أيام الحكم العبّاسي :
وأسندت الحكومة العبّاسية وظيفة جمع الخراج إلى جماعة من القساة والأشرار ، فكانوا يجبون الضرائب التي لم يشرّعها الإسلام ، ويأخذونها بقسوة وعنف ، وقد صوّر ذلك ابن المعتزّ في ارجوزته ، يقول :
فكم وكم من رجل نبيل! |
| ذي هيبة ومركب جليل |
رأيته يعتلّ بالأعوان |
| إلى الحبوس وإلى الدّيوان |
وجعلوا في يده حبالا |
| من قنّب يقطّع الأوصالا |
وعلّقوه في عرى الجدار |
| كأنّه برّادة في الدّار |
وصفّقوا قفاه صفق الطّبل |
| نصبا بعين شامت وخلّ |
وصبّ سجّان عليه الزّيتا |
| فصار بعد بزّة (١) كميتا |
لقد وصفت هذه الأبيات الحالة القاسية التي عاناها الناس في أخذ الخراج ، فقد قوبلوا بمنتهى الشدّة والقسوة ، ويستمر ابن المعتزّ في وصف تلك الأحوال الرهيبة فيقول :
حتّى إذا ملّ الحياة وضجر |
| وقال : ليت المال جمعا في سقر |
أعطاهم ما طلبوا فأطلقا |
| يستعمل المشي ويمشي العنقا (٢) |
ويصف ابن المعتزّ ما يتعرّض له السجين من الضرب واللكم والصفع بقوله :
وأسرفوا في لكمه ودفعه |
| وانطلقت أكفّهم في صفعه |
__________________
(١) البزّة : الثوب الهيئة.
(٢) العنقا : السريع المشي.