أنظر الى الخنساء (١) يوم حرضت أولادها الاربعة في بعض حروب المسلمين حتى قتلوا جميعا ، وبعد هذا فهل تجد من الصحيح قولك : ان الاسلام حرّم المرأة من مخالطة الرجال ؟ ألم تكن النساء تضمّد الجرحى وتسقى العطاشا ، وتزغزد وتهلهل وتحرض المقاتلين على الهجوم في حرب النبي صلىاللهعليهوآله وحرب الوصى عليهالسلام.
دع وانظر الى صفايا النبوّة وحرائر الرسالة وبنات سيد الموحّدين ويعسوب الدين عليهالسلام من زينب وأم كلثوم وسكينة في كربلاء والكوفة والشام ، وفي مجلس يزيد وابن زياد في النوادي والمجتمعات ، فهل مع هذا كله نقول : ان تعاليم حرمت المرأة من مخالطة الرجال وسماع احاديثهم وأرجعتها الى بيتها ؟ أما آية الحجاب فهى واردة في خصوص نساء النبي عليهالسلام (٢) وكان الاعراب الذين أخبر الله جل شأنه عنهم بقوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٣) يؤذون نساء النبي بالهجوم عليهن في منازلهن نهاهم الله عن ذلك ، راجع سورة الاحزاب نعم ان التعاليم الاسلامية حرمت على النساء مطلقا التبرج واظهار الزينة للرجال : ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهِلِيَّةِ الأُولى (٤) وأين هذا من
__________________
(١) الخنساء بنت عمرو بن الشريد اتفق اهل العلم بالشعر انه لم يكن امرأة قبلها ولابعدها اشعر منها ووفدت الخنساء على رسول الله صلىاللهعليهوآله مع قومها من بني سليم فاسلمت معهم وتوفيت حدود سنة : (٢٦) ه.
(٢) الاية وان كانت واردة في خصوص نساء النبي صلىاللهعليهوآله ولكن حكمها عام فان من المحقق في محله ان خصوص المورد لا يخصص عموم الحكم قال الجصاص : وهذا الحكم وان نزل خاصاً في النبي صلىاللهعليهوآله وأزواجه فالمعنى عام فيه وفى غيره اذكنا مأمورين باتباعه والاقتداء به الا ما خصه الله به دون امته. انظر احكام القرآن ، ص ٤٤٥ طبعة سنة : ١٣٤٧ ه بمصر ومع ذلك كله ، الاية لاتدل على الحرمة التي ادعاها صاحب المقال.
(٣) سورة ٤٩ آية : ٤.
(٤) سورة ٣٣ آية :
٣٣ قال الجصاص المتوفى (٣٧٠) ه : « ولاتبرجن تبرج الجاهلية
الاولى » يعنى اذا خرجتن من بيوتكن قال : كانت لهن مشية وتكسر وتغنج فنها عن الله عن ذلك وقيل هو
اظهار المحاسن