[ مسألة ] وقالوا قد قال تعالى ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ) كيف يصح ذلك ومعلوم انهم قد يدخلون المساجد وليسوا مخالفين وما معنى سعيهم في خرابها ولم يتفق ذلك. وجوابنا انه قد روى ان أبا بكر الصديق كان بنى مسجدا بمكة يدعو الناس الى الله تعالى فسعى الكفار في تخريبه فانزل الله تعالى ذلك وقد قيل ان المراد منعهم الرسول صلّى الله عليه وسلم والصحابة حتى اضطروا الى الهجرة فبين الله تعالى انهم كما أخافوهم حتى فارقوا مسجد مكة فسيرفعه بحيث لا يدخلونه الا خائفين ومعنى قوله وسعى في خرابها في المنع عن عمارتها بالصلاة وسائر ما يبنى له المسجد كقوله ( إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ ) فكما جعل ذلك عمارة له جعل المنع من ذلك سعيا في خرابه فان حمل الكلام على المسجد الحرام لم يكن لهؤلاء الكفار ان يدخلوها الا على وجه الخوف والا فان حمل على سائر المساجد كما قاله قوم فالمراد انهم اذا دخلوا يكونون خائفين من المسلمين فلا يدخلونها الا لمحاكمة او غيرها فيكونون خائفين ثمّ قال تعالى ( لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ ).
[ مسألة ] وربما قيل أما يدل قوله ( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) على المكان قلنا المراد ان هناك يوجد رضا الله كقول القائل لغيره من شغلك ان تصلي لوجه الله أي طلبا لمرضاته لا على وجه الرياء والسمعة ولو كان المراد بذلك المكان لوجب ان يكون تعالى في وقت واحد في أماكن بحسب صلاة المصلين وقد يذكر الوجه ويراد به ذات الله وقد يقول القائل لغيره وقد سأله حاجة أحب أن تفعل ذلك لوجه الله تعالى اي تقربا الى الله فاما معنى قوله ( فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) ان ذلك لكم بحسب
تنزيه القرآن (٣)