التبرير العقائدي لهذا الاتجاه هو تنزيه ساحة الله تعالىٰ من أن يكلّف الإنسان بما لا يقدر عليه ، فيما كان قضاء الله تعالىٰ وقدره بعكس ما يأمر به وينهىٰ عنه ، وتنزيه الله سبحانه من أن يخلق السيئات والمعاصي والكفر والشرك والظلم والعدوان في سلوك العباد .
يقول عبد القادر البغدادي في ( الفرق بين الفرق ) في بيان آراء المعتزلة : ( ومنها قولهم جميعاً إنّ الله تعالىٰ غير خالق لأكساب الناس ولا لشيء من أعمال الحيوانات ، وقد زعموا أنّ الناس هم الذين يقدّرون أكسابهم ، وأنّه ليس لله عزّ وجلّ في أكسابهم ولا في أعمال سائر الحيوانات صنع ولا تقدير ) (١) .
وقال السيد الشريف في ( شرح المواقف ) : ( إن المعتزلة استدلّوا بوجوه كثيرة مرجعها إلىٰ أمر واحد ، وهو أنّه لولا استقلال العبد بالفعل علىٰ سبيل الاختيار لبطل التكليف وبطل التأديب الذي ورد به الشرع وارتفع المدح والذم ) .
وروىٰ زهدي جار الله عن ( المعتزلة ) : إجماعهم علىٰ أنّ العباد خالقون لأفعالهم مخترعون لها ، وأنّ الله تعالىٰ ليس له في أفعال العباد المكتسبة صنع ولا تقدير (٢) .
ويقول صدر المتألهين رحمهالله : ( ذهبت جماعة كالمعتزلة ومن يحذو حذوهم إلىٰ أنّ الله تعالىٰ أوجد العباد وقدّرهم علىٰ تلك الأعمال وفوض إليهم الاختيار . فهم مستقلون بايجاد تلك الأفعال علىٰ وفق مشيئتهم
________________
(١) الفرق بين الفرق : ٩٤ ، دار الآفاق الجديدة ببيروت .
(٢) المعتزلة : ٩٢ ، وبنفس المضمون في الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٩١ .