الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٦٨
وقال الرازيّ : يعرض لمن شرب البنج سكر شديد ، واسترخاء الأعضاء ، وزبد يخرج من الفم ، وحمرة في العين .
وقال عيسى بن عليّ : من شرب من بزر البنج الأسود درهمين قتله ، ويعرض لشاربه ذهاب العقل ، وبرد البدن كلّه ، وصفرة اللون ، وجفاف اللسان ، وظلمة في العين ، (١) وضيق نفس شديد ، وشبيه بالجنون ، وامتناع الكلام .
وقال جالينوس : أمّا البنج الّذي بزره أسود فهو يحرّك جنوناً أو سباتاً ، والّذي بزره أيضاً أحمر حمرة معتدلة هو قريب من هذا في القوّة ، ولذلك ينبغي للإنسان أن يتوقّاهما جميعاً ويحذرهما ويجانبهما مجانبة من لا ينتفع به وأمّا البنج الأبيض البزر والزهرة فهو أنفع الأشياء في علاج الطبّ ، وكأنّه في الدرجة الثالثة من درجات الأشياء الّتي تبرد ـ انتهى ـ .
و « أبرفيون » معرّب « فربيون » ويقال له « فرفيون » . قالوا : هو صمغ المازربون حارُّ يابس في الرابعة ، وقيل : يابس في الثالثة ، الشربة منه قيراط إلى دانق ، يخرج البلغم من الوركين والظهر والأمعاء ، ويفيد عرق النسا والقولنج .
٢ ـ الطب : عن أحمد بن صالح ، عن محمّد بن عبد السلام ، قال : دخلت مع جماعة من أهل خراسان على الرضا عليهالسلام فسلّمنا عليه فردّ ، وسأل كلّ واحد منهم حاجة (٢) فقضاها ، ثمّ نظر إليّ فقال لي : وأنت تسأل حاجتك ؟
فقلت : يا ابن رسول الله ، أشكو إليك السعال الشديد . فقال : أحديث أم عتيق ؟ قلت : كلاهما . قال : خذ فلفلاً أبيض جزءً ، وأبرفيون جزءين ، وخربقا أبيض جزء واحداً ، ومن السنبل جزءً ، ومن القاقلة جزءاً واحداً ، ومن الزعفران جزءاً ومن البنج جزءً ، وينخل (٣) بحريرة ويعجن بعسل منزوع الرغوة مثل وزنه ، وتتّخذ
__________________
(١) في العينين ( خ ) .
(٢) في المصدر : حاجته .
(٣) في المصدر : تنخل بحريرة وتعجن .
للسعال العتيق والحديث منه حبّة واحدة بماء الرازيانج عند المنام ، وليكن الماء فاتراً لا بارداً ، فإنّه يقلعه من أصله (١) .
٣ ـ الكافي : عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة : قال : شكى رجل إلى أبي عبد الله عليهالسلام السعال وأنا حاضر ، فقال له : خذ في راحتك شيئاً من كاشم ، ومثله من سكّر فاستفّه يوماً أو يومين . قال ابن اُذينة : فلقيتُ الرجل بعد ذلك فقال : ما فعلته إلّا مرّة (٢) حتّى ذهب (٣) .
بيان : الكاشم : الأنجدان الروميّ ، ذكره الفيروز اباديّ . وقال الأطبّاء : إنّه حارٌّ يابس في الثالثة وكأنّه كان سعاله بلغميّاً بارداً ، مع أنّه يمكن أن يكون ليبسه ، بمنع انصباب الأخلاط إلى الرئة . وقال في القانون : ينفع من الدُّبيلات الباطنة .
٤ ـ الطب : عن الكلابيّ البصريّ ، عن عمر بن عثمان البزّاز ، عن النضر بن سويد ، عن محمد بن خالد ، عن الحلبي ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : ما وجدنا لوجع الحلق مثل حسو اللّبن (٤) .
٥ ـ ومنه : عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام قلت : يا ابن رسول الله ، إنّه يصيبني ربو شديد إذا مشيت حتّى لربما جلست في مسافة ما بين داري ودارك في موضعين . فقال : يا مفضّل ، اشرب له أبوال اللقاح . قال : فشربت ذلك ، فمسح الله دائي (٥) .
بيان : قال الجوهريّ : الربو النفس العالي . وقال اللقاح ـ بالكسر ـ : الإبل بأعيانها ، الواحدة لقوح ، وهي الحلوب .
__________________
(١) الطب : ٨٦ .
(٢) في المصدر : مرة واحدة .
(٣) روضة الكافي : ٢٦٢ .
(٤) الطب : ٨٩ .
(٥) الطب : ١٠٣ .
٦٥
( باب الزكام )
١ ـ الطب : عن سعيد بن منصور ، عن زكريّا بن يحيى المزنيّ ، عن إبراهيم بن أبي يحيى ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : شكوت إليه الزكام ، فقال : صنع من صنع الله ، وجند من جند الله (١) ، بعثه الله إلى علّة في بدنك ليقلعها ، فإذا قلعها فعليك بوزن دانق شونيز ، ونصف دانق كندس ، يدقّ وينفخ في الأنف ، فإنّه يذهب بالزكام . وإن أمكنك أن لا تعالجه بشيء فافعل ، فإنّ فيه منافع كثيرة (٢) .
بيان : الكندس بالفارسيّة بالشين المعجمة ، قال في القاموس : الكندس عروق نبات ، داخله أصفر وخارجه أسود ، مقيّىء ومسهّل جلّاء للبهق ، وإذا سحق ونفخ في الأنف عطس وأنار البصر الكليل وأزال العشا ـ انتهى ـ .
