وتجدر الاشارة إلى أنّ الناس « يختلفون
في طباعهم وسلوكهم اختلافا كبيرا ، فمن الحكمة في إرشادهم وتوجيههم ، رعاية ما هو
الأجدر بإصلاحهم من الترجّي والتخويف فمنهم من يصلحه الرجاء ، وهم العصاة النادمون
على ما فرّطوا في الآثام ، فحاولوا التوبة إلى اللّه ، بيد أنهم قنطوا من عفو
اللّه وغفرانه ، لفداحة جرائمهم ، وكثرة سيئاتهم ، فيعالج والحالة هذه قنوطهم
بالرجاء بعظيم لطف اللّه ، وسعة رحمته وغفرانه.
أما الذين يصلحهم الخوف : فهم المردة
العصاة ، المنغمسون في الآثام ، والمغترون بالرجاء ، فعلاجهم بالتخويف والزجر
العنيف ، بما يهددهم من العقاب الأليم ، والعذاب المهين » .
وكان لأتباع مدرسة أهل البيت عليهمالسلام الذين سكن خوف اللّه تعالى في نفوسهم
وانعكس على جوارحهم ، وزرع رجاؤه في قلوبهم ، أروع الامثلة في هذا المجال ، فروي
عن أبي ذر رحمهالله أنّه بكى من
خشية اللّه حتّى اشتكى بصره ، فقيل له لو دعوت اللّه يشفي بصرك؟! ، فقال : إنّي عن
ذلك مشغول ، وما هو أكبر همّي. قالوا : وما شغلك عنه؟! قال : العظيمتان : الجنة
والنار .
من جانب آخر يُنمّي روّاد هذه المدرسة
الإلهية شعور الرّجاء في النفوس ، فمن وصايا أمير المؤمنين لابنه الإمام الحسن عليهماالسلام : « أي بُنيَّ ، لا تؤيّس مذنبا ، فكم من عاكف
على ذنبه خُتم له بخير ، وكم من مقبل على عمل مفسد من آخر عمره ، صائر إلى النار ،
نعوذ باللّه منها » .
__________________