الذي يحل نكاحه كبنات العم والخال ، عن الفراء ، وقيل : النسب سبعة أصناف والصهر خمسة ، ذكرهم الله في قوله : « حرمت عليكم امهاتكم (٥) » وقيل : النسب : البنون ، والصهر : البنات اللاتي يستفيد الانسان
____________________
(١) كتر جامع الفوائد مخطوط.
(٢) كشف الغمة : ٩٥.
(٣) هذه الرواية توجد في هامش ( ك ) و ( د ) فقط ، وتفحصنا المصدر لم نجدها ، نعم أورد الفتال في الروضة ما يقرب منها.
(٤) كشف الحق ١ : ٩٣.
(٥) النساء : ٢٣.
بهن الاصهار ، فكأنه قال : فجعل مه البنين والبنات. وقال ابن سيرين : نزلت في النبي وعلي بن أبي طالب صلوات الله عليهما ، زوج فاطمة عليا عليهماالسلام ، فهو ابن عمه وزوج ابنته ، فكان نسبا وصهرا « وكان ربك قديرا » أي قادرا على ما أراد. (١)
١٦
( باب )
* ( انه عليهالسلام السبيل والصراط والميزان في القرآن ) *
١ ـ فس : « انظر كيف ضربوا لك الامثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا (٢) » قال : إلى ولاية علي ، وعلي هو السبيل « يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا (٣) قال أبوجعفر عليهالسلام : يقول : يا ليتني اتخذت مع الرسول عليا. (٤)
٢ ـ ير : أبومحمد عن عمران بن موسى ، عن موسى بن جعفر ، عن ابن أسباط البغدادي ، عن محمد بن الفضيل ، عن الثمالي ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « هذا صراط علي مستقيم » قال : هو والله علي عليهالسلام هو والله الصراط والميزان. (٥)
٣ ـ شى : عن عبدالله بن سليمان قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : قوله : « قدجاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا (٦) » قال : البرهان محمد عليه وآله والسلام ، والنور علي عليهالسلام قال : قلت له : صراطا مستقيما؟ قال. الصراط المستقيم علي عليهالسلام. (٧)
٤ ـ قب : الباقر عليهالسلام في قوله تعالى : « فضلوا فلا يستطيعون » إلى ولاية علي
____________________
(١) مجمع البيان ٧ : ١٧٥.
(٢) بنى اسرائيل : ٤٨.
(٣) الفرقان : ٢٧.
(٤) تفسير القمى : ٤٦٤ و ٤٦٥. وفيه : مع الرسول عليا وليا.
(٥) بصائر الدرجات : ١٤٩.
(٦) المائدة : ١٧٤.
(٧) مخطوط.
« سبيلا » وعلي هو السبيل.
جعفر وأبوجعفر عليهماالسلام في قوله : « إن الذين كفروا » يعني بني امية « و صدوا عن سبيل الله (١) » عن ولاية علي بن أبي طالب عليهالسلام. وفي رواية : يعني بالسبيل عليا عليهالسلام ولا ينال ما عندالله إلا بولايته. هارون ابن الجهم ، وجابر عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله تعالى « فاغفر للذين تابوا (٢) » من ولايه جماعة بني امية « واتبعوا سبيلك » آمنوا بولاية علي عليهالسلام وعلي هو السبيل. إبراهيم الثقفي بإسناده إلى أبي بردة الاسلمي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله (٣) » سألت الله أن يجعلها لعلي عليهالسلام ففعل. (٤)
كنز : عن الثقفي مثله. (٥)
٥ ـ قب : أبوالحسن الماضي قال : « إذا جاءك المنافقون (٦) » بولاية وصيك « قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون * اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله » والسبيل هو الوصي « إنهم ساء ما كانوا يعملون » ذلك بأنهم آمنوا برسالتك وكفروا بولاية وصيك ، فطبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون « وإذا قيل لهم تعالوا يستغفرلكم رسول الله (٧) » ارجعوا إلى ولاية علي يستغفر لكم النبي من ذنوبكم « لو وا رؤوسهم ورأيتعم يصدون » عن ولاية علي « وهم مستكبرون » عليه.
أبوذر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في خبر في قوله : « واتبعوا سبيلك (٨) » يعني أليا عليهالسلام.
____________________
(١) النساء : ١٦٧.
(٢) المؤمن : ٧ وما بعدها ذيلها.
(٣) الانعام : ١٥٣.
(٤) مناقب آل أبي طالب ١ : ٥٥٩.
(٥) مخطوط.
(٦) المنافقون : ١ ، وما بعدها ذيلها.
(٧) المنافقون : ٥ ، وما بعدها ذيلها.
(٨) المؤمن : ٧.
ابن عباس في قوله : « فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا (١) » الآيات ، إن سبيل الله في هذا الموضع علي بن أبي طالب عليهالسلام قوله : « وإنها لبسبيل مقيم (٢) » في الخبر : هو الوصي بعد النبي صلىاللهعليهوآله.
