لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) يدل على ان هذه الافعال أفعال العباد ليصح أن يؤاخذوا بها وان ينسب الظلم الى أنفسهم كما نقوله في هذا الباب وقوله من بعد ( خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ) أيدل على ما نقوله من أنه لا يفعل إلا الحكمة والصواب وفي قوله بعد ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ ) ربما يقال إنا نرى من يصلي ولا ينتهي عن ذلك فكيف يصح هذا الظاهر؟ وجوابنا عنه ان الذي تنهى الصلاة عنه هو الذي لا يقع والمصلي وان فعل منهما الكثير فمعلوم من حاله انه غير فاعل لشيء من ذلك في بعض الاوقات فبيّن الله تعالى أنه أوجبها لأن عندها ما هو ازيد منه ومعلوم أيضا أنه غير فاعل المصلى لا يختار الفحشاء والمنكر وإلا فالصلاة محال أن تنهى فالمراد ما ذكرناه وهذا أحد ما يعتمد عليه في أنه تعالى لا يعبد بهذه الشرائع إلا لهذا الوجه وقوله من بعد ( وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) ربما قيل فيه ان ظاهره يقتضي فيمن ظلم منهم أنه يجادل بما ليس أحسن وذلك لا يصح؟ وجوابنا أن من ظلم منهم نفسه وتمرد لا يكون ما يلزمنا أن نرد به عليه مثل الذي نخاطب به غيره وإن كان الجميع حسنا أنّا نفعل مع بعضهم ما غيره أحسن منه وان كان كل ذلك من باب الحسن وقوله تعالى ( وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ ) يدل على ما نقوله من أنه تعالى ينزه الانبياء عن كل أمر ينفر عنهم وقوله تعالى من بعد ( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ ) ربما يتعلق به الخوارج في أن كل فسق كفر وربما يتعلق به من يقول إنه مع الايمان لا يضر شيء. وجوابنا أن ذلك لا يمنع من أن يحيط بغيرهم فلا يدل على ما قالوه وفي قوله تعالى ( وَيَقُولُ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) دلالة على انهم يعاقبون ويعرفون أن ذلك العقاب عدل من حيث عملوا وأذنبوا ولو كان ذلك من خلق الله تعالى فيهم لما صح ذلك وقوله تعالى من بعد ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ )