الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٣٧
وقيل : هو من قبيل ذكر اللازم وإرادة الملزوم ، فنفي التكلم كناية عن نفي الاستماع ، أي لم لايستمع الغافلون ما تتكلمين به بلسان الحال جهرا ، وقيل استفهام إنكاري أي أنت تتكلمين لكن الغافلون لايستمعون وهوبعيد.
ويمكن أن يكون كلامها كناية عن تنبيه الغافلين أي لم لاتنبه المغرورين بالدنيا مع هذه الحالة الواضحة ، ويؤل إلى تعيير الجاهلين بعدم الاتعاظ به كما أنه يقول رجل لوالد رجل فاسق بحضرته : لم لاتعظ ابنك مع أنه يعظه ، وإنما يقول ذلك تعييرا للابن.
٣ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن البزنطي ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : أفضل العبادة إدمان التفكر في الله وفي قدرته (١).
بيان : الادمان الادامة ، وقوله عليهالسلام : « وفي قدرته » كأنه عطف تفسير لقوله : « في الله » فان التفكر في ذات الله وكنه صفاته ممنوع كما مر في الاخبار في كتاب التوحيد ، لانه يورث الحيرة والدهش واضطراب العقل. فالمراد بالتفكر في الله النظر إلى أفعاله وعجائب صنعه وبدايع أمره في خلقه ، فانها تدل على جلاله وكبريائه وتقدسه وتعاليه ، وتدل على كمال علمه وحكمته ، وعلى نفاذ مشيته وقدرته وإحاطته بالاشياء ، وأنه سبحانه لكمال علمه وحكمته لم يخلق هذا الخلق عبثا من غير تكليف ومعرفة وثواب وعقاب ، فانه لولم تكن نشأة اخرى باقية غير هذه النشأة الفانية المحفوفة بأنواع المكاره والالام لكان خلقها عبثا كما قال تعالى : « أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لاترجعون » (٢).
وهذا تفكر اولي الالباب ، كما قال تعالى : « إن في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الالباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والارض ربنا ماخلقت هذا
___________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٥٥.
(٢) المؤمنون : ١١٥.
باطلا سبحانك فقنا عذاب النار » (١).
وقال سبحانه : « ومن آياته » [ ومن آياته ] في مواضع كثيرة فتلك الايات هي مجاري التفكر في الله وفي قدرته لاولي النهى ، لاذاته تعالى فقد روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : تفكروا في آلاء الله فانكم لن تقدروا قدره.
٤ ـ كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن معمربن خلاد قال : سألت أبا الحسن الرضا عليهالسلام : يقول ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم : إنما العبادة التفكر في أمر الله عزوجل (٢).
توضيح : « ليس العبادة كثرة الصلوة » أي ليست منحصرة فيها « إنما العبادة » أي الكاملة « التفكر في أمر الله » بالمعاني المتقدمة ، وقد يقال : المراد بالتفكر في أمر الله طلب العلم بكيفية العمل ، وآدابه وشرايطه ، والعبادة بدونه باطله ، فالحاصل أن كثرة الصلاة والصوم بدون العمل بشرائطهما وكيفياتهما وأحكامهما ليست عبادة.
وأقول : يحتمل أن يكون المعنى أن كثرة الصلاة والصوم بدون التفكرفي معرفة الله ومعرفة رسوله ومعرفة أئمة الهدى كما يصنعه المخالفون غير مقبولة وموجبة للبعد عن الحق.
٥ ـ كا : عن محمدبن يحيى ، عن أحمدبن محمدبن عيسى ، عن أحمدبن محمد عن إسماعيل بن سهل ، عن حماد ، عن ربعي قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : التفكر يدعو إلى البر والعمل به (٣).
بيان : « التفكر يدعو إلى البر » كأن التفكر الوارد في هذا الخبر شامل لجميع التفكرات الصحيحة التي أشرنا إليها ، كالتفكر في عظمة الله فانه يدعو إلى خشيته وطاعته ، والتفكر في فناء الدنيا ولذاتها فانه يدعو إلى تركها ، و التفكر في عواقب من مضى من الصالحين فيدعو إلى اقتفاء آثارهم ، وفي ما آل
___________________
(١) آل عمران : ١٩٠ ـ ١٩١.
(٢ ـ ٣) الكافى ج ٢ ص ٥٥.
إليه أمر المجرمين فيدعو إلى اجتناب أطوارهم ، وفي عيوب النفس وآفاتها فيدعو إلى الاقبال على إصلاحها ، وفي أسرار العبادة وغاياتها ، فيدعو إلى السعي في تكميلها ورفع النقص عنها ، وفي رفعة درجات الاخرة فيدعو إلى تحصيلها ، وفي مسائل الشريعة فيدعو إلى العمل بها في مواضعها ، وفي حسن الاخلاق الحسنة فيدعو إلى تحصيلها ، وفي قبح الاخلاق السيئة وسوء آثارها فيدعو إلى تجنبها وفي نقص أعماله ومعائبها فيدعو إلى السعي في إصلاحها وفي سيئاته ومايترتب عليها من العقوبات والبعد عن الله والحرمان عن السعادات فيدعوه إلى الانتهاء عنها و تدارك ما أتى به بالتوبة والندم ، وفي صفات الله وأفعاله من لطفه بعباده وإحسانه إليه بسوابغ النعماء وبسط الالاء والتكليف دون الطاقة ، والوعد لعمل قليل بثواب جزيل ، وتسخيره له مافي السماوات والارض ومابينهما إلى غير ذلك ، فيدعوه إلى البر والعمل به ، والرغبة في الطاعات والانتهاء عن السيئات ، وبالمقايسة إلى ماذكرنا يظهر آثار سائر التفكرات والله الموفق للخيرات.
أقول : قد مضى بعض الاخبار في باب السكوت والكلام.
٦ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن هاشم ، عن يحيى بن أبي عمران عن يونس ، عمن رواه ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : كان أكثر عبادة أبي ذر رحمة الله عليه التفكر والاعتبار (١).
٧ ـ مع (٢) ل : في خبر أبي ذر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : على العاقل أن يكون له ثلاث ساعات : ساعة يناجي فيها ربه عزوجل ، وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يتفكر فيما صنع الله عزوجل إليه ، وساعة يخلوفيها بحظ نفسه من الحلال (٣).
١٠ ـ ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن عبدالله بن محمد بن عبدالله بن ياسين
___________________
(١) الخصال ج ١ ص ٢٣.
(٢) معانى الاخبار : ٣٣٤.
(٣) الخصال ج ٢ ص ١٠٤ ، وبعده « فان هذه الساعة عون لتلك الساعات »
عن أبي الحسن الثالث ، عن آبائه عليهمالسلام قال : العلم وراثة كريمة ، والاداب حلل حسان ، والفكرة مرآت صافية الخبر (١).
١١ ـ ما : قال أمير المؤمنين عليهالسلام فيما أوصى به الحسن عليهالسلام : لاعبادة كالتفكر في صنعة الله عزوجل (٢).
١٢ ـ مع : عن الصادق عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أغفل الناس من لم يتعظ بتغير الدنيا من حال إلى حال (٣).
١٣ ـ لى : عن الصادق عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : السعيد من وعظ بغيره (٤).
١٤ ـ لى : أبي ، عن محمد العطار ، عن جعفربن محمدبن مالك ، عن سعيدبن عمرو ، عن إسماعيل بن بشربن عمار قال : كتب هارون إلى موسى بن جعفر عليهماالسلام عظني وأوجز قال : فكتب إليه : مامن شئ تراه عينك إلا وفيه موعظة (٥).
١٥ ـ سن : أبي ، عمن ذكره قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : الخير كله في ثلاث خصال في النظر والسكوت والكلام ، فكل نظر ليس فيه اعتبار فهوسهو ، وكل سكوت ليس فيه فكرة فهوغفلة ، وكل كلام ليس فيه ذكر فهو لغو ، فطوبى لمن كان نظره اعتبارا ، وسكوته فكرة ، وكلامه ذكرا ، وبكى على خطيئته ، وأمن الناس شره (٦).
١٦ ـ سن : أبي ، عن بنان بن العباس ، عن حسين الكرخي ، عن جعفربن أبان ، عن الحسن الصيقل قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : تفكر ساعة خير من
___________________
(١) أمالى الطوسى ج ١ ص ١١٤.
(٢) أمالى الطوسى ج ١ ص ١٤٥.
(٣) معانى الاخبار : ١٩٥.
(٤) أمالى الصدوق ص ٢٩٢.
(٥) أمالى الصدوق : ٣٠٥.
(٦) المحاسن : ٥.
قيام ليلة؟ قال : نعم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : تفكر ساعة خير من قيام ليلة ، قلت : كيف يتفكر؟ قال : يمر بالدور الخربة فيقول : أين بانوك أين ساكنوك مالك لاتتكلمين؟ (١).
ين : القاسم وفضالة ، عن أبان ، عن الصيقل مثله.
١٧ ـ ف : عن أبي محمد العسكري عليهالسلام قال : ليست العبادة كثرة الصيام والصلاة وإنما العبادة كثرة التفكر في أمر الله (٢).
١٨ ـ سن : بعض أصحابنا ، عن صالح بن عقبة ، عن عبدالله بن محمد الجعفي قال : سمعت أباجعفر عليهالسلام يقول : إن الله يحب المداعب في الجماعة بلارفث المتوحد بالفكرة ، المتخلي بالصبر ، المساهر بالصلاة (٣).
١٩ ـ ضا : أروي عن العالم عليهالسلام أنه قال : طوبى لمن كان صمته فكرا ونظره عبرا ، وكلامه ذكرا ، ووسعه بيته ، وبكى على خطيئته ، وسلم الناس من لسانه ويده.
وأروي فكر ساعة خير من عبادة سنة ، فسألت العالم عليهالسلام عن ذلك فقال : تمر بالخربة وبالديار القفار فتقول : أين بانيك؟ أين سكانك؟ مالك لاتكلمين؟ وليس العبادة كثرة الصلاة والصيام ، والعبادة التفكر في أمر الله جل وعلا.
وأروي التفكر مرآتك تريك سيئاتك وحسناتك.
