شبّهت الروايات انتفاع الناس به عليهالسلام في الغيبة الكبرى بالشمس إذا جلّلها السحاب.
روى جابر الجعفي ، عن جابر الأنصاري أنّه سأل النبيّ صلىاللهعليهوآله : هل ينتفع الشيعة بالقائم عليهالسلام؟ فقال صلىاللهعليهوآله : « إي والّذي بعثني بالنبوّة ، إنّهم لينتفعون به ، ويستضيؤون بنور ولايته في غيبته ، كانتفاع الناس بالشمس وإن جلّلها السحاب » (١).
قال العلاّمة الكبير والمحدّث الخبير مولانا محمّد باقر المجلسي رحمهالله ( ت ١١١١ ه ) في بيان الحديث النبويّ : « التشبيه بالشمس المجلّلة بالسحاب يومئ إلى أمور :
الأوّل : إنّ نور الوجود والعلم والهداية يصل إلى الخلق بتوسّطه عليهالسلام ، إذ ثبت بالأخبار المستفيضة أنّهم العلل الغائيّة لإيجاد الخلق ، فلولاهم لم يصل نور الوجود إلى غيرهم ، وببركتهم والاستشفاع بهم والتوسّل إليهم يظهر العلوم والمعارف على الخلق ، ويكشف البلايا عنهم ، فلولاهم لاستحقّ الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب ، كما قال تعالى : ( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) (٢) ، ولقد جرّبنا مرارا لا نحصيها أنّ عند انغلاق الأمور وإعضال المسائل ، والبعد عن جناب الحقّ تعالى ، وانسداد أبواب الفيض ، لمّا استشفعنا بهم ، وتوسّلنا بأنوارهم ، فبقدر ما يحصل الارتباط المعنوي بهم في ذلك الوقت ، تنكشف تلك الأمور الصعبة ، وهذا معاين لمن أكحل الله عين قلبه بنور الإيمان.
الثاني : كما أنّ الشمس المحجوبة بالسحاب مع انتفاع الناس بها ينتظرون في كلّ
__________________
(١) كمال الدين : ٢٥٣ / ٣ ، كفاية الأثر للخزّاز : ٥٤ ـ ٥٥ ، إعلام الورى : ٣٧٥ ، تفسير روح الجنان لأبي الفتوح الرازي ٣ : ٤٢٣ ، قصص الأنبياء للراوندي : ٣٦٠. وانظر : بحار الأنوار ٣٦ : ٢٥٠ / ٦٧ و ٥٢ : ٩٢ / ٨.
(٢) الأنفال : ٣٣.