مِنَّا ) كيف ذلك من موسى صلّى الله عليه وسلم مع علمه بأنه لا يؤخذ بذنب غيره. وجوابنا أنهم سألوه رؤية الله تعالى ولم يقنعوا بما يكون من قبل الله تعالى فلما سأل صلّى الله عليه وسلم بقوله ( أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ) لقومه لا لنفسه قال تعالى ( لَنْ تَرانِي ) وأكد ذلك بقوله ( وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي ) فشرط استقراره فلما لم يستقر بأن جعله دكا عند ذلك أخذتهم الصاعقة بظلمهم ( وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ ) قال هذا القول توبيخا لقومه لأن الله عز وجل أخذه بذنب غيره ولذلك قال ( إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ ) يعني شدة التكليف وقد كان سأل الله الرؤية لقومه ولم يأذن جل وعز له في ذلك والانبياء صلّى الله عليهم وسلم لا يسألون ربهم ما يرغبون الا بعد الاذن فعلى هذا الوجه قال ما قال.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) ثمّ قال ( فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ) وبعض ذلك يخالف بعضا. وجوابنا ان المراد بذلك الرحمة الخاصة التي هي الثواب وما تقدم وما تأخر يدل على ذلك لأنه قال من قبل ( قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي ) فقرنها الى العذاب وقال بعده ( فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ) ثمّ وصفهم بالوصف العظيم وإنما قال ( وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) أنها لو قدرت لكل واحد لوسعته أو قاله أيضا على وجه التكثير والمبالغة.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) أليس ذلك كالمدح لليهود. وجوابنا أنه مدح من كان على ملته في أيام حياته لأن تكذيبهم بعيسى ومحمد حدث من بعده. ويحتمل أنه مدح لقوم يؤمنون بمحمد صلّى الله عليه وسلم.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما