من فعل الله تعالى. وجوابنا أن التوفيق من فعل الله تعالى في الحقيقة وهو ما يفعله مما يدعو العبد إلى العبادة كخلق الولد والغنى وما شاكله فنحن نقول بالظاهر والقوم لا يمكنهم ذلك إذ قالوا إن الله تعالى يخلق أعمال العباد لأنّ خلقه ذلك مما يغني عن اللطف والتوفيق والمعونة والهداية فكان ذلك على مذهبهم يحب أن لا يصح.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ) أليس ذلك يدل على انقطاع العذاب من حيث وقته بدوام السموات والارض الذين يفنيان وأنتم تقولون بالخلود فكيف يصح ذلك. وجوابنا ان للنار سماء وأرضا وكذلك الجنة ولا يفنيان فهذا هو المراد وقد قيل ان المراد بذلك تبعيد خروجهم فعلقه تعالى بما يبعد في العقول زواله على مذهب العرب في مثل قول الشاعر.
اذا شاب الغراب أتيت أهلي |
|
وصار القار كاللبن الحليب |
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ ) ان ذلك الاستثناء يدل على انقطاع العقاب فكيف يصح ذلك مع قولكم بالخلود.
وجوابنا أن المراد أوقات الموقف للمحاسبة قبل دخول النار وعلى هذا الوجه ذكر الله تعالى في السعداء مثل ما ذكره في الأشقياء فقال ( وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ ) وقوله تعالى من بعد لرسوله صلّى الله عليه وسلم ( فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ ) على وجه الزجر لغيره على نحو ما قدمناه من قبل.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