فإنّه يقال : الشوق والحب والارادة من الصفات الحقيقية التكوينية وليست من قبيل الجعل الذي هو أمر اختياري ، والمفروض انّه لا استحالة في نفس تعلق الحكم أو الشوق بالعالم به وإنّما المحذور في مرحلة فعلية وصوله إلى المكلف وهو مانع عن تحقق الجعل الذي هو فعل اختياري للمولى وليس مانعاً عن الشوق وتعلقه به فإنّه قد يتعلق بأمر مستحيل في نفسه على انّه ليس بمستحيل ؛ إذ يعقل أن يكون الشوق والملاك فيمن علم بفعلية الحكم في حق نفسه ولو من باب الجهل المركب وتصور انّ الحكم مطلق ثابت بقطع النظر عن قطعه على كل أحد ، وهذا وإن كان مانعاً عن الجعل للغويته لكنه ليس مانعاً عن الشوق وتعلّق الارادة به لأنّه أمر تكويني قهري ، وهذا يعني انّه لو احتملنا تقيد الحكم بحسب مباديه وروحه بالعالم بفعليته ـ لا العالم بجعله ـ لم يكن بالامكان نفي احتمال دخالة ذلك بالاطلاق في أدلّة الأحكام للعلم بكونها مطلقة من هذه الناحية ولكنها لا تفيد في الكشف عن إطلاق روح الحكم وما هو المنجز إنّما هو روح الحكم لا مجرد جعله فقد يتصور انّه على هذا ينحصر الوجه في اثبات الحكم في حق الجاهل بفعليته بقاعدة الاشتراك.
وثانياً ـ بأنّ الجعل المتمم سيبقى مهملاً بالنسبة إلى نفسه فلو فرض انّ فعلية الحكم كانت مشروطة بالعلم بتمام المجعول لم يكن يمكن للمولى التوصل إلى غرضه للزوم التسلسل.
وقد رجع عنه في الدورة الثانية ولعلّه لعدم صحته ؛ لأنّ المراد من أخذ العلم بحسب الفرض أخذ العلم بالحكم الفعلي وهو إنّما يكون بلحاظ روح الحكم ومباديه لا بلحاظ مجرد الجعل والاعتبار والمفروض انّه بلحاظ مرحلة روح الحكم ومباديه لا يوجد إلاّحكم واحد لا أحكام عديدة وتعدد الجعل ليس إلاّ