وقال ابن البيطار : شجرته ـ فيما يقال ـ شبيهة بالكنكر . وقال بذيغورس : خاصيّته قطع البلغم والمرّة السوداء الغليظة ويحلّل الرياح من الخياشيم .
وقال حبيش بن الحسن : في الحرارة من أوّل الدرجة الرابعة ، وفي اليبوسة من آخر الدرجة الثالثة ، هو دواء شديد الحرارة ، وشربه خطر عظيم .
وقال ماسرجويه : الكندس حديد الطعم ، وإذا سحق ونفخ في الأنف هيّج العطاس ، وإذا شرب منه مقدار ما ينبغي قيّأ الإنسان جدّاً .
وقال الكنديّ : كان أبو نصر لا يبصر القمر ولا الكوكب بالليل فاستعط بمثل عدسة كندس بدهن بنفسج ، فرأى الكوكب بعض الرؤية في أوّل ليلة ، وفي الثالثة برىء تامّاً ، وجرَّبه غيره فكان كذلك ، وهو جيّد للعشا جدّاً .
٢ ـ الطب : عن عليّ بن الخليل ، عن عبد العزيز بن حسّان ، عن حمّاد ، عن
__________________
(١) في المصدر : جنود الله .
(٢) الطب : ٦٤ .
حريز ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال لمؤدّب أولاده : إذا اُزكم (١) أحد من أولادي أعلمني . فكان المؤدّب يعلمه فلا يردّ عليه شيئاً ، فيقول المؤدّب أمرتني أن اُعلمك بهذا ، فقد أعلمتك فلم تردَّ عليّ شيئاً . قال : إنّه ليس من أحد إلّا وبه عرق من الجذام فإذا هاج دفعه الله بالزكام (٢) .
٣ ـ المكارم : روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : الزكام جند من جنود الله عزّ وجلّ يبعثه على الداء فينزله إنزالاً (٣) .
٤ ـ وروي في الزكام عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : تأخذ دهن بنفسج في قطنة فاحتمله في سفلتك عند منامك ، فإنّه نافع للزكام إن شاء الله تعالى (٤) .
٥ ـ الكافي : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الزكام جند من جنود الله عزّ وجلّ يبعثه على الداء فيزيله (٥) .
٦ ـ ومنه : عن محمّد بن يحيى ، عن موسى بن الحسن ، عن محمّد بن عبد الحميد بإسناده رفعه إلى أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما من أحد من ولد آدم إلّا وفيه عرقان : عرق في رأسه يهيّج الجذام ، وعرق في بدنه يهيّج البرص (٦) .
فإذا هاج العرق الّذي في الرأس سلّط الله عزّ وجلّ عليه الزكام حتّى يسيل ما فيه من الداء ، وإذا هاج العرق الّذي في الجسد سلّط الله عليه الدماميل حتّى يسيل ما فيه من الداء ، فإذا رأى أحدكم به زكاماً ودماميل ، فليحمد الله جلّ وعزّ على العافية . وقال : الزكام فضول في الرأس .
٧ ـ دعوات الراوندي : قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ما من إنسان إلّا وفي رأسه عرق
__________________
(١) في المصدر : اذا زكم أحد من اولادي فأعلمني .
(٢) الطب : ١٠٧ .
(٣ و ٤) المكارم : ٤٣٥ .
(٥ و ٦) روضة الكافي : ٣٨٢ .
من جذام فيبعث الله عليه الزكام فيذيبه ، فإذا وجد أحدكم فليدعه ولا يداويه حتّى يكون الله يداويه .
٨ ـ الكافي : عن العدّة ، عن سهل بن زياد ، عن بكر بن صالح ، والنوفليّ وغيرهما يرفعونه إلى أبي عبد الله عليهالسلام قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يتداوى من الزكام ويقول : ما من أحد إلّا وبه عرق من الجذام ، فإذا أصابه الزكام قمعه (١) .
٩ ـ الخصال : عن أحمد بن زياد الهمدانيّ عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه عن محمّد بن أبي عمير ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهمالسلام عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : لا تكرهوا أربعة فإنّها لأربعة : الزكام فانّه أمان من الجذام ولا تكرهوا الدماميل فإنّها أمان من البرص ، ولا تكرهوا الرمد فإنّه أمان من العمى ولا تكرهوا السعال فإنّه أمان من الفالج (٢) .
أقول : قال في النهاية : فيه « الحزاءة تشربها أكايس النساء للطشّة » هي داء يصيب الناس كالزكام ، سمّيت طشّة لأنّه إذا استنثر (٣) صاحبها طشّ كما يطشّ المطر وهو الضعيف القليل منه .
__________________
(١) روضة الكافي : ٣٨٢ .
(٢) الخصال : ٩٧ .
(٣) استنثر : استنشق الماء .
٦٦
( باب )
* ( معالجة الرياح الموجعة ) *
١ ـ الطب : عن جعفر بن جابر الطائيّ ، عن موسى بن عمر بن يزيد ، عن عمر بن يزيد ، قال : كتب جابر بن حيّان (١) الصوفيّ إلى أبي عبد الله عليهالسلام فقال : (٢) يا ابن رسول الله ، منعتني ريح شابكة شبكت بين قرني إلى قدمي ، فادع الله لي . فدعا له وكتب إليه : عليك بسعوط العنبر والزنبق على الريق تعافى منها إنشاء الله . ففعل ذلك فكأنّما نشط من عقال (٣) .
