وعهدتها على من حكاها : [ وذلك ] (١) أنّ بهمدان أناسا يعرفون ببني راشد ، وهم كلّهم يتشيّعون ومذهبهم مذهب أهل الإمامة ، فسألت عن سبب تشيّعهم من بين أهل همدان ، فقال لي شيخ منهم رأيت فيه صلاحا وسمتا : إنّ سبب ذلك أنّ جدّنا الذي ننتسب إليه خرج حاجّا ، فقال : إنّه لمّا صدر من الحجّ وصار (٢) منازل في البادية ، قال : فنشطت للنزول وللمشي ، فمشيت طويلا حتّى أعييت ونعست ، فقلت في نفسي : أنام نومة تريحني وإذا جاء أواخر القافلة قمت.
قال : فما انتبهت إلاّ بحرّ الشمس ولم أر أحدا ، فتوحّشت ولم أر طريقا ولا أثرا ، فتوكّلت على الله عزّ وجلّ وقلت : أتوجّه (٣) حيث وجّهني ، فمشيت غير طويل فوقعت في أرض خضراء قريبة العهد بغيث ، وإذا تربتها أطيب تربة ، فنظرت في سواء تلك الأرض إلى قصر يلوح كأنّه سيف ، فقلت : ليت شعري ما هذا القصر الذي لم أعهده ولم أسمع به ، فقصدته.
فلمّا بلغت الباب رأيت خادمين أبيضين ، فسلّمت عليهما فردّا عليّ ردّا جميلا ، وقالا : اجلس فقد أراد الله بك خيرا ، وقام أحدهما فدخل واحتبس غير بعيد ، ثمّ خرج فقال لي فرقا وجلا (٤) : [ قم ] (٥) فادخل ، فدخلت قصرا لم أر بناء أحسن منه ولا أبرم (٦) منه ، وتقدّم الخادم إلى ستر على باب بيت فرفعه ، ثمّ قال [ لي ] (٧) :
__________________
(١) عن كمال الدين.
(٢) في كمال الدين : وساروا.
(٣) في كمال الدين : أسير.
(٤) قوله « فرقا وجلا » ليس في كمال الدين.
(٥) عن كمال الدين.
(٦) في كمال الدين : ولا أضوأ.
(٧) عن كمال الدين.