سوء » (١).
وهذه المعلومات التي تتصف بشيء من التفصيل لا يتصوّر المعارضة على أنها نابعة من خلاف شخصي مع أن استنادها الى خلاف عقائدي أولى.
وخاصة اذا لاحظنا أن الحسين بن أحمد ـ أبي عبد الله الشيعي ـ كان كوفيّا ، والغالب فيها التشيّع الإمامي ، وأن عبيد الله المهدي كان من السلمية ، والغالب فيها التشيّع الاسماعيلي. وأن تصفية المعارضة بالاغتيال خصّيصة إسماعيلية معروفة في التاريخ.
وبالرغم من محاولة المؤلّف تبرئة المهدي من هذه الحادثة ، فإنه يبقى السؤال : كيف أمر المهدي بالاغتيال قبل أن يحاجج المعارضة على الاسلوب الذي كان يسلكه الإمام علي عليهالسلام مع الخوارج؟ وكيف قتل الشيعي وأخيه من دون أن يباشرا أية جريمة؟ ( وأيضا ) إن لم يكن ترحّم المهدي على أبي عبد الله ترحّما سياسيا فلما ذا لم يؤدّ الفروض الدينية في الصلاة عليه قبل دفنه؟
ومن هنا يظهر بوضوح أن دور المهدي لم يكن إلا دورا سياسيا محضا ، وأن أبي عبد الله الشيعي قد وقف على هذه الحقيقة فخشي المهدي على سلطانه فقضى عليه قبل أن يثور عليه الشيعي ، والمهدي عارف بمدى شجاعته وقدرته ، حيث إنه هو الذي أنقذ المهدي من السجن وساعده حتى وصل الى ما وصل إليه. وكان الشيعي ينظر الى الحكم كوسيلة للعمل لا كهدف اسمى ، وهذا ما لم يجده في حكومة المهدي بل وجد العكس فيها.
وعليه فاحتمال التقيّة بحق المؤلّف الذي علم بهذا النوع من الاغتيال أمر طبيعي ، ويشهد له الخضوع المطلق الذي يبديه المؤلّف للخلفاء في كلّ لفظة
__________________
(١) افتتاح الدعوة : ص ٣١٦.