الأنصاري قال : حدّثنا هارون بن حاتم أبو بشر قال : حدّثنا عبد الرحمن بن أبي حماد ، عن ثابت بن إسماعيل ،
عن أبي النضر الجرمي قال : رأيت رجلا سمج العمى ، فسألته عن سبب ذهاب بصره؟
فقال : كنت ممن حضر عسكر عمر بن سعد ، فلمّا جاء الليل رقدت ، فرأيت رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في المنام بين يديه طست فيها دم وريشة في الدم ، وهو يؤتى بأصحاب عمر بن سعد فيأخذ الريشة فيخطبها بين أعينهم فاتي بي.
فقلت : يا رسول الله! والله ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم! قال : أفلم تكثر عدوّنا؟! وأدخل إصبعيه في الدم ـ السبّابة والوسطى ـ وأهوى بها إلى عيني ، فأصبحت وقد [ ٨٤ ـ ب ] ذهب بصري.
[١٦٩] ـ وقال حدّثنا عبد الرحمن بن أبي حماد قال : حدّثنا الفضيل بن الزبير قال :
كنت جالسا فأقبل رجل فجلس إليه رائحته رائحة القطران فقال له : يا هذا أتبيع القطران؟ قال : ما بعته قطّ قال : فما هذه الرائحة؟
قال : كنت ممّن شهد عسكر عمر بن سعد ، وكنت أبيعهم أوتاد الحديد ، فلمّا جنّ عليّ الليل رقدت ، فرأيت في نومي رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ومعه علي ، وعلي يسقي القتلى من أصحاب الحسين ، فقلت له : اسقني فأبى.
فقلت : يا رسول الله! مره يسقيني ، فقال : ألست ممّن عاون علينا؟ فقلت : يا رسول الله! والله ما ضربت بسيف ، ولا طعنت برمح ، ولا رميت بسهم! ولكنّي كنت أبيعهم أوتاد الحديد.
فقال : يا علي! اسقه ، فناولني قعبا مملوا قطرانا ، ولم أزل أبول القطران أيّاما ، ثمّ انقطع ذلك البول عنّي وبقيت الرائحة في جسمي.
فقال له السدي : يا عبد الله! كل من برّ العراق واشرب من ماء الفرات ، فما أراك تعاين
__________________
(١٦٩) أخرجه ابن عساكر في ترجمة الامام الحسين عليهالسلام برقم ٣٩٧ ، وأورده ابن منظور في مختصر تاريخ دمشق : ٧ / ١٥٧.
ورواه الخطيب الخوارزمي في مقتل الحسين عليهالسلام : ٢ / ١١٦ رقم ٥٠ بإسناد آخر ولفظ قريب عن الحسن البصري.