بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٠
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

بقتل هؤلاء قبل الكفار ، فقوله عليه‌السلام : لا أستطيع أن تكلم أي في تكفيرهم تقية ، والحاصل أن المخالفين ليسوا من أهل الجنان ، ولا من أهل المنزلة بين الجنة والنار و هي الاعراف ، بل هم مخلدون في النار ، ويحتمل أن يكون المعنى : لا أستطيع أن أتكلم في رد أقوالهم لانهم ضيقوا علينا الامر كالحلقة وأضيق فلزمنا التقية منهم.

٣١ ـ ين : فضالة ، عن عمر بن أبان قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عمن دخل النار ثم اخرج منها ثم ادخل الجنة ، فقال : إن شئت حدثتك بما كان يقول فيه أبي قال : إن ناسا يخرجون من النار بعد ماكانوا حمما فينطلق بهم إلى نهر عند باب الجنة يقال له الحيوان ، فينضح عليهم من مائه فتنبت لحومهم ودماؤهم و شعورهم.

٣٢ ـ ين : فضالة ، عن عمر بن أبان (١) قال : سمعت عبدا صالحا يقول في الجهنميين. إنهم يدخلون النار بذنوبهم ويخرجون بعفو الله.

٣٣ ـ ين : عثمان بن عيسى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إن قوما يحرقون في النار حتى إذا صاروا حمما أدركتهم الشفاعة قال : فينطلق بهم إلى نهر يخرج من رشح أهل الجنة فيغتسلون فيه فتنبت لحومهم ودماؤهم وتذهب عنهم قشف النار ، ويدخلون الجنة فيسمون الجهنميون (الجهنميين خ ل ) فينادون بأجمعهم : اللهم اذهب عنا هذا الاسم ، قال : فيذهب عنهم ، ثم قال : يا أبابصير إن أعداء علي هم الخالدون في النار لا تدركهم الشفاعة.

بيان : قال الفيروز آبادي : الحمم كصرد : الفحم. وقال : القشف محركة قذر. الجلد ، ورثاثة الهيئة ، وسوء الحال.

٣٤ ـ ين : فضالة ، عن ربعي ، عن الفضيل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن آخر من يخرج من النار لرجل يقال له همام ، ينادي فيها عمرا : ياحنان يا منان.

٣٥ ـ ين : ابن أبي عمير ، عن عبدالرحمن بن الحجاج ، عن الاحول ، عن حمران قال :

____________________

(١) هو عمربن أبان الكلبى أبوحفص الكوفى الثقة المتقدم في الحديث ٣٠ و ٣١

٣٦١

سمعت أباجعفر عليه‌السلام يقول : إن الكفار والمشركين يرون أهل التوحيد في النار فيقولون مانرى توحيدكم أغنى عنكم شيئا وما أنتم ونحن إلا سواء! قال : فيأنف لهم الرب عز وجل فيقول للملائكة : اشفعوا فيشفعون لمن شاءالله ، ويقول للمؤمنين مثل ذلك حتى إذا لم يبق أحد تبلغه الشفاعة ، قال تبارك وتعالى : أنا أرحم الراحمين اخرجوا برحمتي فيخرجون كما يخرج الفراش ، (١) قال : ثم قال أبوجعفر عليه‌السلام : ثم مدت العمدو اعمدت عليهم وكان والله الخلود.

٣٦ ـ ن : فيما كتب الرضا عليه‌السلام للمأمون من محض الاسلام : إن الله لا يدخل النار مؤمنا وقد وعده الجنة ، ولا يخرج من النار كافرا وقد أوعده النار والخلود فيها ومذنبو أهل التوحيد يدخلون النار ويخرجون منها (٢) ، والشفاعة جائزة لهم. « ص ٢٦٨ »

ل : في خبر الاعمش عن الصادق عليه‌السلام مثله. (٣) « ج ٢ ص ١٥٤ »

٣٧ ـ شى : عن منصور بن حازم قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : وماهم بخارجين من النار ، قال : أعداء علي عليه‌السلام هم المخلدون في النار أبدالآبدين ودهر الداهرين.

٣٨ ـ كا : العدة ، عن البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : من سعى في حاجة أخيه المسلم طلب وجه الله كتب الله عز وجل له ألف حسنة يغفر فيها لاقاربه وجيرانه ومعارفه ومن صنع إليه معروفا في الدنيا فإذا كان يوم القيامة قيل له : ادخل النار فمن وجدته فيها صنع إليك معروفا في الدنيا فأخرجه بإذن الله عزوجل إلا أن يكون ناصبا. « ج ٢ ص ١٩٧ ـ ١٩٨ »

٣٩ ـ كا : في الصحيح عن الحارث بن المغيرة قال قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : قال رسول الله (ص) : من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ، قال : نعم قلت : جاهلية جهلاء أو جاهلية لا يعرف إمامه؟ قال جاهلية كفر ونفاق وضلال. « ج ١ ص ٣٧٧ »

____________________

(١) جمع الفراشة : طائر صغير يتهافت على السراج فيحترق ، يقال له بالفارسية : بروانه.

(٢) في المصدر : ومذنبو اهل التوحيد لا يخلدون في النار ويخرجون اه. م

(٣) باختلاف يسير. م

سقط من هنا إلى التذييل الاتى في المطبوع وغيره من النسخ سوى نسخة المصنف قدس سره الشريف.

٣٦٢

٤٠ ـ كا : بإسناده عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أباعبدالله (ع) يقول : ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : من ادعى إمامة من الله ليست له ، ومن جحد إماما من الله ، ومن زعم أن لهما في الاسلام نصيب (١). « ج ١ ص ٣٧٣ »

٤١ ـ شى : عن جابر قال : سألت أباعبدالله عليه‌السلام عن قول الله : « ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله » قال : فقال : هم أولياء فلان وفلان وفلان ، اتخذوهم أئمة دون الامام الذي جعله الله للناس إماما فلذلك قال الله تبارك وتعالى « ولويرى الذين ظلموا إذيرون العذاب أن القوة الله جميعا وأن الله شديد العذاب إذتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا » إلى قوله : « وماهم بخارجين من النار » قال : ثم قال أبوجعفر عليه‌السلام : هم والله يا جابر أئمة الظلم وأتباعهم.

تذييل : اعلم أن الذي يقتضيه الجمع بين الآيات والاخبار أن الكافر المنكر لضروري من ضروريات دين الاسلام مخلد في النار ، لا يخفف عنه العذاب إلا المستضعف الناقص في عقله أو الذي لم يتم عليه الحجة ولم يقصر في الفحص والنظر ، فإنه يحتمل أن يكون من المرجون لامرالله كما سيأتي تحقيقه في كتاب الايمان والكفر ، وأما غير الشيعة الامامية من المخالفين وسائر فرق الشيعة ممن لم ينكر شيئا من ضروريات دين الاسلام فهم فرقتان : إحداهما المتعصبون العاندون منهم ممن قدتمت عليهم الحجة فهم في النار خالدون ، والاخرى المستضعفون منهم وهم الضعفاء العقول مثل النساء العاجزات والبله وأمثالهم ومن لم يتم عليه الحجة ممن يموت في زمان الفترة ، أو كان في موضع لم يأت إليه خبر الحجة فهم المرجون لا الله ، إما يعذبهم وإما يتوب عليهم ، فيرجى لهم النجاة من النار ، وأما أصحاب الكبائر من الامامية فلا خلاف بين الامامية في أنهم لا يخلدون في النار ، وأما أنهم هل يدخلون النار أم لا؟ فالاخبار مختلفة فيهم اختلافا كثيرا ، ومقتضى الجمع بينها أنه يحتمل دخولهم النار وأنهم غير داخلين في الاخبار التي وردت أن الشيعة والمؤمن لايدخل النار ، لانه قدورد في أخبار اخر أن الشيعة من شايع عليها في أعماله ، وأن الايمان مركب من القول والعمل ، لكن الاخبار الكثيرة دلت على أن الشفاعة تلحقهم

____________________

(١) في المصدر : نصيبا ، وهو الارفق. م

٣٦٣

قبل دخول النار ، وفي هذا التبهيم حكم لا يخفى بعضها على اولي الابصار ، وسيأتي تمام القول في ذلك والاخبار الدالة على تلك الاقسام وأحكامهم وأحوالهم وصفاتهم في كتاب الايمان والكفر.

قال العلامة رحمه‌الله في شرحه على التجريد : أجمع المسلمون كافة على أن عذاب الكافرمؤبد لا ينقطع ، واختلفوا في أصحاب الكبائر من المسلمين فالو عيدية (١) على أنه كذلك ، وذهبت الامامية وطائفة كثيرة من المعتزلة والاشاعر إلى أن عذابه منقطع والحق أن عقابهم منقطع لوجهين : الاول أنه يستحق الثواب بإيمانه ، لقوله تعالى : « فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره » (٢) والايمان أعظم أفعال الخير ، فإذا استحق العقاب بالمعصية فإما يقدم الثواب على العقاب وهو باطل بالاجماع ، لان الثواب المستحق بالايمان دائم على ما تقدم ، أو بالعكس وهوالمراد والجمع محال.

الثاني يلزم أن يكون من عبدالله تعالى مدة عمره بأنواع القربات إليه ثم عصى في آخر عمره معصية واحدة مع بقاء إيمانه مخلدا في النار ، كم أشرك بالله مدة عمره ، وذلك محال لقبحه عندالعقلاء ، ثم قال : المحارب العلي عليه‌السلام كافر لقول النبي (ص) : حربك ياعلي حربي ولا شك في كفر من حارب النبي (ص) وأما مخالفوه في الامامة

____________________

(١) الوعيدية : فرقة من الخوارج يكفرون أصحاب الكبائر ، والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة ، ويقابلهم المرجئة وهم يقولون : إنه لا يضر مع الايمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة وليس العمل على مذهبهم وكنا من الايمان فعليه معنى الارجاء تأخير العمل عن النية والعقد. وقيل : الارجاء تأخير صاحب الكبيرة إلى القيامة فلا يقضى بحكم ما في الدنيا من كونه من أهل الجنة أومن أهل النار ، ويقابلهما القائلون بالمنزلة بين المنزلتين وهم الواصلية أصحاب أبي حذيفة واصل بن عطاء البصرى الغزال المتكلم المتوفى ١٣١ ، وواصل أول من قال بالمنزلة بين المنزلتين ، وأراد بذلك أن صاحب الكبيرة لامؤمن مطلق ولا كافر مطلق ، بل هو في منزلة بين الكفر ، والايمان وذلك أن الايمان عبارة عن خصال خير إذا اجتمعت سمى المرء مؤمنا ، والفاسق لم يستجمع خصال الخير فلا يسمى مؤمنا ، وليس بكافر مطلق أيضا لان الشهادة وسائرأعمال الخيرموجودة في ه (٢) الززل

٣٦٤

فقد اختلف قول علمائنا فيهم ، فمنهم من حكم بكفر لانهم دفعوا ماعلم ثبوته من ضرورة وهو النص الجلي الدال على إمامته مع تواتره ، وذهب آخرون إلى أنهم فسقة وهو الاقوى ثم اختلف هؤلاء على أقوال ثلاثة : أحدها أنهم مخلدون في النار لعدم استحقاقهم الجنة ، الثاني قال بعضهم : إنهم يخرجون من النار إلى الجنة ، الثالث ما ارتضاه ابن نوبخت وجماعة من علمائنا أنهم يخرجون من النار لعدم الكفر الموجب للخلود ، ولا يدخلون الجنة لعدم الايمان المقتضي لا ستحقاق الثواب انتهى.