٢ ـ ومنه : عن أحمد بن إبراهيم بن رياح ، قال : حدّثنا الصباح بن محارب قال : كنت عند أبي جعفر ابن الرضا عليهماالسلام فذكر أنّ شبيب بن جابر ضربته الريح الخبيثة فمالت بوجهه وعينه .
فقال : يؤخذ له القرنفل خمسة مثاقيل ، فيصير في قنينة يابسة ويضمّ رأسها ضمّاً شديداً ، ثمّ تطيّن وتوضع في الشمس قدر يوم في الصيف ، وفي الشتاء قدر يومين ثمّ يخرجه فيسحقه سحقاً ناعماً ثمّ يديفه (٤) بماء المطر حتّى يصير بمنزلة الخلوق ثمّ يستلقي على قفاه ويطلي ذلك القرنفل المسحوق على الشقّ المائل ، ولا يزال مستلقياً حتى يجفّ القرنفل ، فإنّه إذا جفّ رفع (٥) الله عنه وعاد إلى أحسن عاداته (٦)
__________________
(١) في بعض النسخ : جابر بن حسان .
(٢) في المصدر : قال .
(٣) الطب : ٧٠ .
(٤) أداف الدواء : خلطه ، اذا به في الماء وضربه فيه ليخثر .
(٥) رفعه الله ( خ ) .
(٦) في المصدر : عادته .
بإذن الله تعالى . قال فابتدر إليه أصحابنا فبشّروه بذلك فعالجه بما أمره به ، فعاد إلى أحسن ما كان بعون الله تعالى (١) .
بيان : في القاموس القنينة كسكينة إناء زجاج للشراب .
٣ ـ الكافي : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن بكر بن صالح قال : سمعت أبا الحسن الأوّل عليهالسلام يقول : من الريح الشابكة والحام والأبردة في المفاصل تأخذ كفَّ حلبة وكفَّ تين يابس تغمرهما بالماء وتطبخهما في قدر نظيفة ، ثمّ تصفّي ثمّ تبرد ثمَّ تشربه يوماً وتغبّ يوماً ، حتّى تشرب تمام أيّامك قدر قدح رومي (٢) .
توضيح : كأن المراد بالشابكة الريح الّتي تحدث فيما بين الجلد واللحم فتشبك بينهما ، أو الريح الّتي تحدث في الظهر وأمثاله شبيهة بالقولنج فلا يقدر الإنسان أن يتحرّك . و « الحام » لم نعرف له معنى ، وكأنّه بالخاء المعجمة أي البلغم الخام الّذي لم ينضج ، أو المراد الريح اللّازمة من حام الطير على الشيء أي دوّم . « والأبردة » قال الفيروز آباديّ : هي برد في الجوف وقال في النهاية : بكسر الهمزة والراء علّة معروفة من غلبة البرد والرطوبة يفتر عن الجماع .
وفي القانون : الحلبة حارّ في آخر الاُولى ، يابس في الاُولي ، ولا تخلو عن رطوبة غريبة منضجة مليّنة ، يحلّل الأورام البلغميّة والصلبة ، ويليّن الدبيلات وينضجها ، ويصفّي الصوت ، ويليّن الصدر والحلق ، ويسكن السعال والربو خصوصاً إذا طبخ بعسل أو تمر أو تين ، والأجود أن يجمع مع تمر لجيم ويؤخذ عصيرهما فيخلط بعسل كثير ويثخن على الجمر تثخيناً معتدلاً ويتناول قبل الطعام بمدّة طويلة . وطبيخها بالخلّ ينفع ضعف المعدة ، وطبيخها بالماء جيّد للزحير والإسهال .
__________________
(١) الطب : ٧٠ .
(٢) روضة الكافي : ١٩١ ، وفيه « قدح روى » .
٦٧
( باب )
* ( علاج تقطير البول ووجع المثانة والحصاة ) *
١ ـ الطب : عن محمّد بن إبراهيم العلويّ ، عن فضالة ، عن محمّد بن أبي نصر (١) عن أبيه ، قال : شكى عمرو الأفرق إلى الباقر عليهالسلام تقطير البول ، فقال : خذ (٢) الحرمل واغسله بالماء البارد ستّ مرّات وبالماء الحارّ مرّة واحدة ، ثمّ يجفّف في الظلّ ، ثمّ يلتّ بدهن حلّ (٣) خالص ، ثمّ يستفّ على الريق سفّاً ، فإنّه يقطع التقطير باذن الله تعالى .(٤)
بيان : قال ابن بيطار : الحرمل أبيض وأحمر ، فالأبيض هو الحرمل العربيّ ويسمّى باليونانيّة مولى ، والأحمر هو الحرمل العاميّ ويسمّى بالفارسيّة الإسفند . قال جالينوس : قوّته لطيفة حارّة في الدرجة الثالثة ، ولذلك صار يقطع الأخلاط اللزجة ويخرجها بالبول . وقال مسيح الدمشقيّ : يخرج حبّ القرع من البطن وينفع من القولنج وعرق النساء ووجع الورك إذا نطل بمائه ويجلو ما في الصدر والرئة من البلغم اللزج ويحلّل الرياح العارضة في الأمعاء . وقال الرازيّ : يدرّ الطمث والبول .
وقال حبيش : يقيّىء ويسكر مثل ما يسكر الخمر أو قريباً من ذلك ، يؤخذ من حبّه خمسة عشر درهماً فيغسل بالماء العذب مراراً ، ثمّ يجفّف ويدقّ في الهاون
__________________
(١) في المصدر : محمد بن ابي بصير .
