الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٧
١٨ ـ كا : عدة من اصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عبدالله بن الصلت عن رجل من أهل بلخ قال : كنت مع الرضا عليهالسلام في سفرة إلى خراسان فدعا يوما بمائدة له فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم ، فقلت : جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة فقال : مه إن الرب تبارك وتعالى واحد والام واحدة والاب واحد والجزاء بالاعمال.
١٩ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن صندل ، عن ياسر ، عن اليسع بن حمزة قال : كنت أنا في مجلس أبي الحسن الرضا عليهالسلام أحدثه وقد اجتمع إليه خلق كثير يسألونه عن الحلال والحرام ، إذ دخل عليه رجل طوال آدم فقال له : السلام عليك يا بن رسول الله رجل من محبيك ومحبي آبائك وأجدادك عليهمالسلام مصدري من الحج وقد افتقدت نفقتي وما معي ما أبلغ به مرحلة ، فان رأيت أن تنهضني إلى بلدي والله علي نعمة ، فاذا بلغت بلدي تصدقت بالذي توليني عنك ، فلست موضع صدقة ، فقال له : اجلس رحمك الله ، وأقبل على الناس يحدثهم حتى تفرقوا ، وبقي هو وسليمان الجعفري وخيثمة وأنا ، فقال : أتأذنون لي في الدخول؟ فقال له : يا سليمان قدم الله أمرك ، فقام فدخل الحجرة وبقي ساعة ثم خرج ورد الباب وأخرج يده من أعلى الباب وقال : أين الخراساني؟ فقال : ها أنا ذا فقال : خذ هذه المأتي دينار واستعن بها في مؤنتك ونفقتك وتبرك بها ولا تصدق بها عني ، واخرج فلا أراك ولا تراني.
ثم خرج فقال سليمان : جعلت فداك لقد أجزلت ورحمت ، فلما ذا سترت وجهك عنه؟ فقال : مخافة أن أرى ذل السؤال في وجهه لقضائي حاجته أما سمعت حديث رسول الله صلىاللهعليهوآله : «المستتر بالحسنة ، تعدل سبعين حجة ، والمذيع بالسيئة مخذول والمستتر بها مغفور له» أما سمعت قول الاول :
متى آته يوما لا طلب حاجة |
|
رجعت إلى أهلى ووجهي بمائة (١) |
____________________
(١) الكافى ج ٤ ص ٢٣ و ٢٤ ،
قب عن اليسع مثله (١).
٢٠ ـ كا : الحسين بن محمد عن السياري ، عن عبيد بن أبي عبدالله البغدادي عمن أخبره قال : نزل بأبي الحسن الرضا عليهالسلام ضيف وكان جالسا عنده يحدثه في بعض الليل فتغير السراج ، فمد الرجل يده ليصلحه ، فزبره أبوالحسن عليهالسلام ثم بادره بنفسه فأصلحه ثم قال : إنا قوم لا نستخدم أضيافنا (٢).
٢١ ـ كا : علي بن محمد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن نوح بن شعيب عن ياسر الخادم قال : أكل الغلمان يوما فاكهة فلم يستقصوا أكلها ورموا بها ، فقال لهم أبوالحسن عليهالسلام : سبحان الله إن كنتم استغنيتم فان اناسا لم يستغنوا أطعموه من يحتاج إليه (٣).
٢٢ ـ كا : عنه ، عن نوح بن شعيب ، عن ياسر الخادم ونادر جميعا قالا : قال لنا أبوالحسن صلوات الله عليه : إن قمت على رؤوسكم وأنتم تأكلون ، فلا تقوموا حتى تفرغوا ، ولربما دعا بعضنا فيقال : هم يأكلون ، فيقول : دعوهم حتى يفوغوا وروى عن نادر الخادم قال : كان أبوالحسن عليهالسلام إذا أكل أحدنا لا يستخدمه حتى يفرغ من طعامه.
وروى نادر الخادم قال : كان أبوالحسن عليهالسلام يضع جوزينجة على الاخرى ويناولني. (٤)
٢٣ ـ كا : العدة ، عن سهل ، عن محمد بن أسماعيل الرازي ، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال : دخلت إلى أبي الحسن الرضا صلوات الله عليه وبين يديه تمر برني وهو مجد في أكله يأكله بشهوة فقال : يا سليمان ادن فكل ، قال : فدنوت فأكلت معه
____________________
(١) مناقب ابن شهر آشوب ج ٤ ص ٣٦١.
(٢) الكافى ج ٦ ص ٢٨٣.
(٣) الكافى ج ٦ ص ٢٩٧.
(٤) المصدر ج ٦ ص ٢٩٨. وجوزينجه معرب جوزينه ، وهى ما يعمل من السكر والجوز ، منه رحمهالله في المرآت.
وأنا أقول له : جعلت فداك إني أراك تأكل هذا التمر بشهوة ، فقال : نعم إني لاحبه.
قال : قلت : ولم ذاك؟ قال : لان رسول الله صلىاللهعليهوآله كان تمريا ، وكان أمير المؤمنين عليهالسلام تمريا ، وكان الحسن عليهالسلام تمريا ، وكان أبوعبدالله الحسين عليهالسلام تمريا ، وكان سيد العابدين عليهالسلام تمريا ، وكان أبوجعفر عليهالسلام تمريا ، وكان أبوعبدالله عليهالسلام تمريا ، وكان أبي تمريا ، وأنا تمري وشيعتنا يحبون التمر لانهم خلقوا من طينتنا ، وأعداؤنا يا سليمان يحبون المسكر ، لانهم خلقوا من مارج من نار (١).
٢٤ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن الحسن بن الجهم قال : دخلت على أبي الحسن عليهالسلام وقد اختضب بالسواد (٢).