وقال رحمه‌الله في شرح الياقوت : أما دافعون النص فقد ذهب أكثر أصحاب بنا إلى تكفيرهم ، ومن أصحابنا من يحكم بفسقهم خاصة ، ثم اختلف أصحابنا في أحكامهم في الآخرة فالاكثر قالوا بتخليدهم ، وفيهم من قال بعدم الخلود ، وذلك إما بأن ينقلوا إلى الجنة وهو قول شاذ عنده ، أولا إليهما واستحسنه المصنف انتهى.

اقول : القول بعدم خلودهم في النار نشأ من عدم تتبعهم للاخبار ، والاحاديث الدالة على خلودهم متواترة أو قريبة منها ، نعم الاحتمالان الاخيران آتيان في المستضعفين منهم كما ستعرف.

والقول بخروج غير المستضعفين من النار قول مجهول القائل ، نشأبين المتأخرين الذين لا معرفة لهم بالاخبار ولا بأفوال القدماء الاخيار ، قال الصدوق رحمه الله : اعتقادنا في الظالمين أنهم ملعونون والبراءة منهم واجبة ، واستدل على ذلك بالآيات والاخبار. ثم قال : والظلم هو وضع الشئ في غير موضعه ، فمن ادعى الامامة وليس بإمام فهوالظالم الملعون ، ومن وضع الامامة في غير أهلها فهو ظالم ملعون ، وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من جحد عليا إمامته من بعدى فإنما جحد نبوتي ، ومن جحد نبوتي فقد جحدالله ربوبيته.

ثم قال : واعتقادنا فيمن جحد إمامة أميرالمؤمنين والائمة من بعده عليهم‌السلام أنه

____________________

هذه المطالب النفيسة التى تنتهى إلى قوله فيما سيأتى : « وقال شارح المقاصد » غير موجودة في غير نسخة المصنف ، ويظهر أنه قد أضافها في مراجعاته بعد تأليف الكتاب ، حيث كتبها في هامش نسختهه بخطه الشريف.

٣٦٥

بمنزلة من جحد نبوة الانبياء عليهم‌السلام واعتقادنا فيمن أقر بأميرالمؤمنين وأنكر واحدا ممن بعده من الائمة عليهم‌السلام أنه بمنزلة من آمن بجميع الانبياء وأنكر نبوة محمد (ص) ، وقال الصادق عليه‌السلام : المنكر لآخرنا كالمنكر لاولنا. وقال النبي (ص) : الائمة من بعدي اثنا عشر أو لهم أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام وآخرهم القائم ، طاعتهم طاعتي ، ومعصيتهم معصيتي ، من أنكر واحدا منهم فقد أنكرني. وقال الصادق عليه‌السلام : من شك في كفر أعدائنا والظالمين لنا فهو كافر.

واعتقادنا فيمن قاتل عليا صلوات الله عليه كقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من قاتل عليا فقد قاتلني. وقول : من حارب عليا فقد حاربني ، ومن حاربني فقد حارب الله عزوجل وقوله صلى الله عليه لعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام : أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم.

واعتقادنا في البراءة أنها من الاوثان الاربعة والاناث الاربع ومن جميع أشياعهم ، وأتباعهم وأنهم شر خلق الله عزوجل ولا يتم الاقرار بالله وبرسوله و بالائمة عليهم‌السلام إلا بالبراءة من أعدائهم.

وقال الشيخ المفيد قدس الله روحه في كتاب المسائل : اتفقت الامامية على أن من أنكر إمامة أحد من الائمة وجحد ما أو جبه الله تعالى له من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار. وقال في موضع آخر : اتفقت الامامية على أن أصحاب البدع كلهم كفار وأن على الامام أن يستتيبهم عندالتمكن بعدالدعوة لهم وإقامة البينات عليهم ، فإن تابوا من بدعهم وصاروا إلى الصواب وإلا قتلهم لرد تهم عن الايمان ، وأن من مات منهم على ذلك فهو من أهل النار.

وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك وزعموا أن كثيرا من أهل البدع فساق ليسوا بكفار ، وأن فيهم من لا يفسق بيدعته ولا يخرج بها عن الاسلام كالمرجئة من أصحاب ابن شبيب والتبرية من الزيدية الموافقة لهم في الاصول وإن خالفوهم في صفات الامام.

وقال المحقق الطوسي روح الله روحه القدوسي في قواعد العقائد : اصول

٣٦٦

الايمان عند الشيعة ثلاثة : التصديق بوحدانية الله تعالى في ذاته والعدل في أفعاله ، و التصديق بنبوة الانبياء عليهم‌السلام ، والتصديق بإمامة الائمة المعصومين من بعد الانبياء.

وقال أهل السنة : الايمان هوالتصديق بالله تعالى وبكون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صادقا ، والتصديق بالاحكام التي نعلم يقينا أنه عليه‌السلام حكم بهادون مافيه اختلاف أو اشتباه ، والكفر يقابل الايمان ، والذنب يقابل العمل الصالح وينقسم إلى كبائر وصغائر ، ويستحق المؤمن بالاجماع الخلود في الجنة ويستحق الكافر الخلود في العقاب.

وقال الشهيد الثاني رفع الله درجته في رسالة حقائق الايمان عند تحقيق معنى الايمان والاسلام : البحث الثاني في جواب إلزام يرد على القائلين من الامامية بعموم الاسلام مع القول بأن الكفر عدم الايمان عما من شأنه أن يكون مؤمنا ، أما الالزام فإنهم حكموا بإسلام من أقر بالشهادتين فقط غير عابث دون إيمانه سواء علم منه عدم التصديق بإمامة الائمة عليهم‌السلام أم لا إلا من خرج بدليل خارج كالنواصب و الخوارج ، فالظاهر أن هذا الحكم مناف للحكم بأن الكفر عدم الايمان عما من شأنه أن يكون مؤمنا. وأيضا قد عرفت مما تقدم أن التصديق بإمامة الائمة عليهم‌السلام من اصول الايمان عند الطائفة من الامامية كما هو معلوم مذهبهم ضرورة ، وصرح بنقله المحقق الطوسي رحمه‌الله عنهم فيما تقدم ولا ريب أن الشئ يعدم بعدم أصله الذي هو جزؤه كما نحن فيه ، فيلزم الحكم بكفر من لم يتحقق له التصديق المذكور وإن أقر بالشهادتين ، وأنه مناف أيضا للحكم بإسلام من لم يصدق بإمامة الائمة الاثني عشر عليهم‌السلام وهذا الاخير لا خصوصية لوروده على القول بعموم الاسلام بل هو وارد على القائلين بإسلام من لم يتحقق له التصديق المذكور مع قطع النظر عن كونهم قائلين بعموم الاسلام أو مساواته للايمان.

وأما الجواب فبالمنع من النافاة بين الحكمين وذلك لانا نحكم بأن من لم يتحقق له التصديق المذكور كافر في نفس الامر ، والحكم بإسلامه إنما هو في الظاهر ، فموضوع الحكمين مختلف فلا منافاة. ثم قال : المراد بالحكم بإسلامه ظاهرا صحة ترتب كثير من الاحكام الشرعية على ذلك ، والحاصل أن الشارع جعل الاقرار بالشهادتين علامة

٣٦٧

على صحة إجراء أكثر الاحكام الشرعية على المقر كحل منا كحته والحكم بطهارته وحقن دمه وماله وغيرذلك من الاحكام المذ كورة في كتب الفروع ، وكأن الحكمة في ذلك هوالتخفيف عن المؤمنين لمسيس الحاجة إلى مخالطتهم في أكثر زمنة والامكنه واستمالة الكافر إلى الاسلام ، فإنه إذا اكتفي في إجراء أحكام المسلمين عليه ظاهرا بمجرد إقراره الظاهري ازداد ثباته ورغبته في الاسلام ، ثم يترقى في ذلك إلى أن يتحقق له الاسلام سلام باطنا أيضا.

واعلم أن جمعا من علماء الامامية حكموا بكفر أهل الخلاف ، والاكثر على الحكم بإسلامهم ، فإن أرادوا بذلك كونهم كافرين في نفس الامر لافي الظاهر فالظاهر أن النزاع لفظي ، إذالقائلون بإسلامهم يريدون ماذكرناه من الحكم بصحة جريان أكثر أحكام المسلمين عليهم في الظاهر لا أنهم مسلمون في نفس الامر ، ولذا نقلوا الاجماع على دخولهم النار ، وإن أرادوا بذلك كونهم كافرين ظاهرا وباطنا فهو ممنوع ولا دليل عليه بل الدليل قائم على إسلامهم ظاهرا لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : امرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، انتهى كلامه رفع مقامه.

وقال الشيخ الطوسي نورالله ضريحه في تلخيص الشافي : عندنا أن من حارب أميرالمؤمنين كافر ، والدليل على ذلك إجماع الفرقة المحققة لامامية على ذلك ، و إجماعهم حجة ، وأيضا فنحن نعلم أن من حاربه كان منكرا لامامته ودافعا لها ، ودفع الامامة كفر كما أن دفع النبوة كفر لان الجهل بهما على حد واحد. ثم استدل رحمه‌الله بأخبار كثيرة على ذلك.

فإذا عرفت ماذكره القدماء والمتأخرون من أساطين العلماء والامامية ومحققيهم عرفت ضعف القول بخروجهم من النار ، والاخبار الواردة في ذلك أكثر من أن يمكن جمعه في باب أو كتاب ، وإذا كانوا في الدنيا والآخرة في حكم المسلمين فأي فرق بينهم وبين فساق الشيعة؟ وأي فائدة فيما أجمع عليه الفرقة المحقة من كون الامامة من اصول الدين ردا على المخالفين القائلين بأنه من فروعه؟ وقد روت العامة والخاصة متواترا : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ، وقد أوردت أخبارا كثيرة

٣٦٨

في أبواب الآيات النازلة فيهم عليهم‌السلام أنهم فسروا الشرك والكفر في الآيات بترك الولاية. وقدوردت أخبار متواترة أنه لا يقبل عمل من الاعمال إلا بالولاية.

وقال الصدوق رحمه‌الله : الاسلام هو الاقرار بالشهادتين وهو الذي به تحقن الدماء والاموال ، والثواب على الايمان ، وقد ورد في الصحيح عن أبي جعفر عليه‌السلام : من أصبح من هذه الامة لا إمام له من الله عزوجل ظاهر عادل أصبح ضالا تائها ، وإن من مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق.

واعلم أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا وأضلوا ، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شئ ذلك هو الضلال البعيد.

وعن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله تعالى : « والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت » الآية قال عليه‌السلام : إنما عنى بذلك أنهم كانوا على نور الاسلام فلما أن تولوا كل إمام جائر ليس من الله خرجوا بولايتهم إياه من نور الاسلام إلى ظلمات الكفر فأوجب الله لهم النار مع الكفار فاولئك أصحاب النارهم فيها خالدون وقد ورد في الناصب ماورد في خلوده في النار ، وقد روي بأسانيد كثيرة عنهم علهيم السلام : لو أن كل ملك خلقة الله عزوجل وكل نبي بعثه الله وكل صديق وكل شهيد شفعوا في ناصب لنا أهل البيت أن يخرجه الله عزوجل من النار ما أخرجه الله أبدا ، والله عزوجل يقول في كتابه : « ماكثين فيه أبدا » وقد روي بأسانيد معتبرة عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه قال : ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لانك لا تجد رجلا يقول : أنا ابغض محمدا وآل محمد ، ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وتتبرؤون من عدونا وأنكم من شيعتنا.