الباقر عليهماالسلام : « اهذنا الصراط المستقيم » قالا : دين الله الذي نزل به جبرئيل على محمد (ص) « صراط الذين أنعمت عليهم » فهديتهم بالاسلام وبولاية علي بن أبي طالب عليهالسلام ولم تغضب عليهم ولم يضلوا [ « غير ] المغصوب عليهم » اليهود والنصارى والشكاك الذين لا يعرفون إمامة أميرالمؤمنين عليهالسلام و [ « لا ] الصالين » عن إمامة (٣) علي بن أبي طالب. وقال أبوجعفر الهاروني في قوله : « وإنه في ام الكتاب الدينا لعلي حكيم (٤) » ـ وام الكتاب : الفاتحة ـ يعني أن فيها ذكره قوله : « اهدنا صراط المستقيم » السورة. علي بن عبدالله بن عباس ، عن أبيه ، وزيد بن علي بن الحسين عليهماالسلام « والله يدعو إلى دارالسلام (٥) » يعني به الجنة « ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم » يعني به ولاية علي بن أبي طالب عليهالسلام (٦).
كنز : أبوعبدالله الحسين بن جبير في نخب المناقب بإسناده عنهما عليهماالسلام مثله (٧).
٦ ـ قب : جابر بن عبدالله : إن النبي صلىاللهعليهوآله هيأ أصحابه عنده إذ قال : وأشار بيده إلى علي عليهالسلام ـ : « هذا صراط مستقيم. (٨) فاتبعوه » الآية (٩) ، فقال النبي (ص) وسلم : كفاك يا عدوي (١٠).
____________________
(١) الاعراف : ٣٧ هود : ١٨. الكهف : ١٥. والمراد هنا ما في سورة هود فان ( سبيل الله ) ذكر فيها.
(٢) الحجر : ٧٦.
(٣) في ( ك ) : عن ولاية.
(٤) الزخرف : ٤.
(٥) يونس : ٢٥ ، وما بعدها ذيلها.
(٦) مناقب آل أبى طالب ١ : ٥٥٩ و ٥٦٠.
(٧) مخطوط.
(٨) مريم : ٣٦. يس : ٦١. الزخرف : ٦١ ـ ٦٤.
(٩) ظاهر العبارة يوهم أن ( فاتبعوه ) ذيل الاية وليس كذلك ، راجعها.
(١٠) كناية عن الثانى لكونه من عدى ، والنسبة : عدوى.
ابن عباس : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يحكم وعلي بين يديه مقابلته (١) ، ورجل عن يمينه ورجل عن شماله ، فقال : اليمين والشمال مضلة ، والطريق المستودي الجادة ، ثم أشار بيده : وإن هذا صراط علي مستقيم فاتبعوه.
الحسن قال : خرج ابن مسعود فوعظ الناس فقام إليه رجل فقال : يا أبا عبدالرحمان أين الصراط المستقيم؟ فقال : الصراط المستقيم طرفه في الجنة ، وناحيته عند محمد وعلي ، و حافتاه دعاة (٢) ، فمن استقامت له الجادة أتى محمدا ، ومن زاغ عن الجادة (٣) تبع الدعاة. الثمالي : عن أبي جعفر عليهالسلام « فاستمسك بالذي اوحي إليك إنك على صراط مستقيم (٤) » قال : إنك على ولاية علي عليهالسلام وهو الصراط المستقيم ، ومعنى ذلك أن علي بن أبي طالب عليهالسلام الصراط إلى الله كما يقال : فلان باب السلطان ، إذا كان يوصل به إلى السلطان ، ثم إن الطراط هو الذي عليه علي عليهالسلام يدلك وضوحا على ذلك قوله : « صراط الذين أنعمت عليهم » يعني نعمة الاسلام لقوله : « وأسبغ عليكم نعمه (٥) » والعلم « وعلمك ما لم تكن تعلم (٦) » والذرية الطيبة « إن الله اصطفى آدم (٧) » الآية وإصلاح الزوجات لقوله : « فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه (٨) » فكان علي عليهالسلام في هذه النعم في أعلى ذراها (٩).
٧ ـ مع : أبي ، عن محمد بن أحمد بن علي بن الصلت ، عن عبدالله بن الصلت ، عن يونس ، عمن ذكره ، عن عبيدالله الحلبي ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : الصراط المستقيم أميرالمؤمنين عليهالسلام (١٠).
____________________
(١) في ( ك ) : مقابلة.
(٢) الحافة : الجانب والطرف ، والدعاة جمع الداعى : أى في طرفيه دعاة إلى الضلالة
(٣) أى مال عن الصراط السوى والطريق المستقيم.
(٤) الزخرف : ٤٣.
(٥) لقمان : ٢٠.
(٦) النساء : ١١٣.
(٧) آل عمران : ٣٣.
(٨) الانبياء : ٩٠.
(٩) مناقب آل أبى طالب ١ : ٥٦٠ و ٥٦١.
(١٠) معانى الاخبار : ٣٤.
٨ ـ مع : الحسن بن محمد بن سعيد ، عن فرات بن إبراهيم ، عن عبيد بن كثير ، عن محمد بن مروان ، عن عبيد بن يحيى بن مهران ، عن محمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : في قول الله عزوجل : « صراط الذين أنعمت عليهم غير المغصوب عليهم ولا الضالين » قال : شيعة علي عليهالسلام الذين انعمت عليهم بولاية علي بن أبي طالب عليهالسلام لم يغضب عليهم ولم يضلوا (١).
