ولذلك قال بعده ( مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ ) ثمّ قال منزها لنفسه ( سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ).
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ ) فحكى جل وعز عنه ذلك ثمّ قال ( كَلاَّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها ) ما الفائدة في ذلك وهو معلوم من قبل؟ وجوابنا أن المراد هذه طريقة في هذه الكلمة أنه يكررها ويتمنى عوده من حيث لا يتلافى ويقتصر على التمني.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ ) كيف يصح نفي الانساب وهي ثابتة في الآخرة كما قال تعالى ( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ ) وقد يدعي الرجل في الآخرة بالآباء؟ وجوابنا أن المراد انقطاع النفع بعد نفخ الصور بالانساب وقد كان ينتفع بها في الدنيا وإلا فالنسب الذي قد ثبت وتقضي لا يزول ولذلك قال تعالى ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ) وانما سينتفع بذلك أهل الصلاح فلذلك قال تعالى في سورة الرعد ( الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ ) فوصفهم ثمّ قال في آخره ( أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ) فعند ذلك يعظم السرور بالاجتماع وبعد ذلك قال تعالى حاكيا عمن خفت موازينه ( قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ ) وبيّن تعالى عظم ما أقدموا عليه بقوله ( إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