٢٠ ـ مص : قال الصادق عليهالسلام : اعتبروا بما مضى من الدنيا ، هل بقى على أحد؟ أو هل فيها باق من الشريف والوضيع والغني والفقير والولي والعدو؟ فكذلك مالم يأت منها بمامضى أشبه من الماء بالماء ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كفى بالموت واعظا وبالعقل دليلا ، وبالتقوى زادا ، وبالعبادة شغلا ، وبالله مونسا وبالقرآن بيانا.
___________________
(١) المحاسن : ٢٦.
(٢) تحف العقول : ٤٨٨.
(٣) المحاسن : ٢٩٣.
وقال النبي صلىاللهعليهوآله : لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة ، وما نجامن نجا إلا بصدق الالتجاء.
وقال نوح عليهالسلام : وجدت الدنيا كبيت له بابان : دخلت من أحدهما وخرجت من الاخر ، هذا حال صفى الله ، كيف حال من اطمأن فيها وركن إليها ، وأضاع عمره في عمارتها ومزق دينه في طلبها.
والفكرة مرآت الحسنات وكفارة السيئات وضياء القلوب وفسحة الخلق وإصابة في صلاح المعاد ، واطلاع على العواقب ، واستزادة في العلم ، وهي خصلة لايعبدالله بمثلها.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فكرة ساعة خير من عبادة سنة ، ولاينال منزلة التفكر إلا من قد خصه الله بنور المعرفة والتوحيد (١).
٢١ ـ مص : قال الصادق عليهالسلام : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : المعتبر في الدنيا عيشه فيها كعيش النائم يراها ولايمسها ، وهويزيل عن قلبه ونفسه باستقباحه معاملات المغرورين بها مايورثه الحساب والعقاب ، ويتبدل بها ما يقربه من رضى الله وعفوه ، ويغسل بماء زوالها مواضع دعوتها إليه ، وتزيين نفسها إليه فالعبرة يورث صاحبها ثلاثة أشياء ، العلم بمايعمل ، والعمل بمايعلم ، وعلم ما لم يعلم.
والعبرة أصلها أول يخشى آخره ، وآخر يحقق الزهد في أوله ، ولايصح الاعتبار إلا لاهل الصفا والبصيرة ، قال الله عزوجل : « فاعتبروا يا اولي الابصار » (٢) وقال جل اسمه : « فانها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور » (٣) فمن فتح الله عين قلبه وبصيرة عينه بالاعتبار ، فقد أعطاه
___________________
(١) مصباح الشريعة ص ٢٠.
(٢) الحشر : ٢.
(٣) الحج : ٤٦.
منزلة رفيعة وزلفة عظيمة (١).
٢٢ ـ شى : عن أبي العباس ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : تفكر ساعة خير من عبادة سنة « إنما يتذكر اولو الالباب » (٢).
٢٣ ـ جا : أحمدبن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار ، عن فضالة ، عن إسماعيل ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : كان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : نبه بالتفكر قلبك ، وجاف عن النوم جنبك ، واتق الله ربك (٣).
٢٤ ـ كتاب صفين : قال : لماتوجه علي عليهالسلام إلى صفين انتهى إلى ساباط ثم إلى مدينة بهر سير وإذا رجل من أصحابه يقال له : حريز بن سهم من بني ربيعة ينظر إلى آثار كسرى وهو يتمثل بقول ابن يعفر التميمي :
جرت الرياح على مكان ديارهم |
|
فكأنما كانوا على ميعاد |
فقال علي عليهالسلام : أفلا قلت : « كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين * كذلك وأورثناها قوما آخرين * فما بكت عليهم السماء والارض وماكانوا منظرين » (٤) إن هؤلاء كانوا وارثين فأصبحوا موروثين ، إن هؤلاء لم يشكروا النعمة ، فسلبوا دنياهم بالمعصية ، إياك وكفر النعم لاتحل بكم النقم (٥).
٢٥ ـ نهج : إن الامور إذا اشتبهت اعتبر آخرها بأولها (٦).
وقال عليهالسلام : من اعتبر أبصر ، ومن أبصر فهم ، ومن فهم علم (٧).
___________________
(١) مصباح الشريعة ص ٢٣.
(٢) تفسير العياشى ج ٢ ص ٢٠٨ في آية الرعد : ١٩.
(٣) مجالس المفيد : ١٢٩.
(٤) الدخان : ٢٥ ـ ٣٠ (٥) ومثله في كنز الكراجكى ١٤٥.
(٦) نهج البلاغة : ج ٢ ص ١٥٨.
(٧) نهج البلاغة : ج ٢ ص ١٩١.
وقال عليهالسلام : ما أكثر العبر وأقل الاعتبار (١).
وقال عليهالسلام : الفكر مرآت صافية ، والاعتبار منذر ناصح ، وكفى أدبا لنفسك تجنبك ماكرهته لغيرك (٢).
وقال عليهالسلام : القلب مصحف البصر (٣).
وقال عليهالسلام في وصيته للحسن عليهماالسلام : استدل على مالم يكن بما قد كان ، فان الامور أشباه ، ولاتكونن ممن لاتنفعه العظة إلا إذا بالغت في إيلامه فان العاقل يتعظ بالادب ، والبهائم لاتتعظ إلا بالضرب (٤).
