فأنت لهذا الأمر خليق وحقيق في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك. فقال علي كرم اللّه وجهه : « اللّه اللّه يا معشر المهاجرين لا تُخرجوا سلطان محمّد في العرب من داره ، وقعر بيته إلى دوركم وقعور بيوتكم ، وتدفعون أهله عن مقامه في الناس ، وحقّه ، فو اللّه يا معشر المهاجرين لنحن أحقّ الناس به لأنّا أهل البيت ، ونحن أحقّ بهذا الأمر منكم ، ما كان فينا القارئ لكتاب اللّه ، الفقيه في دين اللّه ، العالم بسنن رسول اللّه ، المتطلّع لأمر الرعيّة ، الدافع عنهم الاُمور السيّئة ، القاسم بينهم بالسويّة ، واللّه إنّه لفينا فلا تتّبعوا الهوى فتضلّوا عن سبيل اللّه فتزدادوا من الحقّ بعدا » (١).
فأي بيان أروع من هذا البيان ، وأيّ بلاغ أصرح منه ، فقد فنَّد خلافة المتقمّص ببيان فقده مؤهّلاتها وهي الاُمور التالية : « ١ ـ ما كان فينا القارئ لكتاب اللّه ، ٢ ـ الفقيه في دين اللّه ، ٣ ـ العالم بسنن رسول اللّه ، ٤ ـ المتطلّع لأمر الرعيّة ، ٥ ـ الدافع عنهم الاُمور السيّئة ، ٦ ـ القاسم بينهم بالسويّة » : ومعني ذلك انّ المتقمّص ومؤيديه فاقدون لهذه الصلاحيات.
٢ ـ لمّا انتهت إلى أمير المؤمنين أنباء السقيفة قال ( ع ) : « ما قالت الأنصار؟ » قالوا : قالت منّا أمير ومنكم أمير ، فقال : « فهلّا احتججتم عليهم بأنّ رسول اللّه وصّى بأن يُحسن إلى محسنهم ويتجاوز عن مسيئتهم؟ » قالوا : وما في هذا من الحجّة عليهم؟! فقال عليهالسلام : « لو كانت الامامة فيهم ، لم تكن الوصيّة بهم ـ ثم قال : ـ فماذا قالت قريش؟ » قالوا : « احتجّت بأنّها شجرة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال عليهالسلام : « احتجّوا بالشجرة وأضاعوا الثمرّة » (٢).
__________________
١ ـ الامة والسياسة ١ / ١١ ـ ١٢.
٢ ـ نهج البلاغة ، الخطبة ٦٧.