اذا كان في مقابلتهم الجيش العظيم انهم أذلة ولذلك قال بعده ( إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ ) فبين انه نصرهم بهم وأخرجهم من أن يكونوا أذلة.
[ مسألة ] وربما قيل كيف يجوز ( أن يمدّهم بثلاثة آلاف من الملائكة ) من ان صورة الملائكة بخلاف صورة البشر منا فكيف يصح ذلك وجوابنا انه تعالى يغير خلقهم حتى يكون الظاهر منهم مثل صورة الانس رجالا وركبانا ، والله تعالى قادر على ذلك وبهذا القدر لا يخرجون من ان يكونوا ملائكة لان ما لأجله صاروا ملائكة من الصورة ثابت فيهم.
[ مسألة ] وربما سألوا فقالوا كيف يقال للكفار ( قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ) فيأمر نبيه بأن يبقوا على الكفر لانهم إن لم يبقوا عليه لم يموتوا بغيظ المؤمنين.
وجوابنا ان ذلك بصورة الامر وهو دعاء بهلاكهم كما يقول الانسان لمن يخالف في الحق مت كمدا وذلك مشهور في اللغة.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ ) ان ذلك يدل على ان فعل المجاهد خلقه. وجوابنا أن المراد ان مجموع النصر لا يتم إلا بأمور من قبله وان كان لا بد من سعي المجاهد وهذا كما تقول في فضل الابن وعلمه انهما من جهة الوالد لما كان ذلك لم يتم الا من قبله ولذلك قال بعده ( لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ ).
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ) انه قد نفى ان يكون له صلّى الله عليه وسلم فعل وصنع وذلك بخلاف قولكم. وجوابنا أن المراد أنه ليس له في تدبير مصالح العباد وما يكون صلاحا لهم في الدين شيء لان كل ذلك من قبله تعالى وليس المراد نفي صنعه وفعله وكيف يجوز