يكون
ضرورياً .
وليس الإدراك أيضاً
طريق العلم بمعرفة الله تعالى ، لأنه تعالى ليس بمدرك بشئ من الحواس على ما سنبينه فيما بعد ، ولو كان مدركاً محسوساً لأدركناه مع صحة حواسنا وارتفاع الموانع المعقولة .
والخبر أيضاً لا يمكن
أن يكون طريقاً إلى معرفته ، لأن الخبر الذي يوجب العلم هو ما كان مستنداً إلى مشاهدة وإدراك ، كالبلدان والوقائع وغير ذلك ، وقد بينا أنه
ليس بمدرك ، والخبر الذي لا يستند إلى الإدراك لا يوجب العلم . ألا ترى أن جميع المسلمين يخبرون من خالفهم بصدق محمد صلىاللهعليهوآله فلا يحصل لمخالفيهم العلم به لأن ذلك طريقه الدليل ، وكذلك جميع الموحدين يخبرون الملحدة بحدوث العالم فلا يحصل لهم العلم به لأن ذلك طريقه الدليل .
فإذا بطل أن يكون
طريق معرفته الضرورة أو المشاهدة أو الخبر ، لم يبق إلا أن يكون طريقة النظر .
فإن قيل : أين أنتم عن تقليد المتقدمين ؟
قلنا :
التقليد إن أريد به قبول قول الغير من غير حجة وهو حقيقة التقليد فذلك قبيح في العقول ، لأن فيه إقداماً على ما لا يأمن كون ما يعتقده عند التقليد جهلاً
لتعريه من الدليل ، والإقدام على ذلك قبيح في العقول ، ولأنه ليس في العقول أن تقليد الموحد أولى من تقليد الملحد إذا رفعنا النظر والبحث عن أوهامنا ولا يجوز أن يتساوى الحق والباطل .
فإن قيل : نقلد المحق دون المبطل .
قلنا :
العلم بكونه محقاً لا يمكن حصوله إلا بالنظر ، لأنا إن علمناه بتقليد آخر أدى إلى التسلسل ، وإن علمناه بدليل فالدليل الدال على وجوب القبول منه يخرجه عن باب التقليد ، ولذلك لم يكن أحدنا مقلداً للنبي أو المعصوم فيما نقبله منه لقيام الدليل على صحة ما يقوله .