(٢) اخذ ( خ ) .
(٣) كذا ، ويأتي تفسيره بدهن السمسم ، ولعل الصواب « الجل » بالجيم وهو الورد ودهنه معروف .
(٤) الطب : ٦٨ .
وينخل بمنخل ضيّق ، ويصبّ عليه من الماء المغليّ أربع أواقي ، ويساط في الهاون بعود ، ويصفّى بخرقة ضيّقة ويرمى بثفله ، ثمّ يصبّ على ذلك الماء من العسل ثلاث أواقي ، ومن دهن الحلّ أوقيتان ، ويستعمل ، فإنّه يقيّىء قيئاً كثيراً .
وقال غيره : إذا استفّ منه زنة مثقال ونصف غير مسحوق اثنتي عشرة ليلة شفى عرق النساء ، مجرّب ـ انتهى ـ . والحلّ دهن السمسم .
٢ ـ الطب : عن الخضر بن محمّد ، عن الخرازينيّ ، (١) قال : دخلت على أحدهم عليهم السلام فسلّمت عليه وسألته أن يدعو الله لأخ لي ابتلى بالحصاة لا ينام ، فقال لي : ارجع فخذ له من الإهليلج الأسود والبليلج والأملج ، وخذ الكور والفلفل والدار فلفل والدارچيني (٢) وزنجبيل وشقاقل ووجّ وأنيسون وخولنجان أجزاء سواء يدقّ وينخل ويلتّ بسمن بقر حديث ، ثمّ يعجن جميع ذلك بوزنه مرّتين من عسل منزوع الرغوة أو فانيد جيّد ، الشربة منه مثل البندقة أو عفصة . (٣)
بيان : « الكور » بالراء المهملة ، وهو بالضمّ المقل ، وهو صمغ شجرة تكون في بلاد العرب .
قال ابن بيطار عن جالينوس قد يظنّ بالمقل العربيّ أنّه يفتت الحصاة المتولّدة في الكليتين إذا شرب ويدرّ البول ويذهب الرياح الغليظة الّتي لم تنضج ويطردها . وفي القاموس : الشقاقل عرق شجر هنديّ يربّى فيليّن فيهيّج الباه ـ انتهى ـ .
والوجّ ـ بالفتح ـ : هو أصل نبات ينبت في الحياض وشطوط المياه ، حارٌ يابس في الثالثة يلطف الأخلاط الغليظة أو يدرّ البول ويزيل صلابة الطحال وينفع أوجاع الجنب والصدر والمغص . وأنيسون دواء معروف ذكروا أنّه حارٌّ يابس في الثالثة محلّل للرياح ، ويدرّ للبول والحيض ، يزيل سدّة الكبد والطحال . وقال ابن سينا : يفتح سدد الكلى والمثانة والرحم . واللّتّ : الدقّ والفتّ والسحق والخلط .
__________________
(١) في المصدر : الخرازي .
(٢) فيه : الدارصيني .
(٣) الطب : ٧٢ .
والفانيذ كأنّه الّذي يقال بالفارسيّة « شكر پنير » وشبهه من الأقراص . وقال في بحر الجواهر هو صنف من السكر أحمر اللون حارٌّ رطب في الاُولى . والفانيد السنجريّ هو الجيّد منه لا دقيق له ، والخزايني دونه . وفي القاموس : العفص شجرة من البلوط ، تحمل سنة بلوطاً وتحمل سنة عفصاً .
أقول : هو الّذي يقال له بالفارسيّة « مازو » .
٦٨
( باب )
* ( معالجة أوجاع المفاصل وعرق النساء ) *
١ ـ الطب : عن عبد الله والحسين ابني بسطام ، قالا : حدّثنا أحمد بن رياح المتطبّب ، وذكر أنّه عرض على الإمام لعرق النساء ، قال : يأخذ قلامة ظفر من به عرق النساء فيعقدها على موضع العرق فإنّه نافع بإذن الله ، سهل حاضر النفع .
وإذا غلب على صاحبه واشتدّ ضربانه يأخذ نكتين فيعقدهما ويشدّ فيهما الفخذ الّذي به عرق النسا من الورك إلى القدم شدّاً شديداً أشدّ ما يقدر عليه حتّى يكاد يغشى عليه ، يفعل ذلك به وهو قائم ، ثمّ يعمد إلى باطن خصر (١) القدم الّتي فيها الوجع فيشدّها ثمّ يعصره عصراً شديداً ، فإنّه يخرج منه دم أسود ، ثمّ يحشى بالملح والزيت ، فإنّه يبرء بإذن الله عزّ وجلّ . (٢)
__________________
(١) خصر القدم : اخمصها .
(٢) الطب : ٧٦ .
٦٩
( باب )
* ( علاج الجراحات والقروح وعلة الجدري ) *
١ ـ الطب : عن أحمد بن العيص ، عن النضر بن سويد ، عن موسى بن جعفر عن أبيه عن جدِّه الباقر عليهمالسلام للجرح ، قال : تأخذ قيراً طريّاً ، ومثله شحم معز طريّ ثمّ تأخذ خرقة جديدة ، أو بستوقة جديدة ، فتطلى ظاهرها بالقير ، ثمّ تضعها على قطع لبن وتجعل تحتها ناراً ليّنة ما بين الأولى إلى العصر ، ثمّ تأخذ كتاناً بالياً وتضعه على يدك وتطلي القير عليه ، وتطليه على الجرح ، ولو كان الجرح له قعر كبير فافتل الكتان وصبّ القير في الجرح صبّاً ثمّ دسّ فيه الفتيلة . (١)
بيان : « قيراً طريّاً » في بعض النسخ « قعر قير » أي أصله وداخله . والدسّ : الإخفاء .