٩ ـ فض : بالاسانيد إلى جعفر بن محمد عليهماالسلام قال : أوحى الله تعالى إلى نبيه « فاستمسك بالذي اوحي إليك إنك على صراط مستقيم (٢) » فقال : إلهي ما الصراط المستقيم؟ قال : ولاية علي بن أبي طالب ، فعلي هو الصراط المستقيم (٣).
١٠ ـ فس : جعفر بن أحمد ، عن عبدالكريم بن عبدالرحيم ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله الله تعالى لنبيه : « ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا (٤) » يعني عليا ، وعلي هو النور ، فقال : « نهدي به من نشاء من عبادنا » يعني عليا ، به هدى من هدى من خلقه. وقال الله لنبيه : « وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم » يعني إنك لتأمر بولاية علي وتدعو إليها ، وعلي هو الصراط المستقيم « صراط الله » يعني عليا « الذي له ما في السماوات وما في الارض » يعني عليا إنه جعله خازنه على ما في السماوات وما في الارض من شئ وائتمنه عليه « ألا إلى الله تصير الامور (٥). »
بيان : على هذا التأويل لبطن الآية الكريمة يمكن أن يكون المراد بالكتاب أو الايمان أو بهما معا أميرالمؤمنين عليهالسلام فتستقيم النظم وإرجاع الضمير (٦) ، وقد أوردنا
____________________
(١) معانى الاخبار : ٤٦.
(٢) الزخرف : ٤٣.
(٣) الروضة : ١٦.
(٤) الشورى : ٥٢ ، وما بعدها ذيلها.
(٥) تفسير القمى : ٦٠٦.
(٦) لان المرجع يكون على هذا واحدا كالضمير ، وأما على غير هذا المعنى فيشكل الامر في ارجاع الضمير كما لا يخفى.
الاخبار الكثيرة في أنه الكتاب والايمان في بطن القرآن وأيضا ـ على ما في الخبر ـ الموصول في قوله تعالى : « الذي له ما في السماوات » صفة للصراط وضمير « له » راجع إليه.
١١ ـ فس : بالاسناد المتقدم عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : نزلت هاتان الآيتان هكذا (١) قول الله : « حتى إذا جاءانا » ـ يعني فلانا وفلانا ـ يقول أحدهما لصاحبه حين يراه : « ياليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين » فقال الله تعالى لنبيه : قل لفلان وفلان وأتباعهما : « لن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم » آل محمد حقهم (٢) « أنكم في العذاب مشتركون » ثم قال الله لنبيه : « أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون » يعني من فلان وفلان ، ثم أوحى الله إلى نبيه : « فاستمسك بالذي اوحي إليك » في علي « إنك على صراط مستقيم (٣) يعني إنك على ولاية علي وعلي هو الصراط المستقيم (٤).
بيان : قال الطبرسي ـ رحمهالله ـ : قرأ أهل العراق غير أبي بكر « حتى إذاجاءنا » على الواحد ، والباقون ، « جاءانا » على الاثنين ، انتهى (٥).
أقول : قدمر في الآية السابقة (٦) « ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهوله قرين (٧) » ويظهر من بعض الاخبار أن الموصول كناية عن أبي بكر حيث عمي عن ذكر الرحمان يعني أميرالمؤمنين والشيطان المقيض (٨) له هو عمر « وإنهم ليصدونهم » أي الناس « عن السبيل » وهو أميرالمؤمنين عليهالسلام وولايته « ويحسبون أنهم مهتدون » ثم قال بعد ذلك : « حتى إذا جاءانا » يعني العامي عن الذكر وشيطانه : أبابكر وعمر « قال » أبوبكر لعمر : « ياليت بيني وبينك بعد المشرقين » ويؤيد أن المراد بالشيطان عمر ما رواه
____________________
(١) أى في بطن القرآن وتأويله.
(٢) ليست كلمة ( حقهم ) في المصدر.
(٣) الزخرف : ٣٩ ـ ٤٣.
(٤) تفسير القمى : ٦١٢.
(٥) مجمع البيان ٩ : ٤٧.
(٦) اى في الاية السابقة على هذه الاية المذكورة في الخبر.
(٧) الزخرف : ٦٣.
(٨) على بناء المعفول : أى المقدر.
علي بن إبراهيم عن أبي عبدالله عليهالسلام في قوله تعالى : « ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدومين (١) » قال : يعني الثاني ، عن أميرالمؤمنين عليهالسلام (٢). وقد مضت الاخبار في ذلك في كتاب الامامة وغيره وسيأتي بعضها.
١٢ ـ فس : قال علي بن إبراهيم في قوله : « وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم (٣) » أي تدعو إلى الامامة المستوية ، ثم قال : « صراط الله » أي حجة الله « الذي له ما في السماوات وما في الارض ألا إلى الله تصير الامور » حدثني محمد بن همام ، عن سعيد بن محمد ، عن عباد بن يعقوب ، عن عبدالله بن الهيثم ، عن صلت بن الحر قال : كنت جالسا مع زيد بن علي فقرأ « إنك لتهدي إلى صراط مستقيم » قال : هدى الناس ورب الكعبة إلى علي صلوات الله عليه ، ضل عنه من ضل واهتدى به من اهتدى (٤).
فر : أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن صبيح ، عن عبدالله بن الهيثم مثله (٥).
١٣ ـ ير : محمد بن الحسين ، عن النضر ، عن خالد بن حماد ، ومحمد بن الفضيل ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : أوحى الله إلى نبيه صلىاللهعليهوآله : « فاستمسك بالذي اوحي إليك إنك على صراط مستقيم » قال : إنك على ولاية علي ، وعلي هو الصراط المستقيم (٦). ١٤ ـ ير : عبدالله بن عامر ، عن محمد البرقي ، عن الحسين بن عثمان ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله تبارك وتعالى : « ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين (٧) » قال : تفسيرها في بطن القرآن ومن يكفر بولاية علي ، وعلي هو الايمان.
وقال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله : « وكان الكافر على ربه ظهيرا (٨) » قال :
____________________
(١) الزخرف : ٦٢.
(٢) تفسير القمى : ٦١٢.
(٣) الشورى : ٥٢ ، وما بعدها ذيلها.
(٤) تفسير القمى : ٦٠٦.
(٥) تفسير فرات : ١٤٤.
(٦) بصائر الدرجات : ٢٠.
(٧) المائدة : ٥.
(٨) الفرقان : ٥٥.
تفسيرها في بطن القرآن : علي هو ربه في الولاية والطاعة ، والرب هو الخالق الذي لا يوصف.
وقال أبوجعفر عليهالسلام : إن عليا آية لمحمد وإن محمدا يدعو إلى ولاية علي عليهالسلام أما بلغك قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ فوالى الله من والاه وعادى الله من عاداه.
وأما قوله : « إنكم لفي قول مختلف (١) » فإنه يعني أنه لمختلف عليه (٢) ، قد اختلف هذه الامة في ولايته ، فمن استقام على ولاية علي دخل الجنة ، ومن خالف ولاية علي دخل النار.
وأما قوله : « يؤفك عنه من افك » فإنه يعني عليا عليهالسلام من افك عن ولايته افك عن الجنة ، فذلك قوله : « يؤفك عن من أفك ».
وأما قوله : « وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم (٣) إنك لتأمر بولاية علي و تدعو إليها وهو على صراط مستقيم (٤).
وأما قوله : « فاستمسك بالذي اوحي إليك » في علي « إنك على صراط مستقيم (٥) » إنك على ولاية علي وهو على الصراط المستقيم (٦).
وأما قوله : « فلما نسوا ما ذكروا به (٧) » يعني فلما تركوا ولاية علي وقد امروابها « فتحنا عليهم أبواب كل شئ » يعني دولتهم في الدنيا وما بسط لهم فيها (٨)
____________________
(١) الذاريات : ٨. وما بعدها ذيلها.
(٢) في المصدر : فانه على ، يعنى انه لمختلف عليه.
(٣) الشورى : ٥٢.
(٤ و ٦) في المصدر : وعلى هو الصراط المستقيم.
(٥) الزخرف : ٤٣ وليست كلمة ( في على ) في المصدر.
(٧) الانعام : ٤٤ ، وما بعدها ذيلها.
(٨) في المصدر : وما بسط اليهم فيها.
وأما قوله : « حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذاهم مبلسون » يعني قيام القائم عليهالسلام (١).
بيان : قوله : « والرب هو الخالق الذي لا يوصف » أي الرب بدون الاضافة لا يطلق إلا على الله ، وأما معها فقد يطلق على غيره تعالى : كقول يوسف عليهالسلام « ارجع إلى ربك (٢) ».
١٥ ـ شى : عن عبدالله بن المغيرة ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سئل عن قول الله تعالى : « ولئن قتلتم في سبيل الله أومتم (٣) » قال : أتدري يا جابر ما سبيل الله؟ فقلت : لا والله إلا أن أسمعه منك ، قال : سبيل الله علي وذريته ، فمن قتل في ولايته قتل في سبيل الله ، ومن مات في ولايته مات في سبيل الله ، ليس من يؤمن من هذه الامة إلا وله قتله ومبتة ، قال : إنه من قتل ينشر حتى يموت ومن مات ينشر حتى يقتل (٤). فر : جعفر الفزاري معنعنا عن أبي جعفر عليهالسلام مثله إلى قوله : مات في سبيل الله (٥)
١٦ ـ شى : عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولاتتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله (٦) » قال : أتدري ما يعني بصراطي مستقيما؟ قلت : لا ، قال : ولاية علي والاوصيا ، قال : وتدري ما يعني فاتبعوه ، قلت لا ، قال : يعني علي بن أبي طالب عليهالسلام ، قال : وتدري ما يعني ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله؟ قلت : لا ، قال : ولاية فلان وفلان ، قال : وتدري ما يعني فتفرق بكم عن سبيله؟ قال : يعنى سبيل علي عليهالسلام. (٧)
١٧ ـ فر : الحسين بن سعيد معنعنا عن زيد بن علي بن أبي طالب في قوله :
____________________
(١) بصائر الدرجات : ٢١ و ٢٢.
(٢) يوسف : ٥٠.
(٣) آل عمران : ١٥٧.
(٤) تفسير العياشى مخطوط.
(٥) تفسير فرات : ١٨.
(٦) الانعام : ١٥٣.
(٧) تفسير العياشى مخطوط. والظاهر أن يكون كذا : قلت : لا ، قال : يعنى سبيل على.
« والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (١) » قال : إلى ولاية أميرالمؤمنين عليهالسلام.
١٨ ـ فر : الحسين بن سعيد معنعنا عن سلام بن المستنير قال : دخلت على أبي جعفر عليهالسلام فقلت : جعلني الله فداك إني أكره أن أشق عليك فإن أذنت لي أن أسألك سألتك ، فقال : سلني عما شئت ، قال : قلت أسألك عن القرآن؟ قال : نعم ، قال : قلت : ما قول الله عزوجل في كتابه : « قال هذا صراط علي مستقيم (٢) »؟ قال : صراط علي بن أبي طالب عليهالسلام فقلت : صراط علي عليهالسلام؟ قال : صراط علي عليهالسلام. (٣)
١٩ ـ فر : عبيد بن كثير معنعنا عن علي بن أبي طالب عليهالسلام في قول الله تعالى : « وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لنا كبون (٤) » قال : عن ولايتي. (٥)
٢٠ ـ فس : قوله تعالى : « وإنه في ام الكتاب لدينا لعلي حكيم (٦) » يعني
____________________
(١) يونس : ٢٥.
(٢) الحجر : ٤١.
(٣) تفسير فرات : ٨١ والمشهور في قراءة هذه الاية أن ( على ) حرف جر دخل على ياء المتكلم ، ولكن قرأ يعقوب وابورجاء وابن سيرين وقتادة والضحاك ومجاهد وقيس بن عبادة وعمرو بن ميمون على ما حكاه الطبرسى بالرفع ، على أن يكون ( على ) اسما ، قال في فصل الخطاب : ان قراءته ( صراط على ) بجر ( على ) وإضافة ( صراط ) إليه ، وربما يتوهم بعيدا أن هذه الرواية ايضا ناظرة إلى هذه القراءة ، كما أن بعضهم قال : ذكر اسم على عليهالسلام في القرآن صريحا في هذا الموضع ، لكنه بعيد جدا اذلم نعرف من القراءة من قرأ الاية كذلك وقراءة أهل البيت عليهمالسلام موافقة لقراءة بعض القراء غالبا ، كما يشهد به التتبع وذكره أهل التحقيق ، ولا ضرورة في ذلك ، والظاهر ان سلاما سأله عن معنى الصراط المستقيم ، فقال عليهالسلام : هو صراط على بن ابى طالب عليهالسلام ، هذا كله على عبارة المتن ، وأما المصدر فذكر فيه : قلت : ما قول الله عزوجل في كتابه ( هذا صراط مستقيم )؟ قال : صراط على بن ابى طالب عليهالسلام. وعلى هذا فالاية المسؤول عنها غير الاية المذكورة في المتن كما لا يخفى. (٤) المؤمنون : ٧٤.
(٥) تفسير فرات : ١٠١ و ١٠٢.
(٦) الزخرف : ٤.
أميرالمؤمنين صلوات الله عليه مكتوب في سورة الحمد في قوله : « اهدنا الصراط المستقيم » قال أبوعبدالله عليهالسلام : هو أميرالمؤمنين عليهالسلام. (١)
٢١ ـ مع : أحمد بن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جده ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي عبدالله عليهالسلام في قول الله عزوجل « إهدنا صراط المستقيم » قال : هو أميرالمؤمنين عليهالسلام ومعرفته ، والدليل على أنه أميرالمؤمنين قوله عزوجل : « وإنه في ام الكتاب لدينا لعلي حكيم » وهو أميرالمؤمنين في ام الكتاب في قوله : « اهذنا الصراط المستقيم ». (٢)
٢٢ ـ فس : « الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان (٣) » قال الميزان أميرالمؤمنين عليهالسلام والدليل على ذلك قوله في سورة الرحمان « والسماء رفعها ووضع الميزان (٤) » قال : يعني الامام. (٥)
٢٣ ـ أقول : قال ابن بطريق في المستدرك قوله تعالى « وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لنا كبون » قال أبونعيم بإسناده عن الاصبغ بن نباتة عن علي عليهالسلام : عن ولايتنا.
[ ٢٤ يف : روى الحافظ محمد بن مؤمن الشيرازي ، بإسناده إلى قتادة ، عن الحسن البصري قال : كان يقرأ هذا الحرف : صراط علي مستقيم فقلت للحسن : وما معناه قال : يقول : هذا طريق علي بن أبي طالب ودينه طريق ودين مستقيم ، فاتبعوه وتمسكوا به ، فإنه واضح لاعوج فيه. (٦) ]
٢٥ ـ كشف : ابن مردويه في قوله تعالى : « هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل و هو على صراط مستقيم (٧) » عن ابن عباس هو علي عليهالسلام. (٨)
____________________
(١) تفسير القمى : ٦٠٦.
(٢) معانى الاخبار : ٣٢ و ٣٣.
(٣) الشورى : ١٧.
(٤) الرحمن : ٧.
(٥) تفسير القمى : ٦٠١.
(٦) الطرائف : ٢٤ ولا توجد في ( ت ).
