فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا ) ثمّ قال تعالى بعده ( أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ) ثمّ قال تعالى بعده ( وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ ) وكل ذلك ترغيب التمسك بطاعة الله وبالتوبة والانابة.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ ) فعم ثمّ قال ( وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ) لما ذا فرق بين الأمرين وعندكم انه بيان للكل وهدى وموعظة للكل. وجوابنا أنه بيان وهدى للكل لكنه تعالى في كونه بيانا عم وفي كونه هدى وموعظة خص المتقين من حيث تمسكوا به فصار كأنه ليس بهدى ولا موعظة الا لهم كما ذكرناه في أول سورة البقرة في قوله ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ).
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ ) كيف يصح أن يقول ذلك في الكافرين وكيف يصح أن يقول ( وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا ) والله تعالى عالم لم يزل قبل أن يمس القوم القرح الذي ذكره. وجوابنا أنه تعالى قد قوّى الكافر ومكنه بالآيات وغيرها وأمره ونهاه كما فعل ذلك بالمؤمن وانه خص المؤمن بالالطاف وغيرها فصح لذلك أن يقول في تلك الايام ( نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ ) ولذلك قال بعده ( وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ ) وقال ( وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ ) فجعل تعالى المداولة محنة على الكافرين ونعمة على المؤمنين وأما ( وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا ) فالمراد وقوع المعلوم ونبه بذكر العلم عليه لما كان معلوم العلم يحب ان يكون على ما تناوله العلم ولذلك قال الله تعالى بعده ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا