[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ ) كيف يصح وعندكم أنه قد هدى الجميع. وجوابنا ان المراد في الآخرة وفي الآخرة يكون الهدى بمعنى الثواب كانه قال فريقا هداهم الى الجنة بحسن طاعتهم وفريقا حق عليهم الضلالة وذلك اخبار عن حال ما يعاد لكي يكون أقرب الى الطاعة ولذلك قال بعده ( إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ ) يعني ان الضلالة حقت عليهم لهذه الطريقة التي كانت منهم في الدنيا.
[ مسألة ] وربما سألوا عن قوله تعالى ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ) أليس ذلك يوجب أن أحدا لا يقدر على قطع الأجل بالقتل وغيره على ما يقوله بعض المجبرة. وجوابنا ان الأجل هو الوقت الذي يعيش المرء اليه فسواء انقطعت حياته بالقتل أو باماتة الله تعالى إياه ، فذلك الوقت هو أجله لا أجل له سواه ، والعبد قادر على كل أحد ، لكن ما المعلوم خلافه لا يقع لانه لا يصح أن يفعله.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ ) كيف يصح الضعف في العقاب وليس العقاب مما يصح فيه الزيادة فان الزيادة عليه ظلم وجوابنا انهم أرادوا الدعاء عليهم بمزيد العقاب فليس من يضل ولا يضل ولا يقتدى به بمنزلة من يضل ويضل ومعنى قوله تعالى ( قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ ) أنه لا أحد منهم الا ويستحق من العقاب زيادات على قدر معاصيه إما في الوقت أو في الأوقات.
[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى ( وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ ) كيف يصح ذلك والجنة ما خلقت بعد ولا دخلوها ولا دخلوا النار. وجوابنا أن التقدير في ذلك أنه تعالى كتب في اللوح المحفوظ أني