[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً ) كيف يصح ان يخصه بأنه مشهود والله تعالى شاهد لكل شيء وكيف يضيف القرآن الى الفجر. وجوابنا أن المراد أقم القرآن الفجر فنبه بذلك على وجوب القراءة في الصلاة وبين ما لهذه الصلاة من الخصوصية بأنه يشهدها ملائكة الليل والنهار وقوله تعالى من بعد ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً ) يدل على أن موقع هذا التهجد عند الله عظيم وإن كان نفلا ومعنى عسى هو وقوع ذلك لا بمعنى الشك وعلى هذا الوجه قال المتقدمون في عسى ولعل انهما من الله واجبان.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) أليس يوجب ذلك أن بعضه شفاء ورحمة دون بعض. وجوابنا أن المراد أنه ينزل ما يدعوهم الى التمسك بالايمان ولا يجب ذلك في كل القرآن وبعد فان ذكر بعضه بهذا الوصف لا يدل على ان سائره بخلافه.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ) كيف يصح أن يكون هذا جوابه. وجوابنا أن المراد أنهم سألوه عن الروح ولما ذا يحتاج الحيّ منا إليها فبيّن تعالى أن ذلك ممّا لا يعلمه إلا الله تعالى ولم يسألوه عن نفس الروح ما هو وقد قيل إنهم سألوه عن جبريل صلّى الله عليه وسلم في وقت نزوله بالوحي دون آخر وذلك مما لا حاجة بهم الى معرفته ولذلك قال بعده ( وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ) ثمّ بين تعالى عظم شأن القرآن بقوله ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ) فنبه بذلك على أن له من الرتبة في