يومئذ لا يعدّ إسلاما لأنه لم يكن بالغا مكلّفا ، وهذا منهم طعن على رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ كان قد دعاه إلى الإسلام ، وقبله منه. وهو بزعمهم غير مقبول ، ولا واجب عليه مع جهل هؤلاء بدين الله عز وجل ، وسنّة نبيه صلىاللهعليهوآله وما أنزله عليه عز وجل في كتابه ، فقد قال جلّ ثناؤه : « وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا » (١) والحكم درجة بعد الاسلام ولا يكون إلا لمن يستحقه ، وقد رووا عن عبد الله بن عمر هو وأمثاله من الصحابة عندهم ممن يجب اتباعه ولا يجوز عندهم مخالفة قوله ، إنه قال : إذا بلغ الصبي سبع سنين كتب إيمانه وكفره. وحجته في ذلك عندهم اسلام علي عليهالسلام [ وذكروا ] بأجمعهم قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه (٢). وأجمعوا كذلك أن حكم الولد حكم أبويه ودينه على دينهما حتى يختار الخروج منه ، فاذا كان مولودا على الفطرة لم يجز أن ينقل عنها حتى يبلغ ، وهو اذا بلغ عندهم على الإسلام ثم اختار غيره استتيب فان تاب وإلا قتل. وفي هذا كلام يطول ذكره.
[١٤٨] ومما رووه في نفس هذا المعنى عن عمرو بن سلمة ، إنه قال : كنا بحاضرا يمرّ بنا من جاء من عند النبيّ صلوات الله عليه وآله ، فيحدّثون عنه عليه الصلاة والسّلام ، فحفظت قرآنا كثيرا ، فوفدوا بي الى النبيّ في نفر من قومي ، فعلّمهم الصلاة ، وقال : ليؤمّكم أقرأكم ، فقدموني ، وكنت اؤمّهم وأنا ابن ثمان سنين ، وكان عليّ بردة إذا سجدت انكشف سوءتي. فقال امرؤ من القوم : واروا سوءة إمامكم ، فكسوني عمامة معقدة ،
__________________
(١) مريم : ١٢.
(٢) أي يسلك الطريقة المجوسية في حياته العملية.