٢٦ ـ كنز الكراجكى : عن المفيد ، عن ابن قولويه ، عن أبيه وأخيه معا عن سعدبن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمدبن زياد ، عن حفص بن قرط ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : من وعظه الله بخير فقبل فالبشرى ، ومن لم يقبل فالنار له أحرى.
٢٧ ـ مشكوة الانوار : عن الحسن الصيقل قال : سألت أباعبدالله عليهالسلام عما يروي الناس : تفكر ساعة خير من قيام ليلة [ قلت : يتفكر ساعة خير من قيام ليلة؟ ] قال : نعم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : تفكر ساعة خير من قيام ليلة ، قلت : كيف يتفكر قال : يمر بالخربة وبالدار فيفكر ، ويقول : أين ساكنوك؟ أين بانوك؟ مالك لاتكلمين.
وعن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام في كلام له : ما ابن آدم إن التفكر يدعو إلى البر والعمل به ، وإن الندم على الشر يدعو إلى تركه وليس ما يفنى وإن كان كثيرا بأهل أن يؤثر على مايبقى وإن كان طلبه عزيزا (٥).
___________________
(١) نهج البلاغة : ج ٢ ص ٢١٧.
(٢) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٣٠.
(٣) نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٤١.
(٤) نهج البلاغة : ج ٢ ص ٤٠٩.
(٥) مشكاة الانوار ص ٣٧.
(٨١)
* ( باب ) *
* ( الحياء من الله ومن الخلق ) *
١ ـ كا : عن العدة ، عن سهل ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : الحياء من الايمان ، والايمان في الجنة (١).
تبيين : الحياء ملكة للنفس توجب انقباضها عن القبيح ، وانزجارها عن خلاف الاداب خوفا من اللوم ، و « من » في قوله : « من الايمان » إما سببية أي تحصل بسبب الايمان ، لان الايمان بالله وبرسوله وبالثواب والعقاب وقبح ما بين الشارع قبحه يوجب الحياء من الله ومن الرسول ومن الملائكة ، وانزجار النفس من القبايح والمحرمات لذلك أو تبعيضية أي من الخصال التي هي من أركان الايمان أوتوجب كماله.
وقال الراوندي رحمهالله في ضوء الشهاب : الحياء انقباض النفس عن القبائح وتركها لذلك ، يقال : حيي يحيى حياء فهو حيى واستحيا فهو مستحى واستحى فهو مستح ، والحياء إذانسب إلى الله فالمراد به التنزيه ، وأنه لايرضى فيوصف بأنه يستحي منه ويتركه كرما ، وما أكثر مايمنع الحياء من الفواحش والذنوب ، ولذلك قال صلىاللهعليهوآله : الحياء من الايمان ، الحياء خير كله ، الحياء لايأتي إلا بالخير ، فان الرجل إذاكان حييا لم يرخص حياؤه من الخلق في شئ من الفواحش فضلا عن الحياء من الله وروى ابن مسعود أنه جاء قوم إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقالوا : إن صاحبنا قد أفسده الحياء فقال النبي صلىاللهعليهوآله : إن الحياء من الاسلام ، وإن البذاء من لؤم المرء انتهى ، والايمان في الجنة أي صاحبه.
٢ ـ كا : عن محمدبن يحيى ، عن أحمدبن محمد ، عن محمدبن سنان ، عن ابن مسكان ، عن حسن الصيقل قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : الحياء والعفاف والعي ـ أعني
___________________
(١) الكافى ج ٢ ص ١٠٦.
عى اللسان لاعي القلب ـ من الايمان (١).
بيان : العفاف أي ترك المحرمات بل الشبهات أيضا ، ويطلق غالبا على عفة البطن والفرج ، وفي القاموس عي بالامر وعيي كرضي ، وتعايا واستعيى وتعيى لم يهتد لوجه مراده ، أو عجز منه ولم يطق إحكامه وعيي في المنطق كرضي عيا بالكسر حصر وأعيا الماشي كل انتهى والمراد بعي اللسان ترك الكلام فيما لافائدة فيه ، وعدم الاجتراء على الفتوى بغير علم ، وعلى إيذاء الناس وأمثاله ، وهذا ممدوح وعي القلب عجزه عن إدراك دقائق المسائل ، وحقائق الامور وهومذموم « من الايمان » قيل أي من قبيله في المنع عن القبائح أو من أفراده أو من أجزائه أو من شيم أهله ومحاسنه التي ينبغي التخلق بها انتهى.
أقول : وروى الحسين بن سعيد في كتاب الزهد ، عن محمدبن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الصيقل قال : كنت عند أبي عبدالله عليهالسلام : جالسا فبعث غلاماله أعجميا في حاجة إلى رجل فانطلق ثم رجع فجعل أبوعبدالله عليهالسلام يستفهمه الجواب وجعل الغلام لايفهمه مرارا ، قال فلما رأيته لايتعبر لسانه ولايفهمه ، ظننت أن أبا عبدالله عليهالسلام سيغضب عليه قال : وأحد أبوعبدالله النظر إليه ثم قال : أماوالله لئن كنت عيي اللسان فما أنت بعيي القلب ، ثم قال : إن الحياء والعي ـ عي اللسان لاعي القلب ـ من الايمان ، والفحش والبذاء والسلاطة من النفاق.
