( وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ) فبين أن الواجب فيما يفعل أن ينظر في عواقبه فإذا كانت العاقبة مكروهة لم يحسن أن يغتبط بها فخلافهم عليك يا محمد إذا كان يعقب مثل ذلك فهو وبال ودمار ثمّ بيّن تعالى أنه على اختلال أحوالهم حافظ لهم ودافع للمكاره عنهم فقال ( قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ ) يبعثهم بذلك على طاعته لإدامة النعم عليهم ونبههم بذلك أن لا إله سواه يدفع عنهم المكاره فلذلك قال ( بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ ) فهجّن بذلك صنيع عبّاد الاوثان وبين تعالى أنه مع ذلك متّعهم بالبقاء لكي يؤمنوا وأطال عمرهم فقال ( بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ).
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها ) كيف يصحّ تعلق ذلك بقوله ( بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ )؟ وجوابنا أنه بيّن قدرته على إفناء كثير من الخلق وخصّهم بأن متّعهم فقد روي عن بعض المفسرين أن المرات موت العلماء وروي عن بعضهم أن المراد به إنزال أسباب الهلاك على قوم منهم وذكر تعالى الارض وأراد هلاك أهلها.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ ) كيف يصحّ أن يصفهم بالصمم ثمّ يذمهم بقوله ( وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا )؟ وجوابنا أن ذلك جرى منه تعالى على مذهب العرب في وصفهم بما هو مبالغة في الاعراض عن سماع الآيات لأن من اشتد اعراضه يوصف بأنه أصم لا يسمع كما قال تعالى ( إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا