وتوفّي معاوية
ليلة النصف من رجب سنة ستّين ، وبايع الناس ليزيد ، فكتب يزيد مع عبد الله بن عمرو
بن أوس العامري ـ عامر بن أوفى ـ إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ـ وهو على
المدينة ـ : ان ادع الناس فبايعهم ، وابدأ بوجوه قريش ، وليكن أوّل من تبدأ به
الحسين بن علي ، فإن أمير المؤمنين ـ رحمهالله ـ عهد إلىّ في أمره الرفق به واستصلاحه.
فبعث الوليد من
ساعته ـ نصف الليل ـ إلى الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير [ ٦٠ ـ ب ] فأخبرهما
بوفاة معاوية ودعاهما إلى البيعة ليزيد! فقالا : نصبح وننظر ما يصنع الناس.
ووثب الحسين فخرج
، وخرج معه ابن الزبير وهو يقول : هو يزيد الذي نعرف ، والله ما حدث له حزم ولا
مروءة.
وقد كان الوليد
أغلظ للحسين ، فشتمه الحسين وأخذ بعمامته فنزعها من رأسه.
فقال الوليد : إن
هجنا بأبي عبد الله إلاّ أسدا ، فقال له مروان أو بعض جلسائه : أقتله! قال : انّ
ذلك لدم مضنون في بني عبد مناف.
فلمّا صار الوليد
إلى منزله قالت له امرأته أسماء ابنة عبد الرحمن بن الحارث بن هشام :
أسببت حسينا؟! قال
: هو بدأ فسبّني ، قالت : وإن سبّك حسين تسبّه؟! وان سبّ أباك تسبّ أباه؟! قال :
لا.
وخرج الحسين وعبد
الله بن الزبير من ليلتهما إلى مكة ، وأصبح الناس فغدوا على البيعة ليزيد! وطلب
الحسين وابن الزبير فلم يوجدا ، فقال المسوّر بن مخرمة : عجل [ أبو ] عبد الله ،
وابن الزبير الآن يلفته ويرجيه إلى العراق ليخلو بمكّة.
فقد ما مكّة ،
فنزل الحسين دار العباس بن عبد المطّلب ، ولزم ابن الزبير الحجر ، ولبس المعافري
وجعل يحرّض الناس على بني أميّة.
وكان يغدو ويروح
إلى الحسين ، ويشير عليه أن يقدم العراق! ويقول : هم شيعتك وشيعة أبيك ، فكان عبد
الله بن عباس ينهاه عن ذلك ويقول : لا تفعل.
وقال له عبد الله
بن مطيع : أي فداك أبي وأمي! متّعنا بنفسك ولا تسر إلى العراق ،
__________________