نعم ... فجميع هذه الروايات تنتصب
دليلاً على أن أخبار ابن سبأ ظفرت بنصيب من الذيوع والإنتشار بحيث لم تكن قصراً
على سيف وحده ويتأكد لنا من خلالها أن ابن سبأ يعد حقيقة وليس أسطورة أو من رسم
الخيال كما يظن بعض الذين خاضوا في هذا المجال.
أما أسانيد هذه المرويات فهي تتفاوت في
الضعف أو القوة حسب رواتها ولعلي هنا أسرد لكم بياناً بهذا :
يبدو ضعف الرواية الأولى لوجود محمد بن
عثمان بن أبي شيبة ، فقد ذكره الذهبي في الميزان ونقل أقوال من ضعفه من العلماء ،
وأشار إلى طائفة وثقته واكتفى هو بالقول : كان بصيراً بالحديث والرجال ، له تواليف
مفيدة.
وقبله أفاض الخطيب في ترجمته جمع اقوال
من اتهموه بالكذب ، وان كان الخطيب قد قال عنه : « كان كثير الحديث واسع الرواية
ذا معرفة وفهم ، وله تاريخ كبير ».
ولوجود مجالد ـ وهو ابن سعيد ـ جاء ذكره
في الميزان ، ونقل الذهبي قول ابن معين فيه : « لا يحتج به » وقول أحمد : « يرفع
كثيراً مما لا يرفعه الناس ، ليس بشيء » ، كما نقل تضعيف الدارقطني ، ويحيى ابن
سعيد له ، وقال هو عنه : « مشهور صاحب حديث على لين فيه ».
أما الرواية الثانية فتظهر علائم الصحة
على اسنادها ، فأبو عبدالله يحيى بن الحسن هو البناء الحنبلي البغدادي شيخ ابن عساكر
، وصفة الذهبي بالشيخ الامام ، الصادق ، العابد ، الخير المتبع الفقيه ، بقية
المشايخ ، ثم نقل عن السمعاني قوله : سمعت الحافظ عبد الله الأندلسي يثني عليه ويمدحه
ويطريه ويصفه بالعلم والتميز والفضل وحسن الأخلاق وترك الفضول وعمارة المسجد