٣ ـ كا : عن الحسين بن محمد ، عن محمدبن أحمد النهدي ، عن مصعب بن يزيد عن العوام بن الزبير ، عن أبي عبدالله عليهالسلام : قال من رق وجهه رق علمه (٢).
بيان : المراد برقة الوجه الاستحياء عن السؤال وطلب العلم ، وهومذموم فانه لاحياء في طلب العلم ولافي إظهار الحق ، وإنما الحياء عن الامر القبيح قال تعالى : « إن الله لايستحيي من الحق » (٣) ورقة العلم كناية عن قلته ، وماقيل إن المراد برقة الوجه قلة الحياء فضعفه ظاهر ، وفي القاموس الرقة بالكسر
___________________
(١ ـ ٢) الكافى ج ٢ ص ١٠٦.
(٢) مضمونها في الاحزاب ٥٣.
الرحمة ، رققت له أرق والاستحياء والدقة رق يرق فهو رقيق ورقاق انتهى واستعارة رقة الوجه للحياء شائع بين العرب والعجم ، وقيل : المراد برقة العلم الاكتفاء بما يجب ويحسن طلبه ، لا الغلو فيه ، بطلب مالايفيد بل ، يضر كعلم الفلاسفة ونحوه أو استعارة للانتاج فان الثوب الرقيق يحكي ماتحته أو يكون نسبة الرقة إلى العلم على المجاز ، والمراد رقة المعلوم أي يتعلق علمه بالدقايق والحقايق الخفية ولايخفى مافي الجميع من التكلف والتعسف.
٤ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن يحيى أخي دارم عن معاذ بن كثير ، عن أحدهما عليهماالسلام قال : الحياء والايمان مقرونان في قرن فاذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه (١).
بيان : في القاموس القرن بالتحريك حبل يجمع به البعيران ، وخيط من سلب يشد في عنق الفدان انتهى والغرض بيان تلازمهما ولاينافي الجزئية ، و يحتمل أن يكون المراد هنا بالايمان العقائد اليقينية المستلزمة للاخلاق الجميلة والافعال الحسنة كماعرفت أنه أحد معانيه.
٥ ـ كا : عن العدة ، عن سهل ، عن محمدبن عيسى ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن الفضيل بن كثير ، من ذكره ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : لا إيمان لمن لاحياء له (٢).
٦ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن بعض أصحابنا رفعه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الحياء حياءان : حياء عقل وحياء حمق ، فحياء العقل هوالعلم وحياء الحمق هوالجهل (٣).
بيان : يدل على انقسام الحياء إلى قسمين ممدوح ومذموم ، فأما الممدوح فهو حياء ناش عن العقل ، بأن يكون حياؤه وانقباض نفسه ، عن أمر يحكم العقل الصحيح أو الشرع بقبحه ، كالحياء عن المعاصي أو المكروهات ، وأما المذموم فهو الحياء الناشي عن الحمق ، بأن يستحيي عن أمر يستقبحه أهل العرف من العوام
___________________
(١ ـ ٣) الكافى ج ٢ ص ١٠٦.
وليست له قباحة واقعية يحكم بها العقل الصحيح والشرع الصريح ، كالاستحياء عن سؤال المسائل العلمية أو الاتيان بالعبادات الشرعية التي يستقبحها الجهال « فحياء العقل هوالعلم » أي موجب لوفور العلم أوسببه العلم المميزبين الحسن وـ القبح ، وحياء الحمق سببه الجهل وعدم التمييز المذكور أوموجب للجهل لانه يستحيي عن طلب العلم فهو مؤيد لما ذكرنا في الخبر الثالث.
٧ ـ كا : عن محمدبن يحيى ، عن أحمدبن محمد ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن علي ، عن عبدالله بن إبراهيم ، عن علي بن أبي علي اللهبي ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أربع من كن فيه وكان من قرنه إلى قدمه ذنوبا بدلها الله حسنات : الصدق والحياء وحسن الخلق والشكر (١).
بيان : بدلها الله حسنات إشارة إلى قوله تعالى « إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما » (٢) وقد قيل في هذا التبديل وجوه : الاول أنه يمحوسوابق معاصيهم بالتوبة ، ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم ، الثاني أنه يبدل ملكة المعصية في النفس بملكة الطاعةالثالث أنه تعالى يوفقه لاضداد ماسلف منه.
الرابع أنه يثبت له بدل كل عقاب ثوابا ، ويؤيده مارواه مسلم ، عن أبي ذر رضياللهعنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يؤتى بالرجل يوم القيامة ، فيقال اعرضا عليه صغار ذنوبه ، ونحيا عنه كبارها فيقال : عملت يوم كذا وكذا ، كذا و كذا ، وهو مقر لا ينكر ، وهومشفق من الكبار ، فيقال : أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة فيقول : إن لي ذنوبا ما أراها ههنا ، قال : ولقد رأيت رسول الله (ص) ضحك حتى بدت نواجذه.
