فلما لم يجدوا
عندي إلا المحجة البيضاء والحمل على كتاب الله جلّ ذكره وسنّة رسول الله صلوات الله
عليه وآله ، وإعطاء كلّ امرئ ما جعله الله عزّ وجلّ له. شكك القوم مشكك فأزالها الى ابن عفان طمعا في الشحيح معه فيها ، وابن عفان رجل لم
يستو به ، ولا بواحد ممن حضر فضيلة من الفضائل ولا مأثرة من
المآثر.
ثم لا أعلم القوم
ما أمسوا في يومهم ذلك حتى ظهرت ندامتهم ، ونكصوا على أعقابهم ، وأحال بعضهم على
بعض كل يلوم نفسه ويلوم أصحابه.
ثم لم تطل الأيام
بالسفير لابن عفان حتى كفره ، ومشى الى أصحابه خاصة ، وأصحاب محمد عامة يستقيلهم
من بيعته ويتوب الى الله من [ فتنته ] .
وكانت هذه أكبر من
اختيها ، وأفظع ، واخرى أن لا يصبر عليها ، فلم يكن عندي فيها إلا الصبر ، ولقد
أتاني الباقون من الستة من يومهم الذي عقدوا فيه لابن عفان ما عقدوه ، وكل راجع
عنه ، يسألني خلع ابن عفان ، والقيام في حقي ، ويعطيني صفقته وبيعته على الموت تحت
رايتي ، أو يردّ الله إليّ حقي ، وبعد ذلك مرارا كثيرة فيأتوني في ذلك وغيرهم ، فو
الله ما منعني منها إلا ما منعني من أختيها قبلها ، ورأيت الإبقاء على من بقى أبهج
بي وأسر.
__________________