وقال مجاهد : إضاءة النار : إقبالهم الى المسلمين والهدى ، وذهاب نورهم : إقبالهم الى المشركين والضّلالة.
سعيد بن جبير ومحمد بن كعب وعطاء ، ويمان بن رئاب : نزلت في اليهود وانتظارهم خروج النبي صلىاللهعليهوسلم وإيمانهم به واستفتاحهم به على مشركي العرب ، فلمّا خرج كفروا به ، وذلك بأنّ قريظة والنضير وبنو قينقاع قدموا من الشام الى يثرب حتى انقطعت النبوة من بني إسرائيل وأفضت الى العرب ، فدخلوا المدينة يشهدون لمحمد صلىاللهعليهوسلم بالنبوة وأنّ أمّته خير الأمم وكان يغشاهم رجل من بني إسرائيل يقال له : عبد الله بن هيبان قبل أن يوحي الى رسول الله صلىاللهعليهوسلم كلّ سنة فيعظهم على طاعة الله تعالى وإقامة التوراة والإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم رسول إذا خرج : فلا تفرّقوا عنه وانصروه وقد كنت أطمع أن أدركه ، ثمّ مات قبل خروج النبي صلىاللهعليهوسلم فقبلوا منه ، ثم لمّا خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم كفروا به فضرب الله لهم هذا المثل.
وقال الضحاك : لمّا أضاءت النار أرسل الله عليه ريحا قاصفا فأطفأها ، فكذلك اليهود كلّما أوقدوا نارا لحرب محمد صلىاللهعليهوسلم (أَطْفَأَهَا اللهُ).
ثم وصفهم جميعا فقال : (صُمٌ) : أي هم صمّ عن الهدى فلا يسمعون.
(بُكْمٌ) : عنه فلا يقولون.
(عُمْيٌ) : عنه فلا يرونه.
وقيل : (صُمٌ) يتصاممون عن سماع الحقّ ، (بُكْمٌ) يتباكمون عن قول الحقّ ، (عُمْيٌ) يتعامون عن النظر الى الحق بغير اعتبار.
وقرأ عبد الله : صمّا بكما عميا على معنى وتركهم كذلك ، وقيل : على الذّم ، وقيل : على الحال.
(فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) عن الضلالة والكفر الى الهداية والإيمان.
ثم قال : (أَوْ كَصَيِّبٍ) هذا مثل آخر ضربه الله لهم أيضا معطوف على المثل الأوّل مجازه : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) ومثلهم أيضا (كَصَيِّبٍ).
قال أهل المعاني : (أَوْ) بمعنى الواو ، يريد وكصيّب ، كقوله تعالى : (أَمْ تُرِيدُونَ) (١) وأنشد الفرّاء :
وقد زعمت سلمى بأنّي فاجر |
| لنفسي تقاها أو عليها فجورها (٢) |
__________________
(١) سورة البقرة : ١٠٨.
(٢) لسان العرب : ١٤ / ٥٥.