وقد زاده ألما وملأه حسرة ، من أن يكون
(يزيد) الماجن الخليع حاكما على المسلمين ، فيعمل على الانسلاخ من المبادئ السامية
، والطباع العربية الأصيلة ، فيرتمي في أحضان الخيانة ، ويخضع لأحقاده الموروثة
على آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم!
فما كان من الإمام الحسين عليهالسلام وقد بلغته من الكتب ما يقرب من إثني
عشر ألف كتاب ، فقرر عند ذلك السفر إلى العراق ولكنه بعث ابن عمه مسلم بن عقيل
ليستوثق من البيعة ، وعلى أثر ذلك التفويض خرج مسلم ابن عقيل عليهالسلام من مكة للنصف من شهر رمضان سنة ستين
للهجرة
، وبعد معاناة وصل مسلم الكوفة ، فنزل بدار المختار بن عبيد الثقفي ، وكان شريفا في قومه ، كريما عالي
الهمة ، مقداما مجربا قوي النفس شديد على أعداء أهل البيت عليهمالسلام.
وليس نزول مسلم عليهالسلام في بيت المختار بالشيء اليسير إذا
نظرناه من وجهة الظروف الراهنة آنذاك ، ومن وجهة دعوة جديدة يُراد بها قلب نظام
جماعي يدين بالولاء لبني أمية ، فهو على أية حال يعطينا صورة واضحة عن عقيدة هذا
الرجل الذي جعل من بيته ندوة ينشر منها دعوة الحسين عليهالسلام
، بالرغم من كثرة أزلام السلطة الأموية في الكوفة التي كانت تراقب كل شيء.
ومن بيت المختار راح مسلم عليهالسلام ينشر دعوته ، ويجمع الأنصار من حوله ، وجدَّ
في ذلك حتى بلغ عدد من بايعوه ثمانية عشر ألفا
، وقيل
__________________