٢ ـ دعوات الراوندي : عن عليّ بن إبراهيم الطالقانيّ ، قال : مرض المتوكّل من خراج خرج به فأشرف على الموت ، فلم يجسر أحد أن يمسّه بحديدة فنذرت أمّه إن عوفي أن يحمل إلى أبي الحسن العسكريّ عليهالسلام مالاً جليلاً من مالها .
فقال الفتح بن خاقان للمتوكّل : لو بعثت إلى هذا الرجل ـ يعني أبا الحسن عليه السلام ـ فسألته ، فإنّه ربما كان عنده صفة شيء يفرّج الله به عنك . فقال : ابعثوا إليه . فمضى الرسول ورجع وقال : قال أبو الحسن عليهالسلام : خذوا كسب الغنم وديفوه بماء الورد ، وضعوه على الخراج ، فإنّه نافع بإذن الله .
فجعل من بحضرة المتوكّل يهزأ من قوله ، فقال لهم الفتح : وما يضرّ من تجربة ما قال ! فو الله إني لأرجو الصلاح . فأحضر الكسب وديف بماء الورد ووضع على الخراج فانفتح وخرج ما كان فيه ، وبشّرت اُمُّ المتوكّل بعافيته ، فحملت إلى أبي الحسن عليه السلام عشرة آلاف دينار تحت ختمها ، واستقلّ المتوكّل من علّته .
__________________
(١) الطب : ١٣٩ .
أقول : تمامه في أبواب تاريخه عليهالسلام .
بيان : المراد بالكسب ما تلبّد (١) تحت أرجل الغنم من روثها قال في القاموس : الكسب ـ بالضمّ ـ : عصارة الدهن وقال : الدوف الخلط والبلّ بماء ونحوه .
٣ ـ العلل : لمحمّد بن عليّ بن إبراهيم : علّة الجدري أنّه لما جاءت الحبشة بالفيل ليهدموا به الكعبة فبعث الله عليهم طيراً أبابيل مع كلّ طير ثلاثة أحجار : حجران في مخاليبه ، وحجر في منقاره ، فكانت ترميهم فتقع على رؤوسهم وتخرج من أدبارهم حتّى ماتوا ، ومن كان منهم في الدنيا أصابهم الجدري وانتفخت أبدانهم ونضجت حتّى هلكوا فهذا هو الجدريّ ، ثمّ توالد الناس عنها .
٤ ـ مجمع البيان : قال : روى الواحديّ بإسناده عن سهل بن سعد الساعديّ قال : خرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم اُحد وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وكانت فاطمة بنته عليهاالسلام تغسل عنه الدم ، وعليُّ بن أبي طالب عليهالسلام يسكب عليها بالمجنّ .
فلمّا رأت فاطمة أنّ الماء لا يزيد الدم إلّا كثرة أخذت قطعة حصير فأحرقت حتّى إذا صار رماداً ألزمته ؛ فاستمسك الدم .
تأييد : قال بعض أحاذق الأطبّاء : رماد البرديّ له فعل قويٌّ في حبس الدم لأنّ فيه تجفيفاً قويّاً وقلّة لدغ ، فإنّ الأشياء القويّة التجفيف إذا كان فيها لدغ ربما عادت وهيّجت الدم وجلبت الورم . وهذا الرماد إذا نفخ وحده أو مع الخلّ في أنف الراعف قطع رعافه ، وقد يدخل في حقن قروح الأمعاء .
والقرطاس المصريّ يجري هذا المجرى وقد شكره جالينوس وكثيراً ما يقطع به الدم . وهذا القرطاس المصريّ الّذي يذكره جالينوس كان قديماً يعمل من البرديّ وأمّا اليوم فلا ، والبرديّ بارد يابس في الثانية ، ورماده يمنع القروح الخبيثة أن تسعى .
__________________
(١) اي التصق بعضه ببعض فصار كاللبد .
وأقول : وروى هذه (١) الرواية الشيخ أبو الحسن عليُّ بن عبد الكريم الحمويّ في كتاب « الأحكام النبويّة في الصناعة الطبيّة » هذا الحديث نقلاً عن الصحيحين عن أبي حازم عن سهل بن سعد مثله .
ثمّ قال المؤلف : المراد ههنا الحصير المعمول من البرديّ ، ورق نبات ينبت في المياه يكون في وسطه عسلوج طويل أخضر مائل إلى البياض ، ولرماده فعل قويٌّ في حبس الدم .
ثمّ ذكر نحواً مما مرّ ـ إلى أن قال ـ قال ابن سينا : ينفع من النزف ويمنعه ويذرّ على الجراحات الطريّة فيدملها . والقرطاس المصريّ كان قديماً يعمل منه ومزاجه بارد يابس ، ورماده نافع من أكلة الفم ، ويحبس نفث الدم ، ويمنع القروح الخبيثة أن تسعى .
والمجنّ : الترس الّذي يستتر به ، ومنه سمّيت الجنّ لاستتارهم عن أعين الناس والجنّة جنّة لاستتارها بالأورق .
__________________
(١) كذا ، والظاهر زيادة لفظة « هذه الرواية » او « هذا الحديث » .
