قال : إليك عنّي يا رجل فإنه قد وكّل بنا حفظة أخافهم عليك ... » (١).
وهذه الرواية تدلّ بوضوح أن في عصر الإمام الكاظم عليهالسلام ( ت / ١٨٣ هـ ) كانت له شيعة من أهل المغرب ممّن يدين الله بولايته ، قصد الامام بالرغم من الرقابة على الامام وأتباعه. وطبيعي أن لا نعثر على ترجمة هذا القيرواني وأمثاله الذين لا بدّ وأن أقل نجمهم باستيلاء الاسماعيليّين على الحكم في المغرب.
فإذا صحّ القول بأن المؤلّف استخدم التقية ، يجوز القول بأن في روايته لهذه الرواية في كتابه ترك آثار التقية ، إذ كيف يصحّ لإسماعيلي أن يذكر منقبة أو ما يشعر بفضيلة للامام الكاظم عليهالسلام وهو لا يؤمن بإمامته ، فالمؤلّف لم يظهر الاعتقاد به ، وفي نفس الوقت أثبت ما ربما يدلّ على هذا الاعتقاد ، وترك « الحرف الذي يدلّ على الولاية » (٢) كما فعل غيره من أصحاب التقية.
واسرة المؤلّف لم تقف متفرّجة على المذاهب المختلفة الواردة من الشرق دون أن تتخذ لها موقفا واضحا منها ، وخاصّة والد المؤلّف الذي كان معمّرا وصاحب تجربة طويلة في الحياة ومطّلعا على الأخبار الكثيرة التي حفظها منذ صغره وهو في الرابعة من العمر حتى وفاته عام ٣٥١ هـ (٣).
وقد تقدم ما استظهرناه في ترجمته من قول الخشني : « وكان مدنيّا صحب ابن سحنون فتشرّق فكان لذلك مستترا » (٤).
__________________
(١) شرح الأخبار : ١٤ / ٦٥.
(٢) مقدمة الهمّة : ص ٣٣.
(٣) وفيات الأعيان : ٥ : ٤١٦.
(٤) هامش المجالس ص ٦ عن طبقات علماء افريقية : ص ٢٢٣.