وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ) الفائدة فيه إعظام ما فعلوه لأنه اذا كان جهرة فهو أعظم من أن يكون خفية وربّ شيء يحسن خلوة ويقبح كونه بحيث يشاهد وما ذكره تعالى من بعد من قوله ( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ ) فيه تنبيه على عظم نعمة الله جل وعز لتدبر فيقام بحق شكره فذكر ما يقارب عشرين خصلة من النعم التي لا يقدر عليها غيره منبها على توحيده ثمّ قال في آخره ( قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) موبخا لهم على جحد ذلك ثمّ على قول الكفار ( وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا ) فانه يقبح منهم هذا القول مع تقدم تلك الدلائل ومع قوله بعد ذلك ( قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ) وقوله ( وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ ) يدل على أن الحوادث كلها مكتوبة في اللوح المحفوظ ليستدل بذلك الملائكة على قدرة الله وعلمه.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ ) كيف يصح أن يحسبها من يشاهدها جامدة ساكنة مع شدة الحركة وسرعتها؟ وجوابنا أن الجمود في العادة الاتصال ولا يكون إلاّ مع السكون وعند سرعة الحركة لا يحتمل التفرق فقال تعالى ( وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ ) وهي على حالها التي يظن أنها لا تكون الا مع السكون وقد قيل أنها تبلغ في سرعة الحركة ما لا يكاد يظن أنها متحركة خصوصا اذا كان المرء يتحرك مع حركتها فيكون كراكب السفينة فانه يظن مع سائر الركاب أنهم ساكنون وإن كانوا يتحركون أسرع حركة وقوله تعالى ( صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) أحد ما يدل على ان الكفر والفساد ليس من فعله والا لكان يصح وصفه بانه محكم متقن وقوله تعالى من