الثاني لأن ذلك هو المتعذر منه لا الأول ، وتارة يجوزون منه بعض العبادات كالعتق وسيأتي تجويز جماعة من الأصحاب له منه ، مع اشتراط القربة فيه نظراً إلى ما ذكرناه من الوجه في الأول .
وقد وقع الخلاف بينهم في وقفه وصدقته وعتقه المتبرع به ونحو ذلك من التصرفات المالية المعتبر فيها القربة ، واتفقوا على عدم صحة العبادات البدنية منه نظراً إلى أن المال يراعي فيه جانب المدفوع إليه ولو بفك الرقبة من الرق فيرجح فيه جانب القربات بخلاف العبادات البدنية ، ومن ثم ذهب بعض العامة إلى عدم اشتراط النية في العتق والإطعام واعتبرها في الصيام ، إلا أن هذا الإعتبار غير منضبط عند الأصحاب كما أشرنا إليه ، وسيأتي له في العتق زيادة بحث .
ثم عد إلى العبارة واعلم أن قوله ذمياً كان الكافر أو حربياً أو مرتداً لا يظهر للتسوية بين هذه الفرق مزية ، لأن الكافر المقر بالله تعالى لا يفرق فيه بين الذمي والحربي ، وإن افترقا في الإقرار بالجزية فإن ذلك أمر خارج عن هذا المطلق ، وإنما حق التسوية بين أصناف الكفار أن يقول سواء كان مقراً بالله كالكتابي أم جاحداً له كالوثني ، لأن ذلك هو موضع الإشكال ومحل الخلاف .
وأما ما قاله بعضهم من أن الكافر مطلقاً لا يعرف الله تعالى على الوجه المعتبر ولو عرفه لأقر بجميع رسله ودين الإسلام فهو كلام بعيد عن التحقيق جداً ، ولا ملازمة بين الأمرين كما لا ملازمة بين معرفة المسلم لله تعالى ومعرفة دين الحق من فرق الإسلام ، وكل حزب بما لديهم فرحون .
ـ مسالك الأفهام ج ٢ ص ١٥٣
قوله : ويصح اليمين من الكافر . . إلخ . إذا حلف الكافر بالله تعالى على
شئ سواء كان مقراً بالله كاليهودي والنصراني أو من كفر بجحد فريضة من المسلمين ، أو غير مقر به كالوثني ، ففي انعقاد يمينه أقوال أشهرها الأول ، وهو الذي اختاره المصنف والشيخ في المبسوط وأتباعه وأكثر المتأخرين لوجود المقتضي وهو حلفه بالله تعالى