٢٥ ـ كا : العدة ، عن سهل ، عن أبي القاسم الكوفي ، عمن حدثه ، عن محمد بن الوليد الكرماني قال : قلت لابي جعفر الثاني عليهالسلام : ما تقول في المسك؟ فقال : إن أبي أمر فعمل له مسك في بان بسبع مائة درهم ، فكتب إليه الفضل بن سهل يخبره أن الناس يعيبون ذلك ، فكتب إليه يا فضل أما علمت أن يوسف صلى الله عليه وهو نبي كان يلبس الديباج مزردا بالذهب ، ويجلس على كراسي الذهب ، فلم ينقص ذلك من حكمته شيئا؟ قال : ثم أمر فعملت له غالية بأربعة آلاف درهم (٣).
٢٦ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن معمر بن خلاد قال : أمرني أبوالحسن الرضا عليهالسلام فعملت له دهنا فيه مسك وعنبر فأمرني أن أكتب في قرطاس آية الكرسي وام الكتاب والمعوذتين ، وقوارع من القرآن ، وأجعله بين الغلاف والقارورة ، ففعلت ، ثم أتيته فتغلب به وأنا أنظر إليه (٤).
____________________
الكافى ج ٦ ص ٣٤٥ و ٣٤٦.
(٢) الكافى ج ٦ ص ٤٨٠ وهو صدر حديث.
(٣) المصدر ج ٦ ص ٥١٦ و ٥١٧. (٤) نفس المصدر ج ٦ ص ٥١٦.
بيان : قال الفيروزآبادي «قوارع القرآن» الآيات التي من قرأها أمن من الشياطين الانس والجن كانها تقرع الشيطان.
٢٧ ـ كا : العدة ، عن البرقي ، عن موسى بن القاسم ، عن ابن أسباط ، عن الحسن بن الجهم قال : خرج إلي أبوالحسن عليهالسلام فوجدت منه رائحة التجمير (١).
٢٨ ـ كا العدة ، عن البرقي ، عن أبيه وابن فضال ، عن الحسن بن الجهم قال : رأيت أبا الحسن عليهالسلام يدهن بالخيري (٢).
٢٩ ـ كا : العدة ، عن البرقي ، عن البزنطي ، عن الرضا عليهالسلام أنه كان يترب الكتاب (٣).
بيان : أي يذر على مكتوبة بعد تمامه التراب ، وقيل : كناية عن التواضع فيه وقيل : المعنى جعله على الارض عند تسليمه إلى الحامل ولا يخفى بعدهما.
٣٠ ـ كا : علي بن محمد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن إسحاق الاحمر ، عن الوشاء ، قال : دخلت على الرضا عليهالسلام وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ منه للصلاة فدنوت لاصب عليه فأبى ذلك ، وقال : معه يا حسن فقلت له : لم تنهاني أن أصب على يدك ، تكره أن إوجر؟ قال : تؤجر أنت واوزر أنا ، فقلت له : وكيف ذلك؟ فقال : أما سمعت الله عزوجل يقول «فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا» وها أنا ذل أتوضأ للصلاة وهي العبادة ، فأكره أن يشركني فيها أحد (٤).
٣١ ـ كا : العدة ، عن البرقي ، عن البزنطي قال : جاء رجل إلى أبي الحسن الرضا من وراء نهر بلخ قال : إني أسالك عن مسألة فان أجبتني فيها بما عندي قلت بامامتك
____________________
(١) الكافى كتاب الزى والتجمل باب البخور ح ٣ ، راجع ج ٦ ص ٥١٨.
(٢) المصدر ج ٦ ص ٥٢٢ ، وهو صدر حديث.
(٣) المصدر ج ٢ ص ٦٧٣.
(٤) الكافي ج ٣ ص ٦٩.
فقال أبوالحسن عليهالسلام : سل عما شئت ، فقال : أخبرني عن ربك متى كان وكيف كان وعلى أي شئ كان اعتماده لا فقال أبوالحسن عليهالسلام : إن الله تبارك وتعالى أين الاين بلا أين ، وكيف الكيف بلا كيف ، وكان اعتماده على قدرته ، فقام إليه الرجل فقبل رأسه ، وقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وأن عليا وصي رسول الله ، والقيم بعده بما أقام به رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنكم الائمة الصادقون وأنك الخلف من بعدهم (١).
٣٢ ـ كا : العدة ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي قال : ذكرت للرضا عليهالسلام شيئا فقال : اصبر فاني أرجو أن يصنع الله لك إنشاء الله ثم قال : فو الله ما ادخر الله عن المؤمنين من هذه الدنيا خير له مما عجل له فيها ثم صغر الدنيا وقال : أي شئ هي؟ ثم قال : إن صاحب النعمة على خطر ، إنه يجب عليه حقوق الله فيها والله إنه ليكون على النعم من الله عزوجل ، فما أزال منها على وجل ، وحرك يده ، حتى أخرج من الحقوق التي تجب لله علي فيها ، قلت : جعلت فداك أنت في قدرك تخاف هذا؟ قال : نعم فأحمد ربي على ما من به علي (٢).
٣٣ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن علي بن إبراهيم الجعفري ، عن محمد بن الفضل عن الرضا عليهالسلام قال : قال لبعض مواليه يوم الفطر وهو يدعو له : يا فلان تقبل الله منك ومنا ثم أقام حتى إذا كان يوم الاضحى ، فقال له : يا فلان تقبل الله منا ومنك قال : فقلت له : يا ابن رسول الله قلت في الفطر شيئا وتقول في الاضحى غيره؟ قال : فقال : نعم إني قلت له في الفطر تقبل الله منك ومنا ، لانه فعل مثل فعلي وناسبت أنا وهو في الفعل ، وقلت له في الاضحى تقبل الله منا ومنك لانا يمكننا أن نضحي ولا يمكنه أن يضحي فقد فعلنا نحن غير فعله (٣).