ومارواه علي بن إبراهيم باسناده ، عن الرضا عليهالسلام قال : إذاكان يوم القيامة أوقف الله عزوجل المؤمن بين يديه ، ويعرض عليه عمله ، فينظر في صحيفته
___________________
(١) الكافى ج ٢ ص ١٠٦.
(٢) الفرقان : ٧٠.
فأول مايرى سيئاته فيتغير لذلك لونه ، وترتعد فرائصه ثم تعرض عليه حسناته فتفرح لذلك نفسه ، فيقول الله عزوجل : بدلوا سيئاتهم حسنات ، وأظهروها للناس ، فيبدل الله لهم فيقول الناس أما كان لهؤلاء سيئة واحدة ، وهوقوله تعالى « يبدل الله سيئاتهم حسنات » (١).
وأقول : أكثر الوجوه جارية في الخبر بأن يوفقه الله للتوبة والاعمال الصالحة فيبدل فسوقه بالطاعات أو مساوي أخلاقه بمحاسنها أو يكتب له في القيامة بدل سيئاته حسنات.
أقول : قد مضى أخبار هذا الباب في باب جوامع المكارم.
٨ ـ ن (٢) لى : أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن أسباط عن الرضا ، عن آبائه عليهمالسلام أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : لم يبق من أمثال الانبياء إلا قول الناس : إذا لم تستحي فاصنع ماشئت (٣).
ص : الصدوق ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب مثله.
٩ ـ لى : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن هاشم ، عن عبدالله بن ميمون المكي ، عن الصادق ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : استحيوا من الله حق الحياء ، قالوا : ومانفعل يارسول الله؟ قال : فان كنتم فاعلين فلايبيتن أحدكم إلا وأجله بين عينيه ، وليحفظ الرأس وماحوى ، والبطن وماوعى وليذكر القبر والبلى ، ومن أراد الاخرة فليدع زينة الحياة الدنيا (٤).
ل : ماجيلويه ، عن علي ، عن أبيه ، عن عبدالله مثله (٥).
ب : محمدبن عيسى ، عن عبدالله بن ميمون مثله (٦).
___________________
(١) تفسير القمى ص ٤٦٨ وقدمر.
(٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ٥٦.
(٣) أمالى الصدوق : ٣٠٥.
(٤) أمالى الصدوق : ٣٦٦.
(٥) الخصال ج ١ ص ١٤١.
(٦) قرب الاسناد ص ١٣ في ط وص ١٨ في ط.
١٠ ـ ب : هارون ، عن ابن صدقة ، عن الصادق ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الحياء على وجهين فمنه الضعف ومنه قوة وإسلام وإيمان (١).
ل : ماجيلويه ، عن عمه ، عن هارون ، عن ابن زياد ، عن الصادق ، عن آبائه عليهمالسلام مثله (٢).
١١ ـ ب : هارون ، عن ابن صدقة ، عن الصادق عليهالسلام قال : قال عيسى بن مريم عليهالسلام : إذا قعد أحدكم في منزلة فليرخ عليه ستره ، فان الله تبارك وتعالى قسم الحياء كما قسم الرزق (٣).
١٢ ـ ن : ابن سعيد الهاشمي ، عن فرات ، عن محمدبن أحمد الهمداني ، عن العباس بن عبدالله البخاري ، عن محمدبن القاسم بن إبراهيم ، عن الهروي قال : قال الرضا صلوات الله عليه : الحياء من الايمان (٤).
١٣ ـ ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن الفضل بن حباب ، عن عبدالواحد بن سلمان ، عن أبيه ، عن الاجلح ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الله يحب الحيي المتعفف ، ويبغض البذي السائل الملحف (٥).
١٤ ـ ما : المفيد ، عن المرزباني ، عن محمدبن أحمد الحكيمي ، عن محمدبن إسحاق ، عن يحيى بن معين ، عن عبدالرزاق ، عن معمربن ثابت ، عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ماكان الفحش في شئ قط إلا شانه ، ولاكان الحياء في شئ قط إلا زانه (٦).
___________________
(١) قرب الاسناد ص ٢٢ في ط وص ٣٢ في ط.
(٢) الخصال ج ١ ص ٢٩.
(٣) قرب الاسناد ص ٢٢ وفى ط ٣٢.
(٤) عيون الاخبار ج ١ ص ٢٦٥.
(٥) أمالى الطوسى ج ١ ص ٣٧.
(٦) أمالى الطوسى ج ١ ص ١٩٣.
جا : المرزباني مثله (١).
١٥ ـ مع : علي بن عبدالله بن أحمد المذكر ، عن علي بن أحمد الطبري عن الحسن بن علي بن زكريا ، عن خراش مولى أنس قال : حدثنا مولاي أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الحياء خير كله.
يعني أن الحياء يكف ذا الدين ومن لادين له عن القبيح ، فهو جماع كل جميل (٤).
١٦ ـ مع : بهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الحياء والايمان في قرن واحد ، فاذا سلب أحدهما اتبعه الاخر.
يعني أن من لم يكفه الحياء عن القبيح فيما بينه وبين الناس فهولايكفه عن القبيح فيما بينه وبين ربه عزوجل ، ومن لم يستحي من الله عزوجل وجاهره بالقبيح فلادين له (٣).
