القلوب عندها في
الجهاد وغيره.
[ مسألة ] وقالوا
في قوله ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ
النِّساءِ وَالْبَنِينَ ) الخ : اذا كان تعالى زينه فكيف يعاقب العبد على ما زينه
له. وجوابنا انه تعالى لم يذكر من الذي زين فيحتمل أن يريد من يدعو الى المعاصي من
شياطين الانس والجن ويحتمل أنه تعالى زين لهم بالشهوات وخلق المشتهى لكنه يضم الى
ذلك فيما هو معصية التخويف والوعيد وذلك مما يحسن ولذلك ذكر المال والخيل والأولاد
ثمّ قال في آخره ( ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ
عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ) فرغب في الآخرة العاقبة وزهد في العاجلة فلهذا تأولناه على
ان المراد ما جبل العباد عليه من الشهوات واللذات ولذلك قال بعده ( قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ
بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ ) ثمّ وصفها بما
ذكره بعده وأضاف الى ذلك رضوان الله تعالى ثمّ اتبعه بقوله ( وَاللهُ
بَصِيرٌ بِالْعِبادِ ) ليتصور المرء في كل ما يأتيه أنه تعالى مطلع عليه وذكر في
وصف الجنة ( وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ ) والمراد بذلك
انهن مطهرات مما ينفر في الدنيا من حيض وغيره وقيل من الذنوب والاول أقرب لأن فيهن
من لم يكلف ، ومن كلف منهن فليست الحال حال تكليف فيذكر ذلك.
[ مسألة ] وربما
قيل في قوله تعالى ( وَمَا اخْتَلَفَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ
) كيف يكون العلم وحصوله طريقا للاختلاف المذموم. وجوابنا ان من علم فعاند وبغى
فذلك يكون عقابه أعظم فيحتمل أن يريد بذلك أهل الكتاب الذين عرفوا فعاندوا ، ولذلك
خص الله تعالى أهل الكتاب بالذكر ، ويحتمل أن يكون المراد بقوله ( مِنْ
بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ ) الدلالة وما هو طريق العلم لان من قصر في النظر فيه يعظم
عقابه ويوصف بأنه قد بغى في ذلك.