____________________
(١) الكافى ج ١ ص ٨٨.
(٢) المصدر ج ٣ ص ٥٠٢.
(٣) الكافى ج ٤ ص ١٨١.
٣٤ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال : كنت مع الرضا عليهالسلام في بعض الحاجة فأردت أن أنصرف إلى منزلي فقال لي : انصرف معي ، فبت عندي الليلة ، فانطلقت معه فدخل إلى داره مع المغيب فنظر إلى غلمانه يعملون بالطين أو اري الدواب أو غير ذلك وإذا معهم أسود ليس منهم ، فقال : ما هذا الرجل معكم؟ قالوا : يعاوننا ونعطيه شيئا ، قال : قاطعتموه على اجرته لا فقالوا : لا هو يرضى منا بما نعطيه فأقبل عليهم يضربهم بالسوط وغضب لذلك غضبا شديدا فقلت : جعلت فداك لم تدخل على نفسك؟ فقال : إني قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرة أن يعمل معهم أحد حتى يقاطعوه اجرته ، واعلم أنه ما من أحد يعمل لك شيئا بغير مقاطعة ، ثم زدته لذا الشئ ثلاثة أضعاف على اجرته إلا ظن أنك قد نقصته اجرته ، وإذا قاطعته ثم أعطيته اجرته حمدك على الوفاء فان زدته حبة عرف ذلك لك ، ورأى أنك قد زدته (١).
توضيح : قال الجوهري : ومما يضعه الناس في غير موضعه قولهم للمعلف «أرى» وإنما الارى محبس الدابة ، وقد تسمى الاخية أيضا أريا وهو حبل تشد به الدابة في محبسها ، والجمع الاواري يخفف ويشدد.
[ كتاب الامامة والتبصرة لعلي بن بابوية ، عن أحمد بن إدريس ، عن أحمد ابن محمد ، عن العباس بن النجاشي الاسدي قال : قلت للرضا عليهالسلام : أنت صاحب هذا الامر؟ قال : إي والله على الانس والجن ].
____________________
(١) الكافى ج ٥ ص ٢٨٨.
(٨)
* ( باب ) *
* ( ما أنشد عليهالسلام من الشعر في الحكم ) *
١ ـ ن : البيهقي ، عن الصولي ، عن محمد بن يحيى بن أبي عباد ، عن عمه قال : سمعت الرشا عليهالسلام يوما ينشد شعرا وقليلا ما كان ينشد شعرا :
كلنا نأمل مدا في الاجل |
|
والمنايا هن آفات الامل |
لا تغرنك أباطيل المنى |
|
والزم القصدودع عنك العلل |
إنما الدنيا كظل زائل |
|
حل فيه راكب ثم رحل |
فقلت : لمن هذا أعز الله الامير لا فقال : لعراقي لكم ، قلت : أنشدنيه أبوالعتاهية لنفسه ، فقال : هات اسمه ودع عنك هذا ، إن الله سبحانه وتعالى يقول : «ولا تنابزوا بالالقاب» (١) ولعل الرجل يكره هذا (٢).
٢ ـ ن : ابن المتوكل وابن عصام والحسن بن أحمد المؤدب والوراق والدقاق جميعا ، عن الكليني ، عن علي بن إبراهيم العلوي الجواني ، عن موسى ابن محمد المحاربي ، عن رجل ذكر اسمه ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام أن المأمون قال : هل رويت من الشعر شيئا؟ فقال : قد رويت منه الكثير ، فقال : أنشدني أحسن ما رويته في الحلم فقال عليهالسلام :
إذا كان دوني من بليت بجهله |
|
أبيت لنفسي أن تقابل بالجهل |
وإن كان مثلي في محلي من النهى |
|
أخذت بحلمي كي اجل عن المثل |
____________________
(١) الحجرات : ١١ ، ومراده عليهالسلام أن سم الرجل ولا تكنه بأبى العتاهية فان العتاهية : ضلال الناس من التجنن والدهش ، ويقال أيضا للرجل الاحمق فتكنيته بذلك من تنابز الالقاب ، وقد نهى الله عنه. قال الفيروزآبادى : وأبوالعتاهية ككراهية لقب أبى اسحاق اسماعيل بن [ أبى ] القاسم بن سويد ، لاكنيته.
(٢) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٧٧ ١٧٨.
وإن كنت أدنى منه في الفضل والحجى عرفت له حق التقدم والفضل قال له المأمون : ما أحسن هذا؟ هذا من قاله؟ فقال : بعض فتياننا قال : فأنشدني أحسن ما رويته في السكوت عن الجاهل ، وترك عتاب الصديق ، فقال عليهالسلام :
إني ليهجرني الصديق تجنبا |
|
فاريه أن لهجره أسبابا |
وأراه إن عاتبته أغريته |
|
فأرى له ترك العتاب عتابا |
وإذا بليت بجاهل متحكم |
|
يجد المحال من الامور صوابا |
أوليته مني السكوت وربما |
|
كان السكوت عن الجواب جوابا |
فقال له المأمون : ما أحسن هذا؟ هذا ما قاله لا فقال عليهالسلام : بعض فتياننا قال : فأنشدني أحسن ما رويته في استجلاب العدو حتى يكون صديقا فقال عليهالسلام
وذي غلة سالمته فقهرته |
|
فأوقرته مني لعفو التجمل |
ومن لا يدافع سيئات عدوه |
|
باحسانه لم يأخذ الطول من عل |
ولم أر في الاشياء أسرع مهلكا |
|
لغمر قديم من وداد معجل |
فقال له المأمون : ما أحسن هذا لا هذا من قاله لا فقال : بعض فتياننا ، فقال : فأنشدني أحسن ما رويته في كتمان السر فقال عليهالسلام :
وإني لانسى السر كيلا أذيعه |
|
فيامن رأى سرا يصان بأن ينسى |
مخافة أن يجري ببالي ذكره |
|
فينبذه قلبي إلى ملتوى حشا |
فيوشك من لم يفش سرا وجال في |
|
خواطره أن لا يطيق له حبسا |
فقال له المأمون : إذا أمرت أن تترب الكتاب كيف تقول؟ قال ترب قال : فمن السحا قال : سح ، قال فمن الطين ، قال : طين فقال : يا غلام ترب هذا الكتاب وسحه وطينه وامض به إلى الفضل بن سهل ، وخذ لابي الحسن ثلاثمائة ألف درهم (١).