١٧ ـ مع : بهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أول ماينزع الله من العبد الحياء ، فيصير ماقتا ممقتا ثم ينزع منه الامانة ثم ينزع منه الرحمة ، ثم يخلع دين الاسلام عن عنقه ، فيصير شيطانا لعينا.
يعني أن ارتكاب القبيحة بعد القبيحة ينتهي إلى الشيطنة ومن تشيطن على الله لعنه الله (٤).
١٨ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن أسباط عن الحسن بن الجهم ، عن أبي الحسن الاول عليهالسلام قال : مابقي من أمثال الانبياء عليهمالسلام إلا كلمة : إذالم تستح فاعمل ماشئت ، وقال : أما إنها في بني امية (٥).
___________________
(١) مجالس المفيد ص ١٠٧.
(٢) معانى الاخبار ص ٤٠٩.
(٣ ـ ٤) معانى الاخبار ص ٤١٠.
(٥) الخصال ج ١ ص ١٣ ، وفى الاصل رمز أمالى الصدوق ولايوجد فيه.
١٩ ـ مص : قال الصادق عليهالسلام : الحياء نور جوهره صدر الايمان ، وتفسيره التذويب عند كل شئ ينكره التوحيد والمعرفة ، قال النبي صلىاللهعليهوآله : الحياء من الايمان ، فقيل (١) الحياء بالايمان ، والايمان بالحياء ، وصاحب الحياء خير كله ومن حرم الحياء فهوشركله ، وإن تعبد وتورع ، وإن خطوة يتخطا في ساحات هيبة الله تعالى بالحياء منه إليه خير من عبادة سبعين سنة ، والوقاحة صدر النفاق والشقاق والكفر ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا لم تستح فافعل ماشئت أي إذا فارقت الحياء فكل ماعملت من خير وشر فأنت به معاقب.
وقوة الحياء من الحزن والخوف والحياء مسكن الخشية ، فالحياء أوله الهيبة وصاحب الحياء مشتغل بشأنه معتزل من الناس مزد جر عماهم فيه ، ولوترك صاحب الحياء ماجالس أحدا ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا أراد الله بعبد خيرا ألهاه عن محاسنه وجعل مساويه بين عينيه ، وكرهه مجالسة المعرضين عن ذكر الله.
والحياء خمسة أنواع : حياء ذنب ، وحياء تقصير ، وحياء كرامة ، وحياء حب ، وحياء هيبة ، ولكل واحد من ذلك أهل ، ولاهله مرتبة على حدة (٣).
٢٠ ـ ضه : قيل للنبي صلىاللهعليهوآله : أوصني قال : استحي من الله كما تستيي من الرجل الصالح من قومك.
٢١ ـ ختص : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : رحم الله عبدا استحيا من ربه حق الحياء ، فحفظ الرأس وماحوى ، والبطن وماوعى ، وذكر القبر والبلى ، وذكر أن له في الاخرة معادا (٣).
٢٢ ـ الدرة الباهرة : قال علي بن الحسين عليهماالسلام : خف الله تعالى لقدرته عليك ، واستحي منه لقربه منك.
وقال أبومحمد العسكري عليهالسلام : من لم يتق وجوه الناس لم يتق الله.
___________________
(١) فقيد خ ل.
(٢) مصباح الشريعة ص ٦٣.
(٣) الاختصاص : ٢٢٩.
٢٣ ـ نهج : قال عليهالسلام : قرنت الهيبة بالخيبة ، والحياء بالحرمان والفرصة تمر مر السحاب فانتهزوا فرص الخير (١).
وقال عليهالسلام : من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه (٢).
(٨٢)
* ( باب ) *
* « ( السكينة والوقار وغض الصوت ) * »
الايات : الفرقان : وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا (٣).
لقمان : واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الاصوات لصوت الحمير (٤).
١ ـ لى : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن النهدي ، عن عبدالعزيز بن عمر عن أحمدبن عمر الحلبي قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : أي الخصال بالمرء أجمل؟ قال : وقار بلامهابة ، وسماح بلاطلب مكافاة ، وتشاغل بغير متاع الدنيا (٥).
ل : العطار ، عن سعد ، عن النهدي مثله (٦).
٢ ـ لى : عن الصادق عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أحسن زينة الرجل السكينة مع إيمان (٧).
___________________
(١) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٤٧.
(٢) نهج البلاغة ج ٢ ص ١٩٤.
(٣) الفرقان : ٦٣.
(٤) لقمان : ١٩.
(٥) أمالى الصدوق ص ١٧٤.
(٦) الخصال ج ١ ص ٤٦.
(٧) أمالى الصدوق ص ٢٩٢.
(٨٣)
* ( باب ) *
* « ( التدبير والحزم والحذر والتثبت في الامور وترك اللجاجة ) » *
[ من ] الايات : الانبياء : خلق الانسان من عجل ساريكم آياتي فلا تستعجلون (١).
أقول : قد مضى في باب جوامع المكارم بعض أخبار هذا الباب.
١ ـ ن (٢) لى : ابن موسى ، عن الصوفي ، عن الروياني ، عن عبدالعظيم الحسني ، عن أبي جعفر الثاني ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم (٣).
٢ ـ مع (٤) ل : في وصية أبي ذر قال : قال النبي صلىاللهعليهوآله : لاعقل كالتدبير ولاورع كالكف ، ولاحسب كحسن الخلق (٥).
٣ ـ ل : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن موسى بن جعفر بن وهب ، عن الدهقان ، عن أحمدبن عمر الحلبي ، عن زيد القتات ، عن أبان بن تغلب قال : سمعت أباعبدالله عليهالسلام يقول : مع التثبت تكون السلامة ، ومع العجلة تكون الندامة ، ومن ابتدأ بعمل في غير وقته كان بلوغه في غير حينه (٦).
٤ ـ ب : هارون ، عن ابن صدقة ، عن جعفر ، عن آبائه عليهمالسلام أن رجلا
___________________
(١) الانبياء : ٣٧.
(٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ٥٤.
(٣) أمالى الصدوق ص ٢٦٨.
(٤) معانى الاخبار ص ٣٣٥.
(٥) الخصال ج ٢ ص ١٠٥.
(٦) الخصال ج ١ ص ٤٩.
أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يارسول الله أوصني فقال له : فهل أنت مستوص إن أوصيتك؟ حتى قال ذلك ثلاثا في كلها يقول الرجل : نعم يارسول الله ، فقال له رسول الله : فاني اوصيك إذا أنت هممت بأمر فتدبر عاقبته ، فان يك رشدا فامضه ، وإن يك غيا فانته عنه (١).
أقول : قد مضى مثله في باب وصاياه صلىاللهعليهوآله (٢).
٥ ـ ما : فيما أوصى به أمير المؤمنين عليهالسلام عند وفاته : أنهاك عن التسرع بالقول والفعل (٣).
٦ ـ ل : (٤) ن : ماجيلويه عن عمه ، عن البرقي ، عن علي بن محمد ، عن أبي أيوب المديني ، عن سليمان بن جعفر الجعفري ، عن الرضا ، عن آبائه عليهمالسلام قال : رسول الله صلىاللهعليهوآله : تعلموا من الغراب خصالا ثلاثا : استتاره بالسفاد ، وبكوره في طلب الرزق ، وحذره (٥).
٧ ـ ما : فيما أوصى به أمير المؤمنين ابنه عليهماالسلام : يابني إنه لابد للعاقل من أن ينظرفي شأنه ، فليحفظ لسانه ، وليعرف أهل زمانه (٦).
٨ ـ ل : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : الحزم كياسة (٧).
٩ ـ مع : سئل أمير المؤمنين عليهالسلام : ما الحزم؟ قال : أن تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك (٨).
___________________
(١) قرب الاسناد ص ٣٢.
(٢) بل يأتى في كتاب الروضة ، راجع ج ٧٧ ص ١٢٩ و ١٣٠.
(٣) أمالى الطوسى ج ١ ص ٦.
(٤) الخصال ج ١ ص ٤٩.
(٥) عيون الاخبار ج ١ ص ٢٥٧.
(٦) أمالى الطوسى ج ١ ص ١٤٦.
(٧) الخصال ج ٢ ص ٩٤.
(٨) معانى الاخبار ص ٤٠١.
١٠ ـ ل : أبي ، عن أحمدبن إدريس ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله الرازي ، عن ابن أبي عثمان ، عن أحمدبن عمر الحلال ، عن يحيى بن عمران الحلبي قال : سمعت أباعبدالله عليهالسلام يقول : سبعة يفسدون أعمالهم : الرجل الحليم ذوالعلم الكثير لايعرف بذلك ولايذكر به ، والحكيم الذي يدبر ماله كل كاذب منكر لمايؤتى إليه ، والرجل الذي يأمن ذا المكر والخيانة ، والسيد الفظ الذي لارحمة لا ، والام التي لاتكتم عن الولد السر (١) وتفشي عليه ، والسريع إلى لائمة إخوانه ، والذي يجادل أخاه مخاصما له (٢).
سن : محمد البرقي ، عن محمدبن إسماعيل ، عن ابن بزيع ، عن منصور بن يونس بزرج ، عن عمربن اذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنما أهلك الناس العجلة ، ولوأن الناس تثبتوا لم يهلك أحد (٣).
سن : أبي ، عن فضالة ، عن ابن سيابة ، عن أبي النعمان ، عن أبي جعفر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الاناة من الله ، والعجلة من الشيطان (٤).
١٣ ـ الدرة الباهرة : قال الرضا عليهالسلام : من طلب الامر من وجهه لم يزل فان زل لم تخذله الحيلة.
وقال الجواد عليهالسلام : اتئد تصب أوتكد (٥).
وقال عليهالسلام : من لم يعرف الموارد أعيته المصادر.
وقال عليهالسلام : من انقاد إلى الطمأنينة قبل الخبرة ، فقد عرض نفسه للهلكة والعاقبة المتعبة.
___________________
(١) كانه عليهالسلام أراد بالسر النكاح كماقيل في قوله تعالى « ولا تواعدوهن سرا ».
(٢) الخصال ج ٢ ص ٥٠.
(٣) المحاسن : ٢١٥.
(٤) المصدر نفسه.
(٥) الاتئاد : افتعال من الوأد يقال : اتئد : أى تمهل وترزن فيه وتأني وتثبت.