مصدر هائل لمختلف أنواع الأشعة. وبعض هذه الأنواع مضر بالحياة ، إلا أن الغلاف الجوي المحيط بالأرض يعمل كدرع حافظ يقي الأرض وما عليها من أحياء من الأشعة النجمية القاتلة ومنها أشعة النجم الثاقب. نلاحظ من هذه الزاوية عمق الربط العلمي بين قوله تعالى : ( النَّجْمُ الثَّاقِبُ ) وقوله في الآية التي تليها : ( إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ ) ( الطارق : ٣ ) ، بمعنى أن الله جعل لكل نفس حافظا من إشعاع النجم الثاقب بواسطة الغلاف الجوي وغيره من سبل الوقاية التي جعلها المولى ، حافظا لكل النفوس من مختلف الأخطار التي تهدد كيانها.
رابعا : في كتب التفسير واللغة أن « الطارق » كلمة مشتقة من الطّرق بمعنى الضرب الشديد ، فكل ما جاء بليل يسمى طارقا ، ولعل أقرب التفاسير القديمة للمفهوم العلمي هو تعريف « النجم الثاقب » « بأنه النجم الذي ارتفع على النجوم ». فصفة الثاقب تطلق على كل الأشياء النافذة والمضيئة والعالية.
رابعا : ( وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ ) ( الطارق : ١١ )
لغويّا كل سقف سماء ، وكل ما علا شيئا هو بالنسبة له سقف أو سماء ، من قوله تعالى : ( وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ ) ( الأنبياء : ٣٢ ) ، و ( وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ ) ( الطور : ٥ ). وبصورة عامة ، كل ما علانا في الكون هو سقف أو سماء. أما الرّجع فاسم صفة للسماء ، والكلمة مشتقة من رجّع أي أعاد الشيء إلى ما كان عليه.
إن الآية الكريمة أعلاه ، كأكثر آيات القسم ، تحمل أبعادا علمية إعجازية بيّن العلم بعضا منها ، وهي كما أسلفنا وجه من وجوه الإعجاز القرآني ، هو الإعجاز العلمي القرآني ، وبه ينتقل المسلم في القرن العشرين من إيمان الفطرة إلى يقين البرهان العلمي. والبرهان العلمي القرآني صخرة الإيمان التي تتحطم عليها موجات الشك المتأتية من أنفسنا وغيرنا ، لذلك نرى ـ كما أسلفنا ـ وجوب إعادة النظر في دراسة وتفسير أكثر الآيات القرآنية