الاسماعيلية في عهد ميمون بن داود القداح ( ت / ١٨٠ هـ ) والمهدي أيضا ـ كما يظهر من قوله : « صاحب هذا الأمر [ الامامة ] في هذا الوقت حمل في بطن امّه وعن قريب يولد » ـ.
وأوضح المعزّ هذا الكلام بقوله : « وكان المنصور [ ثاني الخلفاء الفاطميّين ] حملا في ذلك الوقت ، وكان عند المهدي حمل فولد المنصور وولد أبو الحسن للمهدي » (١).
ويظهر بوضوح أن المهدي اعترف بأنه لم يكن الامام المستقر ، ولوّح في نفس الوقت بأن الامام المستقر هو المنصور الذي كان حملا آنذاك ، وهنا نقطة الخلاف ، إذا كيف يقرّ المهدي بالامامة للحمل ولا يقرّها لأبيه وهو القائم ( المتوفّى سنة ٣٣٤ هـ ) ولا لعمّه ( المتوفّى سنة ٣٨٢ هـ ) ، فإن كون الامامة بالنسب يقتضي ذلك. وكانت مسألة النسب واضحة بحيث لا يمكن أن ينكرها المهدي. وبعد وفاة المهدى أعلنت زوجته أمّ الحسن مصرّحة : « والله لقد خرج هذا الأمر [ الامامة ] من هذا القصر ـ تعني قصر المهدي بالله ـ فلا يعود إليه أبدا ، وصار الى ذلك القصر ـ تعني قصر القائم بأمر الله ـ فلا يزال في ذرية صاحبه ما بقيت الدنيا » (٢).
وأصرّت أمّ الحسن على موقفها بالرغم من اتّهام المعارضة إيّاها بالتخليط لكثرة العمر قائلة : « أما الكثرة فنعم ، وأما التخليط فلا ، والله ما أنا بمخلطة » (٣).
فالمهدي ببعد نظره السياسي قد تمكّن من إسكات المعارضة المتمثلة في القائم وذلك بالاقرار بالإمامة المستقرة في الحمل وإبقاء السلطة السياسية في يده ، ولم يجد القائم بدّا من الرضوخ الى هذا القرار ، ولعلّ زوجة المهدي سلكت
__________________
( ١ ـ ٢ ـ ٣ ) المجالس : ص ٥٤٣.