بيان : «الغل» بالكسر الحقد والضغن ، ويقال أتيته من عل أي من موضع عال ، والغمر بالكسر الحقد والغل قوله عليهالسلام : «فيامن رأى» كلام على التعجب
____________________
(١) عيون اخبار الرضا ج ٢ ص ١٧٤ و ١٧٥.
أي من رأى سرا يكون صيانته بنسيانه ، والحال أن النسيان ظاهرا ينافي الصيانة وقوله «مخافة» متعلق بالمصرع الاولى ، قوله «إلى ملتوى حشا» أي من يكون لوى وزحير في أحشائه وفي بعض النسخ «حسا» بكر الحاء المهملة وتشديد السين المهملة وهو وجع يأخذ النفساء بعد الولادة ، وعلى التقديرين كناية عن عدم الصبر على ضبط السر ومنازعة النفس إلى إفشائه.
وقال الجوهري : سحاة كل شي ء قشره ، وسيحاء الكتاب مكسور ممدود وسحوت القرطاس وسحيته أسحاه إذا قشرته ، وسحوت الكتاب وسحيته إذا شددته بالسحاء.
وقال الصدوق رحمهالله بعد إيراد هذا الخبر : كان سبيل ما يقبله الرضا عليهالسلام عن المأمون سبى ما كان يقبله النبي صلىاللهعليهوآله من الملوك ، وسبيل ما كان يقبله الحسن بن علي عليهالسلام من معاوية ، وسبيل ما كان يقبله الائمة عليهمالسلام من آبائه من الخلفاء ومن كانت الدنيا كله له ، فغلب عليها ثم اعطي بعضها ، فجائز له أن يأخذه.
٣ ـ ن : الدقاق ، عن الاسدي ، عن سهل ، عن عبدالعظيم الحسني ، عن معمر بن خلاد وجماعة قالوا : دخلنا على الرضا عليهالسلام فقال له بعضنا : جعلني الله فداك مالي أراك متغير الرجه؟ فقال عليهالسلام : إني بقيت ليلتي ساهرا مفكدا في قول مروان بن أبي حفصة (١) :
____________________
(١) روى الاغانى عن محمد بن يحيى بن أبى مرة التغلبى قال : مررت بجعفر بن عثمان الطائى يوما وهو على باب منزله ، فسلمت عليه فقال لى : مرحبا يا أخل تغلب اجلس فجلست فقال لى : أما تعجب من ابن أبى حفصة لعنه الله حيث يقول :
أنى يكون وليس ذاك بكائن |
|
لبنى البنات وراثة الاعمام |
فقلت : بلى والله انى لاتعجب منه وأكثر اللعن عليه ، فهل قلت في ذلك شيئا؟ فقال :
نعم قلت :
لم لا يكون وان ذاك لكائن |
|
لبنى البنات وراثة الاعمام |
للبنت نصف كامل من ماله |
|
والعم متروك بغير سهام |
ما للطليق والتراث وانما |
|
صلى الليق مخافة الصمصام |
فراجع.
أنى يكون وليس ذاك بكائن |
|
لبني البنات وراثة الاعمام |
ثم نمت فإذا أنا بقائل قد أخذ بعضادتي الباب وهو يقول :
أنى يكون ذاك بكائن |
|
للمشركين دعائم الاسلام |
لبنى البنات نصيبهم من جدهم |
|
والعم متروك بغير سهام |
ما للطليق وللتراث وإنما |
|
سجد الطليق مخافة الصمصام |
قد كان أخبرك القران بفضله |
|
فمضى القضاء به من الحكام |
إن ابن فاطمة المنوه باسمه |
|
حاز الوراثة عن بني الاعمام |
وبقى ابن نثلة واقفا مترددا |
|
يرثي ويسعده ذوو الارحام (١) |
بيان : المراد بالطليق العباس حيث اسر يوم بدر ، فأطلق بالفداء ، والصمصم السيف الصارم الذي لا ينثني والضمير في قوله «بفضله» راجع إلى أمير المؤمنين عليهالسلام بمعونة المقام وقرينة ما سيذكر بعده إذ هو المراد بابن فاطمة ، والمراد بابن نثلة العباس فان اسم أمه كانت نثلة ، وقد مر بيان حالها في باب أحوال العباس ، والمراد بقضاء الحكام ما قضى به أبوبكر بينهما كما هو المشهور ، وقد مضى منازعة أخرى أيضا بين الصادق عليهالسلام وبين داود بن علي العباسي وأنه قضى هشام للصادق عليهالسلام.
