قوله : مع أنّه لا وجه لتخصيص ذلك بالعبادات ، بل ينبغي التعميم للتوصّليات أيضاً لابتناء جميع الأوامر على المصالح بناءً على أُصول العدلية (١).
فيه تأمّل ، لأنّ وجه التخصيص بالعبادات هو توقّف صحّتها على قصد القربة المتوقّف بحسب دعوى المدّعي على قصد الجهة ، وهذا بخلاف التوصّليات فإنّها وإن كانت عن مصالح فيها ، إلاّ أنها لمّا لم يعتبر فيها قصد القربة لم يكن في البين ما يوجب قصد الجهة فيها. وممّا يشهد بذلك عبارة المحقّق الطوسي في التجريد وعبارة العلاّمة قدسسره في شرحه ، فإنّهما جعلا ذلك ـ أعني القصد المذكور ـ شرطاً في استحقاق المدح والثواب ، وقد نقلنا عبارتهما في مبحث القطع عند الكلام على نيّة الوجه فراجع (٢) ، بل قلنا هناك : إنّ هذه العبائر لا دخل لها بالوجه الذي أخذه الفقهاء شرطاً في العبادة ، الذي هو عبارة عن لزوم معرفة وجه الطلب من وجوب أو ندب أو لزوم قصد ذلك الوجه ، كما هو الظاهر من تحرير السيّد سلّمه الله بقوله : والاتيان بالواجب بداعي الاحتمال يكون مخلاًّ بمعرفة الوجه ونيّته الخ (٣). وهو مشروح فيما حرّرته عنه قدسسره بأوضح من ذلك فراجعه (٤) ، بل جلّ النظر فيها إلى لزوم كون الأمر داعياً في ترتّب الثواب ، فلاحظ.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٢٦٧ ـ ٢٦٨.
(٢) راجع المجلّد السادس من هذا الكتاب ، الصفحة : ١٦٥ ـ ١٦٦.
(٣) أجود التقريرات ٣ : ٥٤١.
(٤) [ مخطوط لم يطبع بعدُ ].