مؤلّفاتهم ، فأصبحت مكتبته من أغنى دور الكتب ببغداد ، وقد احترقت هذه المكتبة العظيمة فيما احترق من محال كرخ عند مجيئ طغرل بيك وتوسّعت الفتنة حتى اتّجهت إلى شيخ الطائفة وأصحابه فأحرقوا كتبه وكرسيه الذي كان يجلس عليه للكلام.
وقال ابن الجوزي في حوادث سنة ٤٤٨ :
وهرب أبو جعفر الطوسي ونهبت داره ، ثمّ قال في حوادث سنة ٤٤٩ : وفي صفر هذه السنة كبست دار أبي جعفر الطوسي المتكلّم الشيعة في الكرخ ، واُخذ ما وجد من دفاتره وكرسيّ يجلس إليه للكلام ، واُخرج إلى الكرخ واُضيف إليه ثلاث سناجيق بيض كان الزوّار من أهل الكرخ قديماً يحملونها معهم إن قصدوا زيارة الكوفة ، فاُحرق الجميع (١).
وأنت إذا سبرت غضون التأريخ المؤلّف في عصور الامويّين والعباسيّين ومن بعدهم ـ مع أنّه قد لعبت به الهوى ودسّ فيها أشياء وأشياء ـ تقف على أنّ بقاء الشيعة إلى العصر الحاضر من المعاجز والكرامات وخوارق العادات ، وكيف وانّ تاريخهم هو الذبح ، والقتل ، والقمع ، والاستئصال ، والسحق ، والإبادة ، قد تضافرت قوى الكفر والفسق على إهلاكهم وقطع جذورهم ومع ذلك فقد كانت لهم دول ودويلات ، ومعاهد وكلّيّات ، وبلدان وحضارات ، وأعلام ومفاخر وعباقرة وفلاسفة ، وفقهاء ومحدّثون ووزراء وسياسيّون ، ويشكلون اليوم خمس المسلمون أو ربعهم ، إنّ ذلك من فضله سبحانه لتعلّق مشيئته على إبقاء الحقّ
____________
١ ـ المنتظم ٨ / ١٧٣ ـ ١٧٩ ، نقلنا ما يتعلّق بمكتبة أبي نصر سابور والشيخ الطوسي عن مقدّمة شيخنا الطهراني على التبيان وذكرنا المصادر التي أومأ هو إليها في الهامش ، لاحظ الصفحة هـ ـ ومن المقدمة.