٤ ـ ن : أبي ، عن سعد ، عن ابن هشام ، عن ابن المغيرة قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليهالسلام يقول :
إنك في دار لها مدة |
|
يقبل فيها عمل العامل |
ألا ترى الموت محيطا بها |
|
يكذب فيها أمل الآمل |
تعجل الذنب لما تشتهي |
|
وتأمل التوبة في قابل |
والموت يأتي أهله بغتة |
|
ما ذاك فعل الحازم العاقل (٢) |
٥ ـ ن : الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري ، عن أحمد بن محمد بن الفضل ، عن إبراهيم بن أحمد الكاتب ، عن أحمد بن الحسين كاتب أبي الفياض
____________________
(١) عيون اخبار الرضا ج ٢ ص ١٧٥ و ١٧٦.
(٢) المصدر ج ٢ ص ١٧٦.
عن أبيه قال : حضرنا مجلس علي بن موسى الرضا عليهالسلام فشكى رجل أخاه فأنشا يقول :
اعذر أخاك على ذنوبه |
|
واستر وغط على عيوبه |
واصبر على بهت السفيه |
|
وللزمان على خطوبه |
ودع الجواب تفضلا |
|
وكل الظلوم إلى حسيبه (١) |
٦ ـ كشف : عبدالعزيز بن الاخضر ، عن أبي الحسن كاتب الفرائض عن أبيه مثله (٢).
٧ ـ ن : الطالقاني ، عن الحسن بن علي العدوي ، عن الهيثم بن عبد الرماني عن الرضا ، عن آبائه عليهمالسلام قال : كان أمير المؤمنين عليهالسلام لقول :
خلقت الخلائق في قدرة |
|
فمنهم سخي ومنهم بخيل |
فأما السخي ففي راحة |
|
وأما البخيل فشوم طويل (٣) |
٨ ـ ن : ابن المتوكل ، عن علي ، عن أبيه ، عن الريان بن الصلت قال : أنشدني الرضا عليهالسلام لعبد المطلب :
يعيب الناس كلهم زمانا |
|
وما لزماننا عيب سوانا |
نعيب زماننا والعيب فينا |
|
ولو نطق الزمان بنا هجانا |
وإن الذئب يترك لحم ذئب |
|
ويأكل بعضنا بعضا عيانا |
لبسنا للخداع مسوك طيب |
|
فويل للغريب إذا أتانا (٤) |
٩ ـ ن : البيهقي ، عن الصولي ، عن ابن ذكوان ، عن إبراهيم بن العباس قال : كان الرضا عليهالسلام ينشد كثيرا :
إذا كنت في خير فلا تغترربه |
|
ولكن قل اللهم سلم وتمم (٥) |
____________________
(١) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٧٦.
(٢) كشف الغمة ج ٣ ص ٩٣.
(٣ و ٤) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٧٧.
(٥) المصدر ج ٢ ص ١٧٨.
١٠ ـ قب : له عليهالسلام :
لبست بالعفة ثوب الغنى |
|
وصرت أمشي شامخ الرأس |
لست إلى النسسناس مستأنسا |
|
لكنني آنس بالناس |
إذا رأيت التيه من ذي الغنى |
|
تهت على التائه باليأس |
ما إن تفاخرت على معدم |
|
ولا تضعضعت لا فلاس (١) |
بيان : «التيه» بالكسر الكبر ، قوله بالياس أي عما في أيدي الناس ، والتوكل على الله (٢).
١١ ـ ختص : كتب المأمون إلى الرضا عليهالسلام فقال عظني : فكتب عليهالسلام :
إنك في دنيا لها مدة |
|
يقبل فيها عمل العامل |
أما ترى الموت محيطا بها |
|
يسلب منها أمل الآمل |
تعجل الذنب بما تشتهي |
|
وتأمل التوبة من قابل |
والموت يأتي أهله بغتة |
|
ما ذاك فعل الحازم العاقل (٣) |
____________________
(١) مناقب آل أبي طالب ج ٤ ص ٣٦١.
(٢) قال أمير المؤمنين عليهالسلام : ما أحسن تواضع الاغنياء للفقراء وأحسن منه تيه الفقراء على الاغنياء اتكالا على الله.
(٣) الاختصاص ص ٩٨.
(٩)
* ( باب ) *
* ( [ ما كان بينه عليهالسلام وبين هارون لعنه الله ] ) *
* ([ وولاته واتباعه ]) *
١ ـ ن : ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة ، عن الفضل ، عن صفوان بن يحيى ، عن محمد بن أبي يعقوب البلخي ، عن موسى بن مهران قال : سمعت جعفر بن يحيى يقول : سمعت عيسى بن جعفر يقول لهارون توجه من الرقة إلى مكة : اذكر يمينك التي حلفت بها في آل أبي طالب ، فانك حلفت إن ادعى أحد بعد موسى الامامة ضربت عنقه صبرا ، وهذا علي ابنه يدعي هذا الامر ، ويقال فيه ما يقال في أبيه فنظر إليه مغضبا فقال : وما ترى؟ تريد أن أقتلهم كلهم؟ قال موسى : فلما سمعت ذلم صرت إليه فأخبرته فقال عليهالسلام : مالي ولهم ، والله لا يقدرون [ إلي ] على شئ (١).
٢ ـ ن : الهمداني ، عن علي بن إبراهيم ، عن اليقطيني ، عن صفوان بن يحيى قال : لما مضى أبوالحسن موسى بن جعفر عليهالسلام وتكلم الرضا عليهالسلام خفنا عليه من ذلك ، فقلت له : إنك قد أظهرت أمرا عظيما وإنما نخاف عليك هذا الطاغي فقال : ليجهد جهده فلا سبيل له علي.
قال صفوان : فأخبرنا الثقة أن يحيى بن خالد قال للطاغي : هذا علي ابنه قد قعد وادعى الامر لنفسه ، فقال : ما يكفينا ما صنعنا بأبيه؟ تريد أن نقتلنهم جميعا؟ ولقد كانت البرامكة مبغضين لاهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله مظهرين العداوة لهم (٢).
____________________
(١) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٢٢٦.
(٢) المصدر نفسه.
٣ ـ شا : ابن قولويه ، عن الكليني ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان إلى قوله فلا سبيل له على (١).
٤ ـ ن : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن عمران بن موسى ، عن أبي الحسن داود بن محمد النهدي ، عن علي بن جعفر ، عن أبي الحسن الطبيب قال : سمعته يقول : لما توفي أبوالحسن موسى بن جعفر عليهالسلام دخل أبوالحسن علي بن موسى الرضا عليهالسلام السوق فاشترى كلبا وكبشا وديكا فلما كتب صاحب الخبر إلى هارون بذلك قال : قد أمنا جانبه. وكتب الزبيري أن علي بن موسى عليهالسلام قد فتح بابه ، ودعا إلى نفسه ، فقال هارون : واعكبا من هذا يكتب أن علي بن موسى قد اشترى كلبا وديكا وكبشا ، ويكتب فيه ما يكتب (٢).
٥ ـ ن : الدقاق ، عن الاسدي ، عن جرير بن حازم ، عن أبي مسروق قال : دخل على الرضا عليهالسلام جماعة من الواقفة فيهم علي بن أبي حمزة البطائني ومحمد بن إسحاق بن عمار والحسين بن عمران والحسين بن أبي سعيد المكاري ، فقال له علي بن أبي حمزة : جعلت فداك أخبرنا عن أبيك عليهالسلام ما حاله؟ فقال : قد مضى عليهالسلام ، فقال له : فالى من عهد؟ فقال : إلي فقال له : إنك لتقول قولا ما قاله أحد من آبائك علي بن أبي طالب فمن دونه ، قال : لكن قد قال خير آبائي وأفضلهم : رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال له : أما تخاف هولاء على نفسك؟ فقال : لو خفت عليها كنت عليها معينا إن رسول الله صلىاللهعليهوآله أتاه أبولهب فتهدده فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن خدشت من قبلك خدشة فأنا كذاب ، فكانت أول آية نزع بها رسول الله صلىاللهعليهوآله وهي أول آية أنزع بها لكم ، إن خدشت خدشا من قبل هارون فأنا كذاب.
فقال له الحسين بن مهران : قد أتانا ما نطلب إن أظهرت هذا القول ، قال : فتريد ماذا؟ أتريد أن أذهب إلى هارون فأقول له إني إمام وأنت لست في شئ؟
____________________
(١) الارشاد ص ٢٨٨ الكافى ج ١ ص ٤٨٧.
(٢) عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٢٠٥.
ليس هكذا صنع رسول الله صلىاللهعليهوآله في أول أمره إنما قال ذلك لاهله ومواليه ومن يثق به فقد خصهم به دون الناس ، وأنتم تعتقدون الامامة لمن كان قبلي من آبائي وتقولون إنه إنما يمنع علي بن موسى أن يخر أن أباه حي تقية فإني لا أتقيكم في أن أقول إني إمام ، فكيف أتقيكم في أن أدعي أنه حي لو كان حيا (١).
بيان : «نزع بها» أي نزع الشك بها ، ولعله كان «برع» أي فاق ، قوله قد أتانا ما نطلب أي من الدلالة والمعجزة ، ولما علقوا ذلك على الاظهار ، قال عليهالسلام قد أظهرت ذلك الآن وليس الاظهار بأن أذهب إلى هارون وأقول له ذلك ، ويحتمل أن يكون المعنى قد أتانا ما نطلب من القدح في إمامتك لترك التقية بالجواب أني لم أترك ما يلزم من التقية في ذلك ، والاول أظهر.
٦ ـ قب : صفوان بن يحيى قال : لما مضى أبوالحسن موسى عليهالسلام وتكلم الرضا خفنا عليه من ذلك ، وقلنا له : إنك قد أظهرت أمرا عظيما وإنا نخاف عليك من هذا الطاغي ، فقال عليهالسلام : يجهد جهده فلا سبيل له علي.
حمزة بن جعفر الارجاني قال : خرج هارون من المسجد الحرام مرتان وخرج الرضا عليهالسلام مرتان ، فقال الرضا عليهالسلام : ما أبعد الدار وأقرب اللقاء يا طوس ستجمعني وإياه (٢).
٧ ـ كا : الحسين بن أحمد بن هلال ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان قال : قلت لابي الحسن الرضا عليهالسلام في أيام هارون : إنك قد شهرت نفسك بهذا الامر ، وجلست مجلس أبيك وسيف هارون يقطر الدم؟ قال : جرأني على هذا ما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله إن أخذ أبوجهل من رأسي شعره فاشهدوا أني لست بنبي وأنا أقول لكم : إن أخذ هارون من رأسي شعرة فاشهدوا أني لست بامام (٣).
____________________
عيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٢١٣.
(٢) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٣٤٠.
(٣) روضة الكافى ص ٢٥٧.
مهج الدعوات : عن أبي الصلت قال : كان الرضا عليهالسلام ذات يوم جالسا في منزله إذ دخل عليه رسول هارون الرشيد فقال : أجب أمير المؤمنين فقام عليهالسلام فقال لي : يا أبا الصلت إنه لا يدعوني في هذا الوقت إلا لداهية ، فو الله لا يمكنه أن يعمل بي شيئا أكرهه ، لكلمات وقعت إلي من جدي رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : فخرجت معه حتى دخلنا على هارون الرشيد فلما نظر إليه الرضا عليهالسلام قرأ هذا الحرز إلى آخره فلما وقف بين يديه نظر إليه هارون الرشيد وقال : يا أبا الحسن قد أمرنا لك بمائة ألف درهم واكتب حوائج أهلك فلما ولى عنه علي بن موسى عليهالسلام وهارون ينظر إليه في قفاه قال : أردت وأراد الله وما أراد الله خير.
٨ ـ كا : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عمن ذكره قال : قيل للرضا عليهالسلام : إنك متكلم بهذا الكلام والسيف يقطر الدم ، فقال : إن الله واديا من ذهب حماه بأضعف خلقه النمل فلو رامته البخاتي لم تصل إليه.
(١٠)
* ( باب ) *
* ( [ طلب المأمون الرضا صلوات الله عليه من المدينة ] ) *
( [ وما كان عند خروجه منها وفى الطريق إلى نيسابور ] )
١
ـ ن : الوراق : عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن
محمد بن حسان وأبي محمد النيلي
عن الحسين بن عبدالله ، عن محمد بن علي بن شاهوية بن عبدالله ، عن أبي الحسن
الصائغ
عن عمه قال : خرجت مع الرضا عليهالسلام
إلى خراسان اوامره في قتل رجاء بن أبي
الضحاك الذي حمله إلى خراسان ، فنهاني عن ذلك ، فقال : تريد أن تقتل نفسا مؤمنة
بنفس كافرة ، قال : فلما صار إلى الاهواز قال لاهل الاهواز : اطلبوا لي قصب سكر
فقال بعض أهل الاهواز ممن لا يعقل : أعرابي لا يعلم أن القصب لا يوجد في الصيف
فقالوا : يا سيدنا القصب لا يكون في هذا الوقت إنما يكون في الشتاء فقال : بلى اطلبوا فانكم ستجدونه ، فقال إسحاق بن محمد : والله ما طلب سيدي إلا موجودا فأرسلوا إلى جميع النواحي فجاء أكرة إسحاق فقالوا عندنا شئ ادخرناه للبذرة نزرعه وكانت هذه إحدى براهينه.
فلما صار إلى قرية سمعته يقول في سجوده «لك الحمد إن أطعتك ، ولا حجة لي إن عصيتك ، ولا صنع لي ولا لغيري في إحسانك ، ولا عذر لي إن أسأت ، ما أصابني من حسنة فمنك يا كريم اغفر لمن في مشارق الارض ومغاربها من المؤمنين والمؤمنات.
قال : صلينا خلفه أشهرا فما زاد في الفرائض على الحمد وإنا أنزلناه في الاولى والحمد وقل هو الله أحد في الثانية (١).
٢ ـ ن : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن مخول السجستاني قال : لما ورد البريد بإشخاص الرضا عليهالسلام إلى خراسان كنت أنا بالمدينة فدخل المسجد ليودع رسول الله صلىاللهعليهوآله فودعه مرارا ذلك يرجع إلى القبر ويعلو صوته بالبكاء والنحيب فتقدمت إليه وسلمت عليه فرد السلام وهنأته فقال : زرني فاني أخرج من جوار جدي صلىاللهعليهوآله فأموت في غربة وادفن في جنب هارون ، قال : فخرجت متبعا لطريقه حتى مات بطوس ودفن إلى جنب هارون (٢).
٢ ـ ن : جعفر بن نعيم الشاذاني ، عن أحمد بن إدريس ، عن اليقطيني ، عن الوشاء قال : قال لي الرضا عليهالسلام إني حيث أرادوا الخروج بي من المدينة جمعت عيالي فأمرتهم أن يبكوا علي حتى أسمع ، ثم فرقت فيهم اثني عشر ألف دينار ثم قلت أما إني لا أرجع إلى عيالي أبدا (٣).
٤ ـ يج : روي عن أبي هاشم الجعفري قال : لما بعث المأمون رجاء (٤) بن
____________________
(١) عيون اخبار الرضا ج ٢ ص ٢٠٥ و ٢٠٦.
(٢) المصدر ج ٢ ص ٢١٧.
(٣) نفس المصدر ج ٢ ص ٢١٨.
(٤) في الطبعة الكمبانى ( جابر بن أبى الضحاك ) وهو سهو.
أبي الضحاك لحمل أبي الحسين علي بن موسى الرضا على طريق الاهواز ، لم يمر على طريق الكوفة ، فبقي به أهلها وكنت بالشرقي من آبيدج موضع فلما سمعت به سرت إليه بالاهواز وانتسبت له وكان أول لقائي له ، وكان مريضا ، وكان زمن القيظ فقال : أبغني طبيبا.
فأتيته بطبيب فنعت له بقلة فقال الطبيب : لا أعرف أحدا على وجه الارض يعرف اسمها غيرك ، فمن أين عرفتها إلا أنها ليست في هذا الاوان ، ولا هذا الزمان قال له : فابغ لي قصب السكر فقال الطبيب وهذه أدهى من الاولى ما هذا بزمان قصب السكر ، فقال الرضا عليهالسلام : هما في أرضكم هذه وزمانكم هذا ، وهذا معك فامضيا إلى شاذروان الماء واعبراه فيرفع لكم جوخان أي بيدر (١) فاقصداه فستجدان رجلا هناك أسود في جوخانه فقولا له أين منبت القصب السكر وأين منابت الحشيشة الفلانية ذهب على أبي هاشم اسمها فقال يا أبا هاشم دونك القوم فقمت وإذا الجوخان والرجل الاسود قال : فسألناه فأوما إلى ظهره فإذا قصب السكر فأخذنا منه حاجتنا ورجعنا إلى الجوخان فلم نر صاحبه فيه ، فرجعنا إلى الرضا عليهالسلام فحمد الله.
فقال لي المتطبب : ابن من هذا؟ قلت ابن سيد الانبياء قال : فعنده من أقاليد النبوة شئ؟ قلت نعم ، وقد شهدت بعضها وليس بني قال وصي نبي؟ قلت أما هذا فنعم فبلغ ذلك رجاء بن أبي الضحاك فقال لاصحابه لان أقام بعد هذا ليمدن إليه الرقاب فارتحل به (٢).
٥ ـ قب : روى الحاكم أبوعبدالله الحافظ باسناده عن محمد بن عيسى ، عن أبي حبيب النباجي قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله في المنام وحدثني محمد بن منصور السرخسي بالاسناد عن محمد بن كعب القرظي قال : كنت في جحفة نائما فرأيت رسول
____________________
(١) البيدر : الموضع الذى يداس فيه الطعام ، ولعل ( جوخان ) مركب اى موضع الشعير.
(٢) الخرائج والجرائح ص ٢٣٦.
الله صلىاللهعليهوآله في المنام فأتيته فقال لي : يا فلان سررت بما تصنع مع أولادي في الدنيا؟ فقلت : لو تركتهم فبمن أصنع؟ فقال صلىاللهعليهوآله : فلا جرم تجزى مني في العقبى ، فكان بين يديه طبق فيه تمر صيحاني (١) فسألته عن ذلك فأعطاني قبضة فيها ثماني عشرة تمرة فتأولت ذلك أني أعيش ثماني عشرة سنة ، فنسيت ذلك فرأيت يوما ازدحام الناس فسألتهم عن ذلك فقالوا : أتى علي بن موسى الرضا عليهالسلام فرأيته جالسا في ذلك الموضع وبين يديه طبق فيه تمر صيحاني فسألته عن ذلك فناولني قبضة فيها ثماني عشرة تمرة ، فقلت له : زدني منه ، فقال : لو زادك جدي رسول الله صلىاللهعليهوآله لزدناك.
ذكره عمر الملا الموصلي في الوسيلة إلا أنه روى أن ابن علوان قال رأيت في منامي كان قائلا يقول قد جاء رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى البصرة ، قلت : وأين نزل؟ فقيل في حائط بني فلان ، قال : فجئت الحائط فوجدت رسول الله صلىاللهعليهوآله جالسا ومعه أصحابه وبين يديه أطباق فيها رطب برني (٢) فقبض بيده كفا من رطب وأعطاني فعددتها فاذا هي ثماني عشرة رطبة ، ثم انتهيت فتوضأت وصليت وجئت إلى الحائط فعرفت المكان الذي فيه رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فبعد ذلك سمعت الناس يقولون : قد جاء علي بن موسى الرضا عليهالسلام فقلت أين نزل فقيل في حائط بني فلان فمضيت فوجدته في الموضع الذي رأيت النبي صلىاللهعليهوآله فيه وبين يديه أطباق فيها رطب ، وناولني ثمانية عشرة رطبة ، فقلت : يا ابن رسول الله زدني فقال : لو زادك جدي لزدتك ، ثم بعث إلي بعد أيام يطلب مني رداء وذكر طوله وعرضه فقلت : ليس هذا عندي فقال : بلى هو في السفط الفلاني بعثت به امرأتك معك ، قال : فذكرت فأتيت السفط فوجدت الرداء فيه كما قال (٣).
____________________
(١) قال الفيروز آبادى : الصيحانى : من تمر المدينة ، نسب إلى صيحان لكبش كان يربط اليها ، أو اسم الكبش الصياح ، وهو من تغييرات النسب كصنعانى.
(٢) قال الفيروز آبادى : البرنى تمر معروف اصله ( برنيك ) اى الحمل الجيد.
(٣) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٣٤٢.
٦ ـ كشف : من دلائل الحميري ، عن امية بن علي قال كنت مع أبي الحسن عليهالسلام بمكة في السنة التي حج فيها ثم صار إلى خراسان ومعه أبوجعفر عليهالسلام وأبوالحسن عليهالسلام يودع البيت ، فلما قضى طوافه عدل إلى المقام فصلى عنده ، فصار أبوجعفر على عنق موفق يطوف به ، فصار أبوجعفر عليهالسلام إلى الحجر فجلس فيه فأطال ، فقال له موفق : قم جعلت فداك ، فقال : ما اريد أن أبرح من مكاني هذا إلا أن يشاء الله ، واستبان في وجهه الغم ، فأتى موفق أبا الحسن عليهالسلام فقال : جعلت فداك قد جلس أبوجعفر عليهالسلام في الحجر وهو يأبى أن يقوم فقام أبوالحسن فأتى أبوجعفر عليهالسلام فقال له قم يا حبيبي ، فقال ما اريد أن أبرح من مكاني هذا قال : بلى يا حبيبي ثم قال كيف أقوم ، وقد ودعت البيت وداعا لا ترجع إليه؟ فقال قم يا حبيبي فقام معه (١).
(١١)
* ( باب ) *
* ( [ وروده عليهالسلام بنيسابور وما ظهر فيه من المعجزات ] ) *
١ ـ ما : جماعة عن أبي المفضل عن الليث بن محمد العنبري ، عن أحمد بن عبدالصمد بن مزاحم عن خاله أبي الصلت الهروي قال : كنت مع الرضا عليهالسلام لما دخل نيسابور وهو راكب بغلة شهباء وقد خرج علماء نيسابور في استقباله فلما صار إلى المربعة تعلقوا بلجام بغلته وقالوا : يا ابن رسول الله حدثنا بحق آبائك الطاهرين حديثا عن آبائك صلوات الله عليهم أجمعين فأخرج رأسه من الهودج وعليه مطرف خز فقال : حدثني أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين سيد شباب
____________________
(١) كشف الغمة ج ٣ ص ٢١٥. باب أحوال أبى جعفر الثانى عليهالسلام