قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الأمر بين الأمرين

الأمر بين الأمرينالأمر بين الأمرين

الأمر بين الأمرين

المؤلف :مركز الرسالة

الموضوع :العقائد والكلام

الناشر :مركز الرسالة

الصفحات :108

تحمیل

الأمر بين الأمرين

90/108
*

( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ) ( الرعد ١٣ : ١١ ) وبهذه الصورة نرىٰ أنّ الله تعالىٰ مكّن الإنسان أن يمارس اختياره وحرّيته في وسط نظام محكم ومتقن من القضاء والقدر في الحياة الاجتماعية وفي الكون . فلا يضرّ الاختيار بحتمية القضاء والقدر ولا يمس القضاء والقدر من حرّية الإنسان في الاختيار علىٰ الإطلاق . وإلىٰ هذا المعنى الدقيق يشير حديث أمير المؤمنين عليه‌السلام مع الشيخ الّذي سأله عن مسيرهم إلىٰ أهل الشام بعد منصرفه من صفّين . وقد قدّمنا هذا الحديث في النقطة الأولى من هذه النقاط . ففي بدء الحديث يقول له الإمام عليه‌السلام : « أجل يا شيخ ما علوتم من تلعة ولا هبطتم بطن واد إلّا بقضاء من الله وقدر » وهذه الفقرة واضحة أنّهم في خروجهم إلى صفّين ومحاربتهم لمعاوية وعودتهم إلىٰ الكوفة ، كانوا يتحرّكون في دائرة القضاء والقدر ولم يخرجوا من دائرة القضاء والقدر إطلاقاً .

فلمّا فهم الشيخ من كلام الإمام عليه‌السلام إنّ هذه الحتمية ( القضاء ) كان في مرحلتي المباديء والنتائج معاً ، وأنّهم لم يملكوا من أمرهم شيئاً في هذه المرحلة الطويلة ، فقال : ( عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين ) وضّح له الإمام عليه‌السلام ما اشتبه عليه من الأمر فقال : « أتظنّ قضاءً حتماً وقدراً لازماً ؟ ! لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي . . . إنّ الله تعالىٰ كلّف تخييراً ونهى تحذيراً » .

إنّ القضاء والقدر لن يكون إلّا حتماً ومقدّراً بصورة دقيقة ، ولكن الّذي يملك الاختيار في المباديء يملك الاختيار في النتائج بالضرورة . فإنّ النتائج تتبع المباديء ، فإذا مكّن الله الإنسان من المباديء مكّنه من النتائج أيضاً ، وإن احتفظت النتائج بصفتها الحتمية والمقدّرة في ظروفها

left