أهل الانكار والتوبيخ ولذلك قال بعده ( فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً ).
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ ) كيف يصح وصفهم بذلك لأنه ان أراد أصحاب الأعراف فهم عالمون ولا يوصف العالم بأنه يدخل الجنة انه طامع وان أريد أهل النار فهم عالمون بدخول النار فكيف يطمعون في ذلك. وجوابنا أن المراد به أصحاب الأعراف ويوصفون بالطمع وان كانوا من أهل الجنة تحقيقا لذلك ولأنهم لا يعرفون وقت دخول الجنة في حال شهاداتهم للناس وعليهم.
[ مسألة ] وربما سأل الحشو عن قوله تعالى ( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ) ان ذلك يدل على أمر الله تعالى في القرآن ليس بخلق ولا مخلوق. وجوابنا ان المراد أن له الخلق والأمر من نفس الخلق فهو الذي يبقيه أو يفنيه ويتصرف فيه كيف يشاء فلا يدل أفراده بالذكر على صحة ما قالوه من أنه لم يدخل الأمر تحته كقوله تعالى ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ ) والاحسان من العدل وذلك كثير في الكلام.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ) كيف يصح ذلك ومعلوم أن الذي خبث أيضا من البلاد لا يخرج نباته الا باذن الله. وجوابنا ان المراد بذلك يخرج نباته موافقا للمراد والنفع لا نكدا ونبه جل وعز على ذلك بقوله ( وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً ) وذلك نقصان في الخروج وبيان النفع به لا يكاد يقع وذلك مثل من الله تعالى لمن يعمل العمل الصالح وخلافه ثمّ ذكر تعالى