٧٠
( باب )
* ( الدواء لوجع البطن والظهر ) *
١ ـ الطب : عبد الله والحسين ابنا بسطام قالا : أملى علينا أحمد بن رياح المتطبّب وذكر أنّه عرض على الإمام عليهالسلام فرضيها لوجع البطن والظهر ، قال : تأخذ لبنى عسل يابس ، وأصل الأنجدان ، من كلّ واحد عشرة مثاقيل ، ومن الأفتيمون مثقالين ، يدقّ كلّ واحد من ذلك علا حدة وينخل بحرير (١) أو بخرقة ضيّقة ، خلا الأفتيمون فإنّه لا يحتاج أن ينخل بل يدقّ دقّاً ناعماً ، ويعجن جميعاً بعسل منزوع الرغوة . والشربة منه مثقالين (٢) إذا أوى إلى فراشه بماء فاتر (٣) .
بيان : قال ابن بيطار نقلاً عن الخليل بن أحمد : اللّبنى شجر له لبن كالعسل ، يقال له « عسل اللّبنى » . وقال مرّة اُخرى : عسل اللّبنى يشبه العسل ، لا حلاوة له ، يتّخذ من شجر اللّبنى .
قال : وقال أبو حنيفة : حلب من حلب شجرة كالدودم ولذاك سمّيت « الميعة » لانمياعها وذوبها .
وقال الرازيّ في الحاوي : اللّبنى هي الميعة .
وقال : قال إسحاق بن عمران : [ شجرة ] الميعة شجرة جليلة ، وقشرها الميعة اليابسة ، ومنه تستخرج الميعة السائلة ، وصمغ هذه الشجرة هو اللّبنى ، وهو « ميعة الرهبان » وهو صمغ أبيض شديد البياض .
وقال أبو جريح : الميعة صمغة تسيل من شجرة تكون ببلاد الروم ، تحلب منه
__________________
(١) في المصدر : بحريرة او بخرقة صفيفة .
(٢) مثقالان ( خ ) .
(٣) الطب : ٧٨ .
فتؤخذ وتطبخ . ويعتصر أيضاً من لحى تلك الشجرة ، فما عصر سمّي ميعة سائلة ويبقى الثخين فيسمّى ميعة يابسة .
وقال جالينوس : الميعة تسخّن وتلين وتنضج ، ولذلك صارت تشفي السعال والزكام والنوازل والبحوحة ، وتحدر الطمث إذا شربت وإذا احتملت من أسفل .
وقال حبيش بن الحسن : تنفع من الرياح الغليظة ، وتشبك الأعضاء إذا شربت أو طليت من خارج البدن ـ انتهى ـ وفي القاموس : اللّبنى ـ كبشرى ـ .
وفي بحر الجواهر : الأنجدان معرّب « أنكدان » وهو نبات أبيض اللون وأسود ، والأسود لا يؤكل ، والحلتيت صمغه ، حارٌّ يابس في الثالثة ، ملطف هذّاب بقوّة أصله وقال : أفتيمون هو بزر وزهر وقضبان صغار ، وهو خريف الطعم ، وهو أقوى من الحاشا . وقيل هو نوع منه ، حارٌّ يابس في الثالثة وقيل : يابس في آخر الاُولى يسهّل السوداء والبلغم والصفراء ، وإسهاله للسوداء أكثر .
٢ ـ الكافي : عن العدّة ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن محمّد بن عليّ ، عن نوح بن شعيب ، عمّن ذكره عن أبي الحسن عليهالسلام قال : من تغيّر عليه ماء الظهر فلينفع له اللبن الحليب والعسل (١) .
بيان : تغيّر ماء الظهر كناية عن عدم حصول الولد منه . والحليب احتراز عن الماست ، فإنّه يطلق عليه اللبن أيضاً .
قال الجوهريّ : الحليب اللبن المحلوب .
__________________
(١) روضة الكافي : ١٩١ . ولا يخفى ان هذه الرواية غير مرتبطة بهذا الباب .
٧١
( باب )
معالجة البواسير وبعض النوادر
١ ـ المحاسن : عن أبيه ، عن يونس بن عبد الرحمان ، عن هشام بن الحكم ، عن زرارة ، قال : رأيت داية أبي الحسن عليهالسلام تلقمه الأرز وتضربه عليه ، فغمّني ذلك ، فدخلت على أبي عبد الله عليهالسلام فقال إنّي أحسبك غمّك الّذي رأيته من داية أبي الحسن عليهالسلام ، قلت : نعم جعلت فداك ، فقال لي : نعم ، نعم الطعام الاَرز ، يوسّع الأمعاء ، ويقطع البواسير ، وإنّا لنغبط أهل العراق بأكلهم الأرز والبسر ، فإنّهما يوسّعان الأمعاء ، ويقطعان البواسير (١) .
٢ ـ ومنه : عن محمّد بن عليّ ، عن عمر بن عيسى ، عن فرات بن أحنف ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : الكراث يقمع البواسير ، وهو أمان من الجذام لمن أدمنه .
تأييد : قال في القانون : الكراث منه شاميٌّ ومنه نبطيٌّ ومنه الّذي يقال له الكراث البرّيّ ، وهو بين الكراث والثوم ، وهو بالدواء أشبه منه بالطعام ، والنبطيُّ أدخل في المعالجات من الشاميّ ، حارٌّ في الثالثة ، يابس في الثانية ، والبرّيُّ أحرّ و أيبس ، ولذلك هو أردأ ـ إلى أن قال ـ وينفع البواسير مسلوقه مأكولاً وضماداً ، و يحرّك الباه ، وبزره مقلوًّا مع حبّ الآس للزحير ودم المقعدة .
وقال صاحب بحر الجواهر : منه بستانيٌّ ومنه برّيٌّ ، حارٌّ يابس في الثالثة ، وهو أقلّ إسخاناً وتصديعاً وإظلاماً للبصر من الثوم والبصل ، بطيء الهضم ، رديء للمعدة ، يولد كيموساً رديئاً ، وفيه قبض قليل ، ينفع البواسير إذا سلق في الماء مراراً ثمَّ جعل في الماء البارد وطحن بزيت . وقال ابن بيطار : نقلاً عن ابن ماسة : إذا أكل الكراث أو شرب طبيخه نفع من البواسير الباردة .
وعن ماسرجويه : إذا دخّنت المقعدة ببزر الكراث أذهب البواسير . وعن ابن
__________________
(١) المحاسن : ٥٠٤ .
ماسويه : إن قلى مع الحرف نفع من البواسير .
٣ ـ المحاسن : عن داود بن أبي داود ، عن رجل رأى أبا الحسن عليهالسلام بخراسان يأكل الكراث في البستان كما هو ، فقيل : إنّ فيه السّماد ، فقال : لا يعلق (١) منه شيء ، وهو جيّد للبواسير (٢) .
٤ ـ الطب : عن محمّد بن عبد الله بن مهران الكوفيّ ، عن إسماعيل بن يزيد عن عمرو بن يزيد الصيقل ، قال : حضرت أبا عبد الله الصادق عليهالسلام فسأله رجل به البواسير الشديد ، وقد وصف له دواء سكرّجة من نبيذ صلب ، لا يريد به اللذّة ولكن يريد به الدواء .
فقال : لا ، ولا جرعة . قلت : لم ؟ قال : لأنّه حرام ، وإنّ الله عزّ وجلّ لم يجعل في شيء ممّا حرّمه دواءً ولا شفاءً . خذ كراثاً بيضاء (٣) ، فتقطع رأسه الأبيض ولا تغسله ، وتقطعه صغاراً صغاراً ، وتأخذ سناماً فتذيبه وتلقيه على الكراث ، و تأخذ عشر جوزات فتقشرها وتدقّها مع وزن عشرة دراهم جبناً فارسيّاً وتغلي الكراث (٤) فإذا نضج ألقيت عليه الجوز والجبن ، ثمّ أنزلته عن النار فأكلته على الريق بالخبز ثلاثة أيّام أو سبعة ، وتحتمي عن غيره من الطعام .
وتأخذ بعدها أبهل محمّصاً قليلاً بخبز وجوز مقشّر بعد السنام والكراث ، تأخذ على اسم الله نصف أوقية دهن الشيرج على الريق ، وأوقية كندر ذكر تدقّه وتستفّه ، وتأخذ بعده نصف أوقية شيرج آخر ثلاثة أيّام ، وتؤخّر أكلك إلى بعد الظهر ، تبرأ إنشاء الله تعالى (٥) .
توضيح : قال في النهاية : فيه « لا أكل في سكرّجة » هي بضمّ السين والكاف
__________________
(١) في المصدر : لا يعلق به منه شيء .
(٢) المحاسن : ٥١٢ .
(٣) في بعض النسخ : « نبطياً » .
(٤) زاد في المصدر : على النار .
(٥) الطب : ٣٢ .
والراء والتشديد إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الادم ، وهي فارسيّة . قوله « كراثا بيضاء » كذا في أكثر النسخ ، وكأنّ المراد كون أصلها أبيض ، فإنّ بعضها أصله أحمر كالبصل ، والظاهر « نبطيّا » كما في بعض النسخ الصحيحة وكأنّ المراد بالجبن الفارسيّ : المالح منه ، أو الّذي يقال له التركيّ .
وقال في القاموس : أبهل شجر كبير ورقه كالطرفاء وثمره كالنّبق (١) وليس بالعرعر كما توهّم الجوهريّ .
وقال في القانون : هو ثمرة العرعر يشبه الزعرور إلّا أنّها أشدُّ سواداً ، حادّة الرائحة طيّبة ، وشجره صنفان : صنف ورقه كورق السرو كثير الشوك يستعرض فلا يطول والآخر ورقه كالطرفة وطعمه كالسرو وهو أيبس وأقل حرّاً ، وإذا أخذ منه ضعف الدارصينيّ قام مقامه . وقال بعضهم حارٌّ يابس في الثالثة .
وقال ابن بيطار نقلاً عن إسحاق بن عمران : هو صنف من العرعر كثير الحبّ وهو شجر كبير له ورق شبيه بورق الطرفاء ، وثمرته حمراء دميمة يشبه النبق في قدرها ولونها ، وما داخلها مصوف ، له نوى ولونه أحمر ، إذا نضج كان حلو المذاق وبعض طعم القطران .
وقال : إذا اُخذ من ثمرة الأبهل وزن عشرة دراهم فجعل في قدر وصبّ عليه ما يغمره من سمن البقر ، ووضع على النار حتّى ينشف السمن ، ثمّ سحق وجعل معه وزن عشرة دراهم من الفانيد ، وشرب كلّ يوم منه وزن درهمين على الريق بالماء الفاتر ، فإنّه نافع لوجع أسفل البطن من البواسير ـ انتهى ـ . وفي القاموس : حبّ محمّص ـ كمعظّم ـ : مقلوّ .
« وتأخذ بعدها » أي بعد الأيّام الثلاثة أو السبعة ، بعد السنام والكراث أي بعد ما أكلت الدواء المذكور الأيّام المذكورة . « آخر ثلاثة أيّام » أي إلى آخر ثلاثة أيّام ، ويحتمل أن يكون « آخر » صفة للنصف ، فالمعنى أنّه يشرب الشيرج قبل السفوف وبعده .
