ما اذا تصوره المرء يكون زاجرا له عن المعاصي لئلا تشهد عليه جوارحه بها يوم القيامة فتكون الفضيحة الكبرى وقد بينا من قبل ان هذا الكلام يفعله تعالى فيصير بصورة أن يكون الكلام كلام اليد والرجل وأن هذا أقرب من قول من يقول هو كلامهم.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ ) كيف يصح ذلك والمعلوم من حال كثير ممن يعمر انه لا ينكس في الخلق؟ وجوابنا انه لا بد من تقدير شرط في الكلام فان التعمير هو تطويل العمر واطالة العمر قد تختلف فاذا بلغ حدا مخصوصا فلا بد من ان ينكسه في الخلق فتغير أحواله فيجب أن يكون هذا هو المراد.
[ مسألة ] وربما تعلقوا بقوله تعالى ( وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ ) كيف يصح ذلك وهو صلّى الله عليه وسلم أفصح العرب؟ وجوابنا أن المراد أن ما علمناه إنشاء الشعر فيكون حاله كحال من اتسع في معرفة اللغة فما هو منهم ولا يجوز حمله على أنه لم يكن يعرف أوزان الشعر أو لم يكن يحفظ الشعر فإنه كان يحفظه ولا ينطق به فإذا صار ذلك عادة له معروفة أبعد من التهمة فيما جعله الله معجزة له ولذلك قال تعالى ( إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ).
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً ) أليس ذلك يدل على أن لله تعالى يدين؟ وجوابنا إن دل فيجب أن يدل على أيدي ولا يقول بذلك أحد وإذا وجب أن يتأول ذلك فكذلك سائر الآيات وذكر تعالى الأيدي على طريق توكيد اضافة العمل إليه كما قال تعالى ( بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ) وكما يقال في كلام وقع من المرء هذا ما عملت يداك وإنما تذكر اليد من حيث أنها