وليس هذا من نقض اليقين بالشك ، بل بما يحتمل كونه نقض اليقين باليقين والاستصحاب هو النهي عن نقض اليقين بالشك على كل تقدير ، بل لا شك في هذه الصورة في واقع الزمان ، وإنّما يوجد يقين بالبقاء قبل الزوال ويقين بالانتقاض بعده ، فلا موضوع للاستصحاب ، وإنّما الشبهة المصداقية تعقل في مجهولي التاريخ ، إذا كان دائرة تردد الجزء المستصحب أضيق أو مساوياً لدائرة تردد الجزء الآخر بلحاظ عمود الزمان كما ذكر السيد الشهيد قدسسره.
وهذا الوجه أيضاً يمكن الإجابة عليه : بأنّا نجري الاستصحاب بلحاظ واقع زمان الملاقاة ، ولكن من خلال عنوان زمان الملاقاة بأن نشير به إلى ذات معنونه الخارجي مع إلغاء تقيده بالملاقاة ، والذي من خلال هذا العنوان المشير يشك وجداناً في بقاء الكرية فيه وعدمه ، ولو من جهة تردده بين فردين من الزمان ، لا شك في شيء منهما ، إذا لوحظا بعنوانيهما التفصيليين ، فإنّه كما يمكن تعلّق العلم بعنوان إجمالي مردد بين فردين مشكوكين بعنوانيهما التفصيليين كما إذا علمنا بطهارة اناء زيد المردد بين انائين يشك في نجاسة كل منهما ، كذلك يمكن العكس بأن نشك في طهارة اناء زيد المردد بين انائين يقطع بنجاسة أحدهما وطهارة الآخر تفصيلاً ، فإذا كان اناء زيد نجساً سابقاً وكانت نجاسته فعلاً موضوعاً لأثر شرعي ـ كما إذا نذر وجوب التصدق إذا كان نجساً ـ جرى استصحاب بقاء نجاسة اناء زيد على إجماله لترتيب ذاك الأثر ، ولكن لا بما انّه اناء زيد لوضوح عدم أخذ اضافته لزيد لا في موضوع النجاسة المستصحبة ولا في موضوع الأثر الآخر ؛ لأنّه مترتب على نجاسة اناء ، يكون لزيد بنحو التركيب بحسب الفرض ، بل اناء زيد مشير إلى واقع ذاك الاناء الخارجي الموضوع لهذا الحكم والأثر الشرعي.