__________________
(١) النبق : ثمر السدر .
وقال في القانون : الكندر أجوده الذكر الأبيض المدحرج الدبقى الباطن والدهين المكسّر حارٌّ في الثانية ، مجفّف في الاُولى .
٥ ـ الطب : عن أحمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن عبد الرحمان بن أبي نجران عن أبي محمّد الثماليّ ، عن إسحاق الجريريّ قال : قال الباقر عليهالسلام : يا جريريّ ، أرى لونك قد انتُقع أبك بواسير ؟ قلت : نعم يا ابن رسول الله ، وأسأل الله عزّ وجلّ أن لا يحرمني الأجر .
قال : أفلا أصف لك دواءً ؟ قلت : يا ابن رسول الله والله لقد عالجته بأكثر من ألف دواء فما انتفعت بشيء من ذلك ، وإنّ بواسيري تشخب دماً !
قال : ويحك يا جريريّ ، فإنّي طبيب الأطبّاء ، ورأس العلماء ، ورئيس الحكماء ، ومعدن الفقهاء ، وسيّد أولاد الأنبياء على وجه الأرض قلت : كذلك يا سيّدي ومولاي . قال : إنّ بواسيرك اُناث تشخب الدماء . قال : قلت صدقت يا ابن رسول الله .
قال : عليك بشمع ودهن زنبق ولبنى عسل وسماق وسرو كتان ، اجمعه في مغرفة على النار ، فإذا اختلط فخذ منه قدر حمصة ، فالطخ بها المقعدة تبرأ بإذن الله تعالى . قال الجريريّ : فو الله الّذي لا إله إلّا هو ما فعلته إلّا مرّة واحدة حتّى برىء ما كان بي ، فما حسست بعد ذلك بدم ولا وجع .
قال الجريريّ : فعدت إليه من قابل ، فقال لي : يا أبا إسحاق قد برئت والحمد لله ، قلت : جعلت فداك نعم ، فقال : أما إنّ شعيب بن إسحاق بواسيره ليست كما كانت بك ، إنّها ذكران . فقال : قل له : ليأخذ بلاذراً (١) فيجعلها ثلاثة أجزاء وليحفر حفيرة وليخرق آجرة فيثقب فيها ثقبة ، ثمّ يجعل تلك البلاذر على النار ويجعل الآجرة عليها ، وليقعد على الآجرة وليجعل الثقبة حيال المقعدة ، فإذا ارتفع البخار إليه فأصابه حرارة فليكن هو يعدّ ما يجد ، فإنّه ربما كانت خمسة
__________________
(١) في بعض النسخ « بلادراً » باهمال الدال ، وفي بعضها كما في المصدر « ابراذر » وكذا في ما بعد .
ثآليل (١) إلى سبعة ثآليل ، فإن ذابت [ وأتته ] فليقلعها ويرم بها ، وإلّا فليجعل الثالث (٢) من البلاذر عليها فإنّه يقلعها باُصولها .
ثمّ ليأخذ المرهم الشمع ودهن الزنبق (٣) ولبنى عسل وسرو كتان هكذا . قال : [ وصفت لك ] (٤) للذكران ، فليجمعه على ما ذكرت ههنا ليطلى به المقعدة ، فإنّما هي طلية واحدة .
فرجعت فوصفت له ذلك فعمله فبرىء بإذن الله تعالى فلمّا كان من قابل حججت فقال لي : يا أبا إسحاق أخبرنا بخبر شعيب . فقلت له : يا ابن رسول الله والّذي قد اصطفاك على البشر وجعلك حجّة في الأرض ما طلا بها إلّا طلية واحدة .
بيان : في القاموس « انتُقع لونه » مجهولاً : تغيّر . وقد مرّ تعريف اللبنى وبعض أوصافه . وقال بعضهم : إنّ اللبنى هو الميعة ، وسائله عسل اللبنى . قيل : هو دمع شجرة كالسفرجل ، وقيل : إنّها دهن شجرة اُخرى روميّة . أجود أصناف الميعة السائل بنفسه الشهديّ الصمغي الطيّب الرائحة الضارب إلى الصفرة ليس بأسود تخالى حارٌّ في الاُولى يابس في الثانية . فيه إنضاج وتليين وتسخين وتحليل وتحدير (٥) بالطبخ ، ودهنه الّذي يتّخذ بالشام يليّن تلييناً شديداً ، وهو ضماد على الصلابات في اللّحم ، وطلاء على البثور الرطبة واليابسة مع الإدهان ، وعلى الجرب الرطب واليابس جيّد ، وشربه ينفع تشبّك المفاصل ، وكذلك طلاؤه ، ويقوّي الأعضاء .
وبخار رطبه ويابسه ينفع النزلة وهو بالغ للزكام جدّاً ، وينفع من السعال المزمن ووجع الحلق ، ويصفّي الصوت الأبحّ إلى تليين شديد ، ويهضم الطعام ، ويدرّ
__________________
(١) جمع « ثؤلول » وهو خراج ناتى صلب مستدير .
(٢) في المصدر : الثلث الثاني .
(٣) دهن زنبق ( خ ) .
(٤) في بعض النسخ : هكذا قال ههنا للذكران ، ويظهر من بيان المؤلف ـ ره ـ أن نسخته كانت هكذا : « هكذا قال للذكران » وجعله من كلام الراوي .
(٥) وتخدير بالطبع ( خ ) .