[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) كيف يكون مجيبا لهم بهذا الكلام وبهذه الشهادة؟ وجوابنا أن قوله ( قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ ) كاف في بيان جوابهم لان معرفة الله تعالى إنما تحصل بأفعاله فلما تم ذلك خصه بقوله تعالى ( وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) لا أنه جعل الحجة بشهادته بل أورده توكيد للدلالة.
[ مسألة ] وربما قالوا في قوله تعالى ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا ) أليس ذلك يدل على أن ابراهيم صلّى الله عليه وسلم كذب في هذه الحال وأن الانبياء لا يجوز عليهم الكذب وأنتم تمنعون من ذلك؟ وجوابنا أنه صلّى الله عليه وسلم أورد ذلك على وجه التوبيخ لهم لينبههم على أن الذي تعبده القوم لا يصح منه نفع ولا ضر ولذلك قال بعده ( فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ) قال ( ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ ) ثمّ قال بعده ( أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ ) وكل ذلك يدل على ما قلناه.
[ مسألة ] وربما تعلق بعض المجبرة بقوله تعالى ( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً ) وأن ذلك يدل على أنه الخالق للطاعة؟ وجوابنا في ذلك أن المراد جعلهم أنبياء بإظهار المعجزات وذلك من قبله جل وعز وان كانوا لا يتأهلون لذلك إلا بعد تقدم عبادات وطاعات من جهتهم ولذلك قال بعده ( وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ ) فأضاف الخيرات الى فعلهم وقال ( وَكانُوا لَنا عابِدِينَ ) فمدحهم باضافة العبادة اليهم.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ ) كيف يصح ذلك مع قوله ( وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً )؟ وجوابنا أن الذي