ويظهر من بعض الاخبار بل من كثير مينها أنهم في الدنيا أيضا في حكم الكفار لكن لما علم الله أن أئمة الجور وأتباعهم يستولون على الشيعة وهم يبتلون بمعاشر تهم ولا يمكنهم الاجتناب عنهم وترك معاشرتهم ومخالطتهم ومنا كحتهم أجرى الله عليهم حكم الاسلام توسعة ، فإذا ظهر القائم عليه‌السلام يجري عليهم حكم سائر الكفار في جميع الامور وفي الآخرة يدخلون النار ماكثين فيها أبدا مع الكفار ، وبه يجمع بين الاخبار كما أشار

٣٦٩

إليه المفيد والشهيد الثاني قدس الله روحهما.

وأيضا يمكن أن يقال : لما كان تلك الازمنة عليهم شبهة في الجملة يجري عليهم في الدنيا حكم الاسلام ، فإذا ظهر في زمانه عليه‌السلام الحق الصريح بالبينات والمعجزات ولم تبق لهم شبهة وأنكروه التحقوا بسائر الكفار ، وأخبار هذا المطلب متفرقة في أبواب هذا الكتاب وأزواجو من الله أن يوفقني لتأليف كتاب مفرد في ذلك إن شاءالله تعالى ، وبعض الاخبار المشعرة بخلاف ما ذكرنا محمول على المستضعفين كما عرفت.

وقال شارح المقاصد : اختلف أهل الاسلام فيمن ارتكب الكبيرة من المؤمنين ومات قبل التوبة فالمذهب عندنا عدم القطع بالعفو ولا بالعقاب ، بل كلاهما في مشية الله تعالى ، لكن على تقديرالتعذيب نقطع بأنه لا يخلد في النار بل يخرج البتة ، لا بطريق الوجوب على الله تعالى بل مقتضى ماسبق من الوعد وثبت بالدليل كتخليد أهل الجنة ، وعند المعتزلة القطع بالعذاب الدائم من غير عفو ولا إخراج من النار ، وما وقع في كلام البعض من أن صاحب الكبيرة عندالمعتزلة ليس في الجنة ولا في النار فغلط نشأمن قولهم : إن له المنزلة بين المنزلتين ، (١) أي حالة غير الايمان والكفر ، وأما ماذهب إليه مقاتل بن سليمان وبعض المرجئة (٢) من أن عصاة المؤمنين لا يعذبون أصلا وإنما النار للكفار تمسكا بالآيات الدالة على اختصاص العذاب بالكفار مثل « قد اوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى. (٣) إن الخزي

____________________

(١) تقدم الايعاز إلى معنى ذلك.

(٢) تقدم الاشارة إلى مذهب المرجئة ، واما مقاتل بن سليمان فهو مقاتل بن سليمان بن بشير الازدى الخراسانى ابوالحسن البلخى يقال له : ابن دوال دوز ، أصله من بلخ وانتقل إلى البصرة ودخل بغداد وحدث بها وكان مشهورا بتفسير كتاب الله العزيز ، ترجمه ابن حجر في التقريب : ص ٥٠٥ وقال : كذبوه وحجروه ورمى بالتجسيم من السابعة ، مات سنة ١٥٠. وعده ابن النديم من المحدثين والفراء من الزيدية ونسب إليه كتبا في فنون القرآن وغيره منها تفسيره الكبير ، وأورده الطوسى في رجاله تارة في أصحاب الامام الباقر عليه‌السلام وقال : تبرى ، واخرى في أصحاب الامام الصادق عليه‌السلام ، وترجمه أصحابنا في كتبهم الرجالية ونصوا على أنه عامى يروى عنه ابن محبوب في باب الوصية من لدن آدم من الفقيه ، وبعد حديث القباب في روضة الكافي.

(٣) طه : ٤٨.

٣٧٠

اليوم والسوء على الكافرين (١) » فجوابه تخصيص ذلك العذاب بما يكون على سبيل الخلود ، وأما تمسكهم بمثل قوله عليه‌السلام : « من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق » فضعيف لانه إنما ينفي الخلود لا الدخول ، لنا وجوه : الاول وهوالعمدة : الآيات والاحاديث الدالة على أن المؤمنين يدخلون الجنة البتة وليس ذلك قبل دخول النار وفاقا ، فتعين أن يكون بعده ، وهو مسألة انقطاع العذاب أو بدونه وهو مسألة العفو التام قال الله تعالى : « فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. » (٢) « من عمل صالحا منكم من ذكر أو اثنى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة » (٣) وقال النبي (ص) : « من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة » وقال : « من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة وإن زنى وإن سرق».

الثاني النصوص المشعرة بالخروج من النار كقوله تعالى : « النار مثويكم خالدين فيها إلا ماشاءالله (٤) فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز (٥) » وكقول النبي (ص) : يخرج من النار قوم بعد ما امتحشوا وصاروا فحما وحمما ، فينبتون كما ينبت الحبة في حميل السيل وخبر الواحد وإن لم يكن حجة في الاصول لكن يفيد التأييد والتأكيد بتعاضد النصوص. (٦)

الثالث وهو على قاعدة الاعتزال أن من واظب على الايمان والعمل الصالح مائة سنة وصدر عنه في أثناء ذلك أو بعده جريمة واحدة كشرب جرعة من الخمر فلا يحسن من الحكيم أن يعذبه على ذلك أبد الآباد ، ولو لم يكن هذا ظلما فلا ظلم ، أولم يستحق بهذا ذما فلاذم.

____________________

(١) النحل : ٢٧.

(٢) الزلزال : ٧.

(٣) ومن عمل صالحا من ذكر أوانثى. المؤمن : ٤٤.

(٤) الانعام : ١٢٨.

(٥) آل عمران : ١٨٥.

(٦) في هامش نسخة المصنف : قال الجزرى : فيه : يخرج قوم من النار قدامتحشوا أي اخترقوا والمحش : احتراق الجلد وظهور العظم. ويروى : « امتحشوا » لما لم يسم فاعله ، وقد محشته النار تمحشة محشا. وقال حميل السيل هو مايجئ به السيل من طين أو غثاء وغيره ، فعيل بمعنى مفعول ، فاذا تفقت فيه حبة واستقرت على شط مجرى السيل فانها تنبت في يوم وليلة ، بها سرعة عود أبدانهم واجسامهم إليهم بعد مزق النار لها. منه عنه

٣٧١

الرابع أن المعصية متناهية زمانا وهو ظاهر ، وقدرا لمايوجد من معصية أشد منها ، فجزاؤها يجب أن يكون متناهيا تحقيقا لقاعدة العدل ، بخلاف الكفر فإنه لايتناهي قدرا وإن تناهى زمانه.

واحتجت المعتزلة بوجوه : الاول الآيات الدالة على الخلود المتناولة للكافر وغيره ، وكقوله تعالى : « ومن يعص الله ورسوله فإن له نارجهنم خالدين فيها أبدا » (١) وقوله تعالى : « ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها » (٢) وقوله : « وأما الذين فسقوا فمأويهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها اعيدوا فيها » (٣) ومثل هذا مسوق للتأبيد ونفي الخروج ، وقوله : « وإن الفجار لفي جحيم يصلونها يوم الدين وماهم عنها بغائبين » (٤) وعدم الغيبة عن النار خولد فيها ، وقوله : « ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها » (٥) وليس المراد تعدي جميع الحدود بارتكاب الكبائر كلها تركا وإتيانا ، فإنه محال لمابين البعض من التضاد ، كاليهودية والنصرانية والمجوسية ، فيحمل على مورد الآية من حدود المواريث ، وقوله : « بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئة فاولئك أصحاب النارهم فيها خالدون ». (٦)

والجواب بعد تسليم كون الصيغ للعموم أن العموم غير مراد في الآية الاولى للقطع بخروج التائب وأصحاب الصغائر وصاحب الكبيرة الغير المنصوصة إذا أتى بعدها بطاعات تربى ثوابها على عقوباته ، فليكن مرتكب الكبيرة من المؤمنين أيضا خارجا مما سبق من الآيات والادلة ، وبالجملة فالعام المخرج منه البعض لا يفيد القطع وفاقا ، ولو سلم فلا نسلم تأبيد الاستحقاق ، بل هو مغيى بغاية رؤية الوعيد ، لقوله بعده : « حتى إذا رأوا مايوعدون » (٧) ولو سلم فغايته الدلالة على استحقاق العذاب المؤبد

____________________

(١) الجن : ٢٣.

(٢) النساء : ٩٣.

(٣) السجدة : ٢٠.

(٤) الانفطار : ١٤ ـ ١٦.

(٥) النساء : ١٤.

(٦) البقرة : ٨١.

(٧) مريم : ٧٥.

٣٧٢

لا على الوقوع كماهو المتنازع لجواز الخروج بالعفو.

وعن الثانية بأن معنى متعمدا : مستحلا فعله على ماذكره ابن عباس ، إذا التعمد على الحقيقة إنما يكون من المستحل ، أو بأن التعليق بالوصف يشعر بالحيثية فيختص بمن قتل المؤمن لايمانه ، أو بأن الخلود وإن كان ظاهرا في الدوام فالمراد ههنا المكث الطويل جمعا بين الادلة.

وعن الثالثة بأنها في حق الكافرين المنكرين للحشر بقرينة قوله : « ذو قوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون » (١) مع مافي دلالتها عل الخلود من المناقشة الظاهرة ، لجواز أن يخرجوا عند عدم إرادتهم الخروج باليأس أو الذهول أو نحو ذلك.

وعن الرابعة بعد تسليم إفادتها النفي عن كل فرد ودلالتها على دوام عدم الغيبة أنها تختص بالكفار جمعا بين الادلة. وكذا الخامسة والسادسة حملا للحدود على حدود الاسلام ، ولاحاطة الخطيئة على غلبتها بحيث لا يبقى معها الايمان ، هذا مع ما في الخلود من الاحتمال.

ثم قال في بحث آخر : لا خلاف في أن من آمن بعد الكفر والمعاصي فهو من أهل الجنة بمنزلة من لا معصية له ، ومن كفر ـ نعوذ بالله ـ بعد الايمان والعمل الصالح فهو من أهل النار بمنزلة من لا حسنة له ، وإنما الكلام فيمن آمن وعمل صالحا وآخر سيئا واستمر على الطاعات والكبائر كما يشاهد من الناس فعندنا مآله إلى الجنة ولو بعدالنار ، واستحقاقه للثواب والعقاب بمقتضى الوعد والوعيد ثابت من غير حبوط ، والمشهور من مذهب المعتزلة أنه من أهل الخلود في النار إذا مات قبل التوبة ، فاوشكل عليهم الامر في إيمانه وطاعاته ومايثبت من استحقاقاته أين طارت وكيف زالت؟ فقالوا بحبوط الطاعات ومالوا إلى أن السيئات يذهبن الحسنات ، حتى ذهب الجمهور منهم إلى أن الكبيرة الواحدة تحبط ثواب جميع العبادات ، وفساده ظاهر ، أما سمعا فللنصوص الدالة على أن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا وعمل صالحا ، وأما عقلا فللقطع بأنه لا يسحن من الحكيم الكريم إبطال ثواب إيمان العبد

____________________

(١) السجدة : ٢٠.

٣٧٣

مواظبته على الطاعات طول العمر بتناول لقمة من الرباء ، أو جرعة من الخمر إلى آخر ماقال.

أقول : قدسبق القول في ذلك في باب الحبط والتكفير ولا أظنك يخفى عليك ما مهدناه أو لا بعد الاحاطة بما أوردناه من الآيات والاخبار ، وسيأتي عمدة الاخبار المتعلقة بتلك المباحث في كتاب الايمان والكفر.

(باب ٢٨)

*(مايكون بعد دخول أهل الجنة وأهل النار النار)*

١ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن عبدالله بن هلال ، عن العلاء ، عن محمد قال : سمعت أباجعفر عليه‌السلام يقول : لقد خلق الله عزوجل في الارض منذ خلقها سبعة عالمين ليس هم من ولد آدم ، خلقهم من أديم الارض فأسكنهم فيها واحدا بعد واحد مع عالمه ، ثم خلق الله عزوجل أبا هذا البشر وخلق ذريته منه ، ولا والله ماخلت الجنة من أرواح المؤمنين منذ خلقها ، ولا خلت النار من أرواح الكفار والعصاة منذخلقها عزوجل ، لعلكم ترون أنه إذا كان يوم القيامة وصيرالله أبدان أهل الجنة مع أرواحهم في الجنة ، وصير أبدان أهل النار مع أرواحهم في النار إن الله تبارك وتعالى ( لايعبد خ ل ) في بلادة ولا يخلق خلقا يعبدونه ويوحدونه (١) ويعظمونه ويخلق لهم أرضاد تحملهم وسماء تظلهم ، أليس الله عزوجل يقول : « يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات » وقال الله عزوجل « أفعيينا بالخلق الاول بل هم في لبس من خلق جديد » « ج ص ١١٢ »

شى : عن محمد مثله.

٢ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد قال : سألت أباجعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل أفعيينا بالخلق

____________________

(١) في المصدر بعد ذلك : بلى والله ليخلقن الله من غير فحولة ولا اناث يعيدونه و يوحدونه اه. م

٣٧٤

الاول بل هم في لبس من خلق جديد فقال : ياجابر تأويل ذلك أن عزوجل إذا أفنى هذا الخلق وهذا العالم وأسكن أهل الجنة الجنة وأهل النارالنار جدد الله عزوجل عالما غير هذا العالم ، وجدد خلق من غير فحولة ولا اناث يعبدونه ويوحدونه ، و خلق لهم أرضا غير هذه الارض تحملهم ، وسماء غيرهذه السماء تظلهم ، لعلك ترى أن الله عزوجل إنما خلق هذا العالم الواحد وترى أن الله عزوجل لم يخلق بشرا غيركم؟ بلى والله لقد خلق الله تبارك وتعالى ألف ألف عالم وألف ألف آدم أنت في آخرتلك العوالم واولئك الآدميين. « ج ٢ ص ١٨٠ »

بيان : يمكن الجمع بينه وبين ماسبق بحمل السبعة على الالواح وهذا على الاشخاص. (١)

٣ ـ ين : محمد بن سنان ، عن أبي خالد القماط قال : لابي عبدالله عليه‌السلام و يقال لابي جعفر عليه‌السلام : إذا ادخل أهل الجنة الجنة وادخل أهل النار النارفمه؟ قال : فقال أبوجعفر عليه‌السلام : إن أراد أن يخلق الله خلقا ويخلق لهم دنيا يردهم إليها فعل ، ولا أقول لك إنه يفعل.

٤ ـ ين : محمد بن سنان ، عن عمار بن مروان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له : إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار فمه؟ فقال : ما أزعم لك أنه تعالى يخلق خلقا يعبدونه.

____________________

(١) لعل المراد من الحديث الاول عل ظاهره أن الله تبارك وتعاى خلق في أرضنا هذه قبل خلق آدم وولده سبعة امم من نوع الانسانى أوجد كل امة بعدا نقراض امة اخرى وفنائها فيكون ساكنو الارض من ابتهدائها إلى الان ثمانية طبقات وامم ، ومن الحديث الثاني أن الله تعالى خلق غيرهذه الارض ألف ألف عالم وكرات يسكنها ألف ألف امم ، فعليه لا معارضة ولا تضارب بين الحديثين ، وبالحديث الاول تنحل عويصة بداية العالم وما يورد على الدينيين من أن علم الجيو لوجيا أى علم الطبقات الارضية يخالف معتقد كم من بدء العالم وتاريخ أول إنسان وجد على الارض وهو آدم فأنتم تحسبون أنه قبل نحو ستة آلاف سنة ونحن وجدنا جماكم الانسان وغيرها من عظام الانسان والحيوانات تحاكى عن وجودها قبل تلك السنة بكثير ، والحديث يدفع الاشكال بأن آدم لم يكن أول خليقة بل كان قبله طبقات متعددة من الامم ، ومن الحديث الثاني يستفاد أن الله تبارك وتعالى خلق غير ارضنا عوالم متعددة متكثرة ، وأن ماكانوا يظنون قبلا من أن سائر الكرات غير معمورة وغير مسكونة للانسان والحيوان غير صحيحة بل سائر الكرات معمورة ومسكونة وأن الله تعالى ألف ألف عالم و ألف ألف آدم وستجئ روايات كثيرة تدل على ذلك محله.

٣٧٥

بيان : يفهم من سياق هذين الخبرين أن الله تعالى يخلق خلقا آخر لكن الامام عليه‌السلاملم يصرح به تقية وخوفا من التشنيع ، وما يدل عليه تلك الاخبار لم أر أحدا من المتكلمين تعرض له بنفي ولا إثبات ، وأدلة العقل لا تنفيه بل تعضده ، لكن الاخبار الواردة في ذلك لم تصل إلى حد يوجب القطع به. والله تعالى يعلم.

هذا آخر ما أوردنا إيراده في هذا المجلد من كتاب بحار الانوار. وختم على يدي مؤلفه ختم الله له ولوالديه بالحسنى في حاد يعشر شهر محرم الحرام من شهور سنة ثمانين بعد الالف من الهجرة ، والحمدلله أو لا وآخرا وصلى الله على محمد وأهل بيته الطاهرين المعصومين ، ولعنة الله على ظالميهم وقاتليهم وغاصبي حقوقهم ومبغضيهم ومخالفيهم أبد الآبدين.

٣٧٦

إلى هنا ينتهي الجزء الثامن من كتاب بحارالانوار من هذه الطبعة المزدانة

بتعاليق نفيسة قيمة وفوائد جمة ثمينة ، وبه يختم المجلد الثالث

من الاصل حسب تجزءة المصنف. ويحوي هذا

الجزء ٥٥٦ حديثا في ١١ بابا.