(٧) النحل : ٧٦.
(٨) كشف الغمة : ٩٦.
بيان : روى نحوه العلامة رضياللهعنه في كشف الحق ، (١) وعلي بن إبراهيم في تفسيره ، (٢) وأول الآية : « وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شئ وهو كل على مولاه أينما يوجهه لايأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم » قال البيضاوي : اي ولد أخرس لايفهم ولا ينطق (٣) ولا يقدر على شئ من الصنائع والتدابير (٤) « وهو كل » : عيال وثقل على من يلي أمره ، حيثما يرسله مولاه في أمر لا يأتي بنجح وكفاية مهم ، ثم قال : هذا تمثيل ثان ضربه الله لنفسه وللاصنام لابطال المشاركة بينه وبينها ، أو للمؤمن والكافر ، انتهى. (٥)
أقول : لا يبعد أن يكون ظهورها (٦) للاصنام الظاهرة التي عبدت من دون الله ، و بطنها للاصنام التي نصبوها للخلافة في مقابل خليفة الله ، فإنه نوع من العبادة ، وقد سمى الله طاعة الطواغيت عبادة لهم في مواضع كمامر مرارا ، ويظهر من الخبر أن الرجل الاول من كان معارضا لاميرالمؤمنين عليهالسلام من عجلهم وسامريهم وأشباههما فإنهم كانوا بكما عن بيان الحق ، لا يقدرون على شئ من الخير ، ولا يتأتى منهم شئ من امور الدين وهداية المسلمين ، هل يستوون ومن يأمر بالعدل وهو في جميع الاقوال والاحوال على صراط مستقيم؟ وقد مضى تحقيق أنهم السبيل والصراط في كتاب الامامة.
____________________
(١) ص ٩٨.
(٢) ص ٣٦٣.
(٣) في المصدر : لايفهم ولا يفهم.
(٤) في المصدر : : من الصنائع والتدابير لنقصان عقله.
(٥) تفسير البيضاوي ١ : ٢٦٠ و ٢٦١.
(٦) في النسخ المخطوطة ( ظهرها ) وهو أنسب بقرينة ما يأتى بعده وفى ( ت ) : ظاهرها.
١٧
( باب )
* ( قوله تعالى ( أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما * ) الاية ) *
١ ـ فس : « أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة » نزلت في أميرالمؤمنين عليهالسلام « ويرجو رحمة ربه » قل يا محمد : « هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون * إنما يتذكر اولو الالباب » يعني اولي العقول. (١)
٢ ـ كا : بإسناده عن عمار الساباطي قال : سألت أبا عبدالله عليهالسلام عن قوله تعالى : « وإذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا إليه (٢) » قال : نزلت في أبي الفصيل ، وذلك أنه كان عنده أن رسول الله صلىاللهعليهوآله ساحر وإذا مسه الضر يعني السقم دعا ربه منيبا إليه يعني تائبا إليه من قوله في رسول الله : ساحر فإذا خوله نعمة منه يعني العافية نسي ما كان يدعو إليه من قبل يعني التوبة (٣) مما كان يقول في رسول الله بأنه ساحر ، ولذلك قال الله عزوجل : « قل تمتع فكفرك قليلا إنك من أصحاب النار » يعني بإمرتك على الناس بغير حق من الل ورسوله. ثم قال (٤) أبوعبدالله عليهالسلام : ثم إن الله عطف القول على علي عليهالسلام يخبر بحاله وفضله عنده ، فقال : « أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون » محمدا رسول الله « والذين لا يعلمون » أن محمدا رسول الله بل يقولون إنه ساحر كذاب « إنما يتذكر اولو الالباب » وهم شيعتنا. ثم قال (٥) أبوعبدالله عليهالسلام : هذا تأويله يا عمار. (٦) كنز : الحسن بن أبي الحسن الديلمي بإسناده عن عمار مثله. (٧)
____________________
* الزمر : ٩.
(١) تفسير القمى : ٥٧٥.
(٢) الزمر : ٨ ، وما بعدها ذيلها.
(٣) في المصدر : يعنى نسى التوبة إلى الله عزوجل اه.
(٤ و ٥) في المصدر : قال : ثم قال اه.
(٦) روضة الكافى : ٢٠٤ و ٢٠٥.
(٧) مخطوط.
١٨
( باب )
* ( آية النحوى وأنه لم يعمل بها غيره عليهالسلام ) *
١ ـ كشف : أورد الثعلبي والواحدي وغيرهما من علماء التفسير أن الاغنياء أكثروا مناجاة النبي (ص) وغلبوا الفقراء على المجالس عنده حتى كره رسول الله صلىاللهعليهوآله ذلك واستطالة جلوسهم وكثرة مناجاتهم ، فأنزل الله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقد موابين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهرا (١) » فأمر بالصدقة أمام المناجاة (٢) ، وأما أهل العسرة فلم يجدوا ، وأما الاغنياء فبخلوا ، وخف ذلك على رسول الله صلىاللهعليهوآله وخف ذلك الزحام ، (٣) وغلبوا على حبه والرغبة في مناجاته حب الحطام! (٤) واشتد على أصحابه ، فنزلت الآية التي بعدها راشقة (٥) لهم بسهام الملام ، ناسخة بحكمها حيث أحجم (٦) من كان دأبه الاقدام. وقال علي عليهالسلام : إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل أحد بها بعدي ، (٧) وهي آية المناجاة ، فإنها لما نزلت كان لي دينار فبعته بدراهم ، (٨) وكنت إذا ناجيت الرسول تصدقت حتى فنيت ، فنسخت بقوله : « ءأشفقتم أن تقدموابين يدي نجواكم صدقات (٩) » الآية.
____________________
(١) المجادلة : ١٢.
(٢) في المصدر : امام النجوى.
(٣) زحمه زحاما : دافعه في محل ضيق.
(٤) حطام الدنيا : ما فيها من مال قليل أو كثير.
(٥) أى طاعنة.
(٦) أحجم عن الشئ : كف.
(٧) في المصدر : ولا يعمل بها احدى بعدى.
(٨) فان كل دينار يعادل عشرة دراهم.
(٩) المجادلة : ١٣.
[ ونقل الثعلبي قال : قال علي عليهالسلام : لما نزلت دعاني رسول الله فقال : ما ترى؟ ترى دينارا؟ فقلت : لايطيقونه ، قال : فكم؟ قلت : حبة أو شعيرة ، قال : إنك لزهيد! فنزلت : « ءأشفقتم أن تقدموا » الزهيد : القليل وكأنه يريد مقلل (١).
إذا انسكبت دموع في خدود |
|
تبين من بكى ممن تباكى |
وقال ابن عمر : ثلاث كن لعلي عليهالسلام لوأن لي واحدة منهن كانت أحب إلي من حمر النعم : (٢) تزويجه بفاطمة ، وإعطاؤه الراية يوم خيبر ، آية النجوى. (٣) يف : من الجمع بين الصحاح الستة ومناقب ابن المغازلي وتفسير الثعلبي عن مجاهد إلى آخر الاخبار (٤).
أقول : روى الطبرسي مثل تلك الاخبار على هذا الترتيب ثم قال : قال مجاهد وقتادة : لما نهوا عن مناجاته حتى يتصدقوا لم يناجه إلا علي بن أبي طالب عليهالسلام قدم دينارا فتصدق بها ، ثم نزلت الرخصة (٥).
٢ ـ كشف : العز المحدث الحنبلي قوله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقد موا بين يدي نجواكم صدقة » نزلت في علي عليهالسلام (٦).
وروى مثله أبوبكر بن مردويه بعدة طرق (٧).
أقول : روى ابن بطريق في العمدة تلك الاخبار الماضية والآتية بأسانيد كثيرة عن الثعلبي وابن المغازلي ورزين العبدري وغيرهم (٨) ، وروى في المستدرك عن أبي نعيم بإسناده عن أبي صالح عن ابن عباس « يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول » قال :
____________________
(١) * أقول الزهيد : الحقير. القليل أو الذى يقنع بالقليل كما يقال واد زهيد : قليل الاخذ ـ للماء وقال في النهاية : فجعل يزهدها ساعة الجمعة اى يقللها ومنه حديث على رضى الله عنه ( انك لزهيد ) ( ب ).
(٢) النعم بفتح النون والعين : الابل والاحمر منه ثمين غال جدا.
(٣) كشف الغمة : ٤٨.
(٤) الطرائف : ١٢.
(٥) مجمع البيان ٩ : ٢٥٣. وما ذكره المصنف منقول بالمعنى.
(٦) كشف الغمة : ٩٢.
(٧) كشف الغمة : ٩٣.
(٨) راجع العمدة : ٩٣ و ٩٤.
إن الله تعالى حرم كلام رسول الله صلىاللهعليهوآله فإذا أراد الرجل أن يكلمه تصدق بدرهم ثم كلمه بما يريد ، فكف الناس عن كلام رسول الله وبخلوا أن يتصدقوا قبل كلامه! قال : وتصدق علي عليهالسلام ولم يفعل ذلك أحد من المسلمين غيره.
وبإسناده عن مجاهد قال : قال علي عليهالسلام : نزلت هذه الآية فما عمل بها أحد غيري ثم نسخت.
وبإسناده عن علي بن علقمة عن علي عليهالسلام قال : لما نزلت [ هذه (١) ] « يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول » قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما تقول في دينار؟ قلت : لا يطيقونه ، قال : كم؟ قلت : شعيرة ، قال : إنك لزهيد فنزلت « إأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات » الآية ، قال فبي خفف الله عن هذه الامة ، فلم ينزل في أحد قبلي ولم ينزل في أحد بعدي.
يف : ابن مردويه في المناقب بأربع طرق أحدها يرفعه إلى سالم بن أبي الجعد عن علي عليهالسلام مثله.
٣ ـ فس : « يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة » قال : إذا سألتم رسول الله حاجة فتصدقوا بين يدي حاجتكم ليكون أقضى لحوائجكم فلم يفعل ذلك أحد إلا أميرالمؤمنين صلوات الله عليه ، فإنه تصدق بدينار وناجى رسول الله بعشر نجوات (٢).
حدثنا أحمد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سألته عن قول الله : « إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة » قال : قدم علي بن أبي طالب عليهالسلام بين يدي نجواه صدقة ، ثم نسخها قوله : « ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ».
وحدثنا عبدالرحمن بن محمد الحسني ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن مروان ، عن عبيد بن خنيس ، عن صباح ، عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد قال : قال علي صلوات الله
____________________
(١) ليست كلمة ( هذه ) في غير ( ك ).
(٢) في المصدر : عشر نجوات.
عليه : إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي : آية النجوي إنه كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم ، فجعلت أقدم بين يدي كل نجوه (١) اناجيها النبي درهما ، قال : فنسختها قوله : « ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات » إلى قوله : « والله خبير بما تعملون » (٢).
٤ ـ عم : عن مجاهد قال : قال علي عليهالسلام : آية من القرآن لم يعمل أحد بها قبلي (٣) ولا يعمل بها أحد بعدي : آية النجوى ، كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم ، فكلما أردت أن اناجي النبي تصدقت بدرهم ، ثم نسخت بقوله : « فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم » وفي رواية اخرى : بي خفف الله عن هذه الامة ، فلم ينزل في أحد بدي.
وروى السدي ، عن أبي مالك ، عن ابن عباس قال : كان الناس يناجون رسول الله في الخلاء (٤) إذا كانت لاحدهم حاجة ، فشق ذلك على النبي صلىاللهعليهوآله ففرض الله على من ناجاه سرا أن يتصدق بصدقة ، فكفوا عنه وشق ذلك عليهم (٥).
٥ ـ يف : في الجمع بين الصحاح الستة قال أبوعبدالله البخاري : قوله تعالى : « إذا ناجيتم الرسول فقد موابين يدي نجواكم صدقة » نسختها آية : « فإذ لم تفعلوا فتاب الله عليكم » قال أميرالمؤمنين علي عليهالسلام : ما عمل بهذه الآية غيري ، وبي خفف الله عن هذه الامة أمر هذه الآية (٦).
ووجدت في كتاب عتيق رواية أبي عمير الزاهد في تفسير كلام لعلي عليهالسلام قال : لما نزلت آية الصدقة مع النجوى دعا النبي صلىاللهعليهوآله عليا فقال : ما تقدمون (٧) من الصدقة
____________________
(١) النجوة : السربين اثنين. وفى المصدر : كل نجوى.
(٢) تفسير القمى : ٦٧٠
(٣) في المصدر : لم يعمل بها احد قبلى.
(٤) الخلاء : المكان الفارغ ليس فيه أحد اى كانوا يبالغون في مناجاة الرسول حتى اذا انفرد في خلوة ليشغل بنفسه أو بعبادة ربه.
(٥) اعلام الورى : ١١٢.
(٦) الطرائف : ١٣.
(٧) في ( ك ) : ما يقدمون.
بين يدي النجوى؟ قال : يقدم أحدهم حبة من الحنطة فما فوق ذلك ، قال : فقال له المصطفى صلىاللهعليهوآله : إنك لزهيد أي فقير فقال ابن عباس : فجاء علي في حاجة بعد ذلك الوقت والناس قد اجتمعوا ، فوضع دينارا ثم تكلم ، وما كان يملك غيره ، قال تخلى الناس (١) ، ثم خفف عنهم برفع الصدقة.
[ ٦ ـ كنز : محمد بن العباس ، عن علي بن عقبة ، ومحمد بن القاسم معا ، عن الحسين بن الحكم ، عن حسن بن حسين ، عن حنان بن علي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقد موا بين يدي نجوا كم صدقة » قال : نزلت في علي عليهالسلام خاصة ، كان له دينار فباعه بعشرة دراهم ، فكان كلما ناجاه قدم درهما حتى ناجاه عشر مرات ، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد قبله ولا بعده (٢).
٧ ـ كنز : محمد بن العباس ، عن علي بن عباس ، عن محمد بن مروان ، عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير ، عن أبيه ، عن السدي ، عن خير ، عن علي عليهالسلام قال : كنت أول من ناجى رسول الله صلىاللهعليهوآله كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم وكلمت رسول الله عشر مرات ، كلما أردت أن اناجيه تصدقت بدرهم ، فشق ذلك على أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال المنافقون : ما يألو ما ينجش لابن عمه (٣)! حتى نسخها الله عزوجل فقال : « ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات » إلى آخر الآية ، ثم قال عليهالسلام : فكنت أول من عمل بهذه الآية وآخر من عمل بها ، فلم يعمل بها أحد قبلي ولا بعدي (٤).
٨ ـ كنز : محمد بن العباس ، عن عبدالعزيز بن يحيى ، عن محمد بن زكريا ، عن أيوب بن سليمان ، عن محمد بن مروان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله تعالى « يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقد موابين يدي نجواكم صدقة » قال : إنه
____________________
(١) أى تركوا الرسول الله صلىاللهعليهوآله.
(٢ و ٤) كنز جامع الفوائد مخطوط. ولم تذكر هذه الروايات في ( ت ).
(٣) في هامش ( د ) : بيان : ما يألو أى ما ينصر فيما ينجش ، وليس ( ما ) في بعض النسخ. و النجش أن يزيد في سلعة أكثر من ثمنها وليس قصدهأن يشتريها بل ليغر غيره فيوقعه فيه.