• الفهرس
  • عدد النتائج:

قال : لا والله ما أحبّ أنّي رجعت عن الاسلام وأنّ لي ما في الأرض جميعا.

فقالوا : أمّا واللات والعزّى لئن لم تفعل لنقتلنّك!

فقال : إن قتلي في الله لقليل ، فلمّا أبى عليهم وقد جعلوا وجهه من حيث جاء ( أي نحو المدينة ) ، قال : أما صرفكم وجهي عن القبلة ، فان الله يقول : « فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ » ثم قال : اللهم إني لا أرى إلاّ وجه عدوّ ، اللهم أنه ليس هاهنا أحد يبلّغ رسولك السلام عنّي فبلّغه أنت عنّي السلام.

ثم دعا على القوم وقال : اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ، ولا تغادر منهم أحدا.

ثم دعوا أبناء من أبناء من قتل ببدر فوجدوهم أربعين غلاما ، فأعطوا كل غلام رمحا ، ثمّ قالوا هذا الّذي قتل آباءكم ، فطعنوه برماحهم طعنا خفيفا فاضطرب على الخشبة فانقلب ، فصار وجهه الى الكعبة ، فقال : الحمد لله الّذي جعل وجهي نحو قبلته التي رضي لنفسه ولنبيه وللمؤمنين!!

فأثارت روحانيته الكبرى ، وطمأنينته العظيمة غيض أحد المشركين الحاضرين ، وهو « عقبه بن الحارث » وتملكه غضب شديد من إخلاصه للاسلام فأخذ حربته وطعن بها خبيبا طعنة قاضية ، قتلته ، وهو يوحّد الله ويشهد أن محمّدا رسول الله.

ويروي ابن هشام أن خبيبا أنشد قبل مقتله أبياتا عظيمة نذكر هنا بعضها :

إلى الله أشكو غربتي ثمّ كربتي

وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي

فذا العرش صبّرني على ما يراد بي

فقد بضّعوا لحمي وقد ياس مطمعي

وذلك في ذات الاله وأن يشأ

يبارك على أوصال شلو ممزّع

وقد خيّروني الكفر والموت دونه

وقد هملت عيناي من غير مجزع

وما بي حذار الموت أني لميّت

ولكن حذاري جحم نار ملفّع

فو الله ما أرجو إذا متّ مسلما

على أي جنب كان في الله مصرعي

فلست بمبد للعدوّ تخشعا

ولا جزعا إنّي إلى الله مرجعي