جمادى الثانية ١٣٧٧

٣٧٧

*( بقية أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به )*

الموضوع

الصفحه

باب ١٨ اللواء ، وفيه ١٢ حديثاً ١ ـ ٧

باب ١٩ أنه يدعى فيه كل أناس بإمامهم ، وفيه ٢٠ حديثاً ٧ ـ ١٦

باب ٢٠ صفة الحوض وساقيه صلوات الله عليه ، وفيه ٣٣ حديثاً ١٦ ـ ٢٩

باب ٢١ الشفاعة ، وفيه ٨٦ حديثاً ٢٩ ـ ٦٣

باب ٢٢ الصراط ، وفيه ١٩ حديثاً ٦٤ ـ ٧١

باب ٢٣ الجنة ونعيمها ، وفيه ٢٠٤ حديثاً ٧١ ـ ٢٢٢

باب ٢٤ النار ، وفيه ١٠٢ حديثاً ٢٢٢ ـ ٣٢٩

باب ٢٥ الأعراف وأهلها ، وفيه ٢٣ حديثاً ٣٢٩ ـ ٣٤١

باب ٢٦ ذبح الموت بين الجنة والنار والخلود فيهما وعلته ، وفيه ١٢ حديثاً ٣٤١ ـ ٣٥١

باب ٢٧ في ذكر من يخلد في النار ومن يخرج منها ، وفيه ٤١ حديثاً ٣٥١ ـ ٣٧٤

باب ٢٨ ما يكون بعد دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، وفيه أربعة أحاديث ...... ٣٧٤ ـ ٣٧٦

٣٧٨

( ثناء ورجاء )

وقد بالغنا في تصحيح الكتاب وقابلناه بنسخة المصنف ـ قدس سره الشريف ـ التى كتبها بخطه وصححها بعد ؛ و يجد القارىء انموذجا منها في أول الجزء وآخره ؛ وهذه النسخة الثمينة النفيسة لخزانة كتب فضيلة الفقيد ثقة الإسلام و المحدثين الحاج السيد ( صدر الدين الصدر العاملي ) الخطيب الشهير الإصفهاني ـ رضوان الله عليه ـ وأتحفنا إياه ولده المعظم العالم العامل الحاج السيد ( مهدي الصدر العاملي ) نزيل طهران : فمن واجبنا أن نقدم إليه ثناءنا العاطر وشكرنا الجزيل ؛ ولا ننسى الثناء على الأستاذ السيد جلال الدين المحدث الاموري وسائر من تفضل علينا بإهداء النسخ الخطية النفيسة ؛ وفقهم الله تعالى : وإيانا لجميع مرضاته إنه ولي التوفيق. ونرجو من حملة العلم والفضل مساعدتنا في ذلك المشروع الفخم بإهدائهم إيانا بما عندهم من تلكم النسخ وإعلامنا بوجودها في المكتبات لنطلب منها ونتم هذه الخدمة الدينية في غاية الإتقان. والله الموفق للرشاد.

يحيى العابدي الزنجانى

٣٧٩

*(رموز الکتاب)*

ب : لقرب الاسناد.

ع : للعلل الشرائع.

لد : للبلدين الامين.

بشا : لبشارة المصطفى.

عا : لدعائم الاسلام.

لي : لامالى الصدوق.

تم : لفلاح السائل.

عد : للعقائد.

م : لتفسير الامام العسكري

ثو : لثواب الاعمال.

عدة : للعدة.

ما : لامالى الطوسى.

ج : للاحتجاج.

عم : لاعلام الورى

محص : للتمحيص.

جا : لمجالس المفيد.

عين : للعيون والمحاسن.

مد : للعمدة.

جش : لفهرست النجاشي.

غر : للغرر والدرر.

مص : لمصباح الشريعة.

جع : لجامع الاخبار.

غط : لغيبة الشيخ.

مصبا : للمصباحين.

جم : لجماع الاسبوع.

غو : لغوالي اللئالي.

مع : لمعاني الاخبار.

جنة : للجنة.

ف : لتحف العقول.

مكا : لمكارم الاخلاق.

حة : لفرحة الغرى.

فتح : لفتح الابواب.

مل : لكامل الزيارة.

ختص : لكتاب الاختصاص.

فر : لتفسير فرات بن إبراهيم.

منها : للمنهاج.

خص : لمنتخب البصائر.

فس : لتفسير علي بن إبراهيم.

مهج : لمهج الدعوات.

للعدد : د.

فض: لكتاب الروضة.

ن : لعيون أخبار الرضا (ع).

سر : للسرائر.

ق : للكتاب العتيق الغروى.

نيه : لتنبيه الخاطر.

سن : للمحاسن.

قب : لمناقب ابن شهر آشوب

نجم : لكتاب النجوم.

شا : للارشاد.

قبس : لقبس المصباح.

نص : للكافية.

شف : لكشف اليقين.

قضا : لقضاء الحقوق.

نهج : لنهج البلاغة.

شى : لتفسير العياشي.

قل : لاقبال الاعمال.

نى : لغيبة النعماني.

ص : لقصص الانبياء.

قية : للدروع.

هد : للهداية.

صا : للاستبصار.

ك : لاكمال الدين.

يب : للتهذيب.

صبا : لمصباح الزائر.

كا : للكافي.

يج : للخرائج.

صح : لصحيفة الرضا (ع).

كش : لرجال الكشي.

يد : للتوحيد.

ضا : لفقه الرضا (ع).

كشف : لكشف الغمة.

ير : لبصائر الدرجات.

ضوء : لضوء الشهاب.

كف : لمصباح الكفعمى.

يف : للطرائف.

ضه : لروضة الواعظين.

كنز : لكنز جامع الفوائد وتأويل الايات الظاهرة معاً.

يل : للفضائل.

ط : للصراط المستقيم.

ل : للخصال.

ين : لكتابى الحسين بن سعيد او لكتابه والنوادر.

طا : لامان الاخطار.

يه : لمن لايحضره الفقيه.

طب : لطب